من هدي حديث نبوي شريف .. اللهم اجبرني "   
        
 
 
      د. خالد رُوشه  
 
 
 
 
 
 
 
 
  كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه مسبحا : " سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة " أخرجه أبو داوود والنسائي .
  
 
 وكان يدعو بين السجدتين يقول : " اللهم اغفر لي وارحمني واجبرني واهدني وعافني وارزقني " أخرجه أحمد وابو داود
 
 
 
 إنه هو الجبار سبحانه .. فابشر واستبشر بكل خير , " أنا عند ظن عبدي بي " , " العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون "
 
 
 واسمه سبحانه الجبار يجمع  ثلاثة معان هي الملك الذي يجبر كسر عبيده ,  والقهرفوق العباد , والعلوعلى  الخلق , يقول الطبري : "الجبار يعني المصلح  أمور خلقه، المُصَرِّفهم فيما  فيه صلاحهم" , ويقول الخطابي : "الجبار هو  الذي جبر مفاقر الخلق، وكفاهم  أسباب المعاش والرزق" , ويقول السعدي : " هو  بمعنى العلي الأعلى، وبمعنى  القهار، وبمعنى الرؤوف الجابر للقلوب المنكسرة،  وللضعيف العاجز، ولمن لاذ  به ولجأ إليه "
 
 
 فهو سبحانه جبار جبر قوة , يقهر الجبابرة ويغلبهم بجبروته وعظمته، فكل جبار فهو تحت قهر الله عز وجل وجبروته وفي يده وقبضته.
 
 
 وهو سبحانه جبار جبر رحمة , يصلح حال عباده , فيجبر الضعيف و الكسير والحزين والفقير وغيرهم .
 
 
 وهو سبحانه جبار جبر علو , فإنه سبحانه عال فوق خلقه وهو قريب منهم يعلم ما يسرون وما يعلنون .
 
 
 فاسمه سبحانه الجبار يرجع  إلى كمال القدرة والعزة والملك ، فجمع بين  القهر والقسر والإرغام ,  والإصلاح والرحمة , والعز والمنعة والعلو .
 
 
  فلا تحزن ايها العبد  المؤمن , ولا تتألم ايها المنكسر الضعيف , ولا تيأس  ايها الوحيد الغريب ,  ولا تبك ايها الفقير المعوز , ولا تهتم ايها العائل  المحزون , ولا تبتئس  ايها المظلوم المحروم , فإن ربك هو الجبار سبحانه ..
 
 
 سيذهب حزنك , ويجبر كسرك ,  ويزيل يأسك , ويؤنس غربتك , ويطمئن وحدتك .  سيغنيك بعد فقر , ويسترك بعد  عري , ويسعدك بعد هم , ويقويك بعد ضعف ,  وينصرك بعد ظلم .
 
 
 ويا أيتها الأمة الإسلامية المنكسرة المستضعفة , سيجبرك جبار السموات والأرض إن أنت اصلحت ونصرت وعدت إليه .
  
 
  
إنه سبحانه يجبر كسر القلوب كما يجبر كسر الابدان , إن هي آمنت به وافتقرت إليه ووثقت به وتوكلت عليه .
 
 
 والحياة كلها آلام ,  وفرقة , وانكسارات , وابتلاءات , وصراعات , لكن  الجبار سبحانه يرحم عباده ,  فيرأب الصدع ويلم الشمل ويغني الفقير ويجبر  الكسير ويعطي المحروم ، لذلك  فكلما جئته من باب الخضوع والتذلل والإنكسار  جبر كسرك ولمَّ شعثك ورأب  صدعك واعزك .
 
 
 
 والجبروت بمعنى :  الكبرياء والعز والعلو، وهو لله سبحانه وحده ، فالله  قاهر الجبابرة  بجبروته سبحانه , أما الخلق، فموصوفون بصفات النقص , بل قد  توعد الله  الجبابرة بالعذاب والشديد ، قال سبحانه :" وَاسْتَفْتَحُواْ  وَخَابَ كُلُّ  جَبَّارٍ عَنِيدٍ , مِّن وَرَآئِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِن  مَّاء  صَدِيدٍ , يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ  الْمَوْتُ  مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِن وَرَآئِهِ عَذَابٌ  غَلِيظٌ"  .
 
 
 ولاستحقاق الجبر منه  سبحانه لكسرنا ومداواة آلامنا يجب علينا تحقيق  التوحيد به , فلا يشرك به  ابدا , وتطهير القلوب من شبهات الشرك ، ثم  التسليم لقضائه , والرضا بقدره ,  إذ لا معقب لحكمه , ولا راد لقضائه , فما  شاء كان ومالم يشأ لم يكن , "  قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا  وعلى الله فليتوكل المؤمنون "
 
 
  كذلك الفقر إليه سبحانه ,  والتبرؤ من الحول والقوة , " فلا حول ولاقوة إلا  بالله " , وكلما كان  المؤمن أكثر افتقارا لربه كان أقرب إليه , " فاقرب ما  يكون العبد من ربه  وهو ساجد "
  واليقين أن الحياة لا  تصلح إلا بمنهجه سبحانه , فالعدل كله والرحمة كلها  والعلم كله والصلاح كله  في منهج الله , " ألا يعلم من خلق وهو اللطيف  الخبير " .
  
ثم اللجوء إليه عز وجل , والتوكل عليه , والاعتماد عليه , والاستنصار به ,   والدعاء له دعاء مخلصا , والتذلل له , والتضرع على بابه , والاكتفاء به  حسب  ونصير ووكيل , " الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم   فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل , فانقلبوا بنعمة من الله   وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم "