النفقة على الأقارب - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         أطفالنا مستقبلنا فلنعاملهم برفق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          معالم على طريق طلب العلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          مصابيح الأقلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          الدعاء والذكر عند قراءة القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 7 - عددالزوار : 831 )           »          خواطرفي سبيل الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 45 - عددالزوار : 11168 )           »          احذروا الدنيا فإنها قتالة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          أعرابي في صلاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          قلبٌ وقلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 44 - عددالزوار : 10310 )           »          أربعة أخطار (أخرى) للسكوت على المنكر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          أربعة من أخطار عدم إنكار المنكر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 19-10-2020, 11:42 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 163,005
الدولة : Egypt
افتراضي النفقة على الأقارب

النفقة على الأقارب
الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك






قوله: (تجب النفقة أو تتمتها لأبويه وإن علوا، ولولده وإن سفل، حتى ذوي الأرحام منهم، حجبه معسر أو لا...) إلى آخره[1].
قال في "المقنع": "يجب على الإنسان نفقة والديه وولده بالمعروف إذا كانوا فقراء، وله ما ينفق عليهم فاضلاً من نفقة نفسه وامرأته، وكذلك يلزمه نفقة سائر آبائه وإن علوا، وأولاده وإن سفلوا، ويلزمه نفقة كل من يرثه بفرض أو تعصيب ممن سواهم، سواء ورثة الآخر أو لا، كعمته وعتيقة.
وحكي عنه[2]: إن لم يرثه الآخر فلا نفقة له.
فأما ذوو الأرحام فلا نفقة عليهم رواية واحدة[3]، ذكره القاضي، وقال أبو الخطاب: يخرج في وجوبها عليهم روايتان[4].

وإن كان للفقير وارث فنفقتُه عليهم على قدر إرثهم منه، فإذا كان له أم وجد فعلى الأم الثلث والباقي على الجد، وإن كانت جدة وأخ فعلى الجدة السدس والباقي على الأخ، وعلى هذا المعنى حسبا النفقات إلا أن يكون له أب فتكون عليه النفقة وحده.
ومن له ابن فقير وأخ ومسر فلا نفقة له عليهما، ومن له أم فقيرة وجدة موسرة فالنفقة عليها، ومن كان صحيحاً مكلفاً لا حرفة له سوى الوالدين فهل تجب نفقته؟ على روايتين[5].
ومن لم يفضل عنده إلا نفقةُ واحد بدأ بالأقرب فالأقرب، فإن كان له أبوان جعله بينهما، فإن كان معهم ابن، ففيه ثلاثة أوجه:
أحدها[6]: يقسمه بينهم.
والثاني[7]: يقدمه عليهما.
والثالث[8]: يقدمهما عليه.
وإن كان له أب وجد أو ابن وابن ابن فالأب والابن أحق.

ولا تجب نفقة الأقارب مع اختلاف الدين، وقيل في عمودي النسب روايتان[9]، وإن ترك الإنفاق الواجب مدة لم يلزمه عوضه، ومن لزمته نفقة رجل فهل تلزمه نفقة امرأته؟ على روايتين[10]"[11].
قال في "الحاشية": "قوله: (يجب على الإنسان نفقة والديه وولده بالمعروف إذا كانوا فقراء...) إلى آخره.
الأصل في ذلك الكتاب والسنة والإجماع[12]:
أما الكتاب: فقوله تعالى: ﴿ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة: 233]، وقال تعالى: ﴿ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [البقرة: 83]، ومن الإحسان الإنفاق عليهما عند حاجتهما.
وأما السنة: فقوله عليه السلام لهند: (خُذي ما يكفيك وولدك بالمعروف)[13]، وقوله عليه السلام: (إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وإن ولده من كسبه) رواه أبو داود[14].
وأما الإجماع فقال ابن المنذر[15]: أجمع أهلُ [العلم] على أن نفقة الوالدين الفقيرين اللذين لا كسب لهما واجبة في مال الولد.
وأجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على أن على الرجل نفقة أولاده الأطفال الذين لا مال لهم[16].

إذا ثبت هذا، فإن الأم تجب نفقتها وتجب عليها نفقة ولدها إذا لم يكن له أب، وبه قال أبو حنيفة[17] والشافعي[18].
وحُكي عن مالك: لا نفقة لها ولا عليه؛ لأنها ليست عصبة لولدها.
ولنا[19] قول الله سبحانه: ﴿ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾، وقوله عليه السلام لرجُل سأله: من أبر؟ قال: (أُمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أباك، ثم الأقرب فالأقرب) رواه أبو داود[20]، فإن أعسر الأبُ وجبت على الأم ولم ترجع بها على الأب إن أيسر، وقال أبو يوسف ومحمد[21]: ترجع.
ولنا: أن ما وجبت عليه الإنفاق بالقرابة لم ترجع به كالأب، وتلزمه نفقة آبائه وإن علوا، وأولاده وإن سفلوا، وبذلك قال الشافعي[22] والثوري وأصحاب الرأي[23].
وقال مالك[24]: لا تجب النفقة عليهم ولا لهم؛ لأن الجد ليس باب حقيقي.
ولنا[25]: قول الله تعالى: ﴿ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ [البقرة: 233]، ولأنه يدخل في اسم الولد والوالد.

ويشترط لوجوب الإنفاق ثلاثة شروط:
أحدها: أن يكونوا فقراء لا مال لهم ولا كسب يستغنون به عن إنفاق غيرهم.
الثاني: أن يكون لمن تجب عليه النفقة مال ينفق عليهم فاضلاً عن نفقة نفسه، إما من ماله وإما من كسبه؛ لقوله عليه السلام: (ابدأ بنفسك ثم بمن تعول)[26].
الثالث: أن يكون المنفق وارثاً؛ لقوله تعالى: ﴿ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ [البقرة: 233].
فائدة: لا يشترط في نفقة الوالدين والمولودين نقص الخلقة ولا نقص الأحكام في ظاهر المذهب[27].

وقال الشافعي[28]: يُشترط نقصانه، إما من طريق الحكم، وإما من طريق الخلقة.
وقال أبو حنيفة[29]: ينفق على الغلام حتى يبلغ صحيحاً فإذا بلغ انقطعت نفقته.
ولا تسقط نفقة الجارية حتى تزوج، وبنحوه قال مالك[30] إلا أنه قال: ينفق على النساء حتى يتزوجن ويدخل بهن أزواجهن، فإن طلقن قبل البناء بهن فهن على نفقتهن.
ولنا[31]: حديث هند، ولم يستثن بالغاً ولا صحيحاً.

قوله: (ويلزمه نفقة كل من يرثه بفرض أو تعصيب...) إلى آخره، هذا المذهب[32]، وبه قال الحسن ومجاهد والنخعي وقتادة والحسن بن صالح وابن أبي ليلى وأبو ثور.
وقال أصحاب الرأي[33]: تجب النفقة على كل ذي رحم محرم، ولا تجب على غيرهم؛ لقول الله: ﴿ وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ [لأنفال: 75].
وقال مالك[34] والشافعي[35] وابن المنذر[36]: لا نفقة على غير الوالدين والمولودين؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل سأله: عندي دينار؟ قال: (أنفقه على نفسك)، قال: عندي آخر، قال: (أنفقة على ولدك)، قال: عندي آخر، قال: (أنفقة على زوجك)، قال: عندي آخر، قال: (أنفقة على خادمك)، قال: عندي آخر، قال: (أنت أبصر)، رواه أبو داود[37].

ولنا[38]: قول الله تعالى: ﴿ ِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ [البقرة: 233]، فأوجب على الوارث مثل ما أوجب على الوالد، وسأل رجُل النبي صلى الله عليه وسلم من أبر؟ قال: (أمك وأباك وأختك وأخاك) وفي لفظ: (ومولاك الذي هو أدناك حقاً واجباً ورحماً موصولاً) رواه أبو داود[39]، وهذا نص في الوجوب، وما احتج به أبو حنيفة حُجة عليه؛ فإن الفظ عام في كل ذي رحم، وخبر الشافعي قضية في عين يحتمل أنه لم يكن له غير من أمر بالإنفاق عليه، ولهذا لم يذكر الوالد والأجداد وأولاد الأولاد.
وعن أحمد رواية[40]: النفقة على العصبات، وبه قال الأوزاعي وإسحاق؛ لما رُوي عن عُمر: أنه حبس عصبة يُنفقون على صبي: الرجال دون النساء[41].
وعلى المذهب: إن كان اثنان يرث أحدهما قريبة ولا يرثه الآخر كالرجل مع عمته أو ابنة عمه، أو ابنة أخيه، والمرأة مع ابنة بنتها فالنفقة على الوارث دون المورث.
وحُكي عنه[42]: إن لم يرثه الآخر فلا نفقة له؛ لأنها قرابة ضعيفة لا تثبت التوارث من الجهتين.

قوله: (فأما ذوو الأرحام فلا نفقة عليهم رواية واحدة[43]، ذكره القاضي؛ لعدم النص فيهم، ولأن قرابتهم ضعيفة، وإنما به يأخذون ماله عند عدم الوارث فيهم كسائر المسلمين، وعموم كلامه أن أولاد البنات ونحوهم لا نفقة عليهم، وعموم كلامه أول الباب خلافه، والعمل على الثاني وهو ظاهر ما جزم به في "المُحرر" و"النظم" و"الوجيز"؛ فإنهم قالوا: ولا نفقة على ذوي الأرحام من غير عمودي النسب.

قوله: (وقال أبو الخطاب: يخرج في وجوبها عليهم روايتان[44]:
إحداهما: تجب، واختاره الشيخ تقي الدين[45]؛ لأنه من صلة الرحم وهو عام كعموم الميراث في ذوي الأرحام، بل أولى.
قوله: (ومن له ابن فقير وأخ موسر فلا نفقة له عليهما، الابن لعسرته والأخ لعدم ميراثه).
وعنه[46]: تجب على الأخ، اختاره في "المستوعب".

قوله: (ومن كان صحيحاً مكلفاً لا حرفة له سوى الوالدين فهل تجب نفقته؟) على روايتين[47]:
إحداهما: تجب له لعجزه عن الكسب، وهو المذهب[48] لحديث هند ولم يستثن بالغاً ولا صحيحاً، وتقدم الخلاف فيها.
فائدة: هل يلزم المعدم الكسب لنفقة قريبة؟ على الروايتين[49] في المسألة الأولى، صرح القاضي في "خلافه" و"المُجرد" وابن عقيل في "مفرداته" وابن الزاغوني والأكثرون بالوجوب.
الثانية: القدرة على الكسب بالحرفة تمنع وجوب نفقته على أقاربه صرح به القاضي في "خلافه".

قوله: (وإن ترك الإنفاق الواجب مدة لم يلزمه عوضه) هذا الصحيح من المذهب[50]؛ لأن نفقة القريب لدفع الحاجة وإحياء النفس وقد حصل ذلك في الماضي بدونها، فإن كان الحاكم قد فرضها فينبغي أن تلزمه؛ لأنها تأكدت بفرض الحاكم فلزمته كنفقة الزوجة.
قال الشيخ تقي الدين[51]: من أنفق عليه بإذن حاكم لم يرجع[52] عليه، وبلا إذن فيه خلاف.
وقال في "المُحرر"[53]: أما نفقة أقاربه فلا تلزمه لما مضى، وإن فرضت إلا أن يستدين عليه بإذن الحاكم.
وقال في "الفروع"[54]: ظاهر كلام شيخنا: ويستدين عليه، فلا يرجع إن استغنى بكسب أو نفقة متبرع.
فائدة: قال في "الفروع"[55]: وظاهر كلام أصحابنا[56]: تؤخذ بلا إذنه إذا امتنع كالزوجة إذا امتنع الزوج من النفقة عليها"[57].

وقال في "الإفصاح": "واختلفوا هل يُجبر الوارث على نفقة من يرثه بفرض أو تعصيب؟
فقال أبو حنيفة[58]: يُجبر على نفقة كل ذي رحم محرم بالرحم، فتدخل فيه الخالة والعمة، ويخرج منه ابن العم ومن يُنسب إليه بالرضاع.
وقال مالك[59]: لا تجب النفقة إلا للوالدين الأدنيين وأولاد الصلب.
وقال الشافعي[60]: تجب النفقة على الأب وإن علا، والابن وإن سفل، ولا يتعدى عمود النسب.
وقال أحمد[61]: كل شخصين جرى بينهما الميراث بفرض أو تعصيب من الطرفين لزمه نفقة الآخر كالأبوين والأولاد والإخوة والأخوات والعمومة وبنيهم رواية واحدة؛ فإن كان الإرث جارياً بينهم من أحد الطرفين، وهم ذوو الأرحام كابن الأخ مع عمته، وابن العم مع بنت عمه، فروي عنه([62]: تجب، وروي عنه[63]: أنها لا تجب.

واختلفوا: هل يلزم المولى نفقة عتيقهِ؟
فقال أبو حنيفة[64] ومالك[65] والشافعي[66]: لا يلزمه.
وقال أحمد[67]: يلزمه، إلا أن مالكاً[68] في إحدى روايتيه قال: إن أعتقه صغيراً لا يستطيع السعي لزمته نفقته إلى أن يسعى.

واختلفوا فيما إذا بلغ الولد معسراً ولا حرفة له؟
فقال أبو حنيفة[69]: تسقط نفقة الغلام إذا بلغ صحيحاً، وتسقط نفقة الجارية إذا تزوجت.
وقال مالك[70] كذلك إلا في الجارية فإنه قال: لا تسقط نفقة الجارية عن أبيها وإن تزوجت حتى يدخل بها الزوج.
وقال الشافعي[71]: تسقط نفقتهما جميعاً.
وقال أحمد[72]: لا تسقط نفقة الولد عن أبيه وإن بلغ إذا لم يكن له كسب ولا مال.

واتفقوا فيما إذا بلغ الابن مريضاً أن النفقة واجبة على أبيه[73]، فلو برئ من مرضه ثم عاوده المرض، أو كانت جارية مزوجة ودخل بها الزوج ثم طلقها بعد ذلك، فقالوا: تعود النفقة على الأب إلا مالكاً[74]، فإنه قال: لا تعود في الحالين.
واختلفوا فيما إذا اجتمع ورثة مثل أن يكون للصغير أم وجد، وكذلك إن كانت بنت وابن بنت، وابن ابن، أو كان له أم وبنت:

فقال أبو حنيفة[75] وأحمد[76]: النفقة للصغير على الأم والجد بينهما أثلاثاً وكذلك البنت والابن.
فأما ابن الابن والبنت: فاختلف أبو حنيفة وأحمد، فقال أحمد[77]: النفقة بينهما نصفان.
وقال أبو حنيفة[78]: النفقة على البنت دونه.

وأما الأم والبنت فقال: النفقة على البنت والأم بينهما، الرابع على الأم والباقي على البنت.
وقال الشافعي[79]: النفقة على الذكور خاصة الجد والابن وابن الابن دون البنت، وعلى البنت دون الأم.
قال مالك[80]: هي على بني الصلب الذكر والأنثى بينهم سواء إذا استويا في الجدة، وإن كان أحدهما واجداً والآخر فقيراً فالنفقة على الواجد"[81].

وقال في "الاختيارات": "وعلى الولد الموسر أن ينفق على أبيه المعسر وزوجة أبيه وعلى إخوته الصغار"[82].
وقال البخاري: "(باب: عون المرأة زوجها في ولده).
حدثنا مُسدد، حدثنا حماد بن زيد، عن عمرو، عن جابر رضي الله عنه، قال: هلك أبي، وترك سبع بنات - أو تسع بنات - فتزوجت امرأة ثيباً، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تزوجت يا جابر؟) فقلت: نعم: فقال: (أبكراً أم ثيباً؟) قلت: بل ثيباً، قال: (فهلا جارية تلاعبها وتلاعبك، وتضاحكها وتضاحكك!)، قال: فقلت له: إن عبد الله هلك، وترك بنات، وإني كرهت أن أجيئهن بمثلهن، فتزوجت امرأة تقوم عليهن، وتصُلحُهن، فقال: (بارك الله لك) أو [قال] خيراً[83] ".
قال الحافظ: "وكأنه استنبط قيام المرأة على ولد زوجها من قيام امرأة جابر على أخواته، ووجه ذلك [منه] بطريق الأولى.
قال ابن بطال[84]: وعون المرأة زوجها في ولده ليس بواجب عليها، وإنما هو من جميل العشرة، ومن شيمة صالحات النساء"[85].

وقال البخاري أيضاً: "باب ﴿ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ [البقرة: 233]، وهل على المرأة منه شيء؟ ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ [النحل: 76].
وذكر حديث أم سلمة، قلت: يا رسول الله، هل لي من أجر في بني أبي سلمة أن أنفق عليهم ولست بتاركتهم هكذا وهكذا إنما هم بني قال: (نعم لك أجر ما أنفقت عليهم)[86].
وحديث عائشة في قصة هند امرأة أبي سفيان[87]".
قال الحافظ: "قال ابن بطال[88] ما ملخصُه: اختلف السلف في المراد بقوله: ﴿ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ [البقرة: 233]، فقال ابن عباس: عليه ألا يضار[89]، وبه قال الشعبي ومجاهد[90].
والجمهور[91] قالوا: ولا غرم على أحدٍ من الورثة، ولا يلزمه نفقة ولد الموروث.
وقال آخرون: على من يرث الأب مثل ما كان على الأب من أجر الرضاع إذا كان الولد لا مال له.

ثم اختلفوا في المراد بالوارث:
فقال الحسن والنخعي: هو كل من يرث الأب من الرجال والنساء وهو قول أحمد[92] وإسحاق.
وقال أبو حنيفة وأصحابه[93]: هو من كان ذا رحم محرم للمولود دون غيره.
وقال قبيصة بن ذؤيب: هو المولود نفسه[94].
وقال زيد بن ثابت: إذا خلف أما وعما فعلى كل منهما إرضاع الولد بقدر ما يرث[95]، وبه قال الثوري.

قال ابن بطال[96]: وإلى هذا القول أشار البخاري بقوله: وهل على المرأة منه شيء؟
ثم أشار إلى رده بقوله تعالى: ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ [النحل: 76]، فنزل المرأة من الوارث منزلة الأبكم من المتكلم.
قال الحافظ: وقد أخرج الطبري هذه الأقوال عن قائليها[97]، وسبب الاختلاف: حمل المثلية في قوله: ﴿ مِثْلُ ذَلِكَ ﴾ على جميع ما تقدم أو على بعضه، والذي تقدم الإرضاع والإنفاق والكسوة وعدم الإضرار.

قال ابن العربي[98]: قالت طائفة: لا يرجع إلى الجميع بل إلى الأخير، وهذا هو الأصل، فمن ادعى أنه يرجع إلى الجميع فعليه الدليل؛ لأن الإشارة بالإفراد، وأقرب مذكور هو عدم الإضرار، فرجح الحمل عليه.
ثم أورد حديث أم سلمة في سؤالها: هل لها أجر في الإنفاق على أولادها من أبي سلمة ولم يكن لهم مال؟ فأخبرها أن لها أجراً، فدل على أن نفقة بنيها لا تجب عليها، إذ لو وجبت عليها لبين لها النبي صلى الله عليه وسلم ذلك.
وكذا قصة هند بنت عُتبة، فإنه أذن لها في أخذ نفقة بنيها من مال الأب، فدل على أنها تجب عليه دونها، فأراد البخاري أنه لم يلزم الأمهات نفقة الأولاد في حياة الآباء، فالحكم بذلك مستمر بعد الآباء، ويقويه قوله تعالى: ﴿ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ [البقرة: 233]، أي: رزق الأمهات وكسوتهن من أجل الرضاع للأبناء، فكيف يجب لهن في أول الآية وتجب عليهن نفقة الأبناء في آخرها؟
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 129.82 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 128.10 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.33%)]