|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() توبوا إلى الله توبة نصوحا أ. عبدالعزيز بن أحمد الغامدي الخطبة الأولى أما بعد: فاتَّقوا اللهَ - أيها المؤمنون - فتقوَى الله هو طريق السعادة الحقيقية في الدنيا؛ وخيرُ ما أُعِدَّ لليومِ الآخِر، ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ﴾ [الطلاق:4]. عباد الله، المؤمِنُ ليسَ مَعصومًا من الخطأ والزلل، فعن أنسٍ - رضي الله عنه - قال: قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ((كلُّ بَني آدَمَ خطّاء، وخَيرُ الخطّائينَ التَّوَّابون)) أخرجه أحمد والترمذيّ وابن ماجه. كم مِن مُذنبٍ طالَ أَرَقُه واشتَدَّ قَلَقُه؛ تعتَصِره كآبَة الخطيئَة، يلتمِس نَسيمَ رجاءٍ، ويَبحَث عَن إشراقةِ أمَل، ويَتَطلَّع إلى صُبحٍ قريبٍ؛ يُشرِق بنورِ التّوبةِ والاستقامةِ والهِدايةِ والإنابةِ؛ ليذهَبَ معها اليأسُ والقُنوط، وتنجلِي بها سحائِبُ التّعاسَةِ والخوفِ والهلَعِ والتشرُّدِ والضَّياع. ألا وإنَّ الشعورَ بِوَطأةِ الخطيئةِ؛ والنّدمَ على سالِف المعصيةِ؛ والتأسُّفَ على التفريط؛ والاعترافَ بالذّنبِ؛ ذلك هو سبيلُ التصحيحِ والمراجعةِ؛ وطريقُ العودَة والإنابة. وأمّا رُكنُ التوبةِ الأعظَم وشَرطُها المقدَّم فهو الإِقلاعُ عن المعصيةِ، والعزمُ الصادق على عدم العودة إلى تلك المعصية؛ قال الله تعالى: ﴿ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [آل عمران:135]. فلا توبةَ من ترك مأمور إلا بفِعلِه؛ ولا توبة من ارتكاب محظور إلا باجتِنابه؛ ولا توبة من الظلم إلا برد المظالم؛ وإِبراءِ الذِّمَّةِ مِن حقوق الآخَرين. إخوة الإسلام، التّوبةُ هي خضوعٌ وانكِسَارٌ وتذلُّلٌ واستِغفارٌ واعتِذارٌ؛ وابتِعَادٌ عن دواعِي المعصيَةِ ونوازِع الشرِّ ومجَالس الفِتنة وسُبُل الفسادِ وأصحابِ السّوءِ وقرَناء الهوَى ومُثيراتِ الشرِّ في النفوس. التَّوبةُ هي صفحةٌ بيضاءُ؛ صفاءٌ ونقَاء؛ وخشيَة وإشفاقٌ؛ وبُكاء وتَضرُّع؛ ونداءٌ وسؤالٌ؛ ودُعاءٌ وخَوفٌ وحَياء. التوبةُ خَجَل ووَجل؛ ورُجوع وإِنابة. إخوة الإيمان، التوبةُ نجاةٌ مِن غَمٍّ وهمٍّ، وظفَرٌ بمطلوبٍ، وسلامةٌ من مَرهوب، بابُها مفتوحٌ؛ وخَيرُها ممنوحٌ مَا لم تغرغِرِ الروح، فعن أبي هريرةَ - رضي الله عنه - قال: قالَ رسول الهدى - صلى الله عليه وسلم -: ((لو أخطَأتم حتى تبلُغ خطاياكم السّماءَ؛ ثم تُبتُم لتابَ الله عَليكم)) أخرجه ابن ماجه وصححه الألباني، وعَن أبي ذرّ - رضي الله عنه - عن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((قالَ الله تعالى: يا عبادِي؛ إنكم تخطِئون باللَّيل والنّهار؛ وأنا أغفِر الذّنوبَ جميعًا؛ فاستغفِروني أغفِر لكم)) أخرجه مسلم، وعَن أنَس بن مالكٍ - رضي الله عنه - قال: سمِعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ((قال الله تعالى: يَا ابنَ آدَم، إنّك ما دَعوتَني ورَجَوتَني غَفَرتُ لكَ عَلَى مَا كَان مِنك ولا أُبالي. يَا ابنَ آدَم، لو بلغَت ذنوبُك عَنانَ السماءِ ثم استغفرتَني غفرتُ لك..)) أخرجه الترمذيّ وصححه الألباني. فيا له من فضلٍ عظيمٍ؛ وعطاءٍ جَسيم، من ربٍّ كريم؛ وخَالقٍ رَحيم، أكرَمَنا بعفوِه وستره، وغَشَّانا بحِلمِه ومَغفِرتِه، وفَتَح لنا بابَ توبَته؛ يعفو ويصفَح ويتلطَّف ويسمَح؛ وبتوبةِ عبدِه يفرَح، ﴿ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنْ السَّيِّئَاتِ ﴾ [الشورى:25]، ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرْ اللَّهَ يَجِدْ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء:110]، قال - صلى الله عليه وسلم -: (( إن الله عز وجلّ يَبسُط يدَه باللَّيلِ لِيتوبَ مُسيءُ النّهارِ، ويَبسُط يدَه بالنّهار ليَتوبَ مسيء اللّيلِ،... )) رواه مسلم. عباد الله؛ كان قدوتكم الأعظم، الذي غَفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر يكثر من الاستغفار والتوبة؛ يقولُ صلواتُ الله وسلامه عليه: (( واللهِ؛ إني لأستغفِر اللهَ وأتوب إليه في اليومِ أكثَرَ من سبعينَ مرّة )) أخرجه البخاريّ، وعَن الأغرّ بن يسارٍ المزني - رضي الله عنه - قال: قالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( يا أيّها النّاس، توبوا إلى اللهِ واستغفِروه، فإني أتوبُ في اليَومِ مائةَ مرّةٍ )) أخرجه مسلم. إخوة الإسلام، هذِه التوبةُ قد شُرِعت أبوابُها، فاقطَعوا حبائلَ التَّسويف، وهُبّوا مِن نَومَةِ الرّدَى، وامحوا سوابِقَ العِصيان بلواحِقِ الإحسان، وحاذِرُوا غوائلَ الشيطانِ، وبصِّروا أنفسَكم بفواجِعِ الدّنيا؛ وتقلبات الزمان، توبوا على الفَورِ، وأحدِثوا توبَةً لكلّ الذنوب التي وقَعَت، وتوبوا من المعاصِي ولو تكرَّرَت، فعن أبي هريرةَ - رضي الله عنه - قال: سمعتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقول: (( إنَّ عبدًا أصَابَ ذنبًا فقال: ربِّ، أذنَبتُ ذنبًا فاغفِر لي، فقال ربُّه: أعلِمَ عبدي أنّ لَه ربًّا يغفِر الذنبَ ويأخُذ بهِ؟ غفرتُ لعبدي، ثم مكَثَ ما شاء الله، ثم أصَاب ذنبًا فقالَ: ربِّ، أذنبتُ آخرَ فاغفِره، فقال: أعَلِم عبدِي أنّ له ربًّا يغفِر الذنبَ ويأخذ بهِ؟ غفرتُ لعبدِي، ثم مَكثَ ما شاءَ الله، ثم أذنبَ ذنبًا فقال: ربِّ، أَذنبتُ آخرَ فاغفِرهُ لي، فقال: أَعَلِمَ عبدي أنّ له ربًّا يغفِر الذنبَ ويأخذ بِه؟ غفرتُ لعبدي ثلاثًا فليعمل ما شاء)) متفق عليه [يعني ما دام إذا أذنب تاب صادقا] . وعن أبي بكر الصّدّيق - رضي الله عنه - قال: قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مَا مِن عبدٍ يذنِب ذنبًا؛ ثمّ يتوَضّأ ثم يصلّي ركعتين؛ ثم يستَغفِر اللهَ لذلك الذنبِ إلاَّ غَفَر الله له)) أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه الألباني. أيها الإخوة؛ مَن شاء لنفسِه الخَيرَ العَظيم فَليُبادر إلى بابِ التوبَةِ والاستقامة؛ وطريقِ الإيمان والطاعة، ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور:31]. أقول ما تَسمعون، وأَستغفِر الله لي ولَكم ولسائرِ المسلِمين من كلِّ ذنبٍ وخطيئة، فاستغفروه إنّه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية عباد الله، من لم يتب الآن فمتى يتوب؟! ومن لم يرجعِ اليوم فمتى يؤوب؟! ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [التحريم:8]. إخوة الإيمان، توبوا من قَريبٍ، وبادِروا وسارِعوا ما دُمتُم في زمنِ الإنظَار، فالعُمر مُنهدِم والدَّهر مُنصرِم، وكلُّ حيٍّ غايتُه الفَوتُ، وكلُّ نَفسٍ ذائقةُ المَوت، ومَن حضَره الموتُ لم تُقبَل منهُ توبةٌ ولم تنفَعه أَوبة، قال الله تعالى: ﴿ وَلَيْسَتْ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾[النساء:18]، وعَن عبدِ الله بن عُمَر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( إنّ اللهَ عزّ وجَلّ يقبَل توبة العبدِ مَا لم يغرغِر)) أخرجه الترمذي. أيّها المؤمنون، إلى مَن يلجَأ المذنِبون؟! وعَلى مَن يعوِّلُ المقَصِّرون؟! وإلى أيِّ مَهرَب يهرُبون؟! والمرجِع إلى الله يومَ يبعثون، ﴿ يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ ﴾ [غافر:16]. فأقبِلوا على الله بِتوبةٍ نَصوح وإنابةٍ صادقة وقُلوبٍ منكَسِرة، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له. اللهم أعتقنا من رقِّ الذنوب، وخلِّصنا من أَشَر النفوس، وباعد بيننا وبين الخطايا والذنوب، وأجرنا من الشيطان الرجيم، اللهم طيِّبنا للقائك، وأدخلنا في حزب أوليائك، وارزقنا الرضا بقضائك؛ والصبرَ على بلائك، وقنِّعنا بعطائك، واكفنا بحلالك عن حرامك؛ وبفضلك عمّن سواك، وتوفنا مسلمين؛ وألحقنا بالصالحين. يا أرحم الراحمين ويا أكرم الأكرمين. اللهم تب علينا إنك أنت التواب الرحيم؛ اللهم اغفر لنا إنك أنت الغفور الحليم. ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |