أهمية الرقية وأخطاء الرقاة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4949 - عددالزوار : 2053016 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4525 - عددالزوار : 1320885 )           »          المنافقون والمنافقات .. خطرهم وصفاتهم في كتاب الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          حكم تخصيص أدعية معينة لكل يوم من أيام رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          حديث موضوع مكذوب حديث يا علي لا تنم قبل أن تأتي بخمسة أشياء لا يصح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          كيف نستعد لرمضـــــان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          تدبر جزء تبارك فضيلة الشيخ/ ماجد الجاسر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          ما يهمكم من معلومات عن بقية شهر شعبان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          ميزة جديدة من واتساب ستمنعك من مشاركة رقم هاتفك المحمول (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          كيف يجنب الآباء أطفالهم من اضطراب fomo ويقللون الاعتماد على وسائل التواصل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 31-03-2021, 09:45 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,416
الدولة : Egypt
افتراضي أهمية الرقية وأخطاء الرقاة

أهمية الرقية وأخطاء الرقاة



أحمد بن عبد الله الحزيمي






الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَن لَا إلَهَ إلّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، الْمَلِكُ الْحَقُّ الْمُبِينُ، الْقَائِلُ: ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الإسراء: 82]، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا إمَامُ الْأنبياءِ وَالْمُرْسَلِينَ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، أمَّا بعدُ:
فأُوصيكُم -عِبادَ اللهِ- بتَقوَى اللهِ في جَمِيعِ أُمُورِكُمْ؛ فتَقوَى اللهِ مُلْتَجَأٌ عندَ البَلايَا وسُلْوانٌ عِندَ الهُمُومِ والرَّزَايَا.


انْطَلَق نَفَرٌ مِن أَصحابِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سَفْرَةٍ سَافَرُوهَا، حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ العَرَبِ، فَاسْتَضَافُوهُمْ فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمْ، فَلُدِغَ سَيِّدُ ذَلِكَ الحَيِّ، فَسَعَوْا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لاَ يَنْفَعُهُ شَيْءٌ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَوْ أَتَيْتُمْ هَؤُلاَءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ نَزَلُوا، لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ شَيْءٌ، فَأَتَوْهُمْ، فَقَالُوا: يَا أَيُّهَا الرَّهْطُ إِنَّ سَيِّدَنَا لُدِغَ، وَسَعَيْنَا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لاَ يَنْفَعُهُ، فَهَلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ مِنْ شَيْءٍ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَعَمْ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْقِي، وَلَكِنْ وَاللَّهِ لَقَدِ اسْتَضَفْنَاكُمْ فَلَمْ تُضَيِّفُونَا، فَمَا أَنَا بِرَاقٍ لَكُمْ حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلًا، فَصَالَحُوهُمْ عَلَى قَطِيعٍ مِنَ الغَنَمِ، فَانْطَلَقَ يَتْفِلُ عَلَيْهِ، وَيَقْرَأُ: ﴿ الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ ﴾ فَكَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ، فَانْطَلَقَ يَمْشِي وَمَا بِهِ قَلَبَةٌ (أَي عِلَّةٌ)، قَالَ: فَأَوْفَوْهُمْ جُعْلَهُمُ الَّذِي صَالَحُوهُمْ عَلَيْهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: اقْسِمُوا، فَقَالَ الَّذِي رَقَى: لاَ تَفْعَلُوا حَتَّى نَأْتِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَذْكُرَ لَهُ الَّذِي كَانَ، فَنَنْظُرَ مَا يَأْمُرُنَا، فَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرُوا لَهُ، فَقَالَ: "وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ"، ثُمَّ قَالَ: "قَدْ أَصَبْتُمْ، اقْسِمُوا، وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ سَهْمًا" مُتفقٌ عَليهِ.


عبادَ اللهِ:
الرُّقْيَةُ الشَّرْعِيَّةُ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْخَيْرِ، مِنْ أَبْوَابِ النَّفْعِ، مِنْ أَبْوَابِ الْبَرَكَةِ، مِنْ أَبْوَابِ الرَّحْمَةِ الإِلَهِيَّةِ، الرُّقْيَةُ الشَّرْعِيَّةُ تُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهَا الْعِلاَجُ وَالتَّدَاوِي بِالْقُرْآنِ الْكَرِيمِ وَبِالأَدْعِيَةِ النَّبَوِيَّةِ الصَّحِيحَةِ فَقَط، الرُّقْيَةُ الشَّرْعِيَّةُ، هَذَا الْبَابُ الْمُبَارَكُ، غَفَلَ عَنْه كَثِيرٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الْيَوْمَ، نَعَمْ؛ غَفَلْنَا عَنْه وَتَنَاسَيْنَاهُ، حَتَّى إِنَّكَ لَتَجِدُ أحَدَنَا يُصَابُ بِالْأسْقَامِ وَيُعَانِي أهْلُهُ مِنَ الأَوْجَاعِ لِأيَّامٍ وَأيَّامٍ، وَهُوَ لَا يَطْرُقُ هَذَا الْبَابَ الْمُبَارَكَ.


عبادَ اللهِ:
يقُولُ تعَالَى: ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا ﴾ [الإسراء: 82].


وصَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ جِبرِيلَ عَليهِ السلامُ رَقَاهُ فقَالَ: "بِاسْمِ اللهِ يُبْرِيكَ، وَمِنْ كُلِّ دَاءٍ يَشْفِيكَ" رواه مسلمٌ، فقَولُهُ: "وَمِنْ كُلِّ دَاءٍ يَشْفِيكَ" دَلِيلٌ علَى شُمُولِ الرُّقيةِ لجَميعِ أَنوَاعِ الأَمرَاضِ النَّفسِيَّةِ والعُضْوِيَّةِ.


يَقُولُ ابنُ القَيِّمِ رَحمهُ اللهُ: (فَالْقُرْآنُ هُوَ الشِّفَاءُ التَّامُّ مِنْ جَمِيعِ الْأَدْوَاءِ الْقَلْبِيَّةِ وَالْبَدَنِيَّةِ، وَأَدْوَاءِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ, وَكَيْفَ تُقَاوِمُ الْأَدْوَاءُ كَلَامَ رَبِّ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ الَّذِي لَوْ نَزَلَ عَلَى الْجِبَالِ لَصَدَّعَهَا، أَوْ عَلَى الْأَرْضِ لَقَطَّعَهَا) اهـ.


قَالَ الشَّيخُ عَبدُالرحمنِ السَّعدِيُّ: "فالشِّفاءُ الذِي تَضَمَّنَهُ القُرآنُ عَامٌّ لشِفاءِ القُلُوبِ، ولشِفَاءِ الأَبدَانِ مِن آلامِهَا وأَسقَامِهَا" اهـ.


أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: إِنَّ الاِسْتِشْفَاءَ بِالرُّقْيَةِ الشَّرْعِيَّةِ لَيْسَ دَرْوَشَةً، وَلَيْسَ خَاصاً بِالْبُسَطَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، بَلْ هُوَ هِدَايَةٌ رَبَّانِيَّةٌ, وَعِبَادَةٌ وَقُرْبَةٌ إلَهِيَّةٌ يَفْعَلُهَا وَيَأْخُذُ بِهَا كُلُّ عَبْدٍ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، بَلْ كُلَّمَا ازْدَادَ إيمَانُكَ وَعِلْمُكَ وَتَدَيُّنُكَ كُنْتَ أَكْثَرَ أَخْذًا بِالرُّقْيَةِ الشَّرْعِيَّةِ، فَسَيِّدُ مَنْ رَقَى نَفْسَه، وَسَيِّدُ مَنْ رَقَى غَيْرَهُ، وَسَيِّدُ مَنْ عَلَّمَ الْمُسْلِمَ الرُّقْيَةَ، وَسَيِّدُ مَنْ حَثَّ وَرَغَّبَ بِالرُّقْيَةِ الشَّرْعِيَّةِ، إنَّهُ أَكْمَلُ الْخَلْقِ إيمَانًا وَدِينًا، هُوَ نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَدْ رَقَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفْسَهُ؛ تَقولُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: كَانَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اشْتَكَى يَقْرَأُ عَلَى نَفْسِهِ بالمُعَوِّذَاتِ، وَيَنْفُثُ، فَلَمَّا اشْتَدَّ وَجَعُهُ كُنْتُ أَقْرَأُ عَلَيهِ، وَأَمْسَحُ عَنْه بِيدِهِ، رَجاءَ بَرَكَتِهَا. متفقٌ عليهِ.


وقَد رَقَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيرَهُ، فعَن عَائِشَةَ رضي اللهُ عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَتَى مَرِيضًا أَوْ أُتِيَ بِهِ، قَالَ: "أَذْهِبِ البَاسَ رَبَّ النَّاسِ، اشْفِ وَأَنْتَ الشَّافِي، لاَ شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا" متفقٌ عليهِ.


أيهَا الكِرَامُ:
وَلَيْسَ مَعْنَى الْعَمَلِ بِالرُّقْيَةِ الشَّرْعِيَّةِ تَرْكَ التَّدَاوِي وَالاِسْتِشْفَاءِ بِالْأَدْوِيَةِ الطِّبِّيَّةِ الْمَادِّيَّةِ، وَالاِكْتِفَاءَ بِقِرَاءةِ آياتٍ مِنَ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، فَلَيْسَ ذَلِكَ مِنَ الرَّشَدِ فِي الدِّينِ، وَلَا مِنَ الْفِقْهِ لِسُنَنِ اللهِ تَعَالَى الْكَوْنِيَّةِ، وَلَكِنَّ الشَّأْنَ هُوَ الْجَمْعُ بَيْنَ هَذَا وَذَاكَ، وَالاِنْتِفاعُ بِالأَمْرَيْنِ؛ فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَهُا، بَلْ كُلٌّ مَشْرُوعٌ وَمَطْلُوبٌ؛ فَلَا تَعْتَقِدْ أَنَّ أَيَّ دَوَاءٍ يَنْفَعُ بِنَفْسِهِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِذَلِكَ رَبُّ الدَّاءِ وَالدَّواءِ.


أَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَشْفِيَ كُلَّ مَرِيضٍ وَيُعَافِيَ كُلَّ مُبْتَلَى، أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغِفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.



الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ النَّاسِ، مُذْهِبِ الْباسِ، الشَّافِي المُعَافِي، ثُمَّ الصَّلاَةُ عَلَى الرَّسُولِ الْهَادِي، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ المُرْتَقِينَ الْمَعَالِي، وَبَعْدُ:
فَيَا عِبَادَ اللَّهِ: ثَمَّةَ مُخَالَفَاتٌ وَأَخْطَاءٌ تَقَعُ مِنْ بَعْضِ الرُّقَاةِ لَا بُدَّ أَنْ نَكُونَ عَلَى وَعْيٍ بِهَا وَالتَّحْذِيرِ مِنْهَا.
فَمِنْ ذَلِكَ: الْمُبَالَغَةُ فِي الأَمْوَالِ الَّتِي يَأْخُذُونَهَا مِنَ الْمَرضَى، سَواءٌ كَانَ لِلْقِرَاءةِ أَوْ لِمَا يَبِيعُهُ مِنْ مَاءٍ أَوْ زَيْتٍ أَوْ نَحْوِهِ.


وَمِنْهَا: الضَّرْبُ الْمُبَرِّحُ لِلْمَرِيضِ، وَاسْتِخْدامُ أَدَوَاتٍ فِي ذَلِكَ كَالْعُصِيِّ، وَالْكَيِّ بِالْكَهْرَبَاءِ.


وَمِنْهَا: اقْتِصَارُ الْبَعْضِ عَلَى إِسْماعِ الْمَرِيضِ آيَاتِ الرُّقْيَةِ مِنْ شَرِيطٍ مُسَجَّلٍ، دُونَ الْقِرَاءةِ الْمُبَاشِرَةِ عَلَى الْمَرِيضِ، وَقَدْ أَفْتَتِ اللَّجْنَةُ الدَّائِمَةُ لِلإفْتَاءِ فِي الْمَمْلَكَةِ بِأَنَّ الرُّقْيَةَ لاَبُدَّ أَنْ تَكُونَ عَلَى الْمَرِيضِ مُبَاشَرَةً، وَلَا تَكُونَ بِوَاسِطَةِ مُكَبِّرِ الصَّوْتِ وَلَا بِوَاسِطَةِ الْهَاتِفِ، لَأَنَّ هَذَا يُخَالِفُ مَا فَعَلَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ- وأَتبَاعُهُمْ فِي الرُّقْيَةِ، وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْه فَهُوَ رَدٌّ" متفقٌ عليهِ.


وَمِنْ أَشَدِّ الْأَخْطَاءِ الَّتِي تَحْصُلُ مِنْ بَعْضِ الرُّقَاةِ: الْخَلْوَةُ بِالْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ، وَمَسُّ شَيءٍ مِنْ جَسَدِهَا؛ بِأَيِّ حُجَّةٍ كَانَتْ؛ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَأَنْ يُطْعَنَ فِي رَأْسِ أَحَدِكُمْ بِمِخْيَطٍ مِنْ حَدِيدٍ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمَسَّ امْرَأَةً لَا تَحِلُّ لَهُ" رَواهُ الطَّبرانِيُّ وصَحَّحهُ الأَلبَانِيُّ. وَسُئِلَتِ اللَّجْنَةُ الدَّائِمَةُ لِلْبُحوثِ الْعِلْمِيَّةِ وَالْإفْتَاءِ عَنْ حُكْمِ مَسِّ شَيءٍ مِنْ جَسَدِ الْمَرْأَةِ أَثْناءَ الرُّقْيَةِ، فَأَجَابَتِ اللَّجْنَةُ: "لَا يَجُوزُ لِلرَّاقِي مَسُّ شَيءٍ مِنْ بَدَنِ الْمَرْأَةِ الَّتِي يَرْقِيهَا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْفِتْنَةِ، وَإِنَّمَا يَقْرَأُ عَلَيهَا بِدونِ مَسٍّ، وَهُنَا فَرْقٌ بَيْنَ عَمَلِ الرَّاقِي وَعَمَلِ الطَّبِيبِ؛ لِأَنَّ الطَّبِيبَ قَدْ لَا يُمْكِنُهُ الْعِلاَجُ إلّا بِمَسِّ الْمَوْضِعِ الَّذِي يُرِيدُ عِلاَجَهُ، بِخِلاَفِ الرَّاقِي فَإِنَّ عَمَلَهُ وَهُوَ الْقِرَاءةُ وَالنَّفْثُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى اللَّمْسِ".


وَمِنْ طَوَامِّ بعض هَؤُلَاءِ: التَّعَامُلُ مَعَ الْجِنِّ فِي فَكِّ السِّحْرِ، أَوْ فِي عِلاَجِ الْمَسْحُورِ, قَالَ الشَّيْخُ ابْنُ بَازٍ رَحِمَهُ اللهُ: "وَأَمَّا اللُّجُوءُ إِلَى الْجِنِّ فَلا؛ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ إِلَى عِبَادَتِهِمْ وَتَصْدِيقِهِمْ؛ لِأَنَّ فِي الْجِنِّ مَنْ هُوَ كَافِرٌ وَمَنْ هُوَ مُسْلِمٌ وَمَنْ هُوَ مُبْتَدِعٌ، وَلَا تُعْرَفُ أَحْوالُهُمْ، فَلَا يَنبغِي الاِعْتِمادُ عَلَيهِمْ وَلَا يُسْأَلُونَ، وَقَدْ ذَمَّ اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ﴾ [الجن: 6]، وَلأَنَّهُ وَسِيلَةٌ للاِعْتِقادِ فِيهِمْ وَالشِّرْكِ، وَهُوَ وَسِيلَةٌ لِطَلَبِ النَّفْعِ مِنْهُمْ وَالاِسْتِعانَةِ بِهِمْ، فَأَرَى أَنَّه لَا يَجُوزُ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ اسْتِخْدامًا لَهُمْ، وَقَدْ لَا يَخْدِمُونَ إلّا بِتَقَرُّبٍ إِلَيهِمْ واسْتِضعَافٍ لَهُمْ". اهـ.


وعَلَى ذَلكَ فالرُّقَاةُ الَّذِينَ يَسْتَعِينُونَ بِالسَّحَرَةِ وَالْمُشَعْوِذِينَ لا يَجُوزُ الذَّهَابُ إلَيْهِمْ وَلَا تَصْدِيقُهُمْ وَلَا التَّعَامُلُ مَعَهُم بِأَيِّ وَسِيلَةٍ كَانَتْ. قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْعَزِيزِ ابْنُ بَازٍ -رَحِمَهُ اللهُ- بَعْدَ أَنْ سَرَدَ الْأَدِلَّةَ عَلَى حُرْمَةِ السِّحْرِ: "وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى عِظَمِ جَرِيمَةِ السِّحْرِ؛ لأَنَّ اللهَ قَرَنَهُ بِالشِّرْكِ، وَأَخْبَرَ أَنَّه مِنَ الْمُوبِقَاتِ وَهِيَ الْمُهْلِكَاتِ، وَالسِّحْرُ كُفْرٌ؛ لِأَنَّه لا يُتَوَصَّلُ إِلَيهِ إلاَّ بِالْكُفْرِ... وَمَنْ أَتَاهُمْ وَصَدَّقَهُمْ بِمَا يَقُولُونَ مِنْ عِلْمِ الْغَيْبِ فَهُوَ كَافِرٌ". وَقَالَ أيضاً: "وَحَيْثُ إِنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ نَهَى عَنْ إِتْيانِهِمْ وَسُؤَالِهِمْ وَتَصْدِيقِهِمْ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْمُنْكَرِ الْعَظِيمِ، وَالْخَطَرِ الْجَسِيمِ، وَالْعَوَاقبِ الْوَخِيمَةِ، وَلأَنَّهُمْ كَذَبَةٌ فَجَرَةٌ، وَالْمُصَدِّقُ لَهُمْ بدَعْوَاهُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَيَعْتَقِدُ بِذَلِكَ يَكُونُ مِثْلُهُمْ، وَكُلُّ مَنْ تَلَقَّى هَذِهِ الْأُمُورَ عَمَّنْ يَتَعَاطَاهَا فَقَدْ بَرِءَ مِنْه رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.


وَخُلاصَةُ الْقَوْلِ -أَيُّهَا الْكرامُ-: أَنَّ الرُّقْيَةَ لَا تَكُونُ إلاَّ عِنْدَ أُناسٍ مَعْرُوفِينَ فِي عِلْمِهِمْ وَعَقِيدَتِهِمْ وَأمَانَتِهِمْ وَمَنْشَئِهِمْ؛ فَلْنَكُنْ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ عَلَى حَذَرٍ وَعِلْمٍ.


أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: بَقِيَ الْإشارَةُ إِلَى كَيْفَ يَرْقِي الْمُسْلِمُ نَفْسَه أَوْ غَيْرَه، فَلَعَلَّهَا حَديثُ الْجُمُعَةِ الْقَادِمَةِ إِنْ شَاءَ اللهُ.



اللَّهُمَّ اشْفِ مَنْ أتْعَبَهُ مَرَضُهُ، وَتَأَخَّرَ شِفَاؤُهُ، وَكَثُرَ دَاؤُهُ، وَقَلَّ دَوَاؤُهُ.. فَأَنْتَ سُبْحَانَكَ عَوْنُهُ وشِفَاؤُهُ، يا مَنْ غَمَرَ الْعِبَادَ بفَضْلِهِ وَعَطَائِهِ.. اللَّهُمَّ صَلِّ علَى نَبِيِّنَا مُحَمِّدٍ.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 60.05 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 58.37 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.79%)]