|
ملتقى التنمية البشرية وعلم النفس ملتقى يختص بالتنمية البشرية والمهارات العقلية وإدارة الأعمال وتطوير الذات |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() العلم الشرعي الأكاديمي في مصر.. وكيفية الاستفادة منه حسن عبدالحي يُقصد عادةً بطلب العلم الشرعيِّ الأكاديمي: ما كان مَبناه على المنهجيَّة المنظَّمة في التلقِّي، من حيث التدرُّج في المادَّة المطلوبة، ومن حيث التوصُّل به إلى إجازة معتبَرة من علماء أكْفاء في تخصُّصاتهم المختلِفة. وهو بِهذا يشمل ما كان مؤسَّسيًّا، أو ما كان دعَويًّا فرديًّا؛ فالجامعات والمعاهد المعنِيَّة بتدريس العلوم الشَّرعية يسمى تعليمُها تعليمًا أكاديميًّا، وكذلك حلقات المساجد التعليميَّة التي تتَّسِم بالمنهجية في الطرح يطلق عليها دراسة منهجيَّة؛ أيْ: أكاديميَّة. لكن غلبة المصطلح على النَّوع الأول أكثر، ولا سيَّما مع ضمور النَّوع الثاني في كثيرٍ من البلدان الإسلاميَّة، كمِصر، فلم تَعُد حلقات التَّعليم في المساجد كسابقِ عهدها، بل هناك عواصِمُ كاملة لا تكاد تجد فيها حلقةً تعليميَّة بشكل منهجي منظَّم. وكانت أسباب كثيرة وراء اختفاء - أو قلَّةِ - الحلقات العلميَّة المنهجيَّة من المساجد في مصر، وغيرها من الدُّول المسلمة، وما يعنيني الآن - في حديثي هذا - هو توصيف الواقع التعليميِّ المنهجي، وكيفيَّة الاستفادة منه على الوجه الأكمل، ولا يَمنع إجمالُ عرضِ تلك الظَّاهرة المرَضيَّة من الوقوف على رؤوس عناوين تلك الأسباب: 1 - التَّضييق على مَحاضن التعليم في المساجد. 2 - ضعف وجود المتخصِّصين في مختلِف العلوم الشَّرعية. 3 - انشغال الدَّعوات المسجدية بِمجالات الوعظ والإصلاح التَّربوي. 4 - وجود وسائل دعويَّة صارفة عن المسجد؛ مثل: الفضائيَّات، والإنترنت. 5 - رغبة الطُّلاب في الإجازات "الشهادات" المعتمدة. تلك بعض الأسباب التي عاقت المَسجد عن دورٍ من أدواره الأصيلة، وهو دور التعليم المنهجيِّ المؤصَّل. وبغياب الصرح التعليميِّ في المسجد؛ يجد الحريصون على طلب العلم الشرعيِّ الالتحاقَ بالمؤسَّسات العلمية الشرعية الأكاديمية ملاذَهم الوحيد، سواءٌ أكانت جامعاتٍ ومعاهدَ رسميَّةً حكوميَّة، أم مثْلَها خاصَّة، أمْ غير ذلك مِمَّا يلحق بِهما في طريقة التدريس والمنهجيَّة المقاربة. وليس التعليم المؤسَّسيُّ بصفة عامة أمرًا مُحْدَثًا جديدًا، بل له جذورٌ قديمة في الأمَّة، وهناك مدارس مستقلَّة عن المساجد في مختلف عصور الأمَّة، تلك المدارس أشبه ما تكون بالجامعات والمعاهد الشرعيَّة في واقعنا المعاصر، مع اختلاف يسيرٍ في الصُّورة الظاهرة لهما. لكن الاعتماد وحده على التعليم الأكاديميِّ - في الجامعات والمعاهد وما يلحقهما - في إخراج طُلاَّب العلم الشرعي - هو الشيء المُحْدَث الذي ينبغي أن يُولَى اهتمامًا خاصًّا، تُرصَد فيه إيجابياته وسلبياته، بعد أن تتَّضِح طبيعته أولاً. فمن معرفتنا لطبيعة الدراسة الأكاديمية الشرعية في الجامعات والمعاهد؛ يُمكِننا تحديدُ إذا ما كانت تلك الدراسة قادرةً على صناعة الكادر العلمي من بداياته الأولى، أم هي فقط مكمِّلَة للشخصية العلميَّة بعد مرحلةٍ طلبيَّة للعلم. كما يُمكِننا - من خلال قراءتنا للواقع المنتج للمقبلين على تلقِّي العلوم الشرعية في تلك الجامعات والمعاهد - تحديدُ مدى مُلاءمة تلك الدِّراسة وجَدواها. فنحن إذًا أمام ركنين مَعْرفيَّينِ ينبني عليهما جميعُ سبُلِ الاستفادة من الدراسة الشرعيَّة الأكاديمية في الجامعات والمعاهد، وما يلحق بهما، هُما: • معرفة طبيعة تلك الدِّراسة. • معرفة واقع المُلتحقين بتلك الدراسة. ومن ثَمَّ نستطيع الإلمامَ بالفائدة المرجُوَّة من الالتحاق بالتعليم الأكاديمي المؤسَّسي، كما نستطيع تحديدَ المؤهَّلين للدراسة في هذه الجامعات والمعاهد. ولأنَّ هذين الرُّكنين المعرفيَّيْن يتفاوتان تفاوتًا كبيرًا في ذاتيهما؛ فقد صعب أن تَجمع كلَّ عنصرٍ منهما خطوطٌ واحدة، فطبيعة تلك الدِّراسة الأكاديمية تختلف من مكانٍ لآخر، كما أنَّ الأفراد المعنيِّين بالالتحاق بِها مُختلفو القدرات والتأهُّلات. لكن مع هذا نستطيع أن نحدِّد أهدافًا عامَّة من الالتحاق بتلك الدِّراسات، هذه الأهداف يتَّضح في ضوءِها نجاحُ تجرِبة الْتحاق طالب العلم الشرعي بها، كما يصحُّ كذلك مسارُ الطَّالب عليها إذا لَم يكن سلوكُه أوَّلاً على جادَّتِها. تعليم تكميلي: ليس التعليمُ في الجامعات والمَعاهد الشرعية في مصر تعليمًا ابتدائيًّا، بمعنى أنَّه لا يعتني بمقدِّمات طلب العلم بِقَدْر تركيزه على التخصُّص والتفرُّع، ومَن تتبَّع مناهجَ تلك الجامعات والمعاهد عرف أنَّها لا تُلائم غيرَ طلاَّب علمٍ متقدِّمين في الطَّلَب. فهو تعليمٌ تكميلي إذًا، يسبقه مرحلةٌ أو مرحلتان من طلب العلم المنهجي، حتَّى يؤتِي ثِماره كاملة، وتعجُّل طلب العلم في تلك الجامعات والمعاهد يفوِّت على طالب العلم التدرُّجَ الصحيح في سُلَّم الطلب، ولِهذا ينقطع كثيرٌ من الطُّلاب عن الدراسة بعد أن تَخمد نارُ حماستِهم دون تحقيق فائدةٍ كاملة. تعليم يفتقد لبعض غايات التعلُّم: ليس الغرض من طلب العلم الشرعي مجرَّدَ التحصيل العلمي، سواء بالحفظ أو الفهم، بل لطلب العلم غاياتٌ أعظم وأكبَر من مجرَّد المعرفة والاطِّلاع؛ فهو عبادةٌ كعبادة الصلاة والصوم، يُتقرَّب به إلى الله كما يُتَقرَّب بهما. ترِقُّ به القلوب، وتزداد خشوعًا لله، وترتفع درجاتٍ عند باريها - تبارك وتعالى - فهو وسيلةٌ لغاية العبوديَّة التي خُلِق الإنسان لتحقيقها على شرع الله تعالى، ووسيلة ليعمل المسلم على بيِّنة، لا لِيَقف عندها، فتلك غاية التعلُّم وأساسه، وهي غايةٌ تُعلَّم كما يُعَلَّم العلم تَمامًا، فتُكتسب باللَّفظ تارة، وباللَّحْظ تاراتٍ. ونادرًا ما ترتكز المناهج التعليميَّة في تلك الدِّراسات على هذه المعاني، وقليلاً كذلك ما يهتمُّ كثيرٌ من أساتذتها بها، وهي لبُّ التعلُّم وغايتُه، فيخرج طلاَّب علمٍ منها بعيدون كلَّ البعد عن العلم الشريف الذين يَحملونه في الظاهر. وتلك إحدى حسَنات حلقات التعليم في المساجد، فرُوح العبادة في المسجد غالبةٌ على الجُمود العلمي والتنظير المجرَّد، المُفارق للعمل والدعوة، كما أنَّ المساجد عادةً لا تَجمع غيرَ مُريدي وجه الله تعالى تعلُّمًا وتعليمًا، مشايخ وطلبةً. عِلمٌ فيه دخَن: ليس كلُّ ما يدرَّس في تلك الجامعات والمعاهد الشرعيَّة عِلمًا صحيحًا، سواءٌ على جانبِ وضع بعض العلوم الفاسدة، أو على جانب بعض الفساد التأصيليِّ الذي يُدخَل على بعض العلوم الشرعيَّة. فكثيرٌ من الواضعين لِمناهج التعليم والمدرِّسين لها لَم يتربَّوا في أحضان المنهج السُّنِّي الخالص، بل شابَهم شيءٌ من التصوُّف، أو من الاعتزال، أو الانتصار لمذاهب الأشاعرة... كلُّ هذا في قضايا عقَدِيَّة أو منهجية، وهناك أنواع أُخرى من الفساد العلميِّ في أبواب العمل، والشريعة، والفقه، وأُصوله. وللحديث تتمَّةٌ عن كيفية الاستفادة من التعليم الأكاديميِّ في مصر في ظلِّ صورته تلك. والحمد لله ربِّ العالمين.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |