|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() سبحان الله وبحمده أ. عبدالعزيز بن أحمد الغامدي (تأملوا عظمة الله فعظموه) الخطبة الأولى أما بعد: فاللهُ - تبارك وتعالى- أهلُ التقوى والعظمة والكبرياء؛ تفرد بالبقاء؛ وجلَّ عن الشركاء؛ أبدع كلَّ شيء كما يشاء؛ هو أهل التسبيح والتحميد والثناء. سبحانه ما أعظم شأنه؛ سبحانه ما أدوم سلطانه؛ سبحانه ما أوسع غفرانه؛ سبحانه سبَّحت له السماوات وأملاكُها؛ والنجوم وأفلاكها؛ والأرض وسكَّانها؛ والبحور وحيتانها؛ والسادات وعبيدها؛ والأمطار ورعودها؛ والأشجار وثمارها ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ... ﴾. حديثنا عن ربنا وعظمته سبحانه، والحديث عنه أعظمُ وأجمع وأحلى كلام، والقرآن كلُّه جاء في الحديث عنه؛ في عظمته في خلقه؛ وفي أمره ونهيه؛ وفي قضائه وحكمته. إنَّ كثيرًا من الناس حينما ضعف في نفوسِهم تعظيمُ الله؛ اعتدَوا على محارمه وطغوا؛ وفرَّطوا في جنب الله وبغوا؛ فضعفت في قلوبهم هيبةُ الله؛ وتناسَوا سطوةَ الله؛ وتغافلوا عن جبروت الله، روى البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: جاء حَبر من الأحبار إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا محمد إنا نجد أن الله عز وجل يجعل السموات على إصبع؛ والأرضين على إصبع، فيقول: أنا الملك، فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت نواجذه؛ تصديقاً لقول الحَبر؛ ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾. عباد الله؛ انظروا إلى هذه المواهبِ والقُدراتِ والتقنيات والعقولِ لدى المخلوقات؛ إنما هي خَلقٌ من خلقِه؛ ورِزقٌ من رزقه؛ فكيف بقدرة مانحها؟! وعِلمِ مُعطيها؟! وعَظمةِ واهبها؟! ربنا المطلعُ على السرائر والضمائر، وأحاط بالأول والآخِر، والظاهر والباطن ﴿ وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ﴾. ربنا سبحانه علم ما كان وما سيكون؛ وما لم يكن لو كان كيف يكون، الورقة تسقط بعلمه؛ الهمْسة يعلمُها؛ الكلمة تقال بعلمه؛ النية تُعقد بعلمه؛ والقطرة تنـزل بعلمه؛ وكلُّ خُطوة بعلمه. بات نفر من المنافقين يحيكون الدسائسَ للمسلمين فأنزل الله: ﴿ يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ ﴾ [النساء: 108]. عباد الله؛ انظروا إلى عظمة الله سبحانه في كمال قَهرِه وعِزِّه وجبروتِه: سجد لعظمته العظماء؛ ووجِل من خشيته الأقوياء؛ وقامت بقدرته الأرض والسماء؛ يا الله؛ أيُّ عظمة تلك في ملائكتِه؛ وأيُّ خِلْقِةٍ تلك خِلقَتُهم؛ جاء في الحديث الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (أُذن لي أن أتحدث عن مَلَكٍ من ملائكة العرش؛ قرناه عند عرش الرحمن، ورجلاه تخطان في الأرض السابعة، وما بين أُذُنِهِ ومنكبِه مسيرةُ سبعُمائة عام). يا الله؛ هذا ملك من ملائكته؛ عبدٌ من عبيده؛ فكيف بمالك الملائكة سبحانه؟. عباد الله؛ خلق الله نار جهنم؛ وأيُّ شيء تلك هي جهنم؛ تُجَر يوم القيامة بسبعين ألف زمام؛ مع كل زمامٍ سبعون ألفَ ملكٍ يجرونها؛ ما أعظم شفيرها؛ وما أبعد قعرها؛ وما أعظم خِلقتها؛ وما أشد بأسها ﴿ تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ ﴾؛ ومع هذا كلِّه أيُّ شيء هو خوفها من ربها؟! إنها له خاضعة؛ وبين يديه طائعة، في الحديث الصحيح يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لا تزال جهنمُ تقول: هل من مزيد؟! حتى يضع رب العزة فيها قدمَه، فتقول: قطْ قطْ وعزّتك، وينـزوي بعضها إلى بعض). سبحان الله وبحمده ما أعظمه؛ هو المتكبر وحُقّ له؛ فهو شديدُ القهر؛ عليّ القدر، ﴿ إنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ ﴾، ﴿ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ ﴾، من الذي أرغم أنوف الطغاة عداه؛ ومن الذي خفض رؤوسَ الظلمة سواه، أهلك الفراعنة؛ وكسر الأكاسرة؛ وقصر الأقاصرة؛ ومزق الجبابرة، شمخت عادٌ واستكبرت؛ واغترت وعلى العظيم تألّت؛ وقالوا من أشد منا قوة؛ فأجابهم الله قولاً وفعلاً: ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ * فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخرة أَخْزَى وَهُمْ لا يُنصَرُونَ ﴾. عباد الله، تأملوا بإيمانكم في مخلوقات الله حولكم لتروا عظمة الله فتعظموه: ﴿ قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ ﴾. إذا سكن الليل؛ وهدأت العيون؛ وغارت النجوم؛ ذكرنا عظمة الله؛ ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاء أَفَلا تَسْمَعُونَ ﴾. إذا بزغ الفجر وسطع الضياء؛ وأشرقت الشمس؛ ذكرنا عظمة الله؛ ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾. إذا رأينا الجبال الشاهقة ذكرنا عظمة الله؛ ﴿ وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ ﴾. إذا رأينا مملكة النحل وإبداعها؛ ومجموعات النمل وأنواعها؛ وكلَّ ما خلق الله من مخلوقاتٍ عجيبة؛ وحيواناتٍ بديعةٍ وهوامٍ ودوابٍ وفَراشٍ وزواحفَ وطيورٍ وسباعٍ وغيرها، ذكرنا عظمة الله. انظر إلى السماء وهيبتِها؛ والنجوم وفتنتِها؛ والشمسِ وحُسنها؛ والكواكبِ وروعتها؛ والبدرِ وطلعتِه؛ والفضاءِ برحابته؛ لترى ورب الكعبة جمالاً لا ينفد؛ وحسناً لا ينتهي، ﴿ فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ * وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ * يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ ﴾. وانظر – يا عبد الله - إلى نفسك التي بين جنبيك؛ فيا سبحان من خلقك؛ وعلى ما شاء ركبك؛ رزقك؛ وأسمعك وأبصرك؛ وأضحكك وأبكاك؛ وأضعفك وقواك؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ ﴾ بارك الله لي ولكم في القرآن... الخطبة الثانية عباد الله، تأملوا في عظم الله سبحانه في خلق الموت: فالموت مخلوق عجيب؛ فلا من أحدٍ يرعوي؛ ولا يُحتمى منه ولا يُمتنع؛ ﴿ أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ ﴾، ﴿ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ ﴾، هذا هو الموت ﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ﴾؛ يموت الكل إلا واحد؛ نعم؛ إنه الواحد الأحد؛ الذي قضى الفناء لهذه الدنيا؛ ليرث أهلَ الأرضِ والسماء، ﴿ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾. ولا يخلق الموتَ إلا العظيمَ سبحانه، وهذا الموت يُذبح بأمر الله بعد دخول أهل الجنةِ الجنة ودخول أهل النارِ النار؛ كما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - لتكون الآخرةُ هي دارَ الخلود. عباد الله، تأملوا في صمدية الله؛ وإجابته لمن سأله ودعاه: ﴿ قلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ ﴾؛ الله صمدٌ؛ يقصده العبادُ في كل حاجاتهم؛ ويقصدونه إذا اضطربت الأمور؛ ووقع المحذور؛ وضاقت بالحوادث الصدور. الله صمدٌ؛ ترتفع إليه أكفُّ الضارعين؛ تطلبه الغيثَ إذا تأخر نزولُه؛ وتسأله الرزقَ إذا أبطأ حلولُه؛ وترجوه رفعَ الضرِّ إذا خيّم بظِلاله، ومَن للمبتلى إذا اشتدّت بليتُه وادلهمت كربتُه وانعقدت غُمَّتُه؛ من له غير الصمد يشكو إليه، ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ﴾. الله أكبر؛ ربنا قريبٌ سميعٌ مجيب؛ من دعاه وسأله أعطاه؛ ومن توكل عليه كفاه؛ ومن ركن إليه قوّاه؛ ومن اعتزّ به قرّبه واجتباه؛ عرفه الأعرابي في فلاته؛ والسجين في زنزانته؛ والمبتلى في بليّته؛ والمكروب في كربته؛ والفقير في مسألته؛ والجائع في جوعته؛ والمظلوم في مظلَمته، كلُّ هؤلاء وغيرُهم رفعوا إليه أكف الضراعة إليه، فسبحانه ما أعظمه؛ ملاذ السائلين؛ وملجأ القاصدين؛ ومجيب دعوة المضطرين. هذا هو الله تفرد بالبقاء، هذا هو الله آياته ودلالات عظمته مبثوثة في مناحي الأرض وطبقات السماء وذرات الهواء، هذا هو الله عظّمة الصالحون والأولياء؛ فضجوا إليه بالبكاء؛ ومدوا إليه الأيادي بطلب العفو والرحمة والمغفرة والإحسان. فالواجب علينا يا عباد الله أن نعظّم الله سبحانه في قلوبنا وأقوالنا وأفعالنا؛ فنعظمه في امتثال أوامره؛ والقيام بفرائض دينه، ونعظمُه في اتقاء محارمه؛ والبعد عن أسباب غضبه، ونعظم كتابَه؛ وسنةَ نبيه - صلى الله عليه وسلم -، ونحبُّ ما يحب، ونُبغِض ما يُبغِض؛ ونخاف منه سبحانه؛ نخاف من غضبه وسخطه وأليم عقابه؛ ونرجو عفوه وكرمه وفضله؛ فالفضل بيده يؤتيه من يشاء؛ والله ذو الفضل العظيم. اللهم ارزقنا خشيتك، وأكرمنا بعفوك، وجد علينا بفضلك.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |