
18-05-2021, 03:08 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,824
الدولة :
|
|
الفرح بطاعة الله
الفرح بطاعة الله
أحمد بن عبد الله الحزيمي
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أمَّا بعدُ:
فاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ- وَرَاقِبُوهُ؛ فَإِنَّ تَقْوَاهُ أَفْضَلُ مُكْتَسَبٍ، وَطَاعَتُهُ أَعْلَى نَسَبٍ، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].
إذَا المرءُ لمْ يَلبسْ ثيابًا مِنَ التُّقى
تقَلَّبَ عُريانًا وإنْ كانَ كاسيَا 
وخَيرُ لِبَاسِ المَرءِ طَاعةُ ربِّه
ولا خَيرَ فيمَنْ باتَ للهِ عَاصيَا 
أيهَا المؤمنونَ:
لَمَّا قدمَ خَراجُ العراقِ إلى عمرَ بنِ الخطابِ، خرجَ عمرُ ومولىً لَه، فَجَعَلَ عُمَرُ يَعُدُّ الْإِبِلَ، فَإِذَا هِيَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، وَجَعَلَ عُمَرُ يَقُولُ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ» وَجَعَلَ مَوْلَاهُ يَقُولُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، هَذَا وَاللهِ مِنْ فَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ، فَقَالَ عُمَرُ: «كَذَبْتَ، لَيْسَ هُوَ هَذَا، يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: ﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا ﴾ [يونس: 58] يَقُولُ: بِالْهُدَى وَالسُّنَّةِ وَالْقُرْآنِ، فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا، هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ، وَهَذَا مِمَّا يَجْمَعُونَ» رواه الطبرانيُّ وأبو نُعَيمٍ.
أيها المؤمنونَ:
إنَّ الفرحَ باللهِ تعالى وبطاعتِهِ مقامٌ عظيمٌ لا يَخلُصُ إليه إلاَّ الموفَّقونَ مِن عبادِ اللهِ تعالى، ممَّن أرادَ اللهُ جَلَّ وعلا سَعادَتَهُم في الدنيا والآخرةِ.
إنَّ الفرحَ الحقيقيَّ - يا عبادَ اللهِ - هو أنْ يفرَحَ المرءُ أنَّ اللهَ هداه إلى الإسلامِ، وأنَّ اللهَ أعانَه على صلاةِ الجماعةِ، وأنَّ اللهَ يسَّرَ له بِرَّ والديهِ وصلةَ أرحامِهِ، وأعانَه على فعلِ الخيرِ.
الفَرحُ الحقيقيُّ هو بطاعةِ اللهِ وبفضلِه، الفرحُ بمواسمِ العبادةِ، كقدومِ رمضانَ، والحجِّ، الفرحُ بيومِ عَرفةَ، الفرحُ بالأُضحِيةِ، الفرحُ بصيامِ سِتةٍ مِن شَوالَ، بصيامِ عَاشوراءَ، الفرحُ بخَتمِ القرآنِ، الفرحُ بالتوفيقِ للصدقةِ، الفرحُ بأداءِ العُمرةِ، والتآخِي في اللهِ والصبرِ على طاعةِ اللهِ، وهكذا سائرُ العباداتِ.
ينبغِي لكلِّ موفَّقٍ لطاعةِ اللهِ أن يَفرحَ بذلكَ، ويُسَرَّ بذلكَ، بل يجبُ عليه أنْ يَفرحَ بذلكَ ويَغتَبِطَ بهذا، ويَحمَدَ اللهَ على ذلك.
حُقَّ لكم -أيها المؤمنونَ- أنْ تفرحُوا؛ فمَن في الأرضِ عنده دِينٌ مِثلُ دِينِنَا؟ مَن في الأرضِ عندَه صيامٌ مثلُ صِيامِنَا؟ مَن في الأرضِ عنده صلاةٌ مثلُ صلاتِنَا؟ مَن في الأرضِ عنده دُعاءٌ مثلُ دُعائِنَا؟ مَن في الأرضِ عِندَه ذِكْرٌ مِثلُ ذِكرِنَا؟ نحنُ الأمةُ الوحيدةُ التي خلقَهَا اللهُ في هذا العالَمِ عندَها مثلُ هذا الشرعِ القويمِ.
معاشرَ المسلمينَ:
وهناكَ في السيرةِ والتاريخِ نَماذِجُ مباركةٌ لأمورٍ فَرِحَ بها المسلمونَ، وفي مُقدِّمتِهِمُ الرسولُ الكريمُ صلى اللهُ عليه وسلَّم، فكانَ إذَا فَرِحَ سُرَّ واستَنَارَ وَجهُهُ، حتى كأنَّه قِطعةُ قَمرٍ، لكنْ يَفرحُ بماذَا؟ كانَ يفرَحُ صلى اللهُ عليه وسلَّم بدخولِ الناسِ في الإسلامِ، يفرحُ بدخولِ نَاسٍ لهم مَكانةٌ في الدِّينِ لإعزازِ الدِّينِ، لَمَّا أَسلمَ عِكرمةُ بنُ أبي جهلٍ وقدِمَ على رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم عامَ الفتحِ، لَمَّا رآهُ عليه الصلاةُ والسلامُ وثَبَ إليهِ فرحاً، وما عليهِ رِداءٌ حتى بَايعَهُ.
وحينَ مَرِضَ غلامٌ يهوديٌ وأتاه النبيُّ صلى اللهُ عليه وسلَّم يَعُودُهُ، فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَقَالَ لَهُ: «أَسْلِمْ» فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُ: أَطِعْ أَبَا القَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَسْلَمَ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ: «الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنَ النَّارِ» رواه البخاريُّ.
كمَا كانَ صلى اللهُ عليه وسلَّم يفرَحُ إذا حصَل لبعضِ أصحابِهِ خَيرٌ، كما فَرِحَ بتوبةِ اللهِ على كَعبِ بنِ مالكٍ رضي اللهُ عنه فَرحاً شديداً حكَاه كَعبٌ فقالَ: فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَبْرُقُ وَجْهُهُ مِنَ السُّرُور. متفقٌ عليهِ.
وفَرحَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمبادرةِ الصحابةِ إلى طاعةِ اللهِ، لمَّا دعاهُم للتَّصدُّقِ وجاءَ واحدٌ بصُرَّةٍ كادت كفُّه تَعجَزُ عنها، بل قد عَجزَتْ، قَالَ الرَّاوِي: ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ، حَتَّى رَأَيْتُ كَوْمَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَثِيَابٍ، حَتَّى رَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَهَلَّلُ، كَأَنَّهُ مُذْهَبَةٌ. رواهُ مسلمٌ.
ولقَد كانَ أصحابُ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كذلكَ، فهؤلاءِ الأنصارُ فرِحوا بمَقْدَمِ الحبيبِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينةَ. فقد وصفَ البراءُ بنُ عازبٍ رضي الله عنه هذا الفَرحَ بقولِهِ: "قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَا رَأَيْتُ أَهْلَ المَدِينَةِ فَرِحُوا بِشَيْءٍ فَرَحَهُمْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" رواه البخاريُّ.
ولمَّا فُتِحتْ مكةُ خَشِيَ الأنصارُ أنْ يُفارِقَهُمُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى قومِهِ، فلما طَمْأَنَهُم بَعودتِهِ معهُم بكَوْا فرحاً بذلكَ، قالَ صلى الله عليه وسلم لهُم: "أَفَلَا تَرْضَوْنَ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاةِ وَالْبَعِيرِ، وَتَرْجِعُونَ بِرَسُولِ اللهِ فِي رِحَالِكُمْ؟ فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الْأَنْصَارِ، وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ شِعْبًا، وَسَلَكَتِ الْأَنْصَارُ شِعْبًا لَسَلَكْتُ شِعْبَ الْأَنْصَارِ، اللهُمَّ ارْحَمِ الْأَنْصَارَ، وَأَبْنَاءَ الْأَنْصَارِ، وَأَبْنَاءَ أَبْنَاءِ الْأَنْصَارِ" فَبَكَى الْقَوْمُ حَتَّى أَخْضَلُوا لِحَاهُمْ، وَقَالُوا: رَضِينَا بِرَسُولِ اللهِ قِسْمًا وَحَظًّا..."، رواهُ أحمدُ.
وفرِحَ أبو هريرةَ رضي الله عنه بإسلامِ أُمِّهِ رضي الله عنها حينَ أَسلمتْ، يقولُ أبو هريرةَ: كُنْتُ أَدْعُو أُمِّي إِلَى الْإِسْلَامِ وَهِيَ مُشْرِكَةٌ، فَدَعَوْتُهَا يَوْمًا فَأَسْمَعَتْنِي فِي رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَكْرَهُ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَبْكِي، قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي كُنْتُ أَدْعُو أُمِّي إِلَى الْإِسْلَامِ فَتَأْبَى عَلَيَّ، فَدَعَوْتُهَا الْيَوْمَ فَأَسْمَعَتْنِي فِيكَ مَا أَكْرَهُ، فَادْعُ اللهَ أَنْ يَهْدِيَ أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللهُمَّ اهْدِ أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ» فَخَرَجْتُ مُسْتَبْشِرًا بِدَعْوَةِ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا جِئْتُ فَصِرْتُ إِلَى الْبَابِ، فَإِذَا هُوَ مُجَافٌ، فَسَمِعَتْ أُمِّي خَشْفَ قَدَمَيَّ، فَقَالَتْ: مَكَانَكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ وَسَمِعْتُ خَضْخَضَةَ الْمَاءِ، قَالَ: فَاغْتَسَلَتْ وَلَبِسَتْ دِرْعَهَا وَعَجِلَتْ عَنْ خِمَارِهَا، فَفَتَحَتِ الْبَابَ، ثُمَّ قَالَتْ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، قَالَ فَرَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَيْتُهُ وَأَنَا أَبْكِي مِنَ الْفَرَحِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَبْشِرْ قَدِ اسْتَجَابَ اللهُ دَعْوَتَكَ وَهَدَى أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ خَيْرًا. رواه مسلمٌ.
وهذا أُبيُّ بنُ كعبٍ رضي الله عنه لما قال له النبيُّ عليه الصلاة والسلام: «إِنَّ اللهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا»، قَالَ: وَسَمَّانِي لَكَ؟ قَالَ: «نَعَمْ»، قَالَ: فَبَكَى أُبيٌّ رضي اللهُ عنه مِن شدةِ الفَرحِ. متفقٌ عليه.
طَفَحَ السُّرورُ علَيَّ حتَّى إننِي *** مِن عِظَمِ مَا قَد سَرَّنِي أَبكَانِي
هذا هو الفرحُ بطاعةِ الله، والأنسُ بعبادتهِ، وأما الفرحُ بالدنيا وما فيها من جاهٍ ومالٍ ونساءٍ وأولادٍ ومتاعٍ، فهو فرحٌ لا يصفو ولا يدومُ؛ فالعمر يفنى، فالجاهُ يزولُ، والمالُ يذهبُ، والمنصبُ فترةً ثم لا يعود، وتلك سنة الله -تعالى- في خلقه، أيامٌ يداولها بين الناس، ليعلم الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين، نعم إنما هي منازل، فراحل ونازل، وهي بزينتها وبريقها ونعيمها إنما هي:
أحلامُ نومٍ أو كظل زائلٍ *** إن اللبيب بمثلها لا يخدع
نسألُ اللهَ تعالى أنْ يَرزقَنَا الفرحَ بهِ وبطاعتِه، وأنْ يملأَ قلوبَنَا أُنساً بهِ، وقُرباً مِنهُ، وزُلفَى إليهِ، ورِضاً بهِ وعَنه، وأنْ يُرضِيَنَا ويَرضَى عنَّا، إنه سميعٌ مجيبٌ.
وأقولُ قولي هذا وأستغفرُ اللهَ لي ولكم...
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ، أعظَمَ للمتقينَ العاملينَ أُجورَهم، وشَرحَ بالهُدى والخيراتِ صُدورَهُم، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وفَّق عِبادَه للطاعاتِ وأَعانَ، وأَشهدُ أنَّ نبيَّنا محمّدًا عبدُ اللهِ ورسولُه خيرُ مَن عَلَّمَ أحكامَ الدِّينِ وأَبانَ، صلّى اللهُ عليه وعلى آلِه وأصحابِه أهلِ الهُدى والإيمانِ، وعلى التابعينَ لهُم بإيمانٍ وإحسانٍ ما تَعاقَبَ الزمانُ، وسلَّم تَسليمًا مزيداً.
أيها المؤمنُ:
وإذَا أَكرمَكَ اللهُ بهذا الدِّينِ العظيمِ، بالاستقامةِ على طاعتِهِ، وبأداءِ الصلاةِ والمحافظةِ عليها، والقيامِ بفرائضِ الإسلامِ وواجباتِ الدينِ، وأعانكَ على عملٍ صالحٍ لَمْ تكنْ تَقْوَى عليهِ مِن قَبل، ومَنَّ عليكَ بالحرصِ على أداءِ الحقوقِ – حقوقِ اللهِ وحقوقِ العبادِ –، والبُعدِ عن المحرماتِ.. إذَا مَنَّ اللهُ عليكَ بذلكَ كلِّهِ، فلْتفْرَحْ ولْتبتَهِجْ، وفَرَحُكَ بذلكَ عُبوديةٌ عظيمةٌ مِن عُبودياتِ القَلبِ، وإذَا وُجِدَ هذا النوعُ مِنَ الفرحِ في قلبِ المؤمنِ انْبسطَتْ نَفْسُهُ وزَادَ إِقبالُهُ على طاعةِ اللهِ وزَاد عَملاً بأوامرِ اللهِ وبُعداً عن نَواهِيَهُ تباركَ وتعالى.وهذا مِن إِكرامِ اللهِ لعبدِهِ، نَسألُ اللهَ المزيدَ مِن فضلِهِ وكرمِهِ.
هذَا، واذْكُروا -رحمكُم اللهُ- على الدوامِ أنَّ المولى المَلِكَ العَلامَ قَد أمركُم بالصلاةِ والسلامِ على خيرِ الأنامِ، فقالَ تعالى في أجلِّ الكلامِ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].
اللهمَّ أَحينَا مؤمنينَ وتوفَّنا مسلمينَ وألحقنَا بالصالحينَ غير خزايا ولا مفتونينَ، تَقبَّلْ توبَتَنَا واغسلْ حَوبتَنَا واشفِ صُدورَنَا وطهِّرْ قُلوبَنَا وحَصِّنْ فروجَنَا وارْحمْ أَمواتَنا واشفِ مَرضَانَا، اللهمَّ اقْضِ ديونَنَا واهدِ ضَالَّنَا، يا أرحمَ الراحمينَ فرِّجْ عنِ المسلمينَ المستضعفينَ، اللهم إنَّ في بعضِ بِلادِ المسلمينَ مِنَ اللأوَاءِ مَا لا نَشكُوه إلا إليكَ ففَرِّجْ عنهم يا أرحمَ الراحمينَ، كُن معهُم ولا تكن عَليهِم، وانصُرهُم ولا تَنصُرْ عليهم، أَعِنْهُمْ ولا تُعِنْ عَليهِم.
اللهمَّ وَفقْ ولاةَ أمرِ المسلمينَ جميعا لما يُرضِيكَ، نسأَلُه أنْ ينصرَ بهم الحقَّ ويخذلَ بهم الباطلَ، وأن يجمعَ كلمتَهُم على التقوَى، كما نسأَلُه سبحانه أنْ يوفِّق ولاةَ أمرِنا في هذه البلادِ لكلِّ خيرٍ، وأنْ يُعينَهُم على كلِّ ما فيه رِضاهُ، وأنْ يَنصرَ بهم الحقَّ ويخذُلَ بهمُ الباطلَ، وأنْ يجعَلَهُم مِنَ الهُداةِ المهتدينَ إنَّه جل وعلا جَوَادٌ كَريمٌ.
اللهمَّ اجعلْ بلَدَنا هذا بلداً آمناً وسائرَ بلادِ المسلمينَ، اللهم اجعلهَا عَامرةً بذكرِكَ مُقيمَةً لشرعِكَ يا أرحمَ الراحمينَ، اللهم انصرْ جنودَنا المرابطينَ على حدودِنَا وجميعَ رِجالِ أَمنِنَا والحمدُ للهِ أولاً وآخراً، وصلَّى اللهُ على النبيِّ الأمينِ وعلى آلِه وصحبِهِ أجمعينَ.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|