الشوق إلى الله تعالى (3) علامات المشتاقين إلى الله تعالى - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         سُنّة: النفث في الكف وقراءة المعوذات قبل النوم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          آيات قرآنية تبين لنا واقعنا الأليم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          أخطاء بعض طلاب العلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          العلاقات العاطفية وأثرها على الشباب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          صلاة الضحى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          سنن الذهاب إلى المسجد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          حياةٌ مضاعفة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          أصحاب الأخدود وأصحاب غزة .. دروس وعبر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          أخي المُعافى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          النَّفَّاثَات في الْعُقَد.. وحقيقةُ السحر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-06-2021, 03:10 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,497
الدولة : Egypt
افتراضي الشوق إلى الله تعالى (3) علامات المشتاقين إلى الله تعالى

الشوق إلى الله تعالى (3) علامات المشتاقين إلى الله تعالى


الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل



الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 102]، ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النِّسَاءِ: 1]، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الْأَحْزَاب: 70-71].
أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.
أَيُّهَا النَّاسُ: لَا نَعِيمَ فِي الدُّنْيَا أَعْظَمُ مِنْ نَعِيمِ مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَحَبَّتِهِ وَطَاعَتِهِ، وَلَا شَقَاءَ أَشَدُّ مِنْ شَقَاءِ الْجَهْلِ بِهِ سُبْحَانَهُ وَالْإِعْرَاضِ عَنْهُ؛ وَذَلِكَ أَنَّ النَّعِيمَ نَعِيمُ الْقَلْبِ، وَالشَّقَاءَ شَقَاءُ الْقَلْبِ، وَالْقَلْبُ بِيَدِ مُقَلِّبِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فَإِذَا تَعَلَّقَ الْقَلْبُ بِهِ عَزَّ وَجَلَّ نَعِمَ وَفَرِحَ وَطَرِبَ، وَإِذَا تَعَلَّقَ بِغَيْرِهِ شَقِيَ وَحَزِنَ وَأَسِفَ. وَمِنَ الْخَلْقِ عِبَادٌ لِلَّهِ تَعَالَى تَعَلَّقَتْ قُلُوبُهُمْ بِهِ سُبْحَانَهُ، وَمُلِئَتْ بِمَحَبَّتِهِ، وَالْأُنْسِ بِهِ، وَالشَّوْقِ إِلَيْهِ؛ فَهِيَ فِي صِلَةٍ مَعَهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى الدَّوَامِ.
وَلِمَحَبَّةِ اللَّهِ تَعَالَى وَالشَّوْقِ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ عَلَامَاتٌ يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَعْرِفَهَا لِيُدْرِكَهَا، وَيَتَعَلَّمَهَا لِيَعْمَلَ بِهَا، فَيَعْلُوَ قَلْبُهُ مِنْ ضَعَةِ الدُّنْيَا إِلَى الرَّغْبَةِ فِيمَا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَالدَّارِ الْآخِرَةِ.
فَمِنْ عَلَامَاتِ الْمُشْتَاقِينَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى: أَنَّ حُبَّهُمْ لَهُ تَعَالَى أَشَدُّ مِنْ حُبِّ الْمُشْرِكِينَ لِمَعْبُودَاتِهِمْ ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ﴾ [الْبَقَرَةِ: 165]، قَالَ قَتَادَةُ: «وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ مِنَ الْكُفَّارِ لِأَوْثَانِهِمْ».
وَمِنْ عَلَامَاتِ الْمُشْتَاقِينَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى: أَنَّهُمْ مِنْ شَوْقِهِمْ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ يَتَفَكَّرُونَ فِي أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ وَمَخْلُوقَاتِهِ، وَيُدْرِكُونَ بِهَذَا التَّفَكُّرِ شَيْئًا مِنْ عَظَمَتِهِ وَحِكْمَتِهِ وَرَحْمَتِهِ وَعَدْلِهِ ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 190-191]، وَمَا كَانَ إِدْمَانُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى فِي حَالِ قِيَامِهِمْ وَقُعُودِهِمْ وَاضْطِجَاعِهِمْ إِلَّا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَاضِرٌ فِي عُقُولِهِمْ، مُمْتَلِئَةٌ بِهِ قُلُوبُهُمْ، فَإِذَا تَفَكَّرُوا فِي خَلْقِهِ ذَكَرُوهُ سُبْحَانَهُ، وَأَيْقَنُوا أَنَّهُ لَمْ يَخْلُقْ مَا خَلَقَ عَبَثًا، فَتَوَجَّهَتْ قُلُوبُهُمْ إِلَيْهِ رَغَبًا وَرَهَبًا، وَلَهِجَتْ أَلْسِنَتُهُمْ بِذِكْرِهِ وَدُعَائِهِ أَبَدًا.


وَمِنْ عَلَامَاتِ الْمُشْتَاقِينَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى: مُلَازَمَتُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى؛ فَإِنَّ مَنْ أَحَبَّ أَحَدًا أَحَبَّ كَلَامَهُ، فَكَيْفَ إِذَا كَانَ الْمَحْبُوبُ هُوَ اللَّه تَعَالَى، وَكَانَ كَلَامُهُ كِتَابَهُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْ عِبَادِهِ، فَلَا شَكَّ حِينَئِذٍ أَنَّ كُلَّ مَنِ اشْتَاقَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى اشْتَاقَ إِلَى كَلَامِهِ، وَهَذِهِ مِنْ أَبْيَنِ عَلَامَاتِ الشَّوْقِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَلْنَتَأَمَّلْ شَوْقَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى سَمَاعِ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اقْرَأْ عَلَيَّ، قُلْتُ: أَقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟ قَالَ: إِنِّي أَشْتَهِي أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي، قَالَ: فَقَرَأْتُ النِّسَاءَ حَتَّى إِذَا بَلَغْتُ: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا﴾ [النِّسَاءِ: 41]، قَالَ لِي: كُفَّ -أَوْ أَمْسِكْ- فَرَأَيْتُ عَيْنَيْهِ تَذْرِفَانِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.
وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْحَادِثَةَ الْوَحِيدَةَ الَّتِي يَشْتَهِي فِيهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمَاعَ الْقُرْآنِ مِنْ غَيْرِهِ شَوْقًا إِلَى كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى، فَفِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي مُوسَى: «لَوْ رَأَيْتَنِي وَأَنَا أَسْتَمِعُ لِقِرَاءَتِكَ الْبَارِحَةَ، لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَكَانَ فِي الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ شَوْقٌ إِلَى كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمَا ذَاكَ إِلَّا مِنْ شَوْقِهِمْ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: «كَانَ عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ يَأْخُذُ الْمُصْحَفَ فَيَضَعُهُ عَلَى وَجْهِهِ وَيَبْكِي وَيَقُولُ: كَلَامُ رَبِّي، كِتَابُ رَبِّي» رَوَاهُ الْحَاكِمُ. وَقَالَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «لَوْ طَهُرَتْ قُلُوبُكُمْ مَا شَبِعَتْ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ».
وَمِنْ عَلَامَاتِ الْمُشْتَاقِينَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى: كَثْرَةُ ذِكْرِهِمْ لِلَّهِ تَعَالَى بِالِاسْتِغْفَارِ وَالتَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالْحَوْقَلَةِ؛ لِعِلْمِهِمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَكْبَرُ مَنْ كُلِّ شَيْءٍ، فَكَانَ ذِكْرُهُ أَكْبَرَ مِنْ كُلِّ كَلَامٍ ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ﴾ [الْعَنْكَبُوتِ: 45]؛ وَلِعِلْمِهِمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَذْكُرُهُمْ إِذَا ذَكَرُوهُ، فَمِنْ شَوْقِهِمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُمْ يَذْكُرُونَهُ فِي كُلِّ حِينٍ، وَمِنْ شَوْقِهِمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُمْ فِي الْمَلَأِ الْأَعْلَى يَذْكُرُونَهُ فِي كُلِّ حَالٍ ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾ [الْبَقَرَةِ: 152]. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَأٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ...» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَقَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ: «مَا تَنَعَّمَ الْمُتَنَعِّمُونَ بِمِثْلِ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ».
وَمِنْ عَلَامَاتِ الْمُشْتَاقِينَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى: كَثْرَةُ الْعَمَلِ الصَّالِحِ؛ لِعِلْمِهِمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ الْأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ، فَمِنْ شَوْقِهِمْ إِلَى رَبِّهِمْ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنَّهُمْ يَشْتَاقُونَ إِلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَيُنَافِسُونَ فِيهِ، وَيُسَابِقُونَ عَلَيْهِ ﴿أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ﴾ [الْمُؤْمِنُونَ: 61]، ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ [الْكَهْفِ: 110]، ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ﴾ [الْوَاقِعَةِ: 10- 11]. وَأَيْضًا لِعِلْمِهِمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَتَقَرَّبُ إِلَيْهِمْ بِتَقَرُّبِهِمْ إِلَيْهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَهُمْ يَشْتَاقُونَ إِلَيْهِ وَيُحِبُّونَ قُرْبَهُ عَزَّ وَجَلَّ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ قَالَ: «إِذَا تَقَرَّبَ الْعَبْدُ إِلَيَّ شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِذَا تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا، وَإِذَا أَتَانِي مَشْيًا أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.
وَمِنْ عَلَامَاتِ الْمُشْتَاقِينَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى: خُشُوعُهُمْ فِي صَلَاتِهِمْ؛ فَهِيَ سَعَادَتُهُمْ وَأُنْسُهُمْ حَيْثُ مُنَاجَاةُ رَبِّهِمْ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. فَمَنِ اشْتَاقَ إِلَى رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ اشْتَاقَ إِلَى صَلَاتِهِ وَأَحْسَنَهَا وَطَوَّلَهَا، وَخَشَعَ فِيهَا، فَهِيَ صِلَتُهُ بِاللَّهِ تَعَالَى فِي الدُّنْيَا ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ [الْبَقَرَةِ: 45- 46]. فَهِيَ ثَقِيلَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ الْمُشْتَاقِينَ لِرَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ.
نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُلْهِمَنَا رُشْدَنَا، وَأَنْ يَكْفِيَنَا شُرُورَ أَنْفُسِنَا، وَأَنْ يُصْلِحَ قُلُوبَنَا وَأَعْمَالَنَا، وَأَنْ يُعَلِّمَنَا مَا يَنْفَعُنَا، وَأَنْ يَرْزُقَنَا الْعَمَلَ بِمَا عَلَّمَنَا، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.
وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...
الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الْبَقَرَةِ: 223].
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: نُقِلَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ وَالْعُبَّادِ وَالصَّالِحِينَ أَنَّهُمْ مِنْ شَوْقِهِمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى يَبْكُونَ، وَفِي حَدِيثِ السَّبْعَةِ الَّذِينَ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: «رَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ» وَقَدْ تَفِيضُ عَيْنَاهُ فِي خَلْوَتِهِ شَوْقًا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَحَالُ الْخَلْوَةِ حَالُ شَوْقٍ. وَكَانَ مُطَهَّرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السَّعْدِيُّ مِنْ عُبَّادِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَقُرَّائِهِمْ، وَنُقِلَ عَنْهُ أَنَّهُ بَكَى شَوْقًا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى سِتِّينَ عَامًا.
وَمِنْ عَلَامَاتِ الْمُشْتَاقِينَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى: الْإِقْلَالُ مِنْ مَلَذَّاتِ الدُّنْيَا، وَالِاقْتِصَارُ مِنْهَا عَلَى مَا يُبَلِّغُ الْعَبْدَ الدَّارَ الْآخِرَةَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَمَّ مَنِ انْغَمَسُوا فِي الدُّنْيَا، وَعَاشُوا لِأَجْلِهَا، وَسَمَّاهَا دَارَ الْغُرُورِ. فَالْمُشْتَاقُونَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى قَوْمٌ صَرَفَهُمْ شَوْقُهُمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَإِلَى دَارِ الْخُلُودِ عَنْ دَارِ الْغُرُورِ الَّتِي تَزُولُ، وَقَدْ نُقِلَ عَنْ أَحَدِ الصَّالِحِينَ أَنَّهُ «كَانَ أَوَّلًا مُتْرَفًا، ثُمَّ صَارَ زَاهِدًا عَابِدًا يَبْقَى الْأَيَّامَ لَا يَأْكُلُ فِيهَا شَيْئًا، وَكَانَ يَقُولُ: أَلْهَانِي الشَّوْقُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى عَنِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ».
وَمِنْ عَلَامَاتِ الْمُشْتَاقِينَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى: أَنَّهُمْ فِي الْمَصَائِبِ وَالْكَوَارِثِ يُعْلِنُونَ رُجُوعَهُمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى. وَاسْتِحْضَارُ الرُّجُوعِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي الْمَصَائِبِ وَالْأَزَمَاتِ دَلِيلٌ عَلَى الشَّوْقِ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ ﴿الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ [الْبَقَرَةِ: 156]. وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ عَلِمَ أَنَّهُ إِلَى رَبِّهِ رَاجِعٌ وَهُوَ يَسْتَحْضِرُ أَسْمَاءَهُ وَصِفَاتِهِ وَجَمِيلَ أَفْعَالِهِ فِي خَلْقِهِ اشْتَاقَ إِلَيْهِ، وَإِذَا تَذَكَّرَ إِنْعَامَهُ عَلَيْهِ اشْتَاقَ إِلَيْهِ. وَهُوَ رَاجِعٌ إِلَى رَبِّهِ سُبْحَانَهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ ﴿إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى﴾ [الْعَلَقِ: 8]، فَلَأَنْ يَرْجِعَ إِلَيْهِ وَهُوَ إِلَيْهِ مُشْتَاقٌ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَرْجِعَ إِلَيْهِ وَهُوَ غَيْرُ مُشْتَاقٍ إِلَيْهِ وَ«مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ».

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 58.06 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 56.39 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.88%)]