الصدقة في زمن الابتلاء - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4518 - عددالزوار : 1311412 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4943 - عددالزوار : 2041992 )           »          تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1174 - عددالزوار : 132280 )           »          3 مراحل لانفصام الشخصية وأهم أعراضها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          متلازمة الشاشات الإلكترونية: كل ما تود معرفته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          ما هي أسباب التعرق الزائد؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          أضرار الوجبات السريعة على الأطفال: عواقب يُمكنك تجنبها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          الوقاية من القمل بالقرنفل: أهم الخطوات والنصائح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          علاج جفاف المهبل: حلول طبيّة وطبيعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          الوقاية من القمل في المدارس: دليل شامل للأهل والمعلم! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 24-06-2021, 03:26 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,857
الدولة : Egypt
افتراضي الصدقة في زمن الابتلاء

الصدقة في زمن الابتلاء

د. صغير بن محمد الصغير


الحمد لله القائل: ﴿ قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ[1]، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله القائل: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ اللهُ، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ، فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَا يَرَى إِلَّا النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ» متفق عليه[2]، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

أما بعد:
﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ[3].

أيها الأحبة:
في الجُمَع الماضية شاهدنا كيف أنّ من أهم أسباب دفع البلاء بعدَ التوكلِ على الله والظنِّ به سبحانه ظناً حسناً، اللجوءُ إليه ودعاؤه واستغفاره وملازمة ذلك سراً وجهراً ليلاً ونهاراً، واليوم أيها الأحبة ينبغي أن نَعلم أن الصدقةَ مِن أهمِّ أسباب دفع البلاء قبل وقوعه وبعد وقوعه، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَضْحَى أَوْ فِطْرٍ إِلَى المُصَلَّى، فَمَرَّ عَلَى النِّسَاءِ، فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ فَإِنِّي أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ» متفق عليه.[4]

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "وفي هذا الحديث من الفوائد... أن الصدقةَ تدفَعُ العذاب"[5].

وقال العلامة ابن القيم: "للصدقة تأثيرٌ عجيب في دفع أنواع البلاء، ولو كانت من فاجر أو ظالم، بل مِن كافر، فإن الله تعالى يدفع بها عنه أنواعًا من البلاءِ، وهذا أمرٌ معلوم عند الناس، خاصتهم وعامتهم، وأهل الأرض كلُّهم مُقِرُّون به؛ لأنهم قد جرَّبوه"[6].

وقال رحمه الله: "في الصدقة فوائدُ ومنافع لا يحصيها إلا الله؛ فمنها أنها تقي مصارعَ السوء، وتدفع البلاء حتى إنها لتدفَعُ عن الظالم" اهـ [7].

أيها الأحبة:
وفي شأن الأمراض والأوبئة خاصة نجد قوله صلى الله عليه وسلم: «وَدَاوُوا مَرْضَاكُمْ بِالصَّدَقَةِ» [8] قال ابن الحاج رحمه الله: "والمقصود من الصدقة أن المريض يشتري نفسه من ربه سبحانه بقدر ما تساوي نفسه عنده، والصدقة لا بد لها من تأثير على القطع؛ لأن المخبر صلى الله عليه وسلم صادق، والمخبَر عنه كريم منان"[9]، ويذكر بعضهم أن رجلاً سأل ابن المبارك عن قرحة في ركبته لها سبع سنين، وقد أَعْيَتْ الأطباء فأمره بحفر بئر يحتاج الناس إليه إلى الماء فيه، وقال: أرجو أن ينبع فيه عين فيمسك الدم عنك[10]، وقد تقرح وجه أبي عبد الله الحاكم صاحب المستدرك قريباً من سنة فسأل أهل الخير الدعاء له فأكثروا من ذلك، ثم تصدق على المسلمين بوضع سقاية بنيت على باب داره وصب فيها الماء فشرب منها الناس، فما مر عليه أسبوع إلا وظهر الشفاء وزالت تلك القروح وعاد وجهه إلى أحسن ما كان.[11]


كيف لا يكون ذلك؟ وقد قال صلى الله عليه وسلم: "الْمَعْرُوفُ إِلَى النَّاسِ يَقِي صَاحِبَهَا مَصَارِعَ السُّوءِ، وَالْآفَاتِ، وَالْهَلَكَاتِ"[12].

ثم لنلاحظ ما قاله صلى الله عليه وسلم حين فزع الناس لكسوف الشمس: قال «فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ، فَادْعُوا اللَّهَ، وَكَبِّرُوا وَصَلُّوا وَتَصَدَّقُوا»[13]، قال ابن دقيق العيد رحمه الله في شرحه له: "وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ الصَّدَقَةِ عِنْدَ الْمَخَاوِفِ، لِاسْتِدْفَاعِ الْبَلَاءِ الْمَحْذُورِ"[14][15].
أقول قولي هذا وأستغفر الله..


الخطبة الثانية
الحمد لله جعل الصدقة تُطفئ غضَبَه، وتمحو خطايا بني آدم وتُذهِبُ نارَها، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أخبرنا أنّ من السبعةِ الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: «رَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ» متفق عليه،[16] صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

أمّا بعد:
فاتقوا الله عباد الله: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ﴾.[17]

كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ الأَنْصَارِ بِالْمَدِينَةِ مَالًا مِنْ نَخْلٍ، وَكَانَ أَحَبُّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرُحَاءَ، وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ المَسْجِدِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ، قَالَ أَنَسٌ: فَلَمَّا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿ لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾ [آل عمران: 92] قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ: ﴿ لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾ [آل عمران: 92] وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ، أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ، فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَخٍ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ» فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ. متفق عليه[18].

أيها الإخوة:
والشيء بالشيء يُذكر فإنّه لما أعلنت الجهات المختصة محدودية عدد الحجاج هذه السنة جمعاً بين مقاصد الشريعة في حفظ النفوس من انتشار هذا الوباء، وتلبيةً لنداء المولى جل وعلا بالحج، فإنّي أذكر كلام الإمام أحمد رحمه الله حينما سُئل: أيحج نفلاً أم يصل قرابته؟ قال: إن كانوا محتاجين يصلهم أحب إلي، ونقل ابن هانئ في هذه المسألة أنه قال: "ضَعُهَا فِي أَكْبَادِ جَائِعَةٍ أَحَبُّ إلَيَّ"[19]، وذكر ابن الجوزي رحمه الله في "كتاب صفة الصفوة" عن بشر بن الحارث: "الصدقة أفضل من الحج والعمرة والجهاد"[20] فعلى من لم يستطع الحج أن يستحضر مثل هذه النصوص ويحتسب في دفع صدقاته لعل الله عز وجل يقبل منا ومنه ويصرف عنّا هذا الوباء وهذه النذر التي توالت..

اللهم ادفع عنا كل بلاء ووباء وفتنة وشر..
﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾.[21]


[1] [إبراهيم: 31].

[2] متفق عليه؛ أخرجه البخاري (6539)، ومسلم (1016).

[3] [التغابن: 16].

[4] متفق عليه؛ أخرجه البخاري (304)، ومسلم (889).

[5] فتح الباري لابن حجر (1/ 406).

[6] الوابل الصيب من الكلم الطيب (ص: 31).

[7] عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين (ص: 254).

[8] حسن لغيره؛ أخرجه أبو داود في "المراسيل"(105)، وحسنه الألباني في "السلسلة الضعيفة" (3492).

[9] المدخل لابن الحاج (4/ 141).

[10] الزواجر عن اقتراف الكبائر (1/ 321).

[11] ذكره البيهقي في شعب الإيمان (5/69).

[12] صحيح؛ أخرجه الحاكم في المستدرك"(943)، وصححه الألباني في "الصحيحة"( 1908). وفي لفظ عند الطبراني في الأوسط(943): "إِنَّ صَنَائِعَ الْمَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السَّوْءِ".

[13] متفق عليه؛ أخرجه البخاري(1044)، ومسلم (901).

[14] إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام (1/ 353).

[15]مختصر من مقال: سنابل الخير لفيصل البعداني : https://www.saaid.net/Anshatah/dole/25.htm

[16] متفق عليه؛ أخرجه البخاري (1423)، ومسلم (1031).

[17] [الحج: 1].

[18] متفق عليه؛ أخرجه البخاري (1461)، ومسلم (998).

[19] الفروع وتصحيح الفروع (4/ 386).

[20] صفة الصفوة (1/ 477).

[21] [الأحزاب: 56].

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 72.14 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 70.42 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.39%)]