|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() خطبة تربوية: تذكير الأولياء برعاية الأبناء أ. عبدالعزيز بن أحمد الغامدي الخطبة الأولى عباد الله، إن نعمَ الله على الناس لا نستطيعُ عدها، قال الله تعالى: ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النحل: 18]. ومن أعظمها نعمةُ الذرية، قال الله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ﴾ [النحل: 72]. وكما أن الأولاد نعمة من الله تعالى، فهم أمانة عظيمة لدى الآباء والأمهات والأولياء، وحق الأمانة أن تُحفظ فلا تضيَّع، وأن تُصان فلا تُهمل، وأن تُراعى فلا تُغفل، قال الله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6]، وهؤلاء الأولاد صلاحهم ينفع في حياة الوالدين؛ وبعد موتهما، ففي صحيح مسلم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: علمٍ نافع بعده، وصدقةٍ جارية، وولدٍ صالح يدعو له)). أما إذا فرّط الوالدان في تربيتهم لأولادهم فإنهم ربما صاروا شراً عليهم، ولحقهم من وبال انحرافهم؛ ونالهم من شؤم معاصيهم؛ في الدنيا الآخرة. فالقيام بالجانب الديني تجاه الأولاد أعظمُ واجب شرعي في حقهم، قال الله تعالى عن لقمان مخاطبا ابنه: ﴿ يَابُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ ﴾ [لقمان: 17]، وهذا نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - يوصي ابنَ عباس رضي الله عنهما وهو صغير فيقول له: ((يا غلام، إني أعملك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله)) رواه الترمذي. أيها الأب الكريم، إن تربية الأولاد - بنين أو بناتٍ - تبدأ من صغرهم، تبدأ من سنينهم الأولى، بأن يسمعوا من الوالدين القولَ الطيب، ويروا منهم الفعلَ الحسن؛ فالواجب على الوالدين والأولياء أن يكونوا قدوةً حسنة؛ لتنفعَ نصائحُهم وتجديَ توجيهاتُهم، فإن القدوةَ من الأبوين أعظمُ مؤثرٍ في سلوك أبنائهم وبناتهم. أيها الأب المبارك، الولد يتربَّى في حجرك، فاتق الله فيه، وراعِ أخلاقَه وسلوكه من صغره، فعوِّده على فعلِ الخير، وأسمعه كلمةَ الخير، وتعاهده في كلِّ مراحله، إذ لا بد لك من تعاملٍ خاص لكل مرحلة، فتعاملُك معه في طفولته غيرَ التعامل فيما يسمى بمرحلة المراهقة، وكذلك التعامل فيما بعدها، فلا بد للأب في تربيته أن يراعيَ مراحل الابن والبنت في التوجيه والتربية والإعداد الحسن. وإن أعظم ما يؤمرُ به الأولادُ ذكوراً وإناثاً هذه الصلاة؛ فيُهتَمُّ بتعليمهم وتدريبهم عليها قبل بلوغِهم؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مروا أولادكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع)) رواه أبو داود وصححه الألباني. فالمكلَّف بهذا الأمر هو الولي، فإذا لم يأمره في هذه السن كان الإثم عليه وليس على الولد لأنه لم يبلغ. وبعد دخول الأولاد المدارس لا بد من رعايتهم، وعونهم في هذه الدراسة وتشجيعهم، ولا بد من السؤال عنهم، وعن حالهم وأخلاقهم ودراستهم، وأصحابهم. ثم يُتْبَع هذا الاهتمام بالثناء على الأمر الحسن، وإصلاح الأخطاء بحكمة وبصيرة وإقناع. ولا بد أيها الأب الكريم أن تهتمَّ بالبنت اهتماماً عظيماً، فتهتمَّ بتوجيهها، وتهتم بسترها وعفافها وحشمتها، وتربيتها، وتزوجها من تتأكد أنه أهلٌ لحمل هذه الأمانة؛ ممن يجمع بين الخلق والدين. ومما أُمر به الآباء والأمهات والأولياء الحيلولةُ بين الأولاد والمؤثرات الضارة، بإبعادهم عن جلساء السوء وقرناء الشر، فإن قرين السوء هو الهلاك المحقق، ويُنتبه إلى أن في هذا الزمان أصبحت وسائلُ التواصل الحديثة أصبحت من أقرب الجلساء المؤثرين، فالواجب على الوالدين القرب من أولادهم وإحاطهتم بالجو التربوي النظيف، وأن نجنبهم كلَّ ما يحمل المبادئ الهدامة؛ سواء التي تحمل على تضييع الدين والأخلاق الفاضلة، أو تلك التي تحمل على الغلوِّ في الدين، فإن هذه المؤثرات تفسد القلوب، وتهدم الأخلاق، وتجعل الشُبّان أرِقَّاء الشهوات والشبهات، منحرفي الأخلاق والصفات. وعلى الآباء والأمهات الصبرُ والاحتمالُ لأولادهم؛ والعفوُ عنهم؛ والتنازلات فيما ليس فيه ضرر أو حرام، فإن ذلك أدعى لبِرهم، واستقامتهم وصلاحهم. وليحذر الوالدان من الدعاء على الأولاد؛ بل الواجبُ الدعاءُ لهم، روى مسلم من حديث جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تدعوا على أنفسكم؛ ولا على أولادكم؛ ولا على خدمكم؛ ولا على أموالكم)). اللهم وفق ابناءنا وبناتنا؛ وأقر أعيننا بصلاحهم واستقامتهم. الخطبة الثانية اعلموا - عباد الله - أن أولادكم ومن ولاكم الله أمره أمانةٌ في أعناقكم، ومسؤولية عليكم، ففي الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)). وبيّن النبي - صلى الله عليه وسلم - عظم تأثير الأبوين على أولادهم؛ فقال: ((ما من مولود إلا ويولد على الفطرة، فأبواه يهوِّدانه أو ينصِّرانه أو يمجِّسانه)). أيها الأب المبارك، يشتكي البعضُ من الآباء والأمهات بعد كبر الأبناء والبنات إذا رأوا من بعض أبنائهم أو بناتهم جفاءً وإعراضاً وسوءَ أفعال، ولو رجع الأبُ إلى نفسه لعلم أنه ربما كان سببا في ذلك بإهمال تربيتهم بطريقة صحيحة في الصغر، وربما ذلك بسبب اشتغاله بالدنيا، وربما شغله جلساؤه عن أبنائه وبيته، حتى فقد البيتُ الأبَ الحنون الرقيب الناصح. أيها الأب الكريم، قد يُبتلى بعضُ الأبناء بأخلاقَ منحرفة، أو يُبتلى بما يبتلى به، فاعلم - أيها الأب الكريم - أنك مسؤول أمام الله، فحينما ترى أيَّ خطأ من ابنك فحاول العلاج مبكراً، ولا تترك الخطأ يتمكَّن من نفسه. إن الأخطاءَ التي تقع من الأبناء والبنات الغالبُ أن سببَها تقصيرٌ وإهمالٌ من الآباء والأمهات، وعدمُ يقظة، فالواجب الاتصال الفعّال بالأبناء والبنات، والاختلاطُ بهم دائماً حتى تكون معهم صاحبا محبوبا لهم، يشاركونك في أكلك، يشاركونك في جلوسك، تعلَمُ حالهم وتطمئنُ إليهم، ولابد أن تَظهر منك الرحمةُ والشفقة عليهم، مع العناية بالتربية، وتعدل فيما بينهم، وتربيهم على ما يُصلح دينَهم ودنياهم، وتهيؤهم لمستقبلهم كأزواج ومسؤولين عن أنفسهم، وكما تحذر من التدليل الزائد فاحذر من القسوة الشديدة فلربما نفروا منك، واحذر من إهمال متابعتهم وتوجيههم فذلك يسهل لهم الوقوع في الخطأ، فلا بد أن يشعروا منك بشفقة وحنان، ثم يشعروا منك بأنك الأبُ الحنون الحازم، المهتمُّ بشأنهم، المعتني بأخلاقهم ومصلحتهم، فتلك - أخي المسلم- من أسباب الصلاح بتوفيق من الله، والله جل وعلا قد رتَّب الأسباب على مسبباتها، فمن تعاطا الأسباب النافعة تحقَّق له الخير بتوفيق من الله. وفي الختام نذكر ونوصي الأبناء بالرفق بآبائهم وأمهاتهم، والتقرب إلى الله ببرهم والسعي في رضاهم، وليدركوا ذلك قبل أن يتفاجؤوا بموتهم، وأن يتحملوا ما يصدر من آبائهم من قسوة أحيانا أو عتاب؛ وقد يخطؤون في الأسلوب ربما؛ وليعلموا أنّ حقهم عند الله عظيم - حتى لو أخطأوا - وليعلموا أن ما حصل منهم بسبب حرقتهم عليهم وعلى مصلحتهم ومستقبلهم ودينهم، وليكونوا على يقين من محبة والديهم وإن قصروا في إظهار وإعلان هذه المحبة. اللهم وفقنا لبرِّ آبائنا وأمهاتنا، وارحمهم كما ربونا صغاراً. ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |