|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() خطبة عيد الأضحى د. محمد بن عبدالله بن إبراهيم السحيم الحمد لله الحكيم الخبير، السميع البصير، العلي الكبير، أحاط علمُه الدقيقَ والحقير، والجليل والكبير، وعم خيرُه القليلَ والكثيرَ، والجليَّ الظاهر والخفي المستور، كريم ستير، ودود شكور، عفو غفور. وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا نظير، ولا معين له ولا مشير، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله النذير، والسراج المنير، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم التسليم الوفير. أيها المؤمنون والمؤمنات! الإسلام شريعة ضاربة في عمق التاريخ البشري؛ ذات سلالة ودلالة؛ فهي وارثة الرسالات، والمهمين عليها. اصطفى الله لها خير رسله، وخصها بخير كتبه، وجعلها خير أمة أخرجت للناس. وسنّ لها من الشرائع والمناسك ما يذكرها بسالفها الأصيل، ويربطها بمنهجها المعصوم. وجعل موسم الحج وقرابينه من الأضاحي والهدايا شعاراً لامتداد سلالة الحنيفية السمحاء، ومَوْثقَ ربْطِ ختمها بأُسِّها، وأنزل في يوم عرفة عام حجة الوداع إعلامَ إكمالِ الدين وإتمامِ النعمة وارتضاء الإسلام ديناً: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3]. كمالٌ وتمامٌ تجلّيه تلك النقلة النوعية لأهل الجاهلية التي بعث فيها - رسول الله صلى الله عليه وسلم -، بعد أن كانوا في سفح من الضلال هابط، فارتفعوا باتباع هذا النبي ذروة المجد السامق في مدى زمني وجيز في تاريخ الأمم والحضارات، وغدوا خير أمة أخرجت للناس بعد أن كانوا في ضلال مبين! غدوا عبيداً لله أحراراً من عبودية ما سواه؛ فلم يذلوا، ولم يهنوا، وكانوا بإيمانهم الذين يحتم عليهم الأخذ بأسباب القوة الأعلين، وصار ذلك السببَ الأوحدَ لعز الله لهم، وكان معولَ هدمِ عروش الطغيان والكفر المتهاويةِ تحت تكبير المصلين وسيوف المجاهدين. عباد الله! حين أدرك الأعداء سر تلك القوة الإسلامية، وعلموا يقيناً أنهم لا يد لمقاومتها؛ طفقوا بكل قوتهم في صد المسلمين عن دينهم. وكان من أخبث أساليبهم المعاصرة في ذلك - بعد فشل أسلوب السلاح، وشَرَقهم بجحافل أهل السنة العائدين للدين بشموله علماً وعملاً -إبرازُ مفهوم منحرف للإسلام، يتناغم مع مصالحهم، ويكون أداة طيّعة في أيديهم، ولا يشكِّل خطراً عليهم؛ يُرضُون به عاطفة الدهماء بمِسحة المسمى الديني - لا الحقيقي - وبعضِ مظاهره الجزئية التي لا تقيم ديناً ولا ترعى حُرُماً، كما جهدوا على شيطنة المتمسكين بالسنة سلفاً وخلفاً، وخلق الأباطيل عليهم، ووصمهم بالنقائص والتخلّف، وسخّروا في ذلك طائل الأموال، ووسائل الإعلام، واشتروا ذمم مرتزقة أهل الفن والصحافة والمنافقين عليمي اللسان! وكان من آخر ما تمخّض عنه مؤتمرهم - جرياً على قصد صد الناس عن الدين الحق بأسلوب التفريغ والتشويه - حصرُ مسمى أهل السنة في طوائف ضالة من مبتدعة الصوفية وغيرهم وإخراج السلف الصالح من مسمى أهل السنة كذباً وتدليساً! أيها المؤمنون والمؤمنات! إن ذلك المكر الكبّار يوجب على الأمة الوعيَ بسر نهضتها وقوتها؛ فلا تتيه في طلب المخرج وقد استبان طريقه. إنه التمسك بما جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم -؛ علماً، وعملاً، وحكماً، وتحكيماً، وسياسة، وخلقاً، وسلوكاً، وتربية، ودعوة، وجهاداً، وألفة؛ كما قال الله - تعالى - في ختام سورة الحج: ﴿ وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ﴾ [الحج: 78]. كما أن هذا الكيد المحموم يشي ببشارة الفتح القريب، ويؤذن باتساع نفوذ الدين، وإنشاء الله لدينه حماة ينفون عن دينه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين. ﴿ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [يوسف: 21]. الخطبة الثانية الحمد لله عدد خلقه ورضا نفسه ومداد كلماته، والصلاة والسلام على رسوله خيرته من برياته. عباد الله! إن يومكم هذا هو يوم الحج الأكبر، وهو عيد الأضحى والنحر، وإن من أعظم ما يؤدى في هذا اليوم الأضحيةَ الشرعية التي ما عمل ابن آدم يوم النحر عملاً أحبَّ إلى الله من إراقة دم، وإن للمضحي بكل شعرة وبكل صوفة حسنة، وهي سنة أبينا إبراهيم المؤكدة، ويكره تركها لمن قدر عليها، وذبحها أفضل من التصدق بثمنها. وتجزئ الشاة عن واحد، والبدنة والبقرة عن سبعة. والانفراد بالشاة أفضل من سبع البقرة والبدنة. ثم اعلموا أن للأضحية شروطاً ثلاثة: الأول: أن تبلغ السن المعتبر شرعاً، وهو خمس سنين للإبل، وسنتان للبقر، وسنة كاملة للمعز، وستة أشهر للضأن. والشرط الثاني: أن تكون سالمة من العيوب التي نهى عنها الشرع، وهي أربعة عيوب: العرجاء التي لا تعانق الصحيحة في الممشى، والمريضة البين مرضها، والعوراء البين عورها، والعجفاء، وهي الهزيلة التي لا مخ فيها. وكلما كانت أكملَ في ذاتها وصفاتها فهي أفضل. والشرط الثالث: أن تقع الأضحية في الوقت المحدد شرعاً والذي يبدأ من الفراغ من صلاة العيد وينتهي بغروب شمس اليوم الثالث بعد العيد؛ فصارت الأيام أربعة. ومن كان منكم يحسن الذبح فليذبح أضحيته بنفسه، ومن كان لا يحسن فليوكل من يذبحها عنه ممن يحسنه ولو بأجر، لكن لا يكون ذلك الأجر من الأضحية، وليرفقِ الجميع بالبهيمة، وليرح أحدكم ذبيحته وليحدَّ شفرته لا أمامها؛ فإن الله قد كتب الإحسان على كل شيء، ويوجهها للقبلة عند الذبح، ويسمي قائلاً: بسم الله، والله أكبر، اللهم هذا منك ولك، اللهم هذا عن فلان أو فلانة، ويسمي صاحبها. والأفضل أن يهدي منها ويتصدق ويَطعم، إن فعل واحدة منه جاز. هذا، ويستحب إظهار الفرح والسرور في هذا اليوم بما لا يُتجاوز فيه حد المشروع، وأن توصل الأرحام، ويعفى عن المظالم، وأن يوسع على العيال.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |