تنبيهات في الصلاة

[ابوالوليد المسلم]

تنبيهات في الصلاة (1)


أ. عبدالعزيز بن أحمد الغامدي





الخطبة الأولى
أما بعد: فإنه يجب على المسلم مع إخلاص العبادة لله؛ تحري الصواب في عبادة الله؛ حتى يتقبلها الله، ألا وإنَّ سبيل ذلك أن يتعلم المسلم أحكام هذه العبادات، ألا وإن الصلاةَ – بعد تحقيق التوحيد - هي أهمُ العبادات التي يجب تعلم أحكامها وشروطها وأركانها ومبطلاتها، كيف لا والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول صلوا كما رأيتموني أصلي )، ويقول - صلى الله عليه وسلم -: (أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة، فإن صلحت صلح له سائرُ عمله، وإن فسدت فسد سائر عمله) رواه الطبراني في الأوسط عن أنس - رضي الله عنه - وصححه الألباني. وأخرج البخاري في صحيحه عن زيد بن وهب قال: رَأَى حُذَيْفَةُ بن اليمان - رضي الله عنه - رَجُلاً لاَ يُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ، قَالَ: مَا صَلَّيْتَ، وَلَوْ مُتَّ مُتَّ عَلَى غَيْرِ الْفِطْرَةِ الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ مُحَمَّدًا- صلى الله عليه وسلم - عَلَيْهَا. في هذا الأثر العجيب من هذا الصحابي الجليل تنبيه إلى خطورة بعض الأخطاء التي تحصل في هذه الصلاة والتي يتساهل بها بعض الناس.

نقف أيها الإخوة الكرام مع موضوع الصلاة؛ وبعض التنبيهات التي يحسن بنا التنبّه لها حول هذا الركن العظيم من أركان الإسلام:
1- قبل تكبيرة الإحرام ليس هناك أيّ ذكرٍ يُشرع قولُه، ومن الأدلة على ذلك عدم ورود ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، بل الأدلة على خلاف ذلك؛ فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: (إذا قمت للصلاة فكبر)، فلم يذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئا من الأذكار يقال قبل تكبيرة الإحرام.

2- النية ركن في الصلاة؛ ولا تصح الصلاة بدونها، ومحل النية القلب، والتلفظ بها بدعة، والنية المطلوبة مع قصد التعبد لله أن ينوي بقلبه ما هي الفريضة التي يصليها؟.

3- في التكبير لا يُقال: (آلله أكبر) ولا (الله واكبر) ولا (الله أكبار)، وكما يُنبّه أن هذه أخطاءُ في الصلاة فهي أيضا أخطاءُ في الأذان، وإنما يُقال: (الله أكبر).

4- الواجب في التكبير وقراءة القرآن وسائر أذكار الصَّلاة تحريك اللسان والشفتين لإخراج الحروف من مخارجها وهذا هو النطقُ الصحيح لها، ومن الخطأ ما يعتقده البعض من أن التكبير والقراءة سرا يعني أنها في القلب، إذ الحقيقة أنه لا قراءة في القلب وإنما هو مجرد تفكير، ولذلك فعدم تحريكِ اللسان والشفتين يعني عدم التكبير والقراءة، وبالتالي فالصلاة باطلة. وينبه هنا أيضًا إلى عدم المبالغة في ذلك فتشوش على غيرك من المصلين.

5- رفع اليدين في الصلاة سنة في أربعة مواضع؛ عند تكبيرة الإحرام؛ وعند الركوع؛ وعند الرفع منه؛ وعند القيام إلى الركعة الثالثة، وينبه إلى أن يكون باطن الكفين إلى القبلة، ولذلك فإن من الخطأ ما يفعله بعض الناس عند قوله (ربنا ولك الحمد) من رفع اليدين على صفة الرفع للدعاء.

6- السُّنَّة وضع اليد اليمنى على ظهر الكف اليسرى والرُّسغ والسَّاعد حال القيام في الصلاة؛ هذا ثابت في الصحيحين وغيرهما، واختلف الفقهاء في موضع اليدين بعد الضم هل يكون على الصدر أو على السُرّة أو بينهما، كما اختلفوا في هل تضم في كل قيام يعني عند قراءة الفاتحة وعند قول: (ربنا ولك الحمد) أم فقط عند القيام للقراءة، ولذا لا نكير في ذلك، لصعوبة الترجيح في هذه الأقوال.

7- المأموم لا يجهر بتكبيرة الإحرام، ولا غيرها من التكبيرات والأذكار داخل الصلاة وإن كان ينطق بها، غير التأمين بعد قراءة الإمام للفاتحة فإن المشروعَ الجهرُ بالتأمين.
أقول ما سمعتم وأستغفر الله.....

الخطبة الثانية
8- دعاء الاستفتاح يقال سرًّا، وكذلك الاستعاذة والبسملة، والسنة الحرص عليها، ويتأكد الأمر في البسملة لارتباطها بالفاتحة.

9- الأفضل والسنة قراءةُ الفاتحة وغيرها من القرآن آية آية ولا توصل الآيات ببعضها، فتقرأ: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ ثم تسكت، ثم تقرأ: ﴿ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾، وهكذا في بقية آيات الفاتحة وغير الفاتحة.

10- التفاعل مع الإمام إنما يكون بما ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومن الأخطاء قولُ بعضِ المأمومين في الصلاة الجهرية حين يقرأ الإمام إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ: (استعنا بالله) ومثل هذا الخطأ: حينما يقول الإمام: استووا، فيقول بعضُ المأمومين: استوينا لله طائعين، ومثل هذا الخطأ: حينما يقول الإمام: الله أكبر، يقول بعض المأمومين: عز وجل. فهذه أذكار اعتادها البعض ينبغي تركها، لأن من القواعد الشرعية في الأذكار أن الواجب على من يتعبد بذكرٍ معيّنٍ في وقت معيّن أن يكون معه دليل على ذلك من الكتاب أو السنة.

11- إذا قرأ الإمام فالواجب على المأموم الإنصات لقراءته، ولذلك فلا يشتغل المأموم بدعاء الاستفتاح بعد شروع الإمام في الفاتحة، فإذا انتهى الإمام من قراءة الفاتحة بادر المأموم بقراءة الفاتحة سرًّا كاملة، حتى لو بدأ الإمام في قراءة ما تيسر بعد الفاتحة، فإذا انتهى المأموم من الفاتحة وقد بدأ الإمام في قراءة ما تيسر بعد الفاتحة فالواجب على المأموم أن ينصت ولا يزيد على قراءة الفاتحة. وإذا أتى مسبوق ودخل في الصلاة والإمام يقرأ فإنه لا يقول دعاء الاستفتاح بعد تكبيرِه تكبيرةَ الإحرام وإنما يُنصت لقراءة الإمام كما أمر الله: ﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الأعراف: 204] وليُعلم أن المشروع في حق الإمام أن لا يطيل سكوته بعد قراءة الفاتحة؛ وإنما يسكت بما يُمَكِّنُه من ترادّ نفَسه. وأما المسبوق الذي دخل وقد انتهى الإمام من قراءة الفاتحة وبدأ يقرأ سورة بعدها فإنه يقرأ الفاتحة مباشرة سرًّا ثم ينصت بعد ذلك لقراءة الإمام.


12- السنة أن يؤمّن المأمومون مع الإمام جهراً. ومن أراد أن يطيل في التأمين فينبغي أن يطيل في آخره لا في أوله، ولذلك فلا يقال: (آآآمين)، وإنما يقال: (آمين)، ومن الأخطاء مسابقة المأمومين لإمامهم في التأمين، ومما يوجب العناية بهذا التأمين ما فيه من فضيلة عظيمة، قال - صلى الله عليه وسلم -: (إذا أمن الإمام فأمنوا؛ فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلاَئِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) رواه البخاري، ومما قال أهل العلم في شرح كيفية الموافقة للملائكة أن يكون المؤمِّن موافقا للملائكة في الصدق في هذا التأمين؛ وفي هذه المناجاة والإقبال على الله أثناء قراءة هذه السورة العظيمة.
أسأل الله أن يوفقنا للتأسي بنبينا - صلى الله عليه وسلم - . اللهم وفقنا لإتمام هذه الصلاة على الوجه الذي يرضيك عنا.