|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() بيت المقدس والمسجد الأقصى يحفظه الله جل جلاله الشيخ فؤاد بن يوسف أبو سعيد إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]. ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]. ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]. أما بعد؛ فإن أصدق الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار. أعاذنا الله وإياكم من النار، ومن كل عمل يقرب إلى النار، اللهم آمين. عباد الله؛ قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [البقرة: 114]. وقد قرن الله سبحانه وتعالى المسجد الأقصى بالمسجد الحرام فقال جلَّ جلاله: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الإسراء: 1]. فالمساجدُ بيوتُ الله سبحانه وتعالى، وأوَّلُ بيت وضع للناس، المسجدُ الحرام، في مكَّةَ المكرمةِ المشرفةِ المقدسة، حفظها الله سبحانه وتعالى، رغم تعرضِها لاعتداءات من البشر، ورغم تعرضها لسيولٍ من المطر، حفظها الله سبحانه وتعالى، وليس شرطًا حفظُ الحجارة، لكنْ حفظُ المكان والمكانة؛ حاول أبرهةُ أن يهدمَها فهُزِم، وحاول غيره أن ينقضها فلم يفلح. وكذلك المسجد الأقصى، المسجد الذي كان أولى القبلتين، وثاني مسجد وضع للناس في الأرض بعد المسجد الحرام، وثالث مسجد تشد الرحال إليه، فالصلاة في المسجدِ الحرام بمائة ألف صلاة، وفي مسجد النبي صلى الله عليه وسلم بألف صلاة، والمسجد الأقصى الصلاة فيه بخمسمائة صلاة، والأصح مائتين وخمسين صلاة. والمسجد الأقصى تعرَّض عبرَ التاريخ لاعتداءاتٍ من الكنعانيين الكافرين، العربِ الذين سكنوا بلاد الشام قديما، وتعرض المسجد الأقصى أيضا إلى اعتداءات من الفرس، بقيادة نبوخذ نصر أو بخت نصر، ثم بعد ذلك؛ ولوجود الفساد والإفساد في هذا البلد يهلك الله المفسدين، ويستبدلهم الله بخير منهم ويبقى الأقصى، فالأقصى لا يقبل أهل الفساد، ويلفظ أهل الإفساد. الأقصى، بيت المقدس، الأرض المباركة، أرضُ الشام، والأرض لا تقدِّس أحدا، فإذا جاء من يفسد فيها ويسفك الدماء أزاحه الله سبحانه وتعالى واستبدله، طالت مدة الاعتداء أم قصرت. ثم سلَّمه الله سبحانه وتعالى في كل مرة، حتى جاء دور المسلمين، وصار المسجد الأقصى إليهم، وبقي في أيديهم من عهد عمرَ رضي الله تعالى عنه إلى عشراتِ أو مئات السنين، ثم تلهَّى المسلمون بالدنيا، وانشغلوا بالشهوات وجمعِ الأموال فسُلب منهم، سلبه الصليبيون، وبقي معهم ما يقرب من تسعةِ عقود، حتى استخلصه القائد السلطان صلاح الدين الأيوبي رحمه الله تعالى. ورجع إلى المسلمين مرة أخرى ثم سُلب منهم، قبل عشرات السنين، في الـ (48م) إلى يومنا هذا، وفي هذا الزمان الذي نعيشه؛ ترون بني صهيون واليهود والإسرائيليون ماذا يفعلون؟ وربما جماعاتٌ من المسلمين والمسلماتِ، توجهوا إلى الصلاة الآن في هذه الساعة وهذه اللحظات إلى المسجد الأقصى، ولكنهم وهذه هي الحقيقة محبوسون خارج أسوار المسجد، ممنوعون من الدخول، وممنوعون من الصلاة، ومعرضون للضرب أو القتل أو السجن، أو الاعتداء عليهم بالسبّ والشتم...، هذا إن كانوا قد فتحوا لأحدٍ ليدخل، فقد أغلقوه قبل ذلك، وفتحوه وأغلقوه، وهكذا، هذه الأفعال المشينة تحدث من عشرات السنين وهو بين أيديهم، وهم يعيثون في الأرض الفساد. الأقصى هو الأقصى؛ حرره اللهم من براثن الصهاينة، هو بين أيديهم الآن، مكتّفٌ مكبَّل، يفعلون به وبالفلسطينيين ما شاءُوا؛ فقتْلُ النساء والأطفال مستمر، ربَّما بعد أن نذهب الآن بعد صلاة الجمعة إلى بيوتنا، وننظر إلى وسائل الإعلام، ننظر مَنْ جُرح؟ ونرى كم قُتل؟ ونسمع عمَّن أُسر؟ تَرمَّلَت كثير من نساء المسلمين، وقُتل الكثير، إن شاء اللهُ سبحانه وتعالى تكتبُ لهم جميعا الشهادة، كلّ من مات على كلمة لا إله إلا الله، تكتبُ له شهادةُ عامَّة، أو شهادةٌ خاصّة، شهادةُ دنيا وأخرى، أو شهادة دنيا فقط، أو شهادة أخرى فقط. عباد الله! إذن ما المخرج من هذا؟ ما هو المطلوب منا يا عباد الله؟ أقسم باللهِ إنَ المطلوب منا ليس بكثير، وليس بالصعب أو العسير، إنه أسهلُ ما يكون، وفي الوقت نفسه؛ إنه أثمنُ ما يكون، وإنه أنفعُ ما يكون، ولكنه أقوى ما يكون، إنه التوجه إلى الله وحده لا شريك له بقلوبنا، وبالإيمان بالله وحده لا شريك له، إنه تجديدُ الإيمان، تجديدُ التوحيد لله عز وجل، تجديدُ العبادة والطاعة، جدِّدها في قلبك، لا تجعلْ العبادةَ عادةً، لكن حاول أن تحوِّلَ العادةَ إلى عبادة، الصلاة والصيام والزكاة، والخيرات والطاعات التي تقدمها عبادة لله عزّ وجل، لا تجعلْها مسألةَ عادة، اجعلْها عبادةً وذلاًّ وخضوعا لله عز وجل، لتنالَ بها الدرجات، واستجابةَ الدعوات، أصلِحْ شأنك مع الله، وأصلِحْ شأنك مع إخوانك المؤمنين المسلمين، من أهلٍ وعشيرة وجيرة، وأقاربَ ومن يعيش معك، أخوك في الدم والوطن، وأخوك العروبة والدين، تنظر إليه بعين الرحمة والأخوة والشفقة. يجب أن نتعالى فيما بيننا عن الكلام البغيض؛ وما بيننا من تباغضٍ وتفرُّق، فلا شماتةَ ونتعالى عن السبٍّ أو اللعنٍ أو الشتم، لا ينبغي أن يكون بيننا مثلُ هذا، بل يجب أن يكون بيننا أمران: التناصح فيما بيننا، وليس التفاضح. والدعاءُ بالخير وليس بالشر. إذا دعوت على أخيك الظالمِ ليلَ نهار هذا يجعله يزيد في ظلمه، لكن ادعُ له بالهداية، لا تدعُ على الظلام، هل دعاؤك يقطع ظُلْمةَ الظلام؟ لا والله! بل أوقد فيه شمعة. فلن يعود لهذه الأمة مجدٌ إلا إذا مشينا وسرنا على تلك الخطى، خطى محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه رضي الله تعالى عنهم، وتبدأ هذه الخطوة بما بدأ به عليه الصلاة والسلام الذي قال: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ! قُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تُفْلِحُوا". التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان (9/ 282، ح (6528)، انظر: الإرواء (834)، ومشكلة الفقر (44). نرجع إلى الله سبحانه وتعالى، وبكلمة (لا إله إلا الله) الخالصة من القلوب، والله تهدُّ بها الحصون، وتُدكُّ بها الجدران، كما أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في آخر الزمان أن المسلمين سينتصرون بالذكر، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ("سَمِعْتُمْ بِمَدِينَةٍ جَانِبٌ مِنْهَا فِي الْبَرِّ وَجَانِبٌ مِنْهَا فِي الْبَحْرِ؟") قَالُوا: (نَعَمْ! يَا رَسُولَ اللهِ!) قَالَ: ("لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَغْزُوَهَا سَبْعُونَ أَلْفًا مِنْ بَنِي إِسْحَاقَ، فَإِذَا جَاءُوهَا نَزَلُوا، فَلَمْ يُقَاتِلُوا بِسِلَاحٍ وَلَمْ يَرْمُوا بِسَهْمٍ، قَالُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ، فَيَسْقُطُ أَحَدُ جَانِبَيْهَا") -قَالَ -أحد الرواة واسمه- ثَوْرٌ: لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا قَالَ-: ("الَّذِي فِي الْبَحْرِ، ثُمَّ يَقُولُوا الثَّانِيَةَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ، فَيَسْقُطُ جَانِبُهَا الْآخَرُ، ثُمَّ يَقُولُوا الثَّالِثَةَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ، فَيُفَرَّجُ لَهُمْ، فَيَدْخُلُوهَا فَيَغْنَمُوا...". [1] فتفتح القسطنطينية بأكملها أمام المسلمين، فيقاتلون دون سلاح، وينصرهم الله دون قتال، فمتى يكون هذا؟! أيكون ويحصل من أمة نائمةٍ عن كتابِ ربها، غير عاملة بسنةِ نبيها صلى الله عليه وسلم؟! أمّة لا تفكِّرْ في معظمها وأغلبها إلاّ في الشهوات المحرمة، والملذات المحرمة! أمة استُدرِجت فانشغلت بما استدرجت له! فمِن هذه الأمة من استدرج لقتل أخيه المسلم ففعل. ومنها من استدرج لجمع الأموال دون تفكير أمن حرام أم من حلال يجمعه! ومنها من استدرج باللعب واللهو والرياضة فجعل كل همه فيها؛ ينام عليها ويستيقظ عليها ويحلم فيها! ومنها من استدرج بالشبكات العنكبوتية فجواله وحاسوبه لا يغلق كلّ أربع وعشرين ساعة ساعة! ومنها ومنها استدراجات كثيرة وقع فيها غالب الأمة! فأين الوقت لطاعة الله؟ أين الوقت لذكر الله؟ وأين كلمة (لا إله إلا الله)؟ أين الدعوة إلى الله عز وجل؟ وإلى توحيده في بيوت الله؟ وأحسنُهم حالا من يفرِّغ نفسه لخطبة الجمعة، خطبة واحدةٍ في الأسبوع، في المسجد فقط، وبقية الأسبوع؛ وقتهم يقضونه على الشاشات عاكفين متفرجين ومصفِّقين، أو على الشبكات العنكبوتية وإليها بعيونهم يحدقون. أمّا مآلُ المسجد الأقصى ونهايةُ بيتِ المقدسِ في آخر الزمان، فما أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عُمْرَانُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ خَرَابُ يَثْرِبَ، وَخَرَابُ يَثْرِبَ خُرُوجُ الْمَلْحَمَةِ، وَخُرُوجُ الْمَلْحَمَةِ فَتْحُ قُسْطَنْطِينِيَّةَ، وَفَتْحُ قُسْطَنْطِينِيَّةَ خُرُوجُ الدَّجَّال» [2]. فهذا يثبت أن بيت المقدس سيعمر في آخر الزمان، ولن يهدم بإذن الله سبحانه وتعالى. وثبت أن «الشام أرض المحشر والمنشر» [3]. وَعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رضي الله تعالى عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ لَنَا: «إِنَّكُمْ تُحْشَرُونَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ تَجْتَمِعُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» [4]. فالحشر إلى بيت المقدس والأرضِ المقدسةِ بالشام آخر الزمان. يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |