|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الحث على الأخوة والتحذير من القطيعة والهجر الدخلاوي علال الحمد لله رب العالمين، حثَّ المؤمنين على المحبة والإخاء، وحذَّرهم من القطيعة والاعتداء، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له في الأرض ولا في السماء، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله خير الرسل والأنبياء، وعلى آله وصحابته الأطهار الأتقياء، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الجزاء؛ أما بعد: فيا أيها المؤمنون، إنه من مقاصد الإسلام العالية، وركائزه العظام السامية، نشرُ المحبة والألفة بين العباد، ونبذ التخاصم والتدابر والأحقاد؛ قال تعالى: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا ﴾ [آل عمران: 103]. وقال صلى الله عليه وسلم كما ثبت من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يَبِعْ بعضكم على بَيْعِ بعض، وكونوا عباد الله إخوانًا، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقِرُه، التقوى ها هنا - ويشير إلى صدره ثلاث مرات - بحسب امرئٍ من الشر أن يحقِرَ أخاه المسلم، كلُّ المسلم على المسلم حرامٌ: دمه، وماله، وعِرضه))[2]. فهذه النصوص - وغيرها كثير - تشهد بوجوب الأُخوَّة بين المسلمين، وتؤكد على نشر المحبة والألفة بين المؤمنين، وتحثهم على توحيد كلمتهم واجتماع رأيهم، وتطهير قلوبهم من الحقد والحسد والكراهية والبغضاء، التي هي أمراض تهدم بنيان المجتمعات، وتصدع كيانها، وتزلزل أساسها؛ قال تعالى: ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ﴾ [الأنفال: 46]. عباد الله، إن الأخوة بين المؤمنين رِباط عَقَدِيٌّ، ومنحة ربانية، تجمع بين المؤمنين على أساس وحدة الدين والعقيدة، وهي أهم عامل في بناء المجتمع وتماسكه وتعاونه، ودرء المفاسد والأخطار عنه. وإنه من الآفات التي بُليَتْ بها مجتمعاتنا، وتسبَّبت في التشتت والتفرق، وتأجُّجِ نيران العداوات والخصومات - بَلِيَّةُ الهجر والقطيعة بين المسلمين، حتى أضحى الولد لا يكلم والده، والبنت لا تكلم أمها، والأخ لا يكلم أخاه، والجار لا يكلم جاره، والصاحب لا يكلم صاحبه، ولا يسلم عليه، ولا يصلي بجانبه في المسجد، فمن كان هذا حاله، فليعلم أنه قد عرَّض نفسه لخطر كبير وضرر عظيم؛ إذ منشؤم القطيعة أنها تحرِمُ العبدَ قبول أعماله، ونيل عفوِ الله تعالى؛ فعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((تُفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس، فيُغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئًا، إلا رجلًا كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيُقال: أَنْظِروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا))[3]. ولهذا فإنه على المتهاجِرَيْنِ أن يعلما أن فِعلَهما هذا يُعدُّ كبيرةً وفعلًا حرامًا؛ فعن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يحل لمسلم أن يهجرَ أخاه فوق ثلاث ليالٍ، يلتقيانِ فيُعرِض هذا، ويُعرِض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام))[4]، ونفيُ الحِلِّيَّةِ عن الشيء دليلٌ على تحريمه وعدم جوازه[5]. هذا، وقد عدَّ صلى الله عليه وسلم هجرَ المسلم لأخيه المسلم سنةً كاملةً كقتلِهِ؛ فعن أبي خراش السلمي أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من هجر أخاه سنةً فهو كَسَفْكِ دمه))[6]؛ يعني: في الإثم، إذا لم يكن الهجر لعذر شرعي[7]. ودرأً لمفاسد القطيعة؛ أمر سبحانه وتعالى بالصلح والإصلاح بين المتخاصمين؛ فقال تعالى: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ﴾ [الأنفال: 1]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا ﴾ [الحجرات: 10]، وقال تعالى: ﴿ لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 114]. وأخبر عليه الصلاة والسلام أن السعيَ في الإصلاح بين المتخاصمين تجارةٌ رابحة، وقُرْبةٌ عظيمة؛ فعن أنسٍ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي أيوب: ((ألا أدلُّك على تجارة؟ قال: بلى، قال: صِلْ بين الناس إذا تفاسدوا، وقرِّب بينهم إذا تباعدوا))[8]. وعلى المسلم أن يبادر أخاه المسلم بالصلح إن جاءه طالبًا للعفو والصفح، فمن عفا عفا الله عنه، ومن تجاوز تجاوز الله عنه؛ قال تعالى: ﴿ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ﴾ [الشورى: 40]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((وما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلا عزًّا))[9]. اللهم طهر قلوبنا، وحسِّن أخلاقنا، واجعلنا من الصالحين المصلحين يا رب العالمين. الخطبة الثانية الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه. أيها المؤمنون، إذا كانت الشريعة قد حثَّت ورغَّبت في الصلح والإصلاح بين المتخاصمين، فإنها حذَّرت من التحريش بين المؤمنين، وزرع العداوة والفتنة بينهم؛ إذ ذلك فعلٌ شيطانيٌّ، وعمل خسيس غير شريف؛ فعن جابر رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الشيطان قد أيس أن يعبدَه المصلون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم))[10]. وإنه من صور التحريش بين المؤمنين: النميمة؛ وهي نقل الكلام بين الناس بغرض الإفساد وهي من أقبح القبائح[11]؛ وفي الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبرين فقال: إنهما ليعذبان، وما يعذَّبانِ في كبير، أما هذا فكان لا يستتر من بوله، وأما هذا فكان يمشي بالنميمة))[12]. والحمد لله رب العالمين. [1] الدخلاوي علال. [2] صحيح مسلم،كتاب البر والصلة والآداب، باب: تحريم ظلم المسلم وخذله واحتقاره ودمه وعرضه وماله. [3] صحيح مسلم، كتاب البر والصلة والآداب،باب: النهي عن الشحناء والتهاجر. [4] صحيح مسلم، كتاب البر والصلة والآداب،باب: تحريم الهجر فوق ثلاث بلا عذر شرعي. [5] شرح صحيح البخاري لابن بطال، ج: 9، ص: 269. [6] سنن أبي داود،كتاب الأدب، باب: فيمن يهجر أخاه المسلم. [7] التنوير شرح الجامع الصغير للصنعاني، ج: 10، ص: 417. [8] كشف الأستار، كتاب الأدب، باب: الإصلاح بين الناس. [9] صحيح مسلم، باب: استحباب العفو والتواضع، برقم: (2588). [10] صحيح مسلم، باب: تحريش الشيطان وبعثه سراياه لفتنة الناس، وأن مع كل إنسان قرينًا. [11] فتح الباري شرح صحيح البخاري، ج: 1، ص: 319. [12] صحيح البخاري، كتاب الأدب، باب: الغيبة.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |