أقوال وأعمال ونيات تهدم طاعات وتبطل عبادات - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1234 - عددالزوار : 134618 )           »          إنه ينادينا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 24 - عددالزوار : 5444 )           »          السَّدَاد فيما اتفقا عليه البخاري ومسلم في المتن والإسناد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 59 - عددالزوار : 8161 )           »          ميزة جديدة لمتصفح كروم بنظام أندرويد 15 تتيح إخفاء البيانات الحساسة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          كل ما تحتاج معرفته عن ميزة الصورة المستطيلة بإنستجرام.. اعرف التفاصيل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          إيه الفرق؟.. تعرف على أبرز الاختلافات بين هاتفى iPhone 14 Plus وGoogle Pixel 9 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          احمِ أطفالك من الإنترنت.. احذر ألعاب الفيديو لحماية أبنائك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          أبل تعمل على جهاز بشاشة تشبه شاشة الآيباد مع ذراع آلية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          طفلك يستخدم تطبيقات الموبايل سرا دون علمك.. كيف تكتشف ذلك؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          أدوات مهمة هتساعدك للحد من استخدام طفلك للإنترنت.. جربها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 11-01-2021, 04:55 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,970
الدولة : Egypt
افتراضي أقوال وأعمال ونيات تهدم طاعات وتبطل عبادات

أقوال وأعمال ونيات تهدم طاعات وتبطل عبادات


الشيخ فؤاد بن يوسف أبو سعيد





إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [النساء: 1].

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾. [الأحزاب: 70- 71].

أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار.
أعاذنا الله وإياكم وسائر المسلمين من النار، ومن كل قول وعمل يقرب إلى النار، اللهم آمين.

عباد الله؛ كما أن هناك من الكلمات والأعمال ما يملأ السماوات والأرض ويثقّل الميزان، هناك عكسها أقوال وأفعال ونيات تبطل كثيرا من الأعمال، فبكلمات يسيرة تنشب حروب عسيرة، وبأعمال صغيرة تُهدَم جبال كبيرة، وشرارةٌ ضعيفة تسبِّب حرائقَ فظيعة، كذلك الأعمالُ الصالحة، والحسناتُ الوفيرة تَنْقُصُ أو تَبطل بنطقٍ من اللسان أو عملٍ من الأركان.

وحتى لا تبطلَ أعمالنا قال ربنا سبحانه وتعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ [محمد: 33].

فالإيمان يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي، فكلُّ معصية تَنْقُصُ الإيمان، فيَنقُص هذا الإيمان ويكاد يبلَى في القلب ويحتاجُ إلى تجديد، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("إِنَّ الْإِيمَانَ لَيَخْلَقُ فِي جَوْفِ أَحَدِكُمْ كَمَا يَخْلَقُ الثَّوْبُ، فَاسْأَلُوا اللهَ أَنْ يُجَدِّدَ الْإِيمَانَ فِي قُلُوبِكُمْ"). [1]

فاللهم جدد الإيمان في قلوبنا.
(إِنَّ الْإِيمَانَ لَيَخْلَقُ) أَيْ: يكاد أن يبلى... شبَّهَ الإيمان بالشيء الذي لا يستمِرُّ على هَيْئته، والعبد يتكلم بكلمة الإيمان، ثم يُدَنِّسُها بسوء أفعاله، فإذا عاد واعتذر، فقد جدَّدَ ما أَخْلَقَ، وطَهَّرَ ما دَنَّس. [2].

أخي في دين الله! لا تكن من الفجَّار الذين يستهزءون ويستهترون بالسيئات، فتجرُّهم إلى المهالك، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله تعالى عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ قَاعِدٌ تَحْتَ جَبَلٍ، يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ، وَإِنَّ الْفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ) (وَقَعَ عَلَى أَنْفِهِ، فَقَالَ بِهِ هَكَذَا فَطَارَ"). [3].

(يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ): أَيْ أَنَّ الْمُؤْمِنَ يَغْلِبُ عَلَيْهِ الْخَوْفُ، لِقُوَّةِ مَا عِنْدَهُ مِنْ الْإِيمَانِ، فَلَا يَأمَنُ الْعُقُوبَةَ بِسَبَبِهَا، وَهَذَا شَأنُ الْمُؤْمِنِ، دَائِمُ الْخَوْفِ وَالْمُرَاقَبَةِ، يَسْتَصْغِرُ عَمَلَهُ الصَّالِحَ، وَيَخْشَى مِنْ صَغِيرِ عَمَلِهِ السَّيِّئِ. [4]، (فَقَالَ بِهِ هَكَذَا) أَيْ: نَحَّاهُ بِيَدِهِ وَدَفَعَهُ.

قَالَ الْمُحِبّ الطَّبَرِيُّ: إِنَّمَا كَانَتْ هَذِهِ صِفَةُ الْمُؤْمِنِ لِشِدَّةِ خَوْفِهِ مِنْ اللهِ، وَمِنْ عُقُوبَته؛ لِأَنَّهُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ الذَّنْب، وَلَيْسَ عَلَى يَقِين مِنْ الْمَغْفِرَة، وَالْفَاجِرُ قَلِيلُ الْمَعْرِفَة بِاللهِ، فَلِذَلِكَ قَلَّ خَوْفُه، وَاسْتَهَانَ بِالْمَعْصِيَةِ. [5].

إنها محقَّراتُ الذنوب، والْإكْثَارُ مِنَ الصَّغَائِر تصيِّرُها مِنَ الْكَبَائِر، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ!") -أَيْ: مَا لَا يُبَالِي الْمَرْءُ بِهَا مِنْ الذُّنُوب-، وهي الصغائر فسيؤدي احتقارها إلى ارتكاب الكبائر.

("فَإِنَّهُنَّ يَجْتَمِعْنَ عَلَى الرَّجُلِ حَتَّى يُهْلِكْنَهُ، كَمَثَلِ قَوْمٍ نَزَلُوا) (فِي بَطْنِ وَادٍ")، ("فَحَضَرَ صَنِيعُ الْقَوْمِ")، - أي حضر وقت طعامهم- ("فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَنْطَلِقُ فَيَجِيءُ بِالْعُودِ، وَالرَّجُلُ يَجِيءُ بِالْعُودِ حَتَّى جَمَعُوا سَوَادًا، فَأَجَّجُوا نَارًا، وَأَنْضَجُوا مَا قَذَفُوا فِيهَا")، ("وَإِنَّ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ مَتَى يُؤْخَذْ بِهَا صَاحِبُهَا تُهْلِكْهُ"). [6]

وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("يَا عَائِشَةُ! إِيَّاكِ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ، فَإِنَّ لَهَا مِنَ اللهِ طَالِبًا"). [7]

(فَإِنَّ لَهَا مِنَ اللهِ طَالِبًا)، حَيْثُ خَصَّ لِأَجْلِهَا مَلَكًا فَيَكْتُبُهَا. [8]
فالذنوب الصغيرة تصير من الكبائر بأمرين؛ أو بواحد من أمرين: بالاستصغار والإصرار.

وأيضا ينقص الأجرُ والثواب بالكلام يوم الجمعة مع صاحبه، والإمام يخطب، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلَّم: ("إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ: أَنْصِتْ، فَقَدْ لَغَوْتَ"). وفي رواية: ("فَقَدْ أَلْغَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ"). [9]

(اللَّغْو)؛ مَا لَا يَحْسُن مِنْ الْكَلَام، ومَعْنَى (لَغَوْت) أَيْ: بَطَلَتْ فَضِيلَة جُمُعَتك، وَصَارَتْ جُمُعَتُك ظُهْرًا، وَيَشْهَد لِذلك مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيث عَبْد الله بْن عُمَر مَرْفُوعًا: ("وَمَنْ لَغَا وَتَخَطَّى رِقَاب النَّاس كَانَتْ لَهُ ظُهْرًا")، قَالَ اِبْن وَهْب أَحَد رُوَاته: (مَعْنَاهُ أَجْزَأَتْ عَنْهُ الصَّلَاة، وَحُرِمَ فَضِيلَة الْجُمُعَة). [10].

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلَّم: "مَنْ مَسَّ الْحَصَى فَقَدْ لَغَا" [11].

قَوْله: (مَنْ مَسَّ الْحَصَى فقد لَغَا) - وهذا أثناء الخطبة، لأن المساجد كانت قديما مفروشة بالحصا.- فِيهِ النَّهْي عَنْ مَسِّ الْحَصَى وَغَيْره مِنْ أَنْوَاع الْعَبَث فِي حَالَة الْخُطْبَة، وَالْمُرَاد بِاللَّغْوِ هُنَا الْبَاطِل الْمَذْمُوم الْمَرْدُود. [12].

ويدخل في مس الحصى -اليوم- استعمال وتحريك المسبحة، يسبح والإمام يخطب، هذا قد لغا.

قَوْلُهُ: (وَمَنْ مَسَّ الْحَصَا فَقَدْ لَغَا) أَيْ: سَوَّاهُ لِلسُّجُودِ غَيْرَ مَرَّة فِي الصَّلَاة، وَقِيلَ بِطَرِيقِ اللَّعِب فِي حَال الْخُطْبَة، فَقَدْ لَغَا، أَيْ: بِصَوْتِ لَغْو مَانِع عَنْ الِاسْتِمَاع، فَيَكُون شَبِيهًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِوَقَالَ اِبْن حَجَر الْمَكِّيّ: فَقَدْ لَغَا، أَيْ: تَكَلَّمَ بِمَا لَا يُشْرَع لَهُ أَوْ عَبَثَ بِمَا يَظْهَر لَهُ صَوْتٌ. [13].

قَوْلُهُ: (فَقَدْ لَغَا) أَيْ: أَتَى بِمَا لَا يَلِيق، فَلَا جُمُعَة لَهُ، وَالْمُرَاد أَنَّهُ يَصِير مَحْرُومًا مِنْ الْأَجْر الزَّائِد. [14].

وقد ورد أيضا عن صلاة النافة إذا صلاها الإنسان جالسا وهو قادر على القيام ينقص ثوابها؛ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما قَالَ: حُدِّثْتُ - وكان شابًّا يافعا - أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ("صَلَاةُ الرَّجُلِ قَاعِدًا نِصْفُ الصَلَاةِ")، - هذا ما بلغ عبد الله بن عمر - قَالَ: (فَأَتَيْتُهُ، - أي أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم - فَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي جَالِسًا، فَوَضَعْتُ يَدِي عَلَى رَأسِي!) فَقَالَ: ("مَا لَكَ يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو؟َ") قُلْتُ: حُدِّثْتُ يَا رَسُولَ اللهِ أَنَّكَ قُلْتَ: ("صَلَاةُ الرَّجُلِ قَاعِدًا عَلَى نِصْفِ الصَلَاةِ")، (وَأَنْتَ تُصَلِّي قَاعِدًا)، قَالَ: ("أَجَلْ، وَلَكِنِّي لَسْتُ كَأَحَدٍ مِنْكُمْ")! [15].

وما ينقص الأجور أيضا تربية الكلاب في الدور، فتربية الكلاب في الدور تنقص الأجور، إذا كان دون حاجة، عَنْ أَبِي الْحَكَمِ الْبَجَلِيِّ، عن ابْنِ عُمَرَ، يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ("مَنِ اتَّخَذَ كَلْبًا، إِلَّا كَلْبَ زَرْعٍ، أَوْ غَنَمٍ، أَوْ صَيْدٍ، يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ"). [16]، وفي رواية: «قِيرَاطَانِ». [17]، وفي رواية: فَقُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ: (إِنْ كَانَ فِي دَارٍ وَأَنَا لَهُ كَارِهٌ؟) قَالَ: (هُوَ عَلَى رَبِّ الدَّارِ الَّذِي يَمْلِكُهَا). [18]

والتنعُّمُ المباحُ للصالحين على حساب صلاحهم، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله - تعالى - عنهما قَالَ: (لَا يُصِيبُ أَحَدٌ مِنْ الدُّنْيَا، إِلَّا نَقَصَ مِنْ دَرَجَاتِهِ عِنْدَ اللهِ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ كَرِيمًا). [19]

فمن تمتع من المؤمنين في دنياه بجاهه ومكانته وغناه، هؤلاء سيحبسون على باب الجنة، ويتأخرون عن دخولها، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("قُمْتُ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ، فَكَانَ عَامَّةَ مَنْ دَخَلَهَا الْمَسَاكِينُ، وَأَصْحَابُ الْجَدِّ مَحْبُوسُونَ، غَيْرَ أَنَّ أَصْحَابَ النَّارِ قَدْ أُمِرَ بِهِمْ إِلَى النَّارِ، وَقُمْتُ عَلَى بَابِ النَّارِ، فَإِذَا عَامَّةُ مَنْ دَخَلَهَا النِّسَاءُ"). [20]

(أَصْحَابُ الْجَدِّ) الْمُرَاد بِهِم أَصْحَابُ الْبَخْتِ وَالْحَظِّ فِي الدُّنْيَا، وَالْغِنَى - والجاه - وَالْوَجَاهَة بِهَا.
وَقِيلَ: الْمُرَاد: أَصْحَاب الْوِلَايَات، وَمَعْنَاهُ: مَحْبُوسُونَ لِلْحِسَابِ، وَيَسْبِقهُمْ الْفُقَرَاء بِخَمْسِمِائَةِ عَام كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيث.

وقوله: (غَيْرَ أَنَّ أَصْحَابَ النَّارِ قَدْ أُمِرَ بِهِمْ إِلَى النَّارِ) أَيْ: مَنْ اِسْتَحَقَّ مِنْ أَهْل الْغِنَى النَّار بِكُفْرِهِ أَوْ مَعَاصِيه، فَقَدْ أُمِرَ بِهِمْ إِلَى النَّارِ. [21].

ويحبَط العمل بترك الصلاة المفروضة عمدا دون عذر، خصوصا صلاة العصر: عَنْ أَبِي الـمَلِيحِ، قَالَ: (كُنَّا مَعَ بُرَيْدَةَ فِي غَزْوَةٍ فِي يَوْمٍ ذِي غَيْمٍ، فَقَالَ: بَكِّرُوا بِصَلاَةِ العَصْرِ)، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: («مَنْ تَرَكَ صَلاَةَ العَصْرِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ»). [22].

ويبطل ثوابُ العبادات بالرياء، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ رضي الله عنه قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: ("أَيُّهَا النَّاسُ! إِيَّاكُمْ وَشِرْكَ السَّرَائِرِ") قَالُوا: (يَا رَسُولَ اللهِ وَمَا شِرْكُ السَّرَائِرِ؟) قَالَ: ("يَقُومُ الرَّجُلُ فَيُصَلِّي، فَيُزَيِّنُ صَلَاتَهُ جَاهِدًا لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ النَّاسِ إِلَيْهِ، فَذَلِكَ شِرْكُ السَّرَائِرِ"). [23].

وَعَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ - أيضا - رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ")، فَقَالُوا: (يَا رَسُولَ اللهِ! وَمَا الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ؟!) قَالَ: ("الرِّيَاءُ، يَقُولُ اللهُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِذَا جُزِيَ النَّاسُ بِأَعْمَالِهِمْ: اذْهَبُوا إِلَى الَّذِينَ كُنْتُمْ تُرَاءُونَ بِأَعْمَالِكُمْ فِي الدُّنْيَا، فَانْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ عِنْدَهُمْ جَزَاءً؟!"). [24].

وتبطل الصدقات بالمنِّ والأذى، قال سبحانه: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ. (البقرة: 264).

وكلمة؛ تبطل جميع الأعمال: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ("كَانَ رَجُلَانِ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ مُتَوَاخِيَيْنِ، فَكَانَ أَحَدُهُمَا يُذْنِبُ، وَالْآخَرُ مُجْتَهِدٌ فِي الْعِبَادَةِ، فَكَانَ لَا يَزَالُ الْمُجْتَهِدُ يَرَى الْآخَرَ عَلَى الذَّنْبِ فَيَقُولُ: أَقْصِرْ، فَوَجَدَهُ يَوْمًا عَلَى ذَنْبٍ فَقَالَ لَهُ: أَقْصِرْ، فَقَالَ: خَلِّنِي وَرَبِّي؛ أَبُعِثْتَ عَلَيَّ رَقِيبًا؟! فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ! أَوْ لَا يُدْخِلُكَ اللَّهُ الْجَنَّةَ! فَقَبَضَ أَرْوَاحَهُمَا، فَاجْتَمَعَا عِنْدَ رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَقَالَ لِهَذَا الْمُجْتَهِدِ: أَكُنْتَ بِي عَالِمًا؟ أَوْ كُنْتَ عَلَى مَا فِي يَدِي قَادِرًا؟! وَقَالَ لِلْمُذْنِبِ: اذْهَبْ فَادْخُلِ الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِي، وَقَالَ لِلْآخَرِ: اذْهَبُوا بِهِ إِلَى النَّارِ"). قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! لَتَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَوْبَقَتْ دُنْيَاهُ وَآخِرَتَهُ). [25].

وعَنْ جُنْدَبٍ - رضي الله عنه -، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَدَّثَ؛ ("أَنَّ رَجُلًا قَالَ: وَاللهِ لَا يَغْفِرُ اللهُ لِفُلَانٍ، وَإِنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ: مَنْ ذَا الَّذِي يَتَأَلَّى عَلَيَّ؛ أَنْ لَا أَغْفِرَ لِفُلَانٍ؟! فَإِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لِفُلَانٍ، وَأَحْبَطْتُ عَمَلَكَ") أَوْ كَمَا قَال. [26]

بذاءةُ اللسان وفحشُ المنطق، والبخل بالفضل من الأموال، تزيد في الدنيا، ولكنها تنقص من الثواب في الآخرة، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ("إِنَّ الْحَيَاءَ، وَالْعَفَافَ، وَالْفِقْهَ، وَالْعِيَّ -عِيَّ اللِّسَانِ") - عن الكلام عند الخصام - ("لَا عِيَّ الْقَلْبِ- مِنْ الْإِيمَانِ، وَإنَّهُنَّ يَزِدْنَ فِي الْآخِرَةِ، وَيُنْقِصْنَ مِنْ الدُّنْيَا، وَمَا يَزِدْنَ فِي الْآخِرَةِ، أَكْثَرُ مِمَّا يُنْقِصْنَ مِنْ الدُّنْيَا، وَإِنَّ الْبَذَاءَ) -البَذَاء: الفُحْش في القول-، (وَالْفُحْشَ، وَالشُّحَّ مِنْ النفاق، وَإنَّهُنَّ يَزِدْنَ فِي الدُّنْيَا، وَيُنْقِصْنَ فِي الْآخِرَةِ، وَمَا يُنْقِصْنَ فِي الْآخِرَةِ، أَكْثَرُ مِمَّا يَزِدْنَ فِي الدُّنْيَا"). [27]

اللسان يا عباد الله! أيها الشاتمون والسابُّون اللاعنون، يا من تحكمون على غيركم من المسلمين الأبرياءِ الغافلين، بالخيانة والكفر، والعمالة والفسق، ستقفون يوم القيامة بين يدي أحكم الحاكمين، وأعدل العادلين، فيحصِي عليكم أقوالَكم وكتاباتكم، فإن كانت بقدر ذنوب من تكلمتم فيهم، كان هذا بذاك، وإن كانت أقوالكم واتهاماتُكم أكثر، فيقتصُّ لمن سببتموهم وكفرتموهم، واتهمتموهم وخونتموهم وفسقتموهم، يقتص منكم لهم، فأكثروا من حسناتكم لهم، أو من سيئاتهم عليكم! عَنْ عَائِشَةَ رضي الله - تعالى - عنها قَالَتْ: (قَعَدَ رَجُلٌ بَيْنَ يَدَيْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم)، فَقَالَ: (يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّ لِي مَمْلُوكِينَ)، -أي: عبيد.
(يَكْذِبُونَنِي)، -أَيْ: يَكْذِبُونَ فِي إِخْبَارِهِمْ لِي. تحفة.-
(وَيَخُونُونَنِي)، -أَيْ: فِي مَالِي. تحفة.-
(وَيَعْصُونَنِي)، -أَيْ: فِي أَمْرِي وَنَهْيِي. تحفة.-
(وَأَشْتُمُهُمْ، وَأَضْرِبُهُمْ، فَكَيْفَ أَنَا مِنْهُمْ؟!) -أَيْ: كَيْفَ يَكُونُ حَالِي مِنْ أَجْلِهِمْ وَبِسَبَبِهِمْ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى. [28]
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 123.23 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 121.51 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.40%)]