خلق الإيثار وحاجة الأمة إليه في الأزمات - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         How can we prepare for the arrival of Ramadaan? (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          الأسباب المعينـــــــة على قيام الليل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          حكم بيع جوزة الطيب واستعمالها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          تريد لبس الحجاب وأهلها يرفضون فهل تطيعهم ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          ما هي سنن الصوم ؟ . (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          هل دعا الرسول صلى الله عليه وسلم للمسلمين الذين لم يروه ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          حكم قول بحق جاه النبي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          ليلة النصف من شعبان ..... الواجب والممنوع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          فضل صيام شهر رمضان.خصائص وفضائل شهر رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          المقصود بالتثليث النصراني الذي أبطله القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16-12-2020, 09:36 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,610
الدولة : Egypt
افتراضي خلق الإيثار وحاجة الأمة إليه في الأزمات

خلق الإيثار وحاجة الأمة إليه في الأزمات


الشيخ : عبد الله بن علي الطريف




عناصر الخطبة

1/ حاجة الأمة لمكارم الأخلاق 2/ فضائل الإيثار 3/ أبرز صفات الأنصار 4/ مواقف رائعة في الإيثار


اقتباس

أبرز صفة اتصف بها الأنصار رضي الله عنه.. ففاقوا بها غيرَهم، وتميزوا بها على من سواهم الإيثار.. والإيثار: معناه تفضيل الآخرين وتقديمهم.. وهو أكمل أنواع الجود، وذلك بأن يقدم الإنسان غيره على نفسه بمحابها من الأموال وغيرها.. ويبذلها لغيره مع حاجته إليها، بل مع الضرورة والخصاصة.. وهذا لا يكون إلا من خلقٍ زكي.. ومحبةٍ لله تعالى مُقَدْمَةٍ على محبة شهوات النفس ولذاتها ..










(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].
أما بعد: فيقول الله تعالى مثنيًا على الأنصار رضي الله عنهم: (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [الحشر:9]، وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَصَابَنِي الْجَهْدُ؛ فَأَرْسَلَ إِلَى نِسَائِهِ فَلَمْ يَجِدْ عِنْدَهُنَّ شَيْئًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَلاَ رَجُلٌ يُضَيِّفُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ يَرْحَمُهُ اللَّهُ» فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ فَقَالَ لاِمْرَأَتِهِ: ضَيْفُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لاَ تَدَّخِرِيهِ شَيْئًا. قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا عِنْدِي إِلاَّ قُوتُ الصِّبْيَةِ.. قَالَ فَإِذَا أَرَادَ الصِّبْيَةُ الْعَشَاءَ فَنَوِّمِيهِمْ، وَتَعَالَىْ فَأَطْفِئِي السِّرَاجَ وَنَطْوِى بُطُونَنَا اللَّيْلَةَ. فَفَعَلَتْ وفي لفظ: ثُمَّ قَامَتْ كَأَنَّهَا تُصْلِحُ سِرَاجَهَا فَأَطْفَأَتْهُ، فَجَعَلَا يُرِيَانِهِ أَنَّهُمَا يَأْكُلَانِ فَبَاتَا طَاوِيَيْنِ..! ثُمَّ غَدَا الرَّجُلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «لَقَدْ عَجِبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَوْ ضَحِكَ مِنْ فُلاَنٍ وَفُلاَنَةَ» فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ). رواه البخاري.
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: أُهْدِيَ لِرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسُ شَاةٍ فَقَالَ: إِنَّ أَخِي فُلانًا وَعِيَالَهُ أَحْوَجُ إِلَى هَذَا مِنَّا، قَالَ: فَبَعَثَه إِلَيْهِ، فَلَمْ يَزَلْ يَبْعَثُ بِهِ وَاحِدٌ إِلَى آخَرَ حَتَّى تَدَاوَلَتْهَا سَبْعَةُ أَبْيَاتٍ حَتَّى رَجَعَتْ إِلَى الأَوَّلِ، وَنَزَلَتْ: (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ) [الحشر: 9] رواه البيهقي في شعب الإيمان.
وقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ آخَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنِي وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ سَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ: إِنِّي أَكْثَرُ الْأَنْصَارِ مَالاً فَأَقْسِمُ لَكَ نِصْفَ مَالِي، وَانْظُرْ أَيَّ زَوْجَتَيَّ هَوِيتَ نَزَلْتُ لَكَ عَنْهَا فَإِذَا حَلَّتْ تَزَوَّجْتَهَا فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ دُلُّونِي عَلَى السُّوقِ. رواه البخاري.
أيها الإخوة: هذه الصورة الوضيئة الصادقة تُبْرِزُ أهمَ الملامحِ المميزةِ للأنصار رضي الله عنه، هذه المجموعة التي تفردت بصفات بلغت الآفاق.. ولولا أنها وقعت بالفعل لحسبها الناس أحلامًا طائرة، ورؤى مجنحة، ومُثُلاً عُليا قد صاغها خيالٌ محلق.. بل لم يعرف تاريخُ البشرية كلُه حادثًا جماعيًا كحادث استقبال الأنصار للمهاجرين.. فقد استقبلوهم بهذا الحب الكريم.. وبهذا البذل السخي.. وبهذه المشاركة الرضية.. وبهذا التسابق إلى الإيواء واحتمال الأعباء.. حتى ليروى أنه لم ينزل مهاجرٌ في دار أنصاري إلا بقرعة.. لِأَنَّ عدد الراغبين في الإيواء المتزاحمين عليه أكثر من عدد المهاجرين!..
وكانت أبرز صفة اتصف بها الأنصار رضي الله عنه.. ففاقوا بها غيرَهم، وتميزوا بها على من سواهم الإيثار..
والإيثار: معناه تفضيل الآخرين وتقديمهم.. وهو أكمل أنواع الجود، وذلك بأن يقدم الإنسان غيره على نفسه بمحابها من الأموال وغيرها.. ويبذلها لغيره مع حاجته إليها، بل مع الضرورة والخصاصة.. وهذا لا يكون إلا من خلقٍ زكي.. ومحبةٍ لله تعالى مُقَدْمَةٍ على محبة شهوات النفس ولذاتها..
والإيثار على النفس مع الحاجة قمةٌ عُليا بلغها الأنصارُ على صفة لم تشهد البشرية لها نظيرًا قبلهم، وإن بلغ بعضها بعدهم من استنَّ بسنتهم.. فرضي الله عنهم وأرضاهم..
أيها الإخوة: هذا الخلق العظيم والبذل الكبير الذي ربما يكون سببًا في زهوق النفس خصه الإسلام بأجر عظيم ومنزلة عليا، فعَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: جَاءَتْنِي مِسْكِينَةٌ تَحْمِلُ ابْنَتَيْنِ لَهَا فَأَطْعَمْتُهَا ثَلاَثَ تَمَرَاتٍ فَأَعْطَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَمْرَةً وَرَفَعَتْ إِلَى فِيهَا تَمْرَةً لِتَأْكُلَهَا فَاسْتَطْعَمَتْهَا ابْنَتَاهَا، فَشَقَّتِ التَّمْرَةَ الَّتِي كَانَتْ تُرِيدُ أَنْ تَأْكُلَهَا بَيْنَهُمَا، فَأَعْجَبَنِي شَأْنُهَا؛ فَذَكَرْتُ الَّذِي صَنَعَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَوْجَبَ لَهَا بِهَا الْجَنَّةَ أَوْ أَعْتَقَهَا بِهَا مِنَ النَّارِ». صحيح مسلم
وفي صحيح البخاري عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الْغَزْوِ -من الإرمال وهو فناء الزاد وقلة الطعام- أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ، فَهُمْ مِنِّى وَأَنَا مِنْهُمْ».
ثم تتابع الناس في الأخذ بهذا الخلق حتى صار سمة للأمة المسلمة تتوارثه جيلا بعد جيل وخصوصًا بالأزمات وعند الحاجة وفي أيام الخوف والمسغبة الشديدة..
حدث حُذَيْفَةُ الْعَدَوِيُّ، قَالَ: "انْطَلَقْتُ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ أَطْلُبُ ابْنَ عَمِيَ، وَمَعِي شَنَّةٌ مِنْ مَاءٍ، أَوْ إِنَاءٍ، فَقُلْتُ: إِنْ كَانَ بِهِ رَمَقٌ سَقَيْتُهُ مِنَ الْمَاءِ، وَمَسَحْتُ بِهِ وَجْهَهُ، فَإِذَا أَنَا بِهِ يَنْشَعُ، فَقُلْتُ: أَسْقِيكَ؟ فَأَشَارَ: أَيْ نَعَمْ، فَإِذَا رَجُلٌ يَقُولُ: آهٍ، فَأَشَارَ ابْنُ عَمِيَ أَنْ أَنْطَلِقَ بِهِ إِلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ هِشَامُ بْنُ الْعَاصِ أَخُو عَمْرٍو، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: أَسْقِيكَ؟ فَسَمِعَ آخَرَ فَقَالَ: آهٍ، فَأَشَارَ هِشَامٌ: أَنْ أَنْطَلِقَ بِهِ إِلَيْهِ، فَجئْتُهُ فَإِذَا هُوَ قَدْ مَاتَ، فَرَجَعْتُ إِلَى هِشَامٍ فَإِذَا هُوَ قَدْ مَاتَ، فَرَجَعْتُ إِلَى ابْنِ عَمِيَ فَإِذَا هُوَ قَدْ مَاتَ" رواه البيهقي في شعب الإيمان.
وتتكرر الصورة في هذا المجتمعات الإسلامية ويتناقل الناس أخبار الإيثار فيها لو ذهبنا نذكرها طال بنا المقام، المهم أن تبقى جذوة هذا الخلق العظيم باقية في نفوس الأمة وصورة حية في قلوب أفرادها، وستضل الحاجة إليها مستمرة لكنها تزيد في زمان دون آخر.
أيها الإخوة: قال الغزالي: ليس بعد الإيثار درجة في السخاء..
وقال ابن القيم رحمه الله: "السّخاء أعلى مراتب العطاء والبذل، وهذه المراتب هي: الأولى: ألّا ينقصَه البذلُ، ولا يصعبُ عليه العطاء وهذه مرتبة السّخاء. الثّانية: أن يعطي الأكثرَ ويبقي له شيئًا أو يبقي مثل ما أعطى، وهذا هو الجود. الثّالثة: أن يؤثر غيره بالشّيء مع حاجته إليه وهذه مرتبة الإيثار"..
أسأل الله بمنه وكرمه أن يهدينا لأفضل الأخلاق والآداب لا يهدي لأحسنها إلا أنت وأن يجنبنا أسوء الأخلاق لا يوفق لتجنبها إلا أنت، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..


الخطبة الثانية:

أيها الإخوة: لم تكن هذه الأخلاق الحميدة في الأمة لتنمو وتكثر لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتمثل هذه الأخلاق الطيبة بقوله وفعله..
تعالوا بنا -أيها الأحبة- نخترق حُجُب الزمن ونختصر الفيافي والقفار لنصل إلى طيبة المطيبة بأنفاس محمد صلى الله عليه وسلم والمدينة المنورة بهديه وتوجيهه، وها نحن في مجلس أَبَي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه وهو يحدثُ عن موقف وقع له في إحدى سكك المدينة، فيَقُولُ: آللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِنْ كُنْتُ لَأَعْتَمِدُ بِكَبِدِي عَلَى الْأَرْضِ مِنْ الْجُوعِ، وَإِنْ كُنْتُ لَأَشُدُّ الْحَجَرَ عَلَى بَطْنِي مِنْ الْجُوعِ، وَلَقَدْ قَعَدْتُ يَوْمًا عَلَى طَرِيقِهِمْ الَّذِي يَخْرُجُونَ مِنْهُ؛ فَمَرَّ أَبُو بَكْرٍ فَسَأَلْتُهُ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَا سَأَلْتُهُ إِلَّا لِيُشْبِعَنِي فَمَرَّ وَلَمْ يَفْعَلْ، ثُمَّ مَرَّ بِي عُمَرُ فَسَأَلْتُهُ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَا سَأَلْتُهُ إِلَّا لِيُشْبِعَنِي فَمَرَّ فَلَمْ يَفْعَلْ.
ثُمَّ مَرَّ بِي أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَبَسَّمَ حِينَ رَآنِي وَعَرَفَ مَا فِي نَفْسِي وَمَا فِي وَجْهِي ثُمَّ قَالَ: «يَا أَبَا هِرٍّ» قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: «الْحَقْ» وَمَضَى فَتَبِعْتُهُ فَدَخَلَ فَاسْتَأْذَنَ، فَأَذِنَ لِي فَدَخَلَ، فَوَجَدَ لَبَنًا فِي قَدَحٍ فَقَالَ: «مِنْ أَيْنَ هَذَا اللَّبَنُ» قَالُوا: أَهْدَاهُ لَكَ فُلَانٌ أَوْ فُلَانَةُ.. قَالَ: «أَبَا هِرٍّ». قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: «الْحَقْ إِلَى أَهْلِ الصُّفَّةِ فَادْعُهُمْ لِي».. قَالَ: وَأَهْلُ الصُّفَّةِ أَضْيَافُ الْإِسْلَامِ لَا يَأْوُونَ إِلَى أَهْلٍ وَلَا مَالٍ وَلَا عَلَى أَحَدٍ إِذَا أَتَتْهُ صَدَقَةٌ بَعَثَ بِهَا إِلَيْهِمْ وَلَمْ يَتَنَاوَلْ مِنْهَا شَيْئًا، وَإِذَا أَتَتْهُ هَدِيَّةٌ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ وَأَصَابَ مِنْهَا وَأَشْرَكَهُمْ فِيهَا..
فَسَاءَنِي ذَلِكَ فَقُلْتُ -أي في نفسه-: وَمَا هَذَا اللَّبَنُ فِي أَهْلِ الصُّفَّةِ كُنْتُ أَحَقُّ أَنَا أَنْ أُصِيبَ مِنْ هَذَا اللَّبَنِ شَرْبَةً أَتَقَوَّى بِهَا.! فَإِذَا جَاءَوا أَمَرَنِي فَكُنْتُ أَنَا أُعْطِيهِمْ وَمَا عَسَى أَنْ يَبْلُغَنِي مِنْ هَذَا اللَّبَنِ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُدٌّ.. فَأَتَيْتُهُمْ فَدَعَوْتُهُمْ فَأَقْبَلُوا فَاسْتَأْذَنُوا فَأَذِنَ لَهُمْ وَأَخَذُوا مَجَالِسَهُمْ مِنْ الْبَيْتِ. قَالَ: «يَا أَبَا هِرٍّ» قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «خُذْ فَأَعْطِهِمْ». قَالَ: فَأَخَذْتُ الْقَدَحَ فَجَعَلْتُ أُعْطِيهِ الرَّجُلَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى.. ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيَّ الْقَدَحَ، فَأُعْطِيهِ الرَّجُلَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى.. ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيَّ الْقَدَحَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيَّ الْقَدَحَ.
حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ رَوِيَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ.. فَأَخَذَ الْقَدَحَ فَوَضَعَهُ عَلَى يَدِهِ فَنَظَرَ إِلَيَّ فَتَبَسَّمَ فَقَالَ: «أَبَا هِرٍّ» قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «بَقِيتُ أَنَا وَأَنْتَ» قُلْتُ: صَدَقْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «اقْعُدْ فَاشْرَبْ» فَقَعَدْتُ فَشَرِبْتُ فَقَالَ: «اشْرَبْ» فَشَرِبْتُ فَمَا زَالَ يَقُولُ: «اشْرَبْ» حَتَّى قُلْتُ: لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَجِدُ لَهُ مَسْلَكًا.! قَالَ: «فَأَرِنِي» فَأَعْطَيْتُهُ الْقَدَحَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَسَمَّى وَشَرِبَ الْفَضْلَةَ.. رواه البخاري بهذا الخلق الرفيع والإيثار كان يعامل أصحابه، فتأصلت بالأمة وتخلق بها المسلمون..
وصلوا عليه وسلموا تفلحوا وتسعدوا فإن الله أمر بذلك فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56].

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 57.98 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 56.30 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.89%)]