|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الإسراف في الولائم والحفلات أ. عبدالعزيز بن أحمد الغامدي الخطبة الأولى عباد الله، إنّ مِن طبيعة البشر - إلا من رحم الله - عندما يشعرون بالثراء والغنى فإنهم يقومون بالتوسع في النفقات؛ والمبالغة في الاستهلاك؛ وهدر الأموال، وكأن الحياة مع وفرة المال ليس لها معنى إذا لم يصاحبها استهلاكٌ أكثر، ورفاهيةٌ أشمل، وتمتعٌ بالكماليات أوسع، قال الله تعالى: ﴿ كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى ﴾ [العلق: 6، 7]، وقال تعالى: ﴿ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ ﴾ [الشورى: 27]. ولتهذيب الإنسان وتربيته أمر الله تعالى بالقصد في الأمور كلِّها حتى في أمور العبادات؛ كيلا يملّها العبد، قال النبي عليه الصلاة والسلام: (والقصد القصد تبلغوا)، وضد القصد: السرف، وهو منهي عنه: ﴿ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ [الأعراف: 31]. قال عطاء - رحمه الله -: نهوا عن الإسراف في كل شيء. والإسراف في شراء الأطعمة وأكلها أو رميها منهي عنه، فكيف مع رميها مع النفايات. وكذلك الإسراف في الملابس والمراكب والأثاث وغيرها منهي عنه: ﴿ يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ [الأعراف: 31]، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (كلوا وتصدقوا والبسوا في غير إسراف ولا مخيلة) رواه النسائي وابن ماجه. وهذا التشديد في النهي عن السرف ما كان إلا لأجل الحفاظ على الأموال والموارد التي يسأل عنها العبد يوم القيامة، فهو يسأل عن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه. والسَّرَفُ يضيع المال الذي أمرنا الشرع بالمحافظة عليه؛ بل يتلفه؛ وربما يتلف صاحبَه. ولم تحرم الشريعةُ اكتسابَ الأموال ونماءَها والتزود منها؛ بل حضَّت على ذلك، ولكنها حرمت الطرقَ المحرمةَ في كسبه وإنفاقه، وإنّ من الطرق المحرمة في إنفاقه: السرفُ فيه، وإهدارُه بغير حق؛ إما في سفر محرم، وإما في حفلات باهظة التكاليف، وإما في شراء كماليات يمكن الاستغناءُ عنها. وإنَّ ما يُنفَقُ من أموالٍ المسلمين - وللأسف - على السفر إلى بلاد الكفر والفجور ليعدل ميزانياتَ دولٍ كاملة، وكذلك ما يُنفق على الحفلات التي يلقى فائض أطعمتها في النفايات ليكفي لإنقاذ الملايين من المسلمين ممن هلكهم الجوع وأماتهم. هل يليق بالمؤمن هدرُ الأموال وإتلافُها وفي المسلمين مشردون محرمون، لا يجدون ما يسد جوعتهم، ولا ما يكسو عورتهم؟! بل لو لم يوجد مسلم على وجه الأرض محتاجا لما جاز أن تُهدر هذه الأموال في غير الحق، فكيف والمسلمون يموت منهم العشرات يوميا بسبب الجوع والحصار والحرمان؟! إخوة الإيمان، إن عدم الاهتمام بالترشيد في الانفاق والاستهلاك؛ وعدم البعد والتحذير من الإسراف؛ قد يكون سببا للعقوبة، وزوالِ الأموال، وإفقارِ الناس؛ حتى يتمنى الواحدُ منهم ما كان يُلقي بالأمس في النفايات، نعوذ بالله. وإن الأخطارَ تحيط بنا، والنُّذُرَ تأتينا من بين أيدينا ومن خلفنا، والأعداء يتهيؤون للانقضاض علينا، كما دمروا العراق ونخله وتمره، فلا تمر في العراق يكفي أهلها، وقد كانت في يوم من الأيام تصدر للعالم فائضَ تمرها، فأحالها الصفويون خرابا، يبحث أهلُها عن بُلغةٍ من عيش كريم فلا يجدونها، ويحلمون بأمنٍ زال عنهم منذ وطِئَ الأعداء أرضهم. وكانت الشامُ جنةَ الله تعالى في أرضه، وأنهارُها أعذبَ الأنهار، وفاكهتُها أطيبَ فاكهة، وأنواع الحلوى منتشرة في شوارعها، وهي الآن من دمار إلى دمار؛ حين سُلِّط عليها الباطنيون ومن عاونهم فغزوها من الأرض والبحر والجو، فدمروها وحاصروها حتى تشرد أهلها وماتوا قتلا وجوعا. ألا فاعتبروا - عباد الله - بما حل بإخوانكم قبل أن يحل بكم، وخذوا حذركم من سخط الله تعالى، وارعوا نعمته، وإياكم وطاعة النساء والأولاد في السرف وتضييع الأموال في الحفلات الباهظة، والأعراس المتكلَّفة، والسفر المحرم؛ فإن لذة المحرم تزول، ويبقى الوزر والإثم. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ * فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [التغابن: 15، 16] بارك الله لي ولكم في القرآن... الخطبة الثانية عباد الله، لقد كان هدي السلف الصالح - من الصحابة والتابعين لهم بإحسان - مثالا في البعد عن الإسراف وتضييع الأموال، بل كانوا مقتصدين ينفقون أموالهم في الحق، ويحفظونها عن الإنفاق فيما لا فائدة فيه، بل ويجتهدون في بذل ما يستطيعون في ما يكون لهم رصيدا في آخرتهم، لأنهم أدركوا حقيقة الحياة الدنيا، وأدركوا أن الحياة الحقيقية هي حياة الآخرة، فأصبح همهم العمل بما يكون سببا في إسعادهم وفوزهم ونجاتهم في الآخرة. وكانوا -رحمهم الله- مع زهدهم وورعهم يعتنون بقليل المال ولا يحتقرون منه شيئا مع اقتصاد في المعيشة والنفقة؛ ولذا كان القليل من المال يكفيهم. التقط أبو الدرداء - رضي الله عنه - حبا منثورا في غرفة له وقال: إنّ مِن فقه الرجل رفقه في معيشته. وقال عمر - رضي الله عنه -: الخرَق (يعني الحمق وضياع العقل) في المعيشة أخوف عندي عليكم من العوز، لا يقل شيء مع الإصلاح، ولا يبقى شيء مع الفساد. إخوة الإسلام، إنّ السَّرَف في العصور المتأخرة تحول من سلوك فردي لدى بعض التجار والواجدين إلى ظاهرة عامة؛ فالواجد يسرف، والذي لا يجد يقترض من أجل أن يسرف ويلبي متطلبات أسرته من الكماليات وما لا يحتاجون إليه، وهذا من إفرازات الرأسمالية العالمية التي أقنعت الناس بذلك عبر الدعاية والإعلان في وسائل الإعلام المختلفة. والبسوا في غير وأضحى ربُّ الأسرة المستورة يستدين لتلبية رغبة أسرته فيما هو من قبيل السرف، وكان الأولى الاستغناء عن الأشياء بدل الاستغناء بها حتى لا تستعبدهم المادة. فاتقوا الله ربكم، واحفظوا أموالكم، وخذوها من حق، وأنفقوها في الحق؛ فإنكم مسؤولون عنها يوم القيامة. اللهم ارزقنا القناعة، واغننا بحلالك عن حرامك، وبارك لنا فيما رزقتنا، واجعلنا شاكرين لنعمك مستخدميها في طاعتك. اللهم إنا أعوذ بك من زوال نعمتك، وتحوُّل عافيتك، وفُجاءة نقمتك، وجميع سخطك.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |