أحيانا يحتاجون تلك الصفعة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير قوله تعالى: {ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه...} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          المبالغة في تشقيق العلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          كشف الأستار بشرح قصة الثلاثة الذين حبسوا في الغار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 7 )           »          من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (اللطيف، الخبير) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          {يغشى طائفة منكم} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          جوامع الكلم النبوي: دراسة في ثراء المعاني من حديث النغير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          حتى لا تفقد قلبك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          وفاة ملكة جمال الكون! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          الإمام أبو بكر الصديق ثاني اثنين في الحياة وبعد الممات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          حقوق الحيوان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصور والغرائب والقصص > ملتقى القصة والعبرة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القصة والعبرة قصص واقعية هادفة ومؤثرة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18-06-2021, 02:26 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,359
الدولة : Egypt
افتراضي أحيانا يحتاجون تلك الصفعة

أحيانا يحتاجون تلك الصفعة


عبير النحاس







رَكب الوالد والوالدة وطفلهما الأشقر المُدلَّل سيارة العائلة، واتَّجهوا جميعًا نحو الروضة؛ لمُحاسبة تلك المُدرِّسة القاسيَة، والتي أساءت للصغير بصراخها في وجهه، وجعلته يَكره الذهاب إلى المدرسة.

كانت المُدرِّسة قد تكلَّمتْ مع الطفل بأسلوب قاسٍ، وهي تطلُب منه أن يتوقف عن البكاء وهدَّدته بالعقاب، وقد أخبرَت والدَيه بأنها - ولفرطِ حبِّها له - أرادت أن تمنعَه مِن هذا البكاء الذي صار رفيقه في المدرَسة، والذي زاده التعاطُف غزارة، ولم تجد حينها بدًّا من اتِّباع أسلوب آخَر غير المراضاة والمحاباة.

قصة ذلك الصغير المدلَّل ذكَّرتني بما حصل معي في المرحلة الابتدائية عندما انتقلت من مدرَستي إلى مدرسة أخرى، وكانت قبلها والدتي معي في نفس المدرَسة، وكانت تعمل فيها معلمةً لأحد الصفوف، ولكنها غادرَت إلى مدرسة أخرى لتكون معاونة للمديرة فيها بدلاً مِن معلِّمة؛ كنوع من الترقية، وغادرتُ أنا وأختي إلى مدرسة أخرى؛ ليتناسب دوامي فيها مع وجود إخوتي الصغار في المنزل في سنِّ ما قبل المدرسة وحدهم، ولأقوم وأختي بتبادل الأدوار مع والدتنا لرعايتهم في غيابها، في ذلك الوقت انتقلتُ نقلة نوعية جعلتْني أهبط درجات السُّلم دفعة واحدة نحو الأسفل؛ فقد خرجتُ مِن مكاني بين صديقاتي اللواتي اعتدتُ على صحبتهنَّ إلى مكانٍ جديد لا أعرف ولا يَعرفني فيه أحد، وكنتُ قبلها أيضًا بجانب والدتي أحظى بالكثير مِن الدَّلال والاهتمام؛ كوني ابنة معلمة من معلِّمات المدرسة، وفقدتُ كلَّ ذلك مرةً واحدةً.

يومها اجتمعتْ عليَّ الآلام والأحزان، وباتَت دموعي هي السلاح الذي حاولتُ أن أواجه به غربتي، وكذلك مواجهة افتقادي لما كنت عليه حتى عُرفت بها؛ أي: بالدموع، وبعد شهر تقريبًا كانت المعلِّمة في الإدارة مع زميلاتها فيما يشبه الوليمة، وكما اعتادت المدرِّسات أن يفعلْن عند غياب المُديرة، تأخرَت عنا كثيرًا وقتها، فبدأ الأولاد بالمشاغبة وقاموا بتمزيق الزينة التي كانت تملأ الصفَّ، وخشيتُ أن أُتَّهم معهم؛ فبكيتُ خوفًا وعجزًا وذهبتُ لأخبر المعلمة بما فعلوا، ولأنها كانت مشغولة بتناول الطعام والتسلية - نظرًا لغياب المديرة - نظرتْ إليَّ نظرة لؤم وصرخت في وجهي؛ كي أعود للصفِّ، وبالفعل عدتُ بعد أن جففتُ دموعي، وقررتُ ألا أبكي مُطلقًا بعدها، وألا أترك العنان لدموعي؛ لأنني أدركت أنها لن تُثير تعاطُف الآخَرين وحبَّهم لي؛ بل ستُزعجهم.

قسوة تلك المعلمة في ذلك اليوم - رغم أنها لم تكن تقصد بها موقفًا تربويًّا - قدَّمتْ لي درسًا ما نسيتُه قط، وكذلك كانت قسوة معلِّمة طِفلنا الأشقر؛ فقط كان الفرْق بينهما أن الثانية كانت تتعمَّد قسوتها - كما قالت - لتُقوِّي من عزيمة الصغير وتُعلِّمه قوة الشخصية.

طوال سنوات عملتُ بها في التدريس، رأيتُ الكثير من هذه النماذج من الأطفال، وكان ما يُميِّزهم هو الدَّلال، والتعلُّق الشديد بوالدَيهم، وضعْف الأهل في هذه الناحية؛ فكنا نجد أن الكثير مِن هؤلاء يَمتنعون عن البكاء لحظة دخولهم الصفوف وابتعاد الأهل عنهم، ومنهم مَن تستمرُّ معه الحالة لأيام ثم تُسعده المدرسة بما فيها، ومنهم مَن يحتاج موقفًا قاسيًا كقسوة الموقفَين السابقَين، ولكنه بعدها يستقيم ويلتزم صفَّه، وغالبًا ما تبدو على هؤلاء علامات النجابة؛ فأغلبهم مِن ذوي الذكاء الحادِّ والحساسية المُفرطة.


نحتاج - كأهلٍ - أن نبتعد قليلاً عن أولادنا بين الحين والحين وقبل سنِّ المدرسة، وأن نتركَهم يتدبَّرون شأنهم وحدهم بين الغرباء، وأن نكتفي بالمراقبة مِن بعيد؛ فذلك ما يُنمي لديهم القدرة على الاعتماد على أنفسهم، ويُعلِّمهم فنَّ التعامل مع الغرباء، ويُخرج شخصياتِهم القياديةَ مِن تحت غطاء اهتمامنا المُفرط، وحمايتنا الزائدة لهم، وتعلُّقنا بهم قبل تعلُّقهم بنا.

أكتب هذه الحروف لنفسي أولاً؛ فقد كنتُ يومًا تلك الأمَّ التي تُسيطِر على كل لحظات أبنائها، وكل فكرة وحركة لهم، وما زلتُ أقاوم رغبتي القوية في حمايتهم، وأتركهم بعد معاناة، وبعد أن أُسلِّم أمري لله.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 47.47 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 45.80 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.51%)]