أشعر بغربة مع زوجي؟!

[ابوالوليد المسلم]

أشعر بغربة مع زوجي؟!
هيلة الشهري


السؤال:
أنا إنسانة أعيش في عذاب؛ لأنني أكره زوجي جداً، والسبب أنه لا يهتم بدينه، فهو حليق، ويصلي في البيت أوقاتاً كثيرة، ولا يفتح المصحف مدة طويلة، ويسهر يعمل ولا يقوم ركعتين لله، ولا يوافق على ذهابي للمساجد خوفاً من أن يحدث لي أو لأولادي شيء، وكلما رأيت إحدى النساء مع زوجها السني المتدين كدت أبكي على حالي، ولكن زوجي كريم ويصلي ويسمع القرآن ولا يشرب...، ولكني أشعر بغربة، وأتمنى الموت، ماذا أفعل؟ إنني أعيش في عذاب رهيب، وألوم نفسي على اختياري، وكدت أن أطلق منه أكثر من مرة، ولولا أولادي لما عشت معه، مع العلم أنه لا يمنعني من تعلم العلم من الشرائط والكتب في البيت، ولكني أريد أن أتحرر وأذهب لمجالس الذكر، وأتعرف على الأخوات، وهو يرفض تماماً، فماذا أفعل؟ وأرجو من فضيلتكم إعلامي إذا كان هناك إمكانية أن أتعلم ديني عن طريق الإنترنت؛ لأنني سمعت أنني يمكن أن أتعلم ويتم اختباري كذلك، ولكني لا أعرف اسم الموقع، وجزاكم الله خيراً.







الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ونبيه محمد -صلى الله عليه وسلم - تسليماً كثيراً.
السائلة الكريمة:
قرأت استشارتك، وحمدت الله على ما منّ به عليك من الحرص على تعلم العلم، وحضور مجالس الذكر، والتزود بالخير من صحبة الصالحات، وأكبرت فيك جدا حرصك الشديد على صلاح زوجك والتزامه، وأقدر معاناتك في أنك لا تجدينه كما تحبين، ولكن يا أختي الغالية من ذا الذي ترضى سجاياه كلها؟





اسمحي لي أن أقف معك وقفات بخصوص استشارتك الكريمة:
أولاً: يا غاليتي كون زوجك حليقاً، ولا يداوم على قراءة القرآن، ولا يتنفل من الليل ويسهر على عمله، ويصلي بعض الصلوات في البيت، ولا يسمح لك بالذهاب للمساجد، فهذه كلها ملاحظات على سلوكيات معينة قد لا ترضيك، لكنها لا تبرر لك كرهه، ولا تبيح لك طلب الطلاق منه، خاصة إذا لاحظت أن ما يقصر فيه ليس من الواجبات الدينية لو استثنينا صلاة الجماعة.
ثانياً: أنت أثنيت على زوجك بأنه يصلي ويسمع القرآن ولا يشرب، وأنه لا يمنعك من تعلم العلم والقراءة والاستماع للأشرطة المفيدة، وهذه نعمة من الله - عز وجل - عليك أنه لا يحارب رغبتك في طلب العلم، أو يحول دونك ودون هذه الرغبة، وإنما اختلافكما فقط على آلية حصولك على هذا العلم، وهذا أمر ميسور والحمد لله، ويمكنك تجاوز هذا الخلاف باللجوء إلى مصادر تعلم أخرى قد تكون أجدى لك وأرضى لزوجك.





ثالثاً: زوجك فيه خير كثير لكن الشيطان يصوره لك عكس ذلك، فاستعيذي بالله من الشيطان، وتذكري أن طاعته واجبة، وطلب العلم الشرعي فرض كفاية، ثم تذكري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عندما سألته وافدة النساء عن الجهاد وحضور الجمع والجماعات للرجال ماذا قال لها؟ قال لها: "أخبري من ورائك من النساء أن حسن تبعل المرأة لزوجها يعدل ذلك كله" أو كما قال - صلى الله عليه وسلم -.
رابعاً: إن عشت تحت وطأة الندم على هذا الاختيار فلن تستطيعي النجاة من هذا العذاب الذي تشعرين به، وقطعاً ليس في يدك تغييره إلا بأثمان قد تكون باهظة، ولن تدفعيها وحدك، بل حتى أولادك سيكون لزاما عليهم تحمل تبعات هذا التغيير الذي أعتقد أنه ليس هو الحل.
غاليتي إن كان زوجك يصلي في المنزل فهناك من لا يصلي، وإن كان يسهر على عمله فهناك من يسهر على كبائر الذنوب، وإن كان يجبرك على البقاء في المنزل فهناك من يجبر زوجته على التبرج والسفور، وزوجك ليس من هؤلاء، فاحمدي الله، وحاولي أن تكسبي قلبه بحسن العشرة، وحسن الخلُق، وحسن القدوة.




دعيني أهمس في أذنك: (الرجل يكره من زوجته الأستاذية) بمعنى لا يتقبل منك أن تقولي افعل ولا تفعل، لكنه حتما سيتأثر بلطف معاملتك وحسن تدينك، لكن استصحبي الصبر والدعاء وحسن الثقة بالله وحسن الظن بزوجك، وتذكري أن الدنيا ابتلاءات وهذا ابتلاؤك فاصبري واحتسبي واحمدي الله أن لم يكن أكبر أو أسوأ.
بخصوص التعلم عن طريق الإنترنت فهذه نعمة ووسيلة سهلة ومتوفرة والحمد لله وهناك مواقع كثيرة ومفيدة منها:
"صيد الفوائد"، و"المجد العلمية"، و"موقع لها أون لاين" وغيرها من الأكاديميات الإسلامية الموجودة على الشبكة، وأضيفي لها إذاعة القرآن الكريم السعودية، والتي قال عنها الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -: إنها جامعة تقيم الحجة على من كانت في بيته.