|
ملتقى التنمية البشرية وعلم النفس ملتقى يختص بالتنمية البشرية والمهارات العقلية وإدارة الأعمال وتطوير الذات |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() بيداغوجيا الكفايات .. والجدل القائم ! د. مولاي المصطفى البرجاوي ظهَرت المقاربة بالكفايات في التعليم التقني والمِهني لبعض الدول المتقدِّمة في نهاية السبعينيات من القرن العشرين، وانتقلَت تدريجيًّا إلى التعليم الأساسي، ثم إلى باقي الأسلاك التعليمية. اعتمدت العديد مِن الدول السائرة في طريق النمو هذه المقاربة في إطار سياسات إصلاح منظوماتها التربوية منذ بداية هذا القرن[1]؛ لذا "يُمكن رؤية الكفاية كمَوجة عارمة ذات مَغزى لكون المدرسة في نهاية القرن العشرين بحثَت عن رهانات جوهرية"[2]، نجد في الأدبيات التي تناولت المُقاربة بالكفايات تعدُّدًا لمعاني "الكفاية"، وفي هذا الصدَد يقول "فيليب بيرينو"(Perrenoud): "...لا أحد يُنكر أنه لا يوجد تعريف توافُقيٌّ لمفهوم الكفاية، البعض يرى أن هذا التوافُق غير ضروري، والبعض الآخَر يرى أن التمييز بين الكفاية والقدرة واهٍ، ويَختلف من مؤلِّف لآخر..."[3]. أ- مفهوم الكفاية..وتعريفات التربويِّين والديداكتيكيِّين: ما أن دخَل واقتحم مفهومُ الكفايات حقلَ التربية، حتى حاوَل كلُّ باحث أن يُدلي بدَلوه في هذا الباب، وههنا نُورِد بعضها: • عرَّف "لوبترف" (Le boterf G) الكفاية بكونها القدرة على التحويل، فالكفاية لا يُمكن أن تقتصر على تنفيذ مهمَّة وحيدة ومُتكرِّرة بالنسبة للمعتاد، إنها تفترض القدرة على التعلُّم والتفوُّق؛ كما أنها تُلائم لحلِّ قسم مِن المشاكل، أو لمُواجهة فئة من الوضعيات، وليس فقط مشكل معيَّن ووضعية بعينها؛ فالكفاءة هي: "... القدرة على تكييف التصرُّف مع الوضعية، ومواجهة الصعوبات غير المُنتظَرة، وكذلك قدرة الحفاظ على الموارد الذاتية؛ للاستفادة منها أكثر ما يمكن، دون هدر للمجهود، إنها القدرة والاستعداد التلقائي بخلاف ما يُقابل ذلك مِن تكرار بالنسبة للآخرين" (p22 ، 1995). • تعريف "دوكتيل" (De Ketele 1996) يحدِّد أن هذه المشاكل أو الوضعيات يَنبغي أن تكون مِن نفس "الصنْف"؛ حيث تسمح بضبط الكفاية في مجموعة منظَّمة ومرتَّبة مِن الأنشطة تُطبَّق على محتويات في فئة مِن الوضعيات لحلِّ بعض المسائل التي تطرحها هذه الفئة. • ويأتي تعريف "دوكتيل" و"رويجيرز" (De Ketele et Roegiers.2000) كترتيب لمزايا هذه التعاريف كلها؛ بحيث يؤكد على أن "الكفاية هي إمكانية تعبئة - بكيفية باطنية - لمجموعة مُندمِجة مِن الموارد؛ بهدف حلِّ صنف من وضعيات - مسألة. من خلال التعريف السابق هناك بعض المصطلحات والعبارات التي وردَت في التعريف أعلاه، والتي تحتاج إلى توضيح: • إمكانية: تعني أن الكفاية توجد عند الشخص كطاقة تم اكتسابها عبر وضعيات معيَّنة، وبإمكانه إبرازها عند الحاجة، ولا تعني فقط ممارستها وتطبيقها في وضعية محدَّدة، وإلا فستصبح أداءً أو إنجازًا (perfomence) حسْب شومسكي (Chomsky). • عبارة "بكيفية باطنية": يقصد بها استقرار الكفاية، وهذا لا يَعني أن الكفاية لا تتطوَّر، وخصوصًا مع المُمارسة. • عبارة "حل صنف مِن وضعيات مسألة": تعني أن الكفاية محدودة ومضبوطة، ليس فقط من جانب المواد التي ينبغي تعبئتها، ولكن من جانب فئة الوضعيات، وبعبارة أخرى فالكفاية هي الاستطاعة على مواجهة أي وضعية تَنتمي إلى صنف مُعيَّن مِن الوضعيات، له ثوابت معيَّنة، وقواسم مشتركة، وإذا خرجْنا عن ذلك الصنْف مِن الوضعيات، فإننا سنَدخل في كفاية أخرى. ب- مفهوم الكفايات.. والتيارات التربوية: توصَّلت الباحثة في ديداكتيك التاريخ الدكتورة خديجة واهمي إلى وجود تيارَين أساسيين[4]: • الأول: التيار الحصري (exclusif): ويُمثله كل الباحثين والتربويِّين الذين يرَون أن المقاربة بالكفايات تمثِّل قطيعة مع المقاربة بالأهداف، ويرَون أنها تنبني على البنائية والسوسيوبنائية؛ إذ يرى "لوبوطيرف"(le boterf) مثلاً أن الكفاية هي معرفة التصرُّف (savoir agir)، بمعنى معرفة إدماج وتعبئة وتحويل مجموعة من الموارد (معارف، علوم، قابلية، استدلالات...) في سياق معيَّن، سواء لمواجهة مختلف المشكلات التي تتمُّ مصادفتها أو لتحقيق مهمة، ويرى "جونائرت" (Jonnaert) والمجموعة أن الكفاية هي "أن يستخدم شخص في وضعيةٍ ما، وفي سياق محدَّدٍ مجموعة متنوعة ومتناسقة مِن الموارد، استخدامًا ينبني على تعبئة واختيار وتنظيم هذه الموارد، وعلى عمليات مُلائمة تُمكن مِن معالَجة ناجِحة لهذه الوضعية". • ثانيًا: التيار المُتضمِّن (Inclusif): يُمثله الباحثون والتربويُّون الذين يرَون أن المقاربة بالكفايات تُمثِّل امتدادًا للمُقاربة بالأهداف، وأنها تَنبني على عدة نظريات مِن بينها "السلوكية"، نجد هذا التيار في بعض المناطق مِن أمريكا الشمالية وأوربا الغربية. ظهَر هذا التوجه الذي عُرف في البداية بـ"المقاربة بالكفايات الأساسية" في نهاية الثمانينيات مِن القرن الماضي؛ من خلال أعمال "دو كيتيل" De Ketele، الذي حدَّد فيها مفهوم "الهدف النهائي للإدماج"، وهو عبارة عن ماكرو - كفاية، تُعبِّر عن سحنة ديداكتيكية (Profil didactique) للتلميذ في نهاية تعلمات معيَّنة، أو كفاية أساسية في إطار وضعيات - مشكلة محدَّدة بدقة ومركَّبة؛ لكونها تُغطي مكتسبات سلك في مادة ما أو تَخصُّص ما، وأحيانًا مجموع كفايات خلال سنَة واحدة. طور هذا المفهوم في إطار ما يُسمى بـ"بيداغوجيا الإدماج" التي تمَّت أجرأتها بشكْل تدريجيٍّ في "BIEF" مكتب الهندسة في التربية والتكوين ببلجيكا، وتم تطبيقها في الكثير مِن الدول الأوروبية والإفريقية منذ تسعينيات القرن العشرين، خاصة على مستوى التعليم الأساسي والتعليم التقني والمهني. ويُعرف (Rogiers.X) مدير "بياف" الكفايةَ كالتالي: "الكفاية هي إمكانية شخصٍ ما، تعبئة مجموعة مندمجة مِن الموارد مِن أجل حلِّ وضعية - مشكلة تنتمي إلى فصيلة وضعيات معينة". وخلاصة القول: إن هذا الجسم التربوي الغريب الذي اخترَق المنظومة التربوية، ونتيجة غياب تعريف متَّفق عليه مِن قِبل التربويِّين - انعكس سلبًا على الممارسة الصفِّيَّة؛ مما جعل كل ممارس تربوي يشتغل بالطريقة الديداكتيكية التي يراها مناسبة، معتقدًا أن ذلك يتماشى والتوجه التربوي الجديد! [1] خديجة واهمي: المقاربة بالكفايات: مدخل لبناء المناهج التعليمية، مجلة دفاتر التربية والتكوين، العدد2، ماي 2010، (ص: 22). [2] Romainville, Marc, les implications didactiques de l’approche par compétences, Enjeux, 2001, p51. [3] Perrenoud,Ph., l’é ![]() [4] خديجة واهمي، نفس المرجع، (ص: 22-23).
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |