على مقاعد الدراسة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         محرمات استهان بها الناس كتاب الكتروني رائع (اخر مشاركة : Adel Mohamed - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          الهوية الإمبريالية للحرب الصليبية في الشرق الأوسط (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          «ابن الجنرال» ونهاية الحُلم الصهيوني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          التغيير في العلاقات الأمريكية الروسية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          هل اقتربت نهاية المشروع الإيراني؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          الشيخ عثمان دي فودي: رائد حركات الإصلاح الديني في إفريقيا الغربية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          دور العلماء الرّواة والكُتّاب في نشأة البلاغة العربية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          مرصد الأحداث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          وقفات مع قول الله تعالى: ﴿وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          أصحّ ما في الباب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-12-2020, 09:54 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,446
الدولة : Egypt
افتراضي على مقاعد الدراسة

على مقاعد الدراسة

أحمد بن عبد الله الحزيمي
الحمدُ للهِ الخلَّاقِ العليمِ ﴿ عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ [العلق: 4، 5]، نَحْمَدُهُ بِالْإِسْلَامِ والإِيمانِ، وتصريفِ الدُّهُورِ والأعوَامِ، وأشهدُ أنْ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ وحدهُ لا شرِيكَ لهُ وأشهَدُ أنَّ مُحمَّدًا عبدُهُ ورَسُولُهُ؛ غَرَسَ حُبَّ التَّعَلُّمِ والتَّعْليمِ فِي قُلُوبِ أصحابِهِ فَأخبَرَهُمْ أَنَّ خَيْرَهُمْ مَن تعلَّمَ القُرآنَ وعلَّمَهُ، صلَّى اللهُ وسلَّمَ وباركَ علَيْهِ وعلَى آلِهِ وأَصحابِهِ وأتبَاعِهِ إِلى يَوْمِ الدّينِ، أمَّا بعدُ:
فأُوصيكمْ ونفسِي بتقوَى اللهِ؛ فإنَّ مَن اتَّقى اللهَ وقَاهُ، وهَدَاه في دينِهِ ودُنيَاه، والمتقونَ مِن عبادِ اللهِ هُمْ أهلُ السعادةِ والفلاحِ والفوزِ والغنيمةِ في الدنيا والآخرةِ، والعاقبةُ دَائمًا وأبدًا لأهلِ التقوَى.
سُبحانَكَ اللَهُمَّ خَيرَ مُعَلِّمٍ
عَلَّمتَ بالقَلَمِ القُرونَ الأُولَى
أَخرَجتَ هَذا العَقلَ مِن ظُلُماتِهِ
وَهَدَيتَهُ النورَ المُبينَ سَبيلا
وَطَبَعتَهُ بِيَدِ المُعَلِّمِ تارَةً
صَدِئَ الحَديدُ وَتارَةً مَصقولا
أَرسَلتَ بِالتَوراةِ موسى مُرشِداً
وَاِبنَ البَتولِ فَعَلَّمَ الإِنجيلا
فَجَّرتَ يَنبوعَ البَيانِ مُحَمَّداً
فَسَقى الحَديثَ وَناوَلَ التَنزيلا


عبادَ اللهِ: ها هيَ المدارسُ قد فَتحَتْ أبوابَها. وأقبلَ عليها طُلابُهَا؛ لِيبدَءوا عامَهُمُ الجديدَ. فأَكثرُ مِن سبعةِ مَلايينِ طَالبٍ وطَالبةٍ في كافَّةِ مَراحِلِ التعليمِ انتظَمُوا في مَقاعِدِ الدراسةِ هذا الأسبوعِ، فللهِ الحمدُ والشكرُ على تيسيرِ ذلكَ.

عباد الله: التَّربيةُ والتعليمُ وظيفةُ الأنبياءِ والرُّسلِ، وهي معيارُ حضارةِ الشعوبِ وسَبْقِ الدولِ.. أولُ ما صُدِّرَ للبشريةِ هو التعليمُ؛ قالَ سبحانَه: ﴿ وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ﴾ [البقرة: 31] وأوَّلُ مُعلمٍ في هذِه الأمةِ هو محمدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

أيها السَّادةُ: لَم يَأمُرِ اللهُ نبيَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بطلبِ الازديادِ مِن شَيءٍ إلاَّ مِن العِلمِ فقالَ سُبحانَه: ﴿ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾ [طه: 114]، وأَقسمَ اللهُ بِالْقَلمِ لِمَا له من عظيمِ الأثرِ في محوِ الأميَّةِ ورفعِ مُستَوى الثقافةِ والمعرفةِ فقالَ تعالى: ﴿ ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ ﴾ [القلم: 1].
وحرَّرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعضَ أسْرَى بدرٍ على أنْ يُعلِّمُوا طائفةً مِن المسلمينَ القراءةَ والكتابةَ.

العلمُ -عبادَ اللهِ- طريقٌ يُوصِلُ إلى الجنةِ؛ كما قالَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا، سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ"، رواه مسلمٌ من حديثِ أبي هريرةَ رضي اللهُ عنه.
وأصحابُ الأعمالِ الصالحةِ تَنْقَطِعُ أعمالُهُم بوفاتِهِم إلاَّ مَنْ وَرَّثَ عِلمًا يُنتفَعُ به، فإنَّ عِلْمَهُ يَجرِي عليهِ في قبرِه إلى قيامِ الساعةِ؛ كمَا رَوى أبو هريرةَ رضي اللهُ عنه أنَّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: "إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ"، رواه مسلمٌ.

ولابنِ القَيِّمِ -أيها الأخوةُ- كلامٌ كبيرٌ حولَ قَدْرِ العلمِ حَيثُ يقولُ رحمه اللهُ: (والأحاديثُ في هذا كثيرةٌ، وقد ذكرنَا مِائتَيْ دليلٍ على فضلِ العلمِ وأهلِهِ في كتابٍ مفردٍ، فيا لها مِن مرتبةٍ ما أعْلاَهَا، ومَنقَبةٍ ما أَجَلَّهَا وأَسْنَاهَا: أنْ يكونَ المرءُ في حياتِهِ مَشغولاً ببعضِ أشغالِهِ، أو في قبرِهِ قد صارَ أَشلاءً مُتمزِّقةً، وأوصالاً متفرقةً، وصُحُفُ حسناتِهِ متزايدةٌ يُمَلَى فيها الحسناتُ كُلَّ وقتٍ، وأعمالُ الخيرِ مهداةٌ إليهِ مِن حيثُ لا يَحْتَسِب، تلكَ-واللهِ- المكارمُ والغنائمُ، وفي ذلكَ فليتنافَسِ المتنافسونَ، وعليه يَحْسِدُ الحاسدونَ، وذلكَ فضلُ اللهِ يُؤتيهِ مَن يشاءُ واللهُ ذو الفضلِ العظيمِ، وحقيقٌ بمرتبةٍ هذا شَأْنُهَا أنْ تُنفَقَ نَفائِسُ الأنفاسِ عليها، ويَسبِقُ السابقونَ إليها، وتُوَفَّرُ عليها الأوقاتُ، وتتوجَّه نحوهَا الطلباتُ". انتهى كلامُه.

أيها المسلمونَ: إنَّ التَسابُقَ اليومَ بين قِوَى الأرضِ هو في مِضمارِ العلمِ، والأمةُ الجاهلةُ الْمُتَخَلِّفةُ لا مكانَ لها بينَ الأُمُمِ؛ بَل إنَّهَا الأمةُ الضعيفةُ المنهزمةُ دائماً، العالةُ على غيرِها مَهما ملكتْ مِن ثَرواتٍ فوقَ الأرضِ أو تَحْتِها. والدولُ المتقدمةُ ما وصلتْ إلى ما وَصلتْ إليهِ مِن عُلوِّ شأنِهَا وقوةِ اقتصادِهَا ونفاذِ أمرِهَا إلا بسلاحِ العلمِ.
إِنَّ شَعباً كاليابانِ مثلاً قد ضُرِبَ بِقُنبِلتينِ نَوويَّتينِ فَدَمَّرَتَا الأخضرَ واليابسَ, ولكنَّ الذي حصلَ أنهُ خلالَ سنواتٍ قَلائلَ نافسَتِ اليابانُ الدولَ العُظمَى، وصارتْ مِن أَقوِى الدولِ في الاقْتصادِ، لماذَا؟ لأَنَّهمْ قالُوا: "التعليمُ، والتعليمُ أولاً".

عبادَ اللهِ: مِنَ النِّعمِ التي غفلَ عنها البعضُ: نِعمةُ العلمِ. انظرْ إلى بعضِ الدولِ التي حصَلَ فيها بعضُ الاضطراباتِ الأمنيةِ، كيفَ تعطَّلتِ الدراسةُ لبضعةِ أَشْهُرٍ.
انظرْ إلى بعضِ الدولِ التي استمرتْ فيها الحروبُ لسنواتٍ كيفَ هُمُ الآن؟!, لقدْ شَاهَدْنَا بعضَ المتطوعينَ وهم يُدرِّسونَ الطلابَ تحتَ الجسورِ المدَمَّرةِ والبيوتِ المتهالِكَةِ وتحتَ الأشجارِ البَالِيةِ.

لقدْ رأينا بعضَ البلادِ الفقيرةِ وهم يُدرِّسونَ تحتَ الأشجارِ، وفي ظلالِ الكُهُوفِ وفي بيوتٍ من القَشِّ، ويتتبعونَ الظِلَّ خلفَ الجُدُرِ في ظروفٍ غايةٍ في القسوةِ.
شاهدنَا الأطفالَ وهُمْ يَذهبونَ إلى المدارسِ في رِحلةٍ يوميةٍ شاقةٍ يَعْبُرُونَ مِن خِلالِهَا الأنهارَ ويَتَسَلَّقونَ الجسورَ المتهالكةَ ويسلكونَ الطُرُقَ الوَعِرَةَ.

هَلْ تَعْلَمْ-أخي الكريمُ-أنَّ أكثرَ من مِئةٍ وثلاثينَ مليونَ طفلٍ مَحرومونَ مِن الذهابِ إلى المدرسةِ مَع إشراقةِ شَمسِ كلِّ يومٍ، ومَا ذاكَ إلا الفقرُ!
وكمْ خسرَ العالَمُ أفذاذاً من العلماءِ والمفكرينَ والمخترعينَ ممن لَم تُتُحْ لَهم فرصةُ التعليمِ، فانشغلوا بحَرثِ الأرضِ، أو طَرْقِ الحديدِ، أو رَعْيِ الغنمِ، أو الصَّفَقِ في الأسواقِ في ظِلِّ ظروفٍ صعبةٍ ليساعدوا آبائَهُم في كسبِ الرزقِ.

أمَّا نحن في هذه البلادِ فيعودُ الطلابُ إلى مَدَارِسِهِم وهمْ في كاملِ عَافِيَتِهِم. وفي ظلِّ أَمْنٍ وافِرٍ، واستعداداتٍ جَيدةٍ من قِبَلِ مَسؤولِي التعليمِ.
فِي تعليمِ بلَدِنَا نِعَمٌ مُتوافِرةٌ؛ فَنِعمةُ الأمنِ في المناهجِ التي تُدْرَسُ، والسياساتِ التي تُتَّبَعُ، والقياداتِ التي تُدِيرُ ذلكَ، والمعلمونَ والإداريونُ الأفذاذُ الذين يقومونَ على الطلاَّبِ. كُلُّ هذا مَحلُّ اطمئنانٍ تامٍ من قِبل ِالآباءِ، فالحمدُ للهِ على ذلكَ. بالإضافةِ إلى مجانيةِ التعليمِ من الصفِّ الأولِ الابتدائيِّ إلى الانتهاءِ من الدراساتِ العُلْيا.

لا بُدَّ أنْ نستشعرَ هذِه النعمَ ونشكرَ الكريمَ عليها سبحانُه.
نسأل الله تعالى أن يجعل هذا العام الدراسي من أبرك الأعوام وأن يعين ويسدد الخطى إنه خير مسئول.
باركَ اللهُ لي ولكم بالقرآن العظيم.....

الخطبة الثانية
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمَينَ، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وُرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً.

عبادَ اللهِ:
قبلَ أيامٍ مرَّ إعصارُ (إيرمَا) الذي دَمَّرَ بعضَ سواحلِ دولِ البحرِ (الكاريبي) وبعضَ ولاياتِ أمريكا، والذي خَلَّفَ دَمَارًا كَبِيراً، وأصابَ العالَمَ بالذهولِ والهَلَعِ, إن هذا الإِعصارَ لهو أعظمُ دليلٍ على قُدْرةِ الخالقِ العظيمِ سبحانَهُ، ذلكَ أنَّهم عَلِموا يقينًا بِمَجِيئهِ، وعَلِموا تمامًا حَجمَ الدَّمَارِ الذي سَيُخَلِّفُهُ، لكنْ يا تُرى ماذَا فَعَلوا اتقاءَ شَرِّهِ، والتقليلِ مِن خَطَرِهِ؟ يا تُرى هَلاَّ استعانوا بقواتٍ أجنبيةٍ لرَدِّهِ؟ وهلِ اسْتُجْلِبَتْ بَارجاتٌ حَربيةٌ أوْ قاذفاتُ صَواريخِ أوْ بَطارياتُ تَصَدِّي، للحَدِّ منْ قُوتِهِ؟، وهلْ قَاموا باسْتقطَابِ مُفكِّري العالَمِ، وخُبراءِ الحروبِ للتقليلِ منْ شأْنِهِ؟! أمْ هلِ ابتكَرُوا برامجَ حَاسُوبِيةٍ أوْ أجهزةَ الإنذارِ التي تُعِيقُ حركَتَهُ وتُشَتِّتُ قوَّتَهُ؟! كُلُّ ذلكَ لَم يَحدُثْ! بلْ إنَّ غايةَ ما فَعلُوهُ، هو إجراءُ بعضِ التدابيرِ الوقائيةِ في التَّقلِيلِ منْ حَجْمِ الدَّمَارِ الذي سَيُخَلِّفُهُ والتي يُمكِنُ أنْ يُحْدِثُهَا هذا الإعصارُ عبرَ إِجْلاءِ السُّكَّانِ القَاطِنِينَ على السَّواحِلِ ووضْعِهِمْ في أَمَاكِنَ أكثرَ أمَانًا.

عبادَ اللهِ: الآياتُ والحوادِثُ والكوارثُ والنُّذُرُ كثيرةٌ ومتنوعةٌ، فهيَ بينَ رِيحٍ مُدَمِّرٍ، وبينَ مَوجٍ وفيَضَانٍ عاتٍ, وتارةً عبرَ زلزالٍ مروعٍ، وخَسْفٍ مُهلِكٍ, أو أمراضٍ مُستعصِيةٍ وأَوبِئةٍ مُنتشرةٍ، وتارةً عبرَ حروبٍ طاحنةٍ, قالَ أحكمُ الحاكمينَ: ﴿ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ﴾ [المدثر: 31].
ويقولُ سبحانَهُ وتَعَالَى: "وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا"، قالَ قَتَادَةُوَإِنَّ اللَّهَ يُخَوِّفُ النَّاسَ بِمَا شَاءَ مِنْ آيَةٍ, لَعَلَّهُمْ يَعْتَبِرُونَ، أَوْ يَذَّكَّرُونَ، أَوْ يَرْجِعُونَ).

إنَّ هذهِ الكارثةَ الَّتي مَرَّتْ -أيها الأخوةُ-لا ينبغِي أنْ تَمُرَّ دونَ أنْ نَأخذَ منها بعضَ الدروسِ والعبرِ، ولَعلَّ من أهَمِّهَا: قدرةُ العَليمِ القديرِ على تَصرِيفِ الكونِ وتدبِيرِهِ؛ فإنهُ لا رَادَّ لقضَائِهِ، ولا مُعَقِّبَ لحكْمِهِ، وأنهُ سبحانهُ إذا قضَى أمرًا فإنما يَقولُ لهُ كُنْ فَيكُونُ، وواللهِ لوِ اجتمعَ أهلُ الأرضِ كُلُّهُمْ معًا ما اسْتطَاعوا أنْ يَرُدُّوا شيئًا أو أَمْراً قَدْ قدَّرَهُ اللهُ تعالى.
ومِنها: أخذُ العِبرَةِ والعظةِ؛ وذلك أنَّ العبدَ يَرَى هذا العَجزَ العظيمَ للبشَريةِ، في وقتٍ وصَلَتْ قدرةُ البشَرِ في اختِرَاعَاتِهَا وإنجَازَاتِهَا، شيئًا لمْ يَصْلْ أحدٌ مِنْ قبلُ إليهِ.

فقدرةُ اللهِ لا حَدَّ لَها، فالكَونُ كُلُّه بإنسِهِ وجنِّهِ وأرضِهِ وسمائِهِ وهوائِهِ ومائِهِ وبَرِّهِ وبحرِهِ وكواكِبِهِ ونجُومِهِ وكلِّ مخلوقَاتِهِ مَا عَلِمنَا منها ومَا لَمْ نَعلَمْ، كُلُّهَا مُسَخَّرَةٌ بأمرِهِ سبحانَه.
أيها المؤمنونَ: مِن أعْظَمِ مَطالِبِ الدنيا: كِفَايةُ الْهَمِّ. ومِن أعظَمِ مطالِبِ اﻵخرةِ: غُفْرَانُ الذَّنْبِ. وهُمَا مَضْمُونَانِ بالصلاةِ على النَبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" إِذَنْ تُكْفَى هَمَّكَ، وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ", اللهمَّ صلِّ على محمدٍ...

اللهم آمنا في أوطانِنا، وأدمْ نعمةَ الأمنِ والاستقرارِ في بلادِنا، اللهم اجعلْ هذا البلدَ عزيزاً شامخاً رخاءً يا رب العالمين.
اللهم اكْفِنا بمنكَ وكرمكَ كلَّ من يريد سوءًا لهذِه البلادِ ولجميعِ بلادِ المسلمينَ. اللهم ردَّ كيدَه في نحرِه واجعلْ تدبيرَه تدميرَه وافضحه للعالمينَ يا عظيمُ يا ذا البأسِ الشديدِ..
اللهم وفق إمامَنا لما تحبُ وترضى وخذْ بناصيته للبرِ والتقوى، اللهم وفقه لهداك، واجعل عملَه في رضاك، وهيئ له البطانةَ الصالحةَ الناصحةَ التي تدلُه على الخيرِ وتعينُه عليه، واصرفْ عنه بطانةَ السوءِ يا ذا الجلالِ والإكرامِ.
اللهم تقبلْ منَّا صالحَ العملِ واغفرْ لنا الذنبَ والزللَ نحن ووالدينا وجميعَ المسلمين. وآخر دعوانا أن الحمد الله رب العالمين.
وصلى الله وسلَّمَ على نبينِا محمدٍ.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 61.80 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 60.08 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (2.77%)]