الأمانة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4941 - عددالزوار : 2031716 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4515 - عددالزوار : 1307920 )           »          تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1059 - عددالزوار : 126676 )           »          طريقة عمل ساندوتش دجاج سبايسى.. ينفع للأطفال وللشغل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          وصفات طبيعية للتخلص من حب الشباب بخطوات بسيطة.. من العسل لخل التفاح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 49 )           »          طريقة عمل لفائف الكوسة بالجبنة فى الفرن.. وجبة خفيفة وصحية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          وصفات طبيعية لتقشير البشرة.. تخلصى من الجلد الميت بسهولة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          هل تظل بشرتك جافة حتى بعد الترطيب؟.. اعرفى السبب وطرق العلاج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          استعد لدخول الحضانة.. 6 نصائح يجب تنفيذها قبل إلحاق طفلك بروضة الأطفال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 48 )           »          سنة أولى جواز.. 5 نصائح للتفاهم وتجنب المشاكل والخلافات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 04-01-2021, 08:55 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,668
الدولة : Egypt
افتراضي الأمانة

الأمانة


الشيخ د. : ياسر الطريقي




عناصر الخطبة

1/ أهمية الأمانة وفضلها 2/ مفهوم الأمانة 3/ مجالات الأمانة 4/ الخيانة صفة مذمومة مطلقا والخائن لا يعامل بالمثل


اقتباس

وتَتَفاوَتُ خِيانَةُ الواجباتِ إِثْمَاً ونُكْرَاً، وأَشَدُّهَا شَنَاعَةً ما أَصَابَ الدِّيْنَ، وأَضَرَّ جُمْهُورَ المسلمين، وتَعَرَضَتِ البِلادُ لِأَذَاه؛ فَكَمْ مِنْ مَسؤُولٍ ضّيَّعَ الأمانة، واسْتَغَلَّ مَنْصِبَهُ لِأَغْرَاضٍ شَخْصِيةٍ، أو مَصَالحَ فِئَوِيَّة، وليسَ أعظمُ خِيانَةً ولا أسوأُ عاقبةً مِنْ ..




والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون

مجالات الأمانة

ولا تخن من خانك







الخطبة الأولى:


إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا…
وأشهد أن لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبدُه ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَإِنَّ أَفْضَلَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم-، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ.

أيها المؤمنون: اتقوا اللهَ -تعالى- حقَّ تُقاه؛ فمن اتقى اللهَ وراقبَه وأطاعَهُ وقاه، وتِلْكُمُ الأمانةُ التي حملها الإنسانُ الظلومُ لنفْسِه، الجهولُ بما حَمَل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا * إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا) [الأحزاب:70-72].

الأمانةُ خَصلةٌ سامية، وخَلةٌ راقية، خُلُقٌ كريم، وسُلُوكٌ قَويم، دعا إليها الدين، وحبَّبَ فيها سَيدُ المرسلين.

الأمانةُ سبيلُ الفلاح، وصفَ اللهُ بها عِبادَهُ المفلحين وجَعلها من صفاتِهِمُ الموصلَةِ بِهِم إلى أعالي جَنَّاتِه؛ حيثُ قال: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) إلى أن قال: (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [المؤمنون:8-11].

الأمانةُ صفةُ الأنبياءِ والمرسلين، هي شِعَارُهُم ودِثَارُهُم؛ قال كُلٌ مِنْهُم لِقَوْمِهِ: (إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ) [الشعراء: 107].

وبها استدَلَّ هِرَقْلُ عَظِيمُ الرومِ على صِدْقِ نبيِّنا محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-؛ كما في الصحيح عن أبي سُفْيَانَ أَنَّ هِرَقْلَ قَالَ لَهُ: سَأَلْتُكَ مَاذَا يَأْمُرُكُمْ، فَزَعَمْتَ: أَنَّهُ أَمَرَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَالصِّدْقِ وَالْعَفَافِ وَالْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ قَالَ: وَهَذِهِ صِفَةُ نَبِيٍّ.

الأمانةُ علامةُ الإيمانِ؛ كما في المسندِ وغيرِه عن فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: "أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِالْمُؤْمِنِ: مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ".

بَلْ الإيمانُ والأمانةُ صِنْوَانِ لا يفترقان، إذا ذَهَبَتِ الأَمَانَةُ تَبِعَهَا الإيمانُ؛ كما في المسند عَنْ أَنَسٍ: "لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ، وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ".

تَرْفَعُ الأمانةُ مَنْزِلَةَ أصحابِها في قُلُوبِ الناس، فَيُصْبِحُون بها مَوْضِعَ الثقةِ والتقديرِ والإكبار، وتَأَمَّلْ قَولَ ابنةِ شُعَيبٍ -عليه السلام-: (يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ) [القصص:26].

الأمانةُ واسِعَةُ المفهومِ، لَيْسَتْ مَحْصُورَةً في أداءِ الودَائِعِ الماليةِ إلى أَهْلِهَا كما يَفْهَمُ الكثيرُ من الناسِ، بَلِ الأمانةُ شاملةٌ لكلِّ ما يَحْمِلُهُ المسلمُ من أُمُورِ الدين والدُّنيا.

فالفطرةُ التي فَطَرَ اللهُ عليها الخَلْقَ -وهي التوحيدُ- أمانةٌ عُظمى، وودِيعَةٌ كُبرى، أَوْدَعَهَا اللهُ الخَلائِق، وأَخَذَ العَهْدَ عَلَيْهِمْ بها، وأَشْهَدَهُم عَليها: (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ) [الأعراف:172].

والمؤمنونُ يَرْعَوْنَ تِلْكَ الأَمَانةَ الكُبرى؛ فلا يَدَعُوْنَ فِطْرَتَهُمْ تَنْحَرِفُ عَنِ استِقَامَتِهَا، ويحمُونَ حِمَى التوحيدِ من كُلِّ وَسِيلَةٍ من وسائِل الشرك.

والدعوةُ للخيرِ والأمرُ به، وإنكارُ المنكرِ والتَصَدِّي لَه أمانةٌ في عُنُقِ كُلِّ مسلمٍ حَسَبَ طَاقَتِهِ واستطاعَتِه، ولا يَسْقُطُ التكليفُ بهذه الأمانةِ مهما كانَ المسلمُ عاجزاً ضعيفاً؛ إذ عليه أَدَائُها بالقلبِ، وذلكَ أضعفُ الإيمان.

وما أَشَدَّ تَفْرِيْطَنَا، وتَقْصِيرَنَا في أداءِ هذه الأمانةِ على الرَّغْمِ مَنْ كَثْرَةِ النصوصِ الواردةِ في الترهيبِ من التقاعُسِ عنها، والتفريطِ فيها.

وما أَعْظَمَ حاجتَنا للقيامِ بأدائِها في هذه الأوقات، لا سيما في المُناسباتِ المُبْتَدَعَة، وتِلْكُمُ الإجازات، التي تَكْثُرُ فيها المنكرات، في الأسواقِ والمُتَنَزَّهَات، وأماكنِ الاحتفالات.

والجوارحُ -عبادَ الله- أمانةٌ أَنْعَمَ اللهُ بها عَلينا، وأسداها إلينا، واستودعنا إيها؛ لنُسَخِّرَهَا في طاعَتِه، ونَسْتَخْدِمَهَا في مَرْضَاتِه، ونَسْتَعْمِلَهَا للجهادِ في سبيلِه؛ فمن استقوى بها على معصية، أو بَخِلَ بها عن طاعة، فقدْ خانَ تِلْكُمُ الأمانة.

ومِنْ أَعْظَمِ الجوارحِ وأَخْطَرِهَا، العينُ واللسان؛ فأمَّا أمانةُ العينِ فتقْتَضِي أَنْ تَغُضَّ البَصَرَ عَمَّا حَرَّمَ اللهُ عليك النظرُ إليه، وأَنْ تَسْتَخْدِمَهَا في ما يَنْفَعُكَ في دِينكَ ودُنياك، وتقتضي أمانةُ اللسان أنْ تَكُفَّهُ عن المُحرماتِ؛ كالكذبِ والغيبةِ والنميمةِ والاستهزاءِ وقبيحِ الأقوال، وأَنْ تُسَخِّرَهُ في الذِّكْرِ والتسبيحِ والاستغفارِ، والدعوةِ للخيرِ والتحذيرِ من الشر، وفي الصحيحِ عن أبي هُرَيْرَةَ عن النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "كُتِبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ نَصِيبُهُ مِنْ الزِّنَا، مُدْرِكٌ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ، فَالْعَيْنَانِ زِنَاهُمَا النَّظَرُ، وَالْأُذُنَانِ زِنَاهُمَا الِاسْتِمَاعُ، وَاللِّسَانُ زِنَاهُ الْكَلَامُ، وَالْيَدُ زِنَاهَا الْبَطْشُ، وَالرِّجْلُ زِنَاهَا الْخُطَا، وَالْقَلْبُ يَهْوَى وَيَتَمَنَّى، وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ الْفَرْجُ وَيُكَذِّبُهُ".

قال ابنُ القيمِ: "بَدَأَ بِزِنَا العينِ؛ لأنَّهُ أَصْلُ زِنَا اليدِ والرِّجْلِ والقلبِ والفَرْج، وهذا الحديثُ أَبْيَنُ الأشياءِ على أَنَّ العينَ تَعْصِي بالنَّظَر، وأَنَّ ذلك زِنَاهَا".

والمجالسُ -عبادَ الله- التي يُشَارِكُ فيها المَرْءُ أمانةٌ، تُصَانُ حُرْمَتُهَا، فلا تُفشى أسرارُها، ولا تُسْرَدُ أخبارُها الخاصةُ إلا بإِذْنِ أَهْلِها، وفي سُنَنِ أبي داودَ والترمذي عن جَابِرِ بْنِ عَبْدِالله قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "إِذَا حَدَّثَ الرَّجُلُ بِالْحَدِيثِ ثُمَّ الْتَفَتَ فَهِيَ أَمَانَةٌ".

وفي المسندِ عن أَبِي الدَّرْدَاءِ مرفوعاً: "مَنْ سَمِعَ مِنْ رَجُلٍ حَدِيثًا لَا يَشْتَهِي أَنْ يُذْكَرَ عَنْهُ فَهُوَ أَمَانَةٌ وَإِنْ لَمْ يَسْتَكْتِمْهُ".

والمجالسُ المُصانةُ هي المُنضَبِطَةُ بقوانينِ الأدبِ، وشرائعِ الدين؛ فلا حُرْمَةَ لمجلسٍ يُمْكَرُ فيه بِمُسْلِم، أو يُعْقَدُ لفسادٍ وإثم، وَوَاجِبُ مَنْ حَضَرَهُ، أو عَلِمَ بِهِ أَنْ يَحُولَ دُوْنَ الفسادِ فِيه، أو دُوْنَ انعقادِه قَدْرَ الطاقة؛ إنكاراً للمُنكر. ورُوي مرفوعاً في المسندِ وغيرِه: "الْمَجَالِسُ بِالْأَمَانَةِ، إِلَّا ثَلَاثَةَ مَجَالِسَ: مَجْلِسٌ يُسْفَكُ فِيهِ دَمٌ حَرَامٌ، وَمَجْلِسٌ يُسْتَحَلُّ فِيهِ فَرْجٌ حَرَامٌ، وَمَجْلِسٌ يُسْتَحَلُّ فِيهِ مَالٌ مِنْ غَيْرِ حَقٍّ".

أقول هذا وأستغفر الله، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.



الخطبة الثانية:


الحمدُ لله على إحسانِه، والشكرُ له على توفيقِه وامتنانِه، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً عبدُه ورسولُه صلى الله عليه، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

أيها المؤمنون: وبيتُ الزَّوْجِيَّةِ أحوالٌ وأسرار، حُرْمَةٌ وأمانة، تُكْتَمُ ولا تُكْشَفُ إلا لمصلحةٍ شرعيةٍ راجحةٍ في ظُروفٍ ضَيِّقة، وفي المسند عن أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- وَالرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ قُعُودٌ عِنْدَهُ، فَقَالَ: "لَعَلَّ رَجُلًا يَقُولُ مَا يَفْعَلُ بِأَهْلِهِ، وَلَعَلَّ امْرَأَةً تُخْبِرُ بِمَا فَعَلَتْ مَعَ زَوْجِهَا" فَأَرَمَّ الْقَوْمُ -أي سَكَتُوا- فَقُلْتُ: إِي وَاللَّهِ يَا رَسُولَ الله إِنَّهُنَّ لَيَقُلْنَ، وَإِنَّهُمْ لَيَفْعَلُونَ، قَالَ: "فَلَا تَفْعَلُوا، فَإِنَّمَا ذَلِكَ مِثْلُ الشَّيْطَانِ لَقِيَ شَيْطَانَةً فِي طَرِيقٍ فَغَشِيَهَا، وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ".

وفي صحيحِ مسلمٍ عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قال: قَالَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْأَمَانَةِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ -أي: من أعظم خيانةِ الأمانة- الرَّجُلَ يُفْضِي إِلَى امْرَأَتِهِ وَتُفْضِي إِلَيْهِ ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا".

ومن أداءِ الأمانةِ الأُسَرية: القيامُ بالواجباتِ على أكملِ وَجْه، وتَطْهِيرُ البيتِ من المنكرات، وإلزامُ أهلِهِ بالفرائضِ والواجبات، وحَثُّهُم على الفضائِل والمُستحبات.

والعملُ المُنَاطُ بالمرءِ أمانةٌ يجبُ أدائَها بإتقانِ العملِ، والإخلاصِ فيه، وأَنْ يَسْتَنْفِدَ جُهْدَهُ في إِحْسَانِه، وأن يُعْنَى بإِجَادَتِهِ، وأَنْ يَسْهَرَ على حُقُوقِ الناسِ التي وُضِعَتْ بينَ يَدَيْه.

وتَتَفاوَتُ خِيانَةُ الواجباتِ إِثْمَاً ونُكْرَاً، وأَشَدُّهَا شَنَاعَةً ما أَصَابَ الدِّيْنَ، وأَضَرَّ جُمْهُورَ المسلمين، وتَعَرَضَتِ البِلادُ لِأَذَاه؛ فَكَمْ مِنْ مَسؤُولٍ ضّيَّعَ الأمانة، واسْتَغَلَّ مَنْصِبَهُ لِأَغْرَاضٍ شَخْصِيةٍ، أو مَصَالحَ فِئَوِيَّة، وليسَ أعظمُ خِيانَةً ولا أسوأُ عاقبةً مِنْ رَجُلٍ تَوَلَّى أُمُورَ الناسِ، ومصالحَ الوَطَنْ، فَخَانَها وأَضَاعَها، وأَهْدَرَ طاقاتِ بَلَدِه، ومُقَدَّرَاتِ وطَنِه، وإِنْ تَغَنَّى بِحُبِّ الوَطَنْ، واحْتَفَل مَعَ مَنِ احْتَفَلْ، في الصحيحين عَنْ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِذَا جَمَعَ اللهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يُرْفَعُ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ، فَقِيلَ: هَذِهِ غَدْرَةُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ".

وفي صحيح مسلم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يُرْفَعُ لَهُ بِقَدْرِ غَدْرِهِ، أَلَا وَلَا غَادِرَ أَعْظَمُ غَدْرًا مِنْ أَمِيرِ عَامَّةٍ".

ثم اعلموا -عباد الله- أن الخائِنَ لا يُعَامَلُ بالِمثْلْ، وفي سنن أبي داود، والترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مرفوعاً: "أَدِّ الْأَمَانَةَ إِلَى مَنْ ائْتَمَنَكَ، وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ".

وقِلَّةُ الأُمَنَاء عَلامَةٌ من عَلاماتِ الساعة، ودليلٌ على فَسادِ المُجْتَمَع، واضطرابِ الموازينِ فيه، كما في صحيح البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "إِذَا ضُيِّعَتْ الْأَمَانَةُ، فَانْتَظِرْ السَّاعَةَ" قَالَ: كَيْفَ إِضَاعَتُهَا يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: "إِذَا أُسْنِدَ الْأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرْ السَّاعَةَ".

ألا صلوا وسلموا -عبادَ الله- على خير خلق الله محمد بن عبد الله: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56].

اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وارْضَ اللهم عن الخلفاء الرشدين، وعن سائرِ أصحابِ نبيك أجمعين، وعنا معهم بفضلك وإحسانك وجودك، يا أرحمَ الراحمين.

اللهم أعز الإسلامَ والمسلمين…




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 77.23 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 75.51 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.23%)]