|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() تأملات في خلق الله أ. عبدالعزيز بن أحمد الغامدي الخطبة الأولى عباد الله، إن مَن يتدبر في ملكوت الله في هذا الكون الذي نعيش فيه ونتقلب في نعم الله فيه؛ يستدلْ على وحدانية وكمال ربوبية الله؛ وكمال قدرته وعظمته؛ وكمال حكمته ورحمته، والله يخلق ما يشاء ويختار. إخوة الإيمان، إن الله عليٌّ بذاته، كامل في صفاته، عليمٌ قدير، خلق السماوات والأرض، وما بينهما، في ستة أيام، فما ناله من تعب ولا لغوب، إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون، ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّماوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا ﴾ [فاطر: 44]. إنّنا حينما نتأمل بعضا من صفات الله - جل وعلا -، ونتدبر قدرة الله في خلقه وإبداعه؛ نزداد إيمانا مع إيماننا، ونحظى بذكرى تقود إلى خشية الله ومحبته، ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّماء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة: 164]. نجوم وكواكب؛ علامات وتزين السماء ؛ سيّارة في نظام بديع؛ وملايين السنين الضوئية؛ وتوازن أذهل كل من عرفه، واطلع عليه، من علماء وبشر من مسلم وكافر، أقسم الله بمواقعها ﴿ فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ﴾ [الواقعة: 75]. في السماء ملائكة لا يحصيهم إلا الله فما من موضع أربع أصابع إلا وفيه ملك قائم لله - تعالى -، راكع أو ساجد، يطوف منهم كل يوم بالبيت المعمور في السماء، سبعون ألفا، لا يعودون إليه إلى يوم القيامة؛ كما في الحديث الصحيح. وفي الأرض أنواع من الدواب لا يحصيها إلا الله - تعالى - الذي خلقها ويرزقها، ويعلم مستقرها ومستودعها، وهي تسبح لله:﴿ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ﴾ [الإسراء: 44]. ومن قوته وعظمته سبحانه: أن الأرض وما فيها قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه، قال - صلى الله عليه وسلم - وهو يخطب على المنبر:[يقبض الله الأرض ويطوي السماء بيمينه، ثم يقول: أنا الملك فأين ملوك الأرض؟] ثم قرأ عليه الصلاة والسلام على المنبر ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سبحانه وتعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [الزمر: 67]. عباد الله، الطبيب مَن أرداه! المريض وقد يأس مَن عافاه! الصحيح من بالمنايا رماه! والأعمى من يقود خطاه! الجنين في ظلماتٍ ثلاثٍ من يرعاه! الثعبان من أحياه والسم يملأ فاه! العسل من حلاه! اللبن من بين فرث ودم من صفّاه! الهواء تحسه الأيدي ولا تراه من أخفاه! النبت في الصحراء من أرباه! النخل من شق نواه! الجبل من أرساه! الصخر من فجر منه المياه! البحر من أطغاه! الليل من حاك دجاه! الصبح من أسفره وصاغ ضُحاه! العقل من منحه وأعطاه!. الجبار من يقصمه! المظلوم من ينصره! المضطر من يجيبه! الضال من يهديه! الفقير من يغنيه! من خلقك يا ابن آدم! من صورك وشق سمعك وبصرك! من سواك فعدلك! من أطعمك ورزقك ومن آواك ورزقك؟! إنه الله! إنه الله! الذي أحسن كلَّ شيء خلَقَه لا إله إلا هو ﴿ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ ﴾ [النمل: 88]. نفعني الله وإياكم بهدي كتابه.... الخطبة الثانية عباد الله، ما من دقيق ولا جليل، ولا خفي ولا جليٍّ، في الأرض ولا في السماء إلا وقد أحاط الله به علما ﴿ وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ﴾ [الأنعام: 59]. كيف سخر الله الشمس والقمر دائبين لمصالح الناس بانتظام بديع، وسير سريع، لا يخرجان عن فلكيهما قدر أنملة. اختلاف الليل والنهار؛ طولا وقصرا، وبردا وحرا، ﴿ اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ ﴾ [غافر: 61]. وهذا خلق الإنسان ذكر الله أطواره في القرآن - قبل الاكتشافات الحديثة -؛ كما في قوله تعالى ﴿ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ﴾ [المؤمنون: 14]. فنخرج للدنيا لا نعلم شيئا، فيرزقنا الله وسائل العلم: ﴿ وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [النحل: 78]. تأمل! البحر العظيم وما فيه من أسرار وكائنات: ﴿ وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَّحْجُورًا ﴾ [الفرقان: 53]. ينزّل المطر على أرض قاحلة، فتصبح بعد ذلك رابية مخضرة: ﴿ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾[فصلت: 39]. تأمل! يحرك الله الرياح فيجعلها رخاءً وبشرى بين يدي رحمته، ولواقح وذاريات، أو يحرك الريح فيجعلها عذابا في البحر، وعقيما صرصرا في البر: ﴿ هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ ﴾ [لقمان: 11]. من آيات الله: ذلك السحاب المسخر بين السماء والأرض: ﴿ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاء ﴾ [الرعد: 13] ينشئوه الله إذا أراد، ويفرقه كيفما يشاء: ﴿ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاء مِن رِّزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ [الجاثية: 5]. انظر - يا عبد الله -: انظر إلى ما أودعه الله في الأرض من كنوز عظيمة وجنات سخرها لبني آدم: ﴿ وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ [الرعد: 4]. انظر إلى هذه الدواب على هذه الأرض صغيرها وكبيرها، فيها القوي والضعيف، والضار والنافع، خالقنا وخالقهم ورازقنا ورازقهم ربنا وحده سبحانه وتعالى: ﴿ وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ﴾ [هود: 6]. فسبحان من قدر فهدى! وخلق فسوى، ﴿ ذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾ [الأنعام: 102]. اللهم اجعلنا من المعتبرين بآياتك، الواصلين إلى مرضاتك، المؤمنين بك، الموحدين لك، المتوكلين عليك، العابدين الخاشعين، الحامدين الشاكرين، المسبِّحين المستغفرين.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |