سلق التعديلات الدستورية جريمة أخرى للحزب الحاكم فى مصر

[mahmoud eysa]

الخبراء:
إخوان أون لاين - 19/03/2007
نواب الإخوان ينددون بالتعديلات الدستورية ( تصوير: تامر فوزي )





- د. الكتاتني: ما حدث يبرهن على رغبة النظام في تمرير التعديلات بشكلٍ فردي
- د. زهران: الوطني يحاول إخفاء جريمته التي ارتكبها في حق الوطن
- د. الغزالي: التعديلات تخدم رجال الأعمال والحكام الجدد ولا عزاء للشعب
- د. العريان: أقترح تعليق لافتات سوداء للتعبير عن رفض هذه المهزلة

تحقيق- حسونة حماد وسالي مشالي وأحمد القاعود
شنَّت المعارضةُ المصرية هجومًا على مجلس الشعب والحزب الوطني بعد عملية سلق التعديلات الدستورية في أقل من 48 ساعةً رغم خطورة هذه التعديلات ليس على الصعيد السياسي فحسب، وإنما على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والأمني أيضًا، مؤكدين أن ما جرى في مجلس الشعب خلال الساعات الماضية و"فرم" 34 مادةً دستورية في غياب نواب الإخوان والمستقلين يُمثل انتهاكًا صارخًا للوطن وتعديًا على شرفه وكرامته، والتلاعب بمستقبله من أجل مصالح محدودة تخدم بعض الفئات والأشخاص.

وأكد خبراء السياسية ونواب في مجلس الشعب أنَّ ما جرى خلال الساعات الست الماضية بعد مفاجأة رئيس مجلس الشعب بالانتهاء من التعديلات الدستورية قبل موعدها المحدد، وتقديم موعد الاستفتاء عليها بعد أيامٍ قليلة، رغم اعتراضات كل الشعب باستثناء الحزب الوطني، إنما يمثل جريمةً أخرى من جرائم هذا الحزب الحاكم في حق هذا الشعب.

د. محمد سعد الكتاني

حيث أكد د. محمد سعد الكتاتني- رئيس الكتلة البرلمانية للإخوان- أن إسراع الحزب الوطني في مناقشة التعديلات في مجلس الشعب وعدم الاستماع إلى صوت المعارضة، بالإضافة للتكتل الحزبي من أعضاء حزب الأغلبية في المجلس، وتقديم موعد الاستفتاء، كل هذه إشارات تؤكد الرغبة الأكيدة من جانب الحكومة في تمرير التعديلات الدستورية بشكلٍ فردي ومن جانبٍ واحد؛ حيث إن رفض المعارضة ورموز المجتمع، والقوى السياسية المختلفة بالإضافةِ إلى الرفض الشعبي أمر لا يخفى على كل ذي عينين.

ويرى الكتاتني أن 95% من الشعب المصري رافضٌ لهذه التعديلات، ولكن المشكلة أنهم اعتادوا السلبية وعدم المشاركة، واستطرد قائلاً: إن الحكومة لو كانت جادة في السعي لتحقيق إصلاحات لتركت مساحةً للنقاش والدراسة، ولكن ما حدث أنها تجاهلت رأي المعارضة، وأساتذة القانون، والدستور، ومنظمات المجتمع المدني.

وأضاف الكتاتني أن الحزب الحاكم يفتقد أن يكون له دورٌ ملموسٌ أو صوت مسموع في الشارع المصري، وبالتالي فهو يخشى من شعبية المعارضة وإمكانية تأثيرها وقيادتها للشعب وتحركها لتوعية الشعب المصري بمساوئ هذه التعديلات.

د. جمال زهران

من جانبه أكد النائب المستقل د. جمال زهران- أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس- أن إنهاء جلسات المناقشة اليوم (وبعد يوم واحد) بعد أن كان من المقرر استمرارها ثلاثة أيامٍ يشير إلى وجود جريمة يحاولون إنهاءها بأسرع ما يستطيعون، مشبهًا ما يحدث بقاتلٍ يسعى لإخفاء جثة القتيل، وفسَّر د. زهران هذا الإسراع بأن الحزب الحاكم يخشى من غضبة الشعب ويخشى من تحرك المعارضة وتنظيمها لمؤتمرات صحفية ومؤتمرات شعبية، بالإضافةِ إلى انطلاق دعوات لمقاطعة الاستفتاء، أو العصيان المدني، أو الإضراب، أو المظاهرات.

وخاصةً أن المناقشات الأولية للتعديلات أوضحت أنها ضد الديمقراطية، ولتمرير توريث الحكم، بالإضافة إلى احتكار المناصب السياسية وتكريس السلطات في يد رئيس الدولة.

ووصف زهران ما يحدث بأنه جريمة ضد الشعب المصري وضد الديمقراطية، وهذه الجريمة يسعون لها من داخل مجلس الشعب، وأعرب عن توقعه أن تتم الموافقة على الاستفتاء، مبررًا هذا بأن كل الاستفتاءات التي أُجريت في مصر من قبل تمَّ تزويرها.

واتفق سعد عبود- منسق كتلة المستقلين- مع الآراء السابقة، مؤكدًا أن الحكومة عملت على تمرير التعديلات بأي ثمن، واعتبر أن الاعتصام هو أقل ما يقوم به نواب مجلس الشعب المعارضون للتعديلات لإبراء ذمتهم أمام الشعب والتاريخ، مؤكدًا أنهم سيظلون على تمسكهم بالرفض حتى النهاية، ولن يسمحوا لنواب الحزب الوطني أن يحصلوا على أي نوعٍ من أنواع الشرعية لتمرير ما يريدون، معتبرًا أن هذه التعديلات لا تُعبِّر إلا عن وجهة نظر واحدة، وهي وجهة نظر الحاكم.

رجال الأعمال

د. عبد الحميد الغزالي

وفي نفس الإطار أكد د. عبد الحميد الغزالي- المستشار السياسي للمرشد العام- أن هذه التعديلات تأتي لترسيخ الوضع القائم واستمرارية الاستيلاء القسري على السلطة، وبالتالي فإن الإصلاح الذي نحن في حاجةٍ إليه لن يحدث، كما أنها ستصبُّ في مصلحةِ رجال الأعمال الجدد والنظام الحاكم ومَن يسير في ركابه ولا عزاءَ للشعب المصري، مشيرًا إلى أن التعديلات الدستورية هي محاولة لإقصاء جماعة الإخوان عن العمل العام وليس الانتخابات فقط، ولا شك أن ما حدث لرجال الأعمال الشرفاء المنتمين للجماعة ومصادرة أموالهم شاهد على ذلك.

كما أكد الدكتور عصام العريان أن موافقة مجلس الشعب على التعديلات الدستورية المطروحة بهذا الشكل يمثل انقلابًا في الحياةِ السياسية المصرية وتكريسًا لأوضاعٍ قائمةٍ كالاستبداد وقمع الحريات وتزوير الانتخابات، وجعل هذه الأوضاع الاستثنائية أوضاعًا طبيعية، وأضاف قائلاً: نحن لسنا بصدد شيء جديد بل بصدد نفس الإجراءات التي تمارسها الحكومة المصرية منذ خمسين عامًا، ولكن الجديد في هذا الموضوع هو جعل هذه الإجراءات طبيعية.

د. عصام العريان

وقال العريان إن الاستفتاء الذي سيجريه الحزب الوطني الحاكم للموافقة على هذه التعديلات سيُزوَّر كبقيةِ الاستفتاءاتِ السابقة وستكون المشاركة في الاستفتاء ضعيفة جدًّا، مشيرًا إلى أن نسبة المشاركة في الاستفتاء على المادة 76 كانت 53%، بينما كانت نسبة المشاركة في انتخابات رئاسة الجمهورية 23%، مؤكدًا أن ذلك خير دليل على أن التعديلات الدستورية المطروحة معدة سلفًا قبل مناقشتها، رافضًا إطلاق كلمة التعديلات على المواد الدستورية المطروحة للتعديل، واصفًا إياها بالإملاءات الدستورية أو الانقلاب الدستوري.
وأشار العريان إلى أن النظام المصري "المنفرد" لم يلتفت إلى الأطروحات التي قدَّمها الإخوان وغير الإخوان، ورغم أن الإخوان والمستقلين والمعارضة رفضوا المشاركة في مناقشة التعديلات المطروحة باعتبار أن هذه المشاركة ستكون عبثيةً إلا أن نواب الحزب الوطني في مجلس الشعب استمروا في مناقشة التعديلات.

وشدد العريان على أنه يرى شخصيًّا على أن الأسلوب الأمثل لمواجهة ذلك هو مقاطعة التعديلات الدستورية بمختلف الوسائل والطرق الممكنة كرفع شعاراتٍ سوداء رافضة لها أو تنظيم وقفات احتجاجية أو مظاهرات سلمية أو ندوات ومؤتمرات تطالب بذلك، موضحًا أن هذه الأساليب من الممكن أن تكون بارقة أمل في تفعيل دور الجبهة الوطنية للتغيير من جديد، مؤكدًا أن هذه التعديلات بالصياغة التي وافق عليها الحزب الوطني داخل مجلس الشعب ستؤدي إلى كارثة أو كوارث كبيرة.

رفض شامل

وفيما يتعلق بسلق مجلس الشعب للتعديلات الدستورية المطروحة قال جورج إسحاق- أحد منسقي حركة كفاية- إن ما حدث كان متوقعًا؛ لأن النظام الحالي مستبد ولا يقبل الحوار وأن جميع الحورات التي تحدَّث عنها الحزب الوطني لم تؤدِ إلى أي نتائج مرجوة.

جورج إسحاق

وأكد أسحاق أن هذه جريمة في حق الشعب المصري قبل أن تكون في حق الحزب الوطني باعتبار أن هذه التعديلات سوف تقضي على أي بريق أمل للحرية التي يطالب بها الشعب المصري، مطالبًا بضرورة فضح التزوير الذي سيتم يوم الاستفتاء بعد أيام قليلة.

واقترح أن تتوحد كل قوى المعارضة الوطنية على رفع شعار "قاطعوا الاستفتاء"، ونشر هذا الشعار في كل الأماكن التي يتردد عليها الشعب المصري سواء في الشوارع ووسائل المواصلات العامة والجامعات المصرية وتخصيص مكان ثابت وواضح لرفض الاستفتاء في الجرائد الحزبية المختلفة.

ويرى الدكتور ثروت بدوي- أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة- أن اللصوص من رجال الأعمال والمرتمين في أحضان الحزب الوطني هم المستفيدون من هذه التعديلات مقابل حرمان 99% من الشعب المصري من حقوقه السياسية، وأشار بدوي إلى أن المنادين بالحرية والديمقراطية وسيادة القانون هم المقصودون بهذه التعديلات لإسكاتهم والزج بهم في المعتقلات تحت مُسمَّى الإرهاب.