|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() خطبة عن إقامة الحدود أ. عبدالعزيز بن أحمد الغامدي الخطبة الأولى إخوة الإسلام، إنَّ المجتمع في ظل تطبيق أحكام الشريعة يكون آمِناً هادئاً مُسْتَقِرَّاً؛ ومتماسكاً مُتَّحِدَاً، لا اضطراب فيه ولا غوغاء، ولا تناحر فيه ولا شحناء، فإذا ما تم ذلك في المجتمعات الإسلامية بقيت حياتها في سعادة واطمئنان، وخير وأمان؛ وإذا ما انْحَرَفَتْ المجتمعات عن تطبيق أحكام الإسلام؛ وهوت في مزالق الهوى والشيطان؛ واتخذت من قوانين البشر الشِّرْعَةَ والأحكام؛ وقعت تحت وطأة الخوف والاضطراب؛ والفوضى والعذاب. ولأن المجتمعات لا تخلو من أناسٍ لهم نزعاتُ شرٍّ وباطل - فتلك طبيعة البشر - كان لابد من وجود ما يكبَح جماحها، ويخفف من حدتها، من وازع إيماني؛ أو رادع سلطاني. وقد جاءت النصوص الكثيرة بالتحذير من الباطل والشر، والترغيب في الحق والخير، وبيانِ ما يترتبُ على الباطل والشر من مفاسدٍ في الدنيا؛ وعقوبةٍ في الآخرة. ولما كان هذا الوازع لا يكفي في إصلاح بعض النفوس الشريرة، والمتعالية بجهلها، وكبح جماحها، والتخفيف من حدتها، فرض رب العالمين برحمته وحكمته عقوباتٍ دنيوية؛ وحدودٍ متنوعة بحسب الجرائم؛ لتردع المعتدي والمفسد، وتصلح المنحرف، وتقوِّم الأعوج، وتطهر الملة، وتستقيم الأمة، وبل ومن رحمة الله جل وعلا أن جعل الحدود للمسلمين كفارات، فلا تجتمع عليهم عقوبةُ الآخرة مع عقوبة الدنيا. وعلى هذا فرض الله القِصاص والحدود، وأوجب على ولاة الأمور إقامتَها على الشريف والوضيع، والغني والفقير، والذكر والأنثى، والقريب والبعيد، قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: (أقيموا حدود الله في القريب والبعيد، ولا تأخذْكُم في الله لومةُ لائم) رواه ابن ماجه وحسنه الألباني. وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأسامة بن زيد - رضي الله عنه - حين شفع إليه في امرأة من بني مخزوم؛ كانت تستعير الشيء فتجحده، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقطع يدها، فشفع فيها أسامة - رضي الله عنه - فأنكر عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: (أتشفع في حدٍّ من حدود الله؟! )، ثم قام فخطب وقال: (إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله؛ لو أن فاطمةَ بنتَ محمدٍ سرقت لقطعتُ يدها) متفق عليه. عباد الله، إن نزعاتِ الشر؛ وبؤرَ الإجرام في المجتمعات؛ إذا لم تواجَهْ بالحزم والضرب عليها دون هوادة عاث أصحابها في الأرض فساداً، وتجرَّؤا على الآمنين تخويفاً وإفساداً، وإننا نرى كيف أصبحت كثيرُ من المجتمعات التي جنحت عن تطبيق حدود الله مسارحَ للجريمة، وأعمالِ اللصوصية، والقتلِ، والاختطافِ، والسطوِ، والإسفافِ؛ وأعمالِ العنف؛ وذلك كلّه يجلب الخوف؛ وعدم الأمن على الأنفس والأموال والأعراض. ولهذا فمن سعادة المجتمع الإسلامي أن تقام فيه حدودُ الله وتنفذ، قال الله تعالى: ﴿ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 179]، فشرع الله القِصاص لتكون المجتمعات في أمن واستقرار، ولتحيا حياة هناء واطمئنان. إخوة الإسلام، وإننا نسمع ما ينعق به غربيون ومستشرقون وأعداء الإسلام القريبون والبعيدون؛ بصيحات حقوقية؛ تطالب بعدم تطبيق حدود الله وإقامة القصاص والعقوبات الشرعية على المجرمين العابثين بأمن البلاد والعباد، وفي كل يوم يُظهِر المُدَّعون بحقوق الإنسان صوراً يعتبون فيها على إقامة الحدود في دولة الإسلام. ألا يرى هؤلاء الناعقون أن حقوق الإنسان ضاعت وانتهكت في شعوب مستضعفة كثيرة، قد تسلطت عليها قوى الشر والطغيان؟ ألا ينظر هؤلاء إلى ما يجري في العالم من انتهاكات وإبادات للمسلمين؟ ينتقدون في شريعة جاءتتنا من ربنا ونحن نسعى للعمل بها، ليتهم بدل ذلك نظروا بصدق إلى هذه المآسي والانتهاكات والإجرام في حق الملايين من المسلمين بما يجب عليهم كمدعين المنافحة عن حقوق الإنسان ومحاربة الإرهاب. عباد الله، ألا وإن من واجبنا في هذه البلاد أن نشكر الله -سبحانه- أنْ جعَلَنَا تحت حكومةٍ تعلن وتعتز وتطبق شرع الله، وتنفذ الأحكام الشرعية في المجرمين، والمفسدين العابثين بأمن البلاد والعباد، وإننا نسأل الله - سبحانه- أن يديم علينا الأمن والأمان، والخير والاستقرار، وأن يوفق ولاة الأمر وأن يسددهم، وأن يجعلهم على حكم الله قائمين، وعلى شرعه متعاونين، ولجميع المفسدين مؤدبين. ثم نسأله - سبحانه - أن يحمينا وبلادنا وبلاد المسلمين من مساوئ الأخلاق، وأن يسلك بنا سبيل الحق والرشاد. أقول قولي هذا، وأستغفر الله... الخطبة الثانية إذا كان الهدفُ من وضع نظام العقوبات هو محاربةَ الجريمة، ومنعَ وقوعها، ورفعَ آثارها، فإن الشريعة الإسلامية بما تضمنته من تشريعات قد بلغت الغايةَ في تحقيق هذا المطلب، ووصلت حدًّا لم يوصل إليه، ولن يصل إليه أيُّ تشريع وضعه البشر قديما أو حديثا؛ وذلك لأن شريعة الإسلام كافحت الجريمة قبل وقوعها بالوسائل الإيمانية والتربوية والوقائية التي تمنع وقوع الجريمة أصلاً، ثم كافحتها بعد وقوعها بالأحكام والعقوبات الأنسب في إزالة آثارها ومنع تكرارها. وقد شهد التاريخ القديم والحديث أن الشريعة الإسلامية هي النظام الوحيد الكفيل بتحقيق الأمن بمعناه العام، والقادر على قطع دابر المفسدين والمجرمين ومكافحة الفساد والإجرام. وعند التأمل في سرّ هذا النجاح في التشريعات الإسلامية نجده يكمن فيما امتاز به من خصائص وسمات، تفتقدها القوانين الوضعية، أعظم هذه الخصائص أن مصدر هذا التشريعات من القرآن والسنة، يعني من الله. فمصدر تميزِ شريعة الإسلام أن العقوبات الشرعية من وضع الخالق الحكيم الذي أحاط بكل شيء علماً، والذي خلق الإنسان، ويعلم ما يُصلحه ويسعده في عاجل أمره وآجله، وقد جعل الله هذه التشريعات لا تحابي أحداً، ولا تجامل طبقة على حساب طبقة، أو جنساً على حساب جنس، ولهذا فأحكامها كلها قد جاءت وفق الحكمة والعدل والرحمة والمصلحة، بخلاف القوانين الوضعية التي تخضع للعقول البشرية القاصرة، وأهوائهم الضالة، ومصالحهم الشخصية؛ بل ويُغيّر فيها من غلب بما يناسبه من قوانين وتشريعات. وبهذا يعلم أن من خصائص دولة الإسلام أنّها دولة تضمن إقامة العدل بتطبيق شرع الله وبإقامة حدوده. وبهذا يحيا المجتمع في أمنٍ وأمان من خلال الوازع الإيماني الفردي الداخلي (بتقوى الله)، ووازع السلطان على المجتمع ككل (بإقامة الحدود والتعزيرات الشرعية). فإذا شذّ شاذٌ وطغت حيوانية إنسان على عقله وتعدّى حدودَه أتى القصاص وأتت الحدود سياجًا منيعًا يحمي المجتمع، ويزرع وازع الخوف من العقاب - إن لم يوجد لديه وازعُ التقوى - لكل من تسوِّل له نفسُه؛ ليحول دون إقدامه على العدوان. اللهم ارزقنا وبلاد المسلمين بركة تحكيم شرعك القويم. اللهم احفظنا وبلادنا وبلاد المسلمين من شر الأشرار وكيد الفجار؛ وأهل الفتنة والإفساد. اللهم من أرادنا وبلادنا ووحدتنا وبلاد المسلمين بشر وفتنة فرد كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميرا عليه. اللهم وفق ولاة أمرنا وعلماءنا ورجال أمننا لما تحب وترضى، ولما فيه صلاح البلاد والعباد.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |