|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() النصيحة فهد بن عبدالله الصالح الحمد الذي حبب إلینا الإیمان وزینه في قلوبنا وكره إلینا الكفر والفسوق والعصیان وجعلنا من الراشدین، أحمده سبحانه وأشكره وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شریك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الناصح الأمین، صلى الله وسلم وبارك علیه وعلى آله وأصحابه والتابعین لهم بإحسان إلى یوم الدین. أما بعد: فأوصیكم ونفسي بتقوى الله عز وجل فالتقوى وصیة الله للأولین والآخرین ﴿ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ [النساء: 131]. أيها المسلمون: روى مسلم في صحیحه عن تمیم الداري قال رسول الله صلى الله علیه وسلم: (الدین النصیحة) قلنا: لمن یا رسول الله صلى الله علیه وسلم؟ قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمین وعامتهم هذا الحدیث الجلیل عّده بعض العلماء ربع الدین أي أحد أربعة أحادیث یقوم عليها الدین. والنصیحة في اللغة هي الإخلاص وتخلیص الشيء من الشوائب وإصلاح الخلل وهي في الشرع كلمة جامعة جعلها النبي صلى الله علیه وسلم ترادف الدین فإذا ضاعت النصیحة ضاع الدین. فالنصيحة لله تعالى: تكون بالإيمان به وإخلاص العبادة له وعدم الشرك معه، ووصفه بصفات الكمال ونعوت الجلال والجمال، وأنه لا إله إلا هو في ذاته وصفاته وأفعاله وعبادته، وتجنب معصيته والإقبال على طاعته وحبه والحب فيه والبغض فيه، والجهاد في سبيله والتحاكم لشريعته، وتعبيد الناس له جل وعلا ونشر دينه في أرضه. النصيحة لكتابه: تكون بالإيمان بهذا القرآن العظيم وتعظيمه وتنزيهه وتلاوته حق التلاوة والوقوف مع أوامره وعند نواهيه، وتدبر آياته والدعوة إليه، وعدم هجرانه وتدريسه ونشره والحكم به في كل أمر. والنصيحة لرسوله صلى الله عليه وسلم هي التصديق بنبوته والتزام طاعته في أمره ونهيه، وموالاة من والاه ومعاداة من عاداه، وتوقيره ومحبته وإحياء سنته ونشرها والدعوة إليها قال تعالى: ﴿ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا ﴾ [النور: 54] وقال أيضا ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النور: 63]. وتكون النصيحة لأئمة المسلمين: وهم كل من ولي شيئا من أمور المسلمين فالواجب التعاون معهم على البر والتقوى، وتذكيرهم بالحق وإعانتهم عليه بكل وسيلة مشروعة والتواصل مع الجهات النظامية لإبلاغهم عن أي فساد مالي أو إداري أو مخالفة شرعية أو استغلال لمنصب أو تلاعب بالمال عام ومن نصيحتهم عدم غشهم أو مداهنتهم أو مجاملتهم على حساب مصالح الناس. والنصيحة لعامة المسلمين: أي أفراد الأمة. يكمن في إرشادهم لمصالحهم في دنياهم وآخرتهم، وكفّ الأذى عنهم، وتعليمهم ما يجهلونه من دينهم وحقوقهم، وستر عوراتهم ودفع المضار عنهم وجلب المنافع لهم، والشفقة عليهم ونصرة مظلومهم وتوقير كبيرهم، ورحمة صغيرهم، وترك غشهم وحسدهم، والذب عن أموالهم وأعراضهم بالقول والفعل وأن يحب الإنسان لهم ما يحب لنفسه، ويكره لهم ما يكره لنفسه، بل يصل الأمر إلى التضحية من أجل مصالحهم. والنصيحة سواء كانت لأفراد أو جماعات من حق المسلم على أخيه المسلم فقد روى البخاري عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بايعه على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم، وروى أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم: (المؤمن مرآة المؤمن) أي المؤمن ينصح أخاه ويريه عيوبه كما يرى الإنسان نفسه في المرآة. النصيحة: يا عباد الله. من خصائص هذا الدين، وهي من دعائم استقامة الأمة واستقرارها، وعلامة من علامات النضج الفكري لمن يمارسها وكذلك من يستقبلها. وما الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا صورةٌ من صور النصيحة التي يستقيم بها حال المأمور بالمعروف والمنهي عن المنكر فيتبدَّل سلوكه من الخطأ إلى الصواب. إنها مهمة من أشرف المهمَّات التي يقوم بها العبد، ذلك أن خيرها يتجاوز مؤديَها والقائمَ بها، فالأصل في تأديتها إرادة الخير والحق للمنصوح، فهي تحمل معاني الحرص والحب والإخلاص والصراحة والوضوح مع من يتم نصحهم. وقد قال حكيم: (اعلم أن من نصحَك فقد أحبَّك، ومن داهَنَك فقد غشَّك). نعم أيها المصلون إن النصيحة يقابلها الخداع وإن الناصحين يقابلهم المنافقون ويقول علي رضي الله عنه: المؤمنون نصحة والمنافقون غششة. أيها المسلمون: لقد كانت النصيحة الوظيفة الرئيسة التي جاء بها الأنبياء والمرسلون لأقوامهم، متلمِّسين هدايتَهم وتصحيحَ مسارهم وإصلاحَ دنياهم وآخرتهم. فلقد نصح نوح عليه السلام قومه قائلاً: ﴿ قَالَ يَاقَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ ﴾ [الأعراف: 61، 62]. وجاءت النصيحة على لسان هود عليه السلام لقومه قائلاً: ﴿ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ ﴾ [الأعراف: 68] وعلى لسان صالح عليه السلام لقومه قائلاً: ﴿ فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَاقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ ﴾ [الأعراف: 79]. وإذا كان للنصيحة آثار جمة. يا عباد الله. فإن لترك النصيحة مضارا كثيرة فتزداد الأنانية ويتفشى النفاق الاجتماعي. بترك التناصح يتمادى المخطئون في غيهم وانحرافهم الأمر الذي يؤدي إلى الفساد في المجتمع. بترك التناصح يحلُ العقاب من الله تعالى: روى الترمذي رحمنا الله وإياه في سننه عن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْهُ ثُمَّ تَدْعُونَهُ فَلاَ يُسْتَجَابُ لَكُمْ) وقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ﴿ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾ [المائدة: 78، 79]. ورغم أن النصيحة المراد بها الخير دائمًا للمنصوح، واستقامة أمره، وتصحيح مساره، إلا أن المنصوحين في بعض الأحيان يتمرَّدون على الناصح، ويرفضون نصيحته، استكبارًا وعلوًّا بغير الحق، بَيد أن هؤلاء المستكبرين عن الحق قد تملَّكهم الشيطان، وسيطر عليهم الهوى، فأبوا إلا أن يذعنوا لنفوسهم الأمّارة بالسوء بدلاً من تصحيح مسارهم، وشكر من أبدى إليهم النصح. أيها المسلمون: جاء في كتاب الله بيان عاقبته فيما خصَّ الله من أنباء ما قد سبق من الأمم الهالكة وما نزل بهم من بأس الله نتيجة إعراضهم عن نُصح المرسلين ليكون عبرةً للمُعتبرين، وذكرى للذاكرين، وآيةً بيِّنةً على وَبال عاقبة كل من حادَّ الله، وصدَّ عن سبيله، وعادَى أولياءَه، وأصمَّ أُذنَيْه عن سماع النُّصح، ولم يستجِب للتذكير؛ بل تشبَّث بباطِله واتبع هواه وكان أمره فُرُطًا. فهذا الطاغية قارون نصحه قومه بعدم التمادي في الطغيان والفساد ولكنه رفض النصيحة واغتر بما عنده من أموال وانخدع بتصفيق الجهلة ممن حوله فخسف الله به الأرض. وهذا الطاغية فرعون أرسل الله له نبيه موسى عليه السلام بالهدى ودين الحق وطلب منه طلبا واحدا بعد توحيد الله أن يسمح لبني إسرائيل بالخروج من سجنه الكبير ليترك مصر كلها له فأبى الطاغية أن يستجيب للنصيحة فأغرقه الله وجعله عبرة للمعتبرين. وثمود حين أصمُّوا آذانهم عن تذكير وتحذير نبي الله لهم، فقال الله في شأنهم: ﴿ فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَاصَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ * فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ * فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَاقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ ﴾ [الأعراف: 77 - 79]، وقال في شأن مدين ﴿ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ ﴾ [الأعراف: 78] ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم نصح قومه بترك الشرك والظلم وبشرهم بأن يفتح الله للعرب مشارق الأرض ومغاربها ويحررهم من خطر فارس والروم والحبشة ويمكنهم في الأرض مع جنات تجري فيها الأنهار خالدين فيها أبدا في الآخرة، وكل الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام نصحوا أقوامهم فأفلح من استجاب وخاب من استكبر وهي سنة الله الباقية في الأمم والأفراد. فكم من خاسر يتذكر نصيحة المشفقين ووعظ الواعظين ولكن قد فات الأوان وضاعت الفرص ﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَاوَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا ﴾ [الفرقان: 27 - 29]. بارك الله لي ولكم في القرآن...
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |