لك الله يا شام البطولات - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         علاج صداع الجيوب الأنفية: أهم الطرق المنزلية والطبية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          الحساسية عند الأطفال: كل ما تحتاج معرفته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          فوائد البابايا الخضراء: غذاء خارق لصحتك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          قصور الغدة الدرقية في المملكة العربية السعودية: بين نقص التشخيص وضرورة التوعية الصحية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          فحص tsh: الفحص الأهم لقياس نشاط وصحة الغدة الدرقية! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          كم ساعة نوم يحتاج طفلك؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          أطعمة تسبب حصى الكلى: قلل من تناولها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          علاج القلق بالأعشاب: ودّع القلق بطرق طبيعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          فاكهة التنين: شكل غريب وفوائد لا تصدق! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          عدد ساعات النوم المناسبة لكل عمر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19-10-2020, 01:41 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,507
الدولة : Egypt
افتراضي لك الله يا شام البطولات

لك الله يا شام البطولات


الشيخ عبدالله بن محمد البصري










أَمَّا بَعدُ، فَـ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، تَمُرُّ اللَّيالي وَالأَيَّامُ، عَلَى إِخوَانِنَا في الشَّامِ، وَلا جَدِيدَ لَدَيهِم إِلاَّ بُيُوتٌ تُهَدَّمُ وَمُدُنٌ تُدَمَّرُ، وَمَسَاكِنُ تُخلَى وَأُسَرٌ تُهَجَّرُ، وَدِمَاءٌ تُرَاقُ وَأَشلاءٌ تُمَزَّقُ، في بَردٍ شَدِيدٍ وَكَربٍ عَصِيبٍ، وَقَصفٍ وَدَمَارٍ وَتَشرِيدٍ.




وَحِينَمَا نَعلَمُ أَنَّهُ قَدِ اجتَمَعَ في الشَّامِ العِدَاءُ النَّصرَانِيُّ وَالحِقدُ اليَهُودِيُّ، وَالكُرهُ النُّصَيرِيُّ وَالغِلُّ الرَّافِضِيُّ، في تَوَاطُؤٍ دَوليٍّ قَذِرٍ وَسُكُوتٍ إِقلِيمِيٍّ حَذِرٍ، فَإِنَّنَا لا نَستَنكِرُ أَن يَزِيدَ البَلاءُ عَلَى إِخوَانِنَا مِن أَهلِ السُّنَّةِ أَو يَشتَدَّ الكَربُ، وَهَل يُنتَظَرُ مِنَ الأَعدَاءِ غَيرُ هَذَا؟! لا وَاللهِ لا يُنتَظَرُ مِنهُم إِلاَّ مِثلَ هَذَا وَأَشَدَّ مِنهُ، يَقُولُ رَبُّنَا - تَبَارَكَ وَتَعَالى -: ﴿ مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [البقرة: 105].




إِنَّ القُرآنَ يَشهَدُ بِآيَاتِهِ، وَالتَّأرِيخَ يُصَدِّقُ بِأَحدَاثِهِ، أَنَّ أَفعَالَ الكَفَرَةِ الشَّنِيعَةَ وَجَرَائِمَهُمُ الفَظِيعَةَ، وَعِدَاءَهُم لِلإِسلامِ وَالمُسلِمِينَ، لم يَتَوَقَّفْ مُنذُ بُزُوغِ فَجرِ الإِسلامِ وَلَن يَتَوَقَّفَ، فَهُم لا يَرقُبُونَ في مُؤمِنٍ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً، وَلَيسَت هَذِهِ لَهُم بِالأُولى وَمَا هِيَ لَهُم بِالأَخِيرَةِ، وَلَيسَتِ الشَّامُ في ذَلِكَ وَحِيدَةً وَلَن تَكُونَ الوَحِيدَةَ، وَكَم لَهَا مِن أَخَوَاتٍ في القَدِيمِ وَالحَدِيثِ وَبَعِيدًا وَقَرِيبًا، وَمَن قَرَأَ التَّأرِيخَ عَرَفَ الحَقَائِقَ وَاجتَلاهَا، وَاطَّلَعَ عَلَى مَا لِلأَعدَاءِ مِن جَرَائِمَ تَشِيبُ لِهَولِهَا مَفَارِقُ الوُلدَانِ. أَجَل - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - إِنَّ مَا يُصِيبُ أَهلَ السُّنَّةِ في الشَّامِ عَلَى يَدِ النَّصَارَى الأَنجَاسِ وَالرَّافِضَةِ الأَرجَاسِ، قَد أَصَابَ قَبلَهُم أَهلَ العِرَاقِ قَرِيبًا، وَمَا زَالَ المُسلِمُونَ في أَكنَافِ بَيتِ المَقدِسِ في فِلَسطِينَ يَكتَوُونَ بِهِ مُنذُ عَشَرَاتِ السِّنِينَ، وَآخَرُونَ يَذُوقُونَهُ في أَنحَاءٍ مُتَفَرِّقَةٍ مِن بِلادِ الإِسلامِ، فَللهِ الأَمرُ مِن قَبلُ وَمِن بَعدُ ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴾ [الحديد: 22، 23] أَمَّا الشُّعُوبُ الَّتي بَاتَت تَرَى بِأَعيُنِهَا وَتَسمَعُ بِآذَانِهَا، وَأَصبَحَت لا تَملِكُ مِنَ الأَمرِ شَيئًا، فَيَكفِيهَا أَن تَحتَرِقَ قُلُوبُهَا أَسًى عَلَى مَا أَصَابَ إِخوَانِهَا، وَأَن تَدمَعَ عُيُونُهَا لِصُوَرِ التَّشرِيدِ وَالتَّعذِيبِ، وَأَن تَتَكَدَّرَ مِنهَا الخَوَاطِرُ لِمَشَاهِدِ القَتلِ وَالتَّنكِيلِ، وَأَن يُؤَرِّقَهَا وَيُقِضَّ مَضَاجِعَهَا انتِهَاكُ أَعرَاضِ المُسلِمَاتِ العَفِيفَاتِ... وَمَعَ هَذَا وَذَاكَ فَوَاجِبٌ عَلَيهَا أَن تَتَرَبَّصَ وَتَنتَظِرَ الفُرَصَ، فَلَعَلَّ بَابًا مِن أَبوَابِ الخَيرِ وَالنُّصرَةِ أَن يُشرَعَ وَيُفتَحَ، فَيُجَاهِدَ مُجَاهِدٌ بِنَفسِهِ لِلذَّودِ عَنِ الحِمَى، أَو يُنفِقَ ذُو مَالٍ مِن مَالِهِ مَا يَكُونُ سَببًا لِنَجَاةِ نَفسٍ مُؤمِنَةٍ، فَيَدخُلَ في قَولِهِ - تَعَالى -: ﴿ وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ﴾ [المائدة: 32] أَو يَبذُلَ بَاذِلٌ مَا يَكُونُ سَبَبًا لِتَفرِيجِ كُربَةِ مُسلِمٍ فَيُفَرِّجَ اللهُ كُربَتَهُ، وَقَد قَالَ الحَبِيبُ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " مَن نَفَّسَ عَن مُؤمِنٍ كُربَةً مِن كُرَبِ الدُّنيَا نَفَّسَ اللهُ عَنهُ كُربَةً مِن كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ... وَاللهُ في عَونِ العَبدِ مَا كَانَ العَبدُ في عَونِ أَخِيهِ " رَوَاهُ مُسلِمٌ.




وَإِذَا لم يَكُنْ هَذَا وَلا هَذَا مُمكِنًا كَمَا هُوَ حَالُ المُسلِمِينَ اليَومَ وَلا حَولَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ، فَلْنَبكِ جَمِيعًا عَلَى مَا أَصَابَنَا مِن عَجزٍ وَذِلَّةٍ وَضَعفٍ وَخَوَرٍ، فَلَعَلَّ اللهَ بِذَلِكَ أَن يَرفَعَ عَنَّا مَعَرَّةَ خِذلانِ إِخوَانِنَا، وَيَعفُوَ عَن تَقصِيرِنَا في حَقِّهِم وَنُكُوصِنَا عَن نُصرَتِهِم، وَهُوَ القَائِلُ - سُبحَانَهُ -: ﴿ لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ * إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [التوبة: 91 - 93].




إِنَّ الحَيَاةَ الدُّنيَا - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - لَيسَت دَارَ صَفوٍ وَأُنسٍ، وَلا مَحَلَّ طُمَأنِينَةٍ وَرَاحَةٍ، وَلَكِنَّ اللهَ مَعَ هَذَا لا يُقَدِّرُ فِيهَا عَلَى عِبَادِهِ المُؤمِنِينَ شَرًّا مَحضًا، بَل إِنَّهُ مِن رَحمَتِهِ يَهَبُ في المِحَنِ مِنَحًا، وَيَجعَلُ في ثَنَايَا المَنعِ عَطَاءً، فَفِي هَذِهِ المَآسِي الَّتي ابتُلِيَ بَهَا إِخوَانِنَا في الشَّامِ، اصطَفَى اللهُ طَائِفَةً مِنَ المُسلِمِينَ بِالشَّهَادَةِ وَعَظِيمِ البَلاءِ، وَلَولا هَذَا القَدَرُ مَا بَلَغُوا مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَالصَّابِرِينَ ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [آل عمران: 169، 170] وَفي هَذِهِ المَآسِي عَلِمَ الجَمِيعُ وَأَيقَنُوا أَنَّ النَّصرَ مِن عِندِ اللهِ وَحدَهُ، فَعَلَّقُوا قُلُوبَهُم بِرَبِّهِم دُونَ مَن سِوَاهُ، وَتَجَرَّدُوا مِن تَدَابِيرِ البَشَرِ كُلِّهَا، وَبَلَغُوا مَنَازِلَ الصَّادِقِينَ المُوقِنِينَ بِأَنَّ النَّصرَ مِن عِندِ رَبِّ العَالِمِينَ، فَتَحَقَّقَ لَهُم بِذَلِكَ قَدرٌ كَبِيرٌ مِنَ التَّوحِيدِ وَاليَقِينِ، وَفي هَذِهِ المَآسِي ظَهَرَ لِلأُمَّةِ مَن هُوَ عَدُوُّهَا الحَقِيقِيُّ مِن دُوَلِ الكُفرِ وَالرَّوَافِضِ، فَهَذِهِ دُوَلُ الكُفرِ قَاطِبَةً وَبِلا استِثنَاءٍ، تَجتَمِعُ عَلَى المُسلِمِينَ المُستَضعَفِينَ، مَا بَينَ مُبَاشِرٍ لِلعُدوَانِ بِسِلاحِهِ، أَو مُؤَيِّدٍ لَهُ بِسِيَاسَتِهِ، أَو سَاكِتٍ عَنهُ فَرِحٍ بِهِ، فَظَهَرَ بِذَلِكَ الوَجهُ الحَقِيقِيُّ وَبَانَ، وَأَصبَحَ لِزَامًا عَلَى المُسلِمِينَ أَن يُوقِنُوا بِعَدَاوَةِ الكُفَّارِ، وَأَنَّ يَعلَمُوا أَنَّ مِن أَعظَمِ مَقَاصِدِهِم أَن نَكُونَ مِثلَهُم كُفَّارًا، وَإِلاَّ فَلَن يَرضَوا عَنَّا وَلَن يَترُكُونَا في حَالِنَا، قَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً ﴾ [النساء: 89] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ﴾ [البقرة: 120] وَفي هَذِهِ المَآسِي ظَهَرَ كَذَلِكُمُ الوَجهُ الحَقِيقِيُّ لِبَعضِ مُنَافِقِي الأُمَّةِ، مِمَّن أَيَّدُوا قَتلَ المُسلِمِينَ إِمَّا بِسِلاحِهِم وَجُنُودِهِم، أَو بِتَأيِيدِهِم وَدَعمِهِم، أَو بِإِعلامِهِم وَمَا أَظهَرَتهُ خَبَايَا نُفُوسِهِم، وَلَولا مِثلُ هَذِهِ المَآسِي لَمَا ظَهَرَت بَوَاطِنُهُم، وَلَمَا اتَّضَحَت مَكنُونَاتُ صُدُورِهِم. وَعَلَى هَذَا - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - فَلا بُدَّ أَن نُوقِنَ أَنَّ الخَيرَ كُلَّ الخَيرِ فِيمَا يَقضِيهِ اللهُ وَإِن كَانَ ظَاهِرُهُ مُؤلِمًا، نَعَم، لا بُدَّ أَن نُوقِنَ أَنَّ اللهَ أَرحَمُ بِهَؤُلاءِ المُستَضعِفِينَ مِنَّا، وَلَكِنَّ عُقُولَنَا لا تَعِي حَقِيقَةَ أَقدَارِ اللهِ، وَلا تَرَى مَا وَرَاءَ السُّتُورِ مِنَ الغَيبِيَّاتِ الَّتِي يُرِيدُهَا اللهُ، وَلا بُدَّ أَن نُوقِنَ أَيضًا أَنَّهَا ابتِلاءَاتٌ وَمِحَنٌ يَبتَلِي اللهُ بِهَا العِبَادَ لِتَتَمَيَّزَ بِهَا الصُّفُوفُ، وَلِتَظهَرَ أَنوَاعٌ مِنَ العُبُودِيَّةِ مِنَ الرِّضَا وَالصَّبرِ وَاليَقِينِ بِمَوعُودِ اللهِ ﴿ مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ [آل عمران: 179] ﴿ ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ * سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ * وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ * أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا ﴾ [محمد: 4 - 10] أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ، وَلْنَعلَمْ أَنَّ الجميعَ صَائِرُونَ لِرَبٍّ حَكِيمٍ، وَلَكِنَّهُ يُؤَخِّرُهُم لأَجَلٍ مُسَمًّى عِندَهُ ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ ﴾ [إبراهيم: 42].

♦ ♦ ♦




أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ، وَاذكُرُوهُ وَلا تَنسَوهُ.

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، وَمَعَ مَا تَنقُلُهُ لَنَا وَسَائِلُ الإِعلامِ، مِن صَرَخَاتِ الصَّبَايَا وَبُكَاءِ الأَيتَامِ، وَنَوحِ الثَّكَالَى وَصُوَرِ المَآسِي وَالجِرَاحِ، وَمَعَ مَا نَعِيشُهُ مِن مَرحَلَةٍ حَرِجَةٍ تَكَالَبَ فِيهَا الأَعدَاءُ مِنَ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالرَّافِضَةِ عَلَى الإِسلامِ، إِلاَّ أَنَّنَا نَجِدُ كَثِيرًا مِنَّا لم يَستَشعِرُوا حَجمَ المَأسَاةِ وَشِدَّةَ الكَارِثَةِ، فَالعَبثُ يَزدَادُ، وَالعِصيَانُ يَتَتَابَعُ، وَالغَفلَةُ تُسَيطِرُ عَلَى القُلُوبِ، وَلَكَأَنَّمَا أَصبَحنَا كَمَن قَالَ اللهُ عَنهُم: ﴿ ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ﴾[البقرة: 74] إِنَّهُ لَمِنَ المُحزِنِ المُبكِي، أَن يَذبَحَ العَدُوُّ إِخوَانَنَا، ثم نَذبَحَ نَحنُ إِيمَانَنَا!! إِنَّ المُشرِكِينَ المُعَانِدِينَ إِذَا حَلَّت بِهِمُ النَّكَبَاتُ وَتَوَالَت عَلَيهِمُ الأَزَمَاتُ عَرَفُوا رَبَّ البَرِيَّاتِ وَاتَّجَهُوا إِلَيهِ ﴿ فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ [العنكبوت: 65] أَمَّا بَعضُنَا فَمَا زَالَ يَرَى القَوَارِعَ وَالآيَاتِ، وَمَعَ هَذَا فَقَلَّمَا تُحَرِّكُ فِيهِ سَاكِنًا، بَل مَا زَالَ كَثِيرُونَ يَزدَادُونَ طُغيَانًا وَفُجُورًا، كَمَن قَالَ اللهُ - تَعَالى - عَنهُم: ﴿ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا ﴾ [الإسراء: 60] أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - فَإِنَّ مَن أُصِيبُوا بِالمَصَائِبِ وَحَلَّت بِهِمُ النَّكَبَاتُ، قَد كَانُوا يَعِيشُونَ في رَغَدٍ مِنَ العَيشِ، ثم لَمَّا حَادُوا عَنِ الطَّرِيقِ جَاءَهُم مَا لم يَكُونُوا يَحتَسِبُونَ ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ [يونس: 44] وَمِن ثَمَّ فَإِنَّهُ لَوَاجِبٌ عَينِيٌّ عَلَى سَائِرِ المُسلِمِينَ أَن يَتُوبُوا إِلى اللهِ تُوبَةً نَصُوحًا، فَلا وَاللهِ مَا تَخَلَّفَ النَّصرُ عَنَّا وَلا تَسَلَّطَ العَدُوُّ عَلَينَا، وَلا تَأَخَّرَ الصَّدِيقُ وَضَعُفَتِ القُوَّةُ، وَلا نُزِعَتِ مَهَابَتُنَا مِن صُدُورِ النَّاسِ فَتَكَالَبُوا عَلَينَا، إِلاَّ مِن قِبَلِ أَنفُسِنَا، فَالتَّوبَةَ التَّوبَةَ وَالأَوبَةَ الأَوبَةَ، وَعَلَى الأُمَّةِ أَن تُزِيلَ خِلافَاتِهَا وَتُوَحِّدَ صُفُوفَهَا، وَأَن تَتَّخِذَ أَسبَابَ القُوَّةِ عَسكَرِيًّا وَتِقنِيًّا وَاقتِصَادِيًّا وَإِعلامِيًّا، وَأَن تَسلُكَ كُلَّ سَبِيلٍ يَجعَلُهَا قَوِيَّةً عَصِيَّةً عَلَى أَعدَائِهَا، فَهَذَا هُوَ أَمرُ اللهِ لَهَا حَيثُ قَالَ: ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ﴾ [الأنفال: 60].

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 58.97 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 57.30 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.84%)]