|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() مراعاة مشاعر الناس الشيخ : محمد صالح المنجد عناصر الخطبة 1/ الشريعة تحث على مراعاة مشاعر الناس 2/ مراعاة يوسف عليه السلام لمشاعر إخوته 3/ نصوص من الشريعة تحث على هذه الخصلة 4/ مراعاة المقامات والأحوال 5/ مراعاة مشاعر أصحاب العاهات 6 /مواقف تبين مراعاة النبي الكريم لمشاعر الناس 7/ مراعاة مشاعر المستخدمين وقد يتألم المسلم وهو يرى ما يحدث اليوم في مدارس البنات وفي الكليات من الجراءة على الله، وقلة الحياء! وهذا بسبب الانفتاح الذي أضر بالدين والخلق، وأتى على الحشمة والعفاف فجرّد بعض بناتنا منه، ولذلك لا بد من العودة بتربية البنات إلى نهج السلف الأول، وأن تكون هنالك صيانة بالغة للحياء، ومحافظة على عفاف بنات المسلمين، قبل أن ينفرط العقد، ويصعب الردم، ويتسع الخرق على الراقع .. إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. عباد الله: لقد شرع الله لنا ديناً قيماً، قيماً في العقيدة؛ عقيدة التوحيد، وفي العبادة التي نعبد الله -تعالى- بها، وفي المعاملات والأخلاق التي يخالق بها بعضنا بعضاً. وتجد نصوص القرآن والسنة متضافرة في الأمر بالتلطف للآخرين، وحسن المعاملة، ولين الجانب؛ يقول -سبحانه- آمراً عباده بانتقاء الألفاظ عند الكلام مع الناس: (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً) [البقرة:83]، وفي موضع آخر يحثهم -سبحانه- على اختيار الأحسن من الكلام فيقول: (وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [الإسراء:53]، فلم يأمر بالحسَن فقط، وإنما قال الأحسن، وهي مرتبة أسمى من الحسن، وهذا الأمر بالإحسان في المعاملة يشمل الأقوال والأفعال، ولا يختلف اثنان في أثر هذه المعاملة الحميدة على الآخرين، فهي تجمع القلوب على الإنسان، وتجذب إليه نفوس الناس. ويوسف -عليه السلام- لما جاءه إخوته بعد أن ولاه الله -تعالى- الأمور، وصاروا في قبضته وبين يديه، وجلب أبويه إليه، قال: (أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ) [يوسف:100]، ولم يقل: من الجب؛ لئلا يحرج إخوته الذين ألقوه فيه، مع أن إلقاءه في الجب أخطر من وضعه في السجن؛ وذلك لأن الإلقاء في الجب تعريض للموت والهلاك. وقال: (مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي) [يوسف:100]، ولم يقل: من بعد أن فعلوا بي كذا وكذا، فألقى الملامة على الشيطان ونسبها إليه، ولم ينسبها لإخوته، وإن كانوا هم من باشر ذلك الأمر؛ كل ذلك مراعاة لهم. وقال: (وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ) [يوسف:100]، يعني: من البادية، ولم يقل: وجاء بكم من المجاعة والنصب ونحو ذلك؛ لئلا يظهر منته عليهم في وجوههم، وكل ذلك من أخلاق الأنبياء في انتقاء الكلام، فهي ثمرات وأطايب تنتقى. وكذلك فإن الشرع قد نهانا أن يتناجى اثنان دون الثالث، "إذا كنتم ثلاثة، فلا يتناجى اثنان دون الثالث؛ من أجل أن ذلك يحزنه" متفق عليه؛ فقد يظن أنهما يتآمران عليه، أو يكون في هذا شيء من الاحتقار له كونه دون مستوى الكلام؛ ولذلك لم يشركانه فيه ونحو هذا. وهذا الحكم يشمل خمسة دون السادس، وتسعة دون العاشر، بل كلما زاد عدد المنفردين بالكلام عن واحد في المجلس كان ذلك أشد في الحكم والإيذاء وبالتالي النهي، ويدخل في هذا أن يتكلم اثنان بلغة أجنبية لا يفهمها الثالث، وليس في المجلس أحد آخر، فهذا في حكم التناجي وهو من الشيطان (لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا) [المجادلة:10]، فمراعاة لشعور هذا الثالث لا يتناجى اثنان دونه. وهكذا جاء النهي عن إقامة الرجل للرجل من مجلسه ثم يجلس فيه، كما جاء من حديث ابن عمر أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: "لا يُقيم الرجلُ الرجلَ من مجلسه، ثم يجلس فيه" متفق عليه؛ مراعاة لشعور من سبق إلى المكان، لكونه صاحب حق بسبقه، ولذلك فإن في إقامته إيذاء. وهذا يشمل إن قام من مكانه لحاجة يسيرة كما إذا ترك مكانه مثلاً يوم الجمعة ليتوضأ أو ليقضي غرضاً يسيراً فإنه لا يجوز أخذ مكانه، فإن طال الغياب سقط الحق، والسابق بعد ذلك إلى المكان أحق به، والمشروع في مثل هذه الحالة التفاسح في المجلس أو المكان عملاً بقوله -صلى الله عليه وسلم-: "ولكن أفسحوا" رواه أحمد وقال الأرنؤوط: إسناده حسن. وأيضاً: فقد جاء النهي عن الدخول بين اثنين إلا بإذنهما، قال -صلى الله عليه وسلم-: "لا يحل للرجل أن يفرق بين اثنين إلا بإذنهما" رواه الترمذي وصححه الألباني؛ مراعاة لمشاعرهما، فقد يكون بينهما من الخصوصية ما يؤذيهما إذا دخل أحد بينهما. عباد الله: إن إكرام ذي الشيبة المسلم من الإسلام، وفي هذا مراعاة لمشاعر هذا المسن، وأن ضعفه مجبور من إخوانه بتوقيره واحترامه ممن هو دونه، قال -صلى الله عليه وسلم-: "ليس منا من لم يوقر كبيرنا، ويرحم صغيرنا" رواه الترمذي وصححه الألباني؛ ومن مظاهر هذا التوقير ما ورد في السنة: "كَبِّرْ، كَبِّرْ" متفق عليه؛ ففي الكلام يقدم الكبير، وفي المناولة يقدم الكبير، وهكذا، ولذلك إذا استوت المزايا بين المتقدمين للإمامة، فإنهم في النهاية يلجؤون إلى فاصل السن: "فأكبرهم سناً" رواه الترمذي وصححه الألباني. عباد الله: جاء رجل من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- بصيد صاده له، والنبي -عليه الصلاة والسلام- محرم، فلم يأخذه منه ورده عليه، فوجد الرجل في نفسه، فقال -عليه الصلاة والسلام-: "إنا لم نرده عليك، إلا أنا حُرُم" متفق عليه؛ فالمحرم لا يجوز له أن يصيد، ولا يجوز له أن يأكل ما صيد لأجله. فالشاهد من القصة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما رد الهدية، ولم يكن من عادته ردها، بين السبب؛ كل ذلك جبراً لنفسية الشخص، ومراعاة لشعوره. مراعاة المقامات والأحوال من الدين، ومن هذا الباب: (فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا) [الأحزاب:53]؛ حتى لا يؤذى أصحاب البيت بطول مكث الضيوف عندهم، وهذا الآية نزلت في بناء النبي -صلى الله عليه وسلم- بزينب، وذلك أنه لما أطعمهم جلس بعض القوم بعد العشاء، فتهيأ النبي -صلى الله عليه وسلم- للقيام؛ ليشعرهم بإرادته مغادرتهم، فلم يفطنوا ولم يقوموا، فتهيأ للقيام مرة أخرى فلم يفطنوا ولم يقوموا، فنزل قول الله -عز وجل-: (إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ) [الأحزاب:53]. ومن مراعاة حال صاحب المنزل ومقامه أن الإنسان لا يتصدر في مجلسه إلا بإذنه، ولا يتقدمه في الإمامة أيضاً إلا بإذنه، كما قال -عليه الصلاة والسلام-: "لا يقعد على تكرمته إلا بإذنه، ولا يؤم الرجل في سلطانه إلا بإذنه" رواه مسلم؛ فهو الذي يكون إماماً إذا كان أهلاً للإمامة، ولو كان بعض الزوار أفضل أو أحفظ، إلا إذا أذن لهم. وكذلك فقد جاء في حق الضيافة أنها ثلاثة أيام، فما كان بعد ذلك فهو صدقة، قال في الحديث: "ولا يحل له أن يثوي عنده حتى يحرجه" رواه البخاري؛ فلا يجوز أن يبقى بعد الثلاثة ويضيِّق على أخيه. ونجد أن هذه المراعاة للنفوس حتى في حال إنكار المنكر، كما إذا كان الرجل من أهل الجفاء والجهل فإنه يراعى في حال نصحه جهله، ولكن لا يترك تعليمه، فلما جاء ذلك الأعرابي فبال في طرف المسجد، فقام الصحابة يوبخونه، أمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بتركه. فماذا قال له بعد ذلك؟: "إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر، وإنما هي لذكر الله -عز وجل-، والصلاة، وقراءة القرآن" رواه مسلم؛ ولما فقه الأعرابي بعد ذلك وتعلم، وجلس بين الصحابة وروى القصة قال في القصة: "فلم يؤنب ولم يسب" رواه ابن ماجه وقال الألباني: حسن صحيح. الأمر في الظاهر منكر عظيم، لكنه -عليه الصلاة والسلام- لم يترك المنكر، بل تعامل معه بالحكمة فوعظ الرجل وعلمه ونبهه بالأسلوب المناسب له، ولك أن تتصور لو هاجم الصحابة هذا الأعرابي حال بوله، لأدى ذلك إلى منكر أكبر، بانتشار البول في مكان أوسع إذا هرب وترك مكانه، فالمقصود أن المنكر لا يترك، ولكن يعالج بالأسلوب الأمثل الذي لا يؤدي إلى إحداث منكر أكبر منه. ومن اللطائف التي كانت لسلفنا في مراعاة الناس عندما يتركون أمراً واجباً أو مستحباً " أن رجلاً عطس في مجلس ابن المبارك -رحمه الله-، وابن المبارك من أئمة العلم والزهد والفقه والجهاد والصدقات والفقه، فلم يحمد الله، فقال له عبد الله بن المبارك: ماذا يقول الرجل إذا عطس؟ فقال: الحمد لله. قال: يرحمك الله" حلية الأولياء8/170. وقد جاء في الحديث: "لا تحدوا النظر إلى المجذومين" رواه ابن ماجه وصححه الألباني؛ مراعاة لحاله ونفسيته، فقد يتأذى من إحداد النظر إليه، فينبغي صرف النظر وعدم تكراره؛ وعندما شرح العلماء الذكر الذي يقال في رؤية المبتلى: "الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به، وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلاً" رواه الترمذي وصححه الألباني، قالوا: إنه لا يجهر به، ويخفيه عن المبتلى؛ لئلا يتأذى من ذلك. وذكروا حالة يجهر فيها وهي: إذا مر بمبتلى في الدين -مجاهر بالمعصية-، فإنه يجهر به أمامه؛ زجراً له وردعاً وتأثيراً. وقد نهانا النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الضحك مما يخرج من الإنسان، يعني: من هذه الريح، وأرشد من حدث له في صلاته شيء أن يأخذ بأنفه ثم لينصرف، جاء في الحديث: "إذا أحدث أحدكم في صلاته فليأخذ بأنفه، ثم لينصرف" رواه أبو داود وصححه الألباني؛ كل ذلك مراعاة للنفوس. ومن عجائب المراعاة للأطفال ونفسياتهم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سجد مرة في الصلاة سجدة أطال فيها، فقلق بعض الصحابة فرفع رأسه فإذا النبي -صلى الله عليه وسلم- ساجد وفوقه حفيده، فلما انصرفوا من الصلاة قال بعض الصحابة للنبي -صلى الله عليه وسلم-: حدث شيء، أوحي إليك؟ قال: "كل ذلك لم يكن، ولكن ابني ارتحلني، فكرهت أن أعجله؛ حتى يقضي حاجته" رواه النسائي وصححه الألباني. وتتعدى مراعاته لمشاعر الطفل إلى أمه أيضاً، وذلك قوله -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه: "إني لأدخل في الصلاة وأريد إطالتها، فأسمع بكاء الصبي، فأتجوز في صلاتي مما أعلم من شدة وجد أمه عليه" متفق عليه؛ فهو يريد أن يطيل الصلاة، فيسمع صراخ طفل باكياً، فيقصّر النبي -صلى الله عليه وسلم- من صلاته؛ مما يعلم من وجد أمه عليه، وعاطفتها، ورحمتها له، وهذا من مراعاته -عليه الصلاة والسلام- للأم وطفلها. اللهم إنا نسألك أن تجعلنا في شريعتك من المتفقهين، وبسنة نبيك من الآخذين، أحْيِنا عليها يا أرحم الراحمين، وأمِتْنَا عليها يا رب العالمين. أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية: الحمد لله حمداً يليق بجلاله وعظمته، وأشهد أن لا إله إلا هو لم يتخذ صاحبة ولا ولداً، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، بلَّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، فصلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله، وذريته الطيبين، وخلفائه الميامين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، أشهد أنه رسول الله حقاً، والداعي إلى سبيله صدقاً، فصلوات الله عليه وسلامه التامين الأكملين. أما بعد: إن من المراعاة المطلوبة مراعاة مشاعر أصحاب المهن النازلة، ومنهم المستخدَمون، قال عليه الصلاة والسلام: "إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه، فإن لم يجلسه معه، فليناوله لقمة أو لقمتين، فإنه ولي علاجه" رواه البخاري؛ يعني: علاج الطعام في الطبخ، وفي رواية: "فإنه ولي حره ودخانه" رواه البخاري؛ فهذا الطباخ وهذا الخادم الذي تولى صنع الطعام، وعالج إصلاحه، ربما تهفو نفسه إلى الأكل منه، وتتوق إلى ذلك، فإن أمكن أن يجلسه معه على مائدة واحدة فذاك، وإلا فيقدم له منه مراعاة لحاله. وحتى الذي يقام عليه الحد يراعى حاله، فقد جيء للنبي -صلى الله عليه وسلم- برجل سَكِر فأمر بجلده، -وهذا حد الله لا بد منه، ومعلوم ما في إقامة حدود الله من بركة عظيمة، ومجلبة للخير، وإن رغم أنف الحاقدين من الغربيين والشرقيين- قال -صلى الله عليه وسلم-: "حد يعمل به في الأرض خير لأهل الأرض من أن يمطروا أربعين صباحاً" رواه ابن ماجه وقال الألباني: حسن لغيره. لكن هذا الرجل الذي جيء به لما قام بعض الصحابة لجلده قال: "أخزاه الله" رواه البخاري، وفي حديث آخر: "لعنه الله، ما أكثر ما يؤتى به" رواه البخاري؛ فنهاهم النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، وأخبر أن الحدود كفارة لأهلها، فإذا كان الحد تطهيراً، فلماذا يسب المحدود ويشتم؟ وحتى في حديث جلد الأمَة الزانية، أمر بجلدها يعني: سيدها يجلدها، ولكن قال: "ولا يثرب" متفق عليه، يعنى: لا يقرع ويوبخ. ومن اللطائف التي ذكرها أهل العلم في قضية تعليل النهي في حديث: "لا تسبوا الأموات"، ما أوردوه في علة النهي من تكملة الرواية التي جاءت: "فتؤذوا الأحياء" رواه الترمذي وصححه الألباني؛ فربما يكون الميت يستحق السب، لما فيه من البلايا والطامات، لكن ينبغي السكوت عن ذكر مساوئه والنيل منه، وذلك لأنه قد أفضى إلى ربه، والله حسيبه ويتولاه هذا من جهة، ومن جهة أخرى؛ لأجل قريبه الحي: "لا تسبوا الأموات، فتؤذوا الأحياء". وانظر إلى مراعاة الشرع لمشاعر البنت أو المرأة عند الزواج، قال: "لا تُنكَح الأيم حتى تُستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن". قالوا: يا رسول الله، كيف إذنها؟ متفق عليه. كانت البكر لها خدر في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- وحتى في زمن العرب، وهذا الخدر داخل الغرفة، داخل البيت، فهي لا تخرج أصلاً، أو يقل خروجها، فلما قال لهم: "لا تنكح البكر حتى تستأذن". قالوا: يا رسول الله كيف أذنها؟ هي غير متعودة على الكلام أبداً أمام الأجانب، قال: "أن تسكت"، فراعى حياءها، واكتفى بالسكوت في الموافقة، ولو أرادت الاعتراض لتكلمت، هذا من تربيتهم للبكر في ذلك الوقت. وقد يتألم المسلم وهو يرى ما يحدث اليوم في مدارس البنات وفي الكليات من الجراءة على الله، وقلة الحياء! وهذا بسبب الانفتاح الذي أضر بالدين والخلق، وأتى على الحشمة والعفاف فجرّد بعض بناتنا منه، ولذلك لا بد من العودة بتربية البنات إلى نهج السلف الأول، وأن تكون هنالك صيانة بالغة للحياء، ومحافظة على عفاف بنات المسلمين، قبل أن ينفرط العقد، ويصعب الردم، ويتسع الخرق على الراقع. وأيضاً فإن من المراعاة للمشاعر ما يكون من مراعاة المأمومين لحال إمامهم في عدم الاعتراض عليه إذا طبق بهم السنة، وقد لا يكون عند بعضهم علم بها، وهو عليه أن يراعي أحوالهم عند قيامه بأعمال الصلاة، وأحياناً تكون الموازنة فيها صعوبة، فمثلاً: يراعي حال الداخل وقت ركوعه فهو يطيل شيئاً ما ليدرك الداخل الركعة؛ مراعاة له، ولا يزيد في الإطالة؛ مراعاة لحال المأمومين. وينبغي للإمام أيضاً أن يراعي في تطبيقه للسنة المأمومين؛ والبعض قد يطيل في موضع ليس من السنة الإطالة فيه أصلاً، مثل أن يستمر في دعاء التراويح أكثر من أربعين دقيقة، ومعلوم أن هذا ليس من السنة في شيء، فلم يرد في السنة دعاء التراويح بهذا الطول، بل إن بعض أهل العلم لا يرى أصلاً الدعاء في كل ركعة وتر، وربما أرشد بعض أهل العلم إلى تركه أحياناً؛ قالوا: ليعلم الناس أن الدعاء في ركعة الوتر ليس واجباً. قالت عجوز: صليت وراء إمام أطال في الدعاء جداً، فصار يدعو، وأنا أدعو أن يفرغ، بسبب المشقة الحاصلة. فالمهم والخلاصة أن هذا الباب -وهو مراعاة أحوال الناس بعضهم لبعض- من الدين، ومن الخلق العظيم، فينبغي المحافظة على ذلك، وهو من كمال شريعتنا. نسأل الله -عز وجل- أن يجعلنا أجمعين من المغفور لهم، اللهم لا تفرق جمعنا هذا إلا بذنب مغفور، وعمل مبرور، وسعي مشكور، وتجارة لا تبور؛ اللهم آمنا في الأوطان والدور، وأصلح الأئمة وولاة الأمور، واغفر لنا يا عزيز يا غفور. اللهم إنا نسألك رحمة تلم بها شعثنا، وتجمع بها على الحق كلمتنا، وتقضي بها ديوننا، وترحم بها موتانا، وتبرئ بها مرضانا، وتهدي بها ضالنا، وترد بها غائبنا؛ اللهم إنا نسألك خشيتك في الغيب والشهادة، ونسألك كلمة الحق في الغضب والرضا، ونسألك القصد في الغنى والفقر، ونسألك نعيماً لا ينفد، وقرة عين لا تنقطع، ولذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك، في غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة. اللهم زيِّنَّا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهتدين، اغفر لنا ولوالدينا ولإخواننا وأخواتنا من المسلمين والمسلمات يا أرحم الراحمين. سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |