اغتنام الصالحات في الأيام المعلومات - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 65 - عددالزوار : 52053 )           »          الحرص على الائتلاف والجماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 80 - عددالزوار : 45839 )           »          الدِّين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 196 - عددالزوار : 64229 )           »          فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 374 - عددالزوار : 155272 )           »          6 مميزات جديدة فى تطبيق الهاتف الخاص بنظام iOS 18 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          إيه الفرق؟.. تعرف على أبرز الاختلافات بين هاتف iPhone 12 و Google Pixel 9 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          برنامج الدردشة Gemini متاح الآن على Gmail لمستخدمى أندرويد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          كيفية حذف صفحة Word فى 3 خطوات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          خطوات.. كيفية إعادة ترتيب الأزرار وتغيير حجمها في مركز التحكم بـiOS 18 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-10-2020, 03:28 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,565
الدولة : Egypt
افتراضي اغتنام الصالحات في الأيام المعلومات

اغتنام الصالحات في الأيام المعلومات
الشيخ عبدالله بن محمد البصري




أَمَّا بَعدُ، فَـ ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، مَا العُمرُ وَمَا حَقِيقَتُهُ؟! وَمَا مِقدَارُ لُبثِ الإِنسَانِ في دُنيَاهُ وَمَا قَدرُ بَقَائِهِ فِيهَا؟! وَمَا نِسبَةُ مَا في هَذِهِ الدُّنيَا مِن مَتَاعٍ إِلى نَعِيمِ الآخِرَةِ؟! أَمَّا العُمُرُ فَهُوَ أَيَّامٌ وَشُهُورٌ، وَأَمَّا الحَيَاةُ الدُّنيَا فَمَا هِيَ إِلاَّ مَتَاعُ الغُرُورِ، وَأَمَّا بَقَاءُ الإِنسَانِ في دُنيَاهُ فَهُوَ قَلِيلٌ ضَئِيلٌ حَقِيرٌ، إِذَا قِيسَ بِمِقيَاسِ الآبَادِ وَالدُّهُورِ، فَكَيفَ بِنَعِيمٍ بَاقٍ لا يَفنَى وَلا يَزُولُ وَلا يَحُولُ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ ﴾ [الروم: 55] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا ﴾ [النازعات: 46] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ ﴾ [غافر: 39] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا ﴾ [النساء: 77] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ [العنكبوت: 64] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [الأنعام: 32] وَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [الحديد: 20].



وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " وَاللهِ مَا الدُّنيَا في الآخِرَةِ إِلاَّ مَثَلُ مَا يَجعَلُ أَحَدُكُم أَصبُعَهُ في اليَمِّ فَلْيَنظُرْ بِمَ يَرجِعُ " رَوَاهُ مُسلِمٌ. وَعَن جَابِرٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - مَرَّ بِجَدْيٍ أَسَكَّ مَيِّتٍ. قَالَ: " أَيُّكُم يُحِبُّ أَنَّ هَذَا لَهُ بِدِرهَمٍ؟ " فَقَالُوا: مَا نُحِبُّ أَنَّهُ لَنَا بِشَيءٍ. قَالَ: " فَوَاللهِ لَلدُّنيَا أَهوَنُ عَلَى اللهِ مِن هَذَا عَلَيكُم " رَوَاهُ مُسلِمٌ. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " الدُّنيَا سِجنُ المُؤمِنِ وَجَنَّةُ الكَافِرِ " رَوَاهُ مُسلِمٌ.



وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " لَو كَانَتِ الدُّنيَا تَعدِلُ عِندَ اللهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ، مَا سَقَى كَافِرًا مِنهَا شَربَةَ مَاءٍ " رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.



وَإِذَا كَانَت هَذِهِ هِيَ قِيمَةَ الدُّنيَا وَتِلكَ نِسبَتَهَا إِلى الآخِرَةِ، فَمَا الوَاجِبُ عَلَى العَبدِ وَقَد أَوجَدَهُ اللهُ بها وَقَدَّرَ لَهُ العَيشَ فِيهَا لِهَدَفٍ مَقصُودٍ وَغَايَةٍ مُحَدَّدَةٍ؟! إِنَّ الوَاجِبَ عَلَيهِ أَن يَتَّبِعَ مَا وَجَّهَهُ إِلَيهِ خَالِقُ هَذِهِ الدُّنيَا وَالعَالِمُ بِحَالِهَا، حَيثُ قَالَ بَعدَ أَن بَيَّنَ سُرعَةَ زَوَالِهَا: ﴿ سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [الحديد: 21].



أَجَلْ - أَيُّهَا الإِخوَةُ - إِنَّ مَن عَلِمَ قِلَّةَ بَقَائِهِ في هَذِهِ الدُّنيَا وَتَيَقَّنَ سُرعَةَ زَوَالِهَا وَفَنَائِهَا، وَأَنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ القَرَارِ وَالنَّعِيمِ المُقِيمِ، وَجَبَ أَن تَكُونَ حَالُهُ حَالَ المُسَافِرِ الغَرِيبِ، الَّذِي لا يَتَزَوَّدُ بِغَيرِ مَا يَكفِيهِ مُدَّةَ سَفَرِهِ، هَكَذَا كَانَ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بِحَالِهِ وَمَقَالِهِ، فَعَنِ ابنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ عَلَيهِ عُمَرُ وَهُوَ عَلَى حَصِيرٍ قَد أَثَّرَ في جَنبِهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوِ اتَّخَذتَ فِرَاشًا أَوثَرَ مِن هَذَا! فَقَالَ: " مَالي وَلِلدُّنيَا، مَا مَثَلِي وَمَثَلُ الدُّنيَا إِلاَّ كَرَاكِبٍ سَارَ في يَومٍ صَائِفٍ، فَاستَظَلَّ تَحتَ شَجَرَةٍ سَاعَةً ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا " رَوَاهُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَعَن عَبدِاللهِ بنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا - قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بِمَنكِبي فَقَالَ: " كُنْ في الدُّنيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَو عَابِرُ سَبِيلٍ " وَكَانَ ابنُ عُمَرَ يَقُولُ: إِذَا أَمسَيتَ فَلا تَنتَظِرِ الصَّبَاحَ، وَإِذَا أَصبَحتَ فَلا تَنتَظِرِ المَسَاءَ، وَخُذْ مِن صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، وَمِن حَيَاتِكَ لِمَوتِكَ. رَوَاهُ البُخَارِيُّ.



وَعَنِ ابنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - لِرَجُلٍ وَهُوَ يَعِظُهُ: " اغتَنِمْ خَمسًا قَبلَ خَمسٍ: شَبَابَكَ قَبلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبلَ فَقرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبلَ شُغلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبلَ مَوتِكَ " رَوَاهُ الحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. إِنَّ المَحَكَّ الحَقِيقِيَّ وَالمِقيَاسَ الصَّادِقَ الَّذِي يَجِبُ أَن يَعرِضَ النَّاسُ عَلَيهِ أَنفُسَهُم لِيَعلَمُوا هَل هُم في هَذِهِ الدُّنيَا في سَعَادَةٍ وَحَيَاةٍ طَيِّبَةٍ أَم في خَيبةٍ وَشَقَاءٍ، إِنَّمَا هُوَ العَمَلُ الصَّالِحُ وَلا شَيءَ غَيرُهُ، إِذِ الدُّنيَا زَائِلَةٌ وَالأَيَّامُ حَائِلَةٌ، وَالأَعمَارُ مَاضِيَةٌ وَالأَموَالُ فَانِيَةٌ، وَلَكِنَّ الأَعمَالَ هِيَ المَحفُوظَةُ البَاقِيَةُ، وَبِصَلاحِهَا يَفُوزُ المُؤمِنُونَ وَيَرتَقي الأَبرَارُ في دَرَجَاتِ الجَنَّةِ، وَبِفَسَادِهَا يَشقَى الكُفَّارُ وَيَهوِي الفُجَّارُ في دَرَكَاتِ النَّارِ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا * وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا ﴾ [النساء: 123، 124].



لَقَد جَعَلَ اللهُ الحَيَاةَ الدُّنيَا مَيدَانًا لِلتَّنَافُسِ بِصَالِحِ الأَعمَالِ فَقَالَ: ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾ [الملك: 1، 2] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾ [الكهف: 7].



وَإِنَّ الحَيَاةَ بِلا عَمَلٍ صَالِحٍ خَسَارَةٌ وَشَقَاءٌ وَخَيبَةٌ، وَهِيَ بِالعَمَلِ الصَّالِحِ فَوزٌ وَرِبحٌ وَفَلاحٌ وَسَعَادَةٌ، وَأَهلُ العَمَلِ الصَّالِحِ هَم أَهلُ الحَيَاةِ الطَّيِّبَةِ وَالأَعمَارِ المُبَارَكَةِ، وَهُمُ الَّذِينَ يَوَدُّهُمُ النَّاسُ وَيُحِبُّونَهُم في الدُّنيَا، ثم يُجزَونَ الجَنَّةَ في الآخِرَةِ خَالِدِينَ فِيهَا، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ [العصر: 1 - 3].



وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ * ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ ﴾ [التين: 4 - 6].



وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97].



وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا ﴾ [مريم: 96] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا * خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا ﴾ [الكهف: 107، 108].



وَعَن أَبي بَكرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - أَنَّ رَجُلاً قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ النَّاسِ خَيرٌ؟ قَالَ: " مَن طَالَ عُمُرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ " قَالَ: فَأَيُّ النَّاسِ شَرٌّ؟ قَالَ: " مَن طَالَ عُمُرُهُ وَسَاءَ عَمَلُهُ " رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَقَالَ الأَلبَانيُّ: صَحِيحٌ لِغَيرِهِ. أَلا فَاتَّقُوا اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَاحمَدُوهُ عَلَى أَنْ مَدَّ في أَعمَارِكُم حَتَّى بَلَغتُم هَذِهِ العَشرَ المُبَارَكَةَ، وَاغتَنِمُوهَا بِصَالِحِ الأَقوَالِ وَالأَعمَالِ ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الحج: 77].

♦ ♦ ♦



أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - حَقَّ التَّقوَى، وَتَمَسَّكُوا مِنَ الإِسلامِ بِالعُروَةِ الوُثقَى، وَتَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ رَبِّكُم، وَخُذُوا مِن دُنيَاكُم لآخِرَتِكُم، فَإِنَّكُم في مَوسِمٍ مِن مَواسِمِ الخَيرِ وَالرَّحمَةِ، بَل في أَيَّامٍ عَظِيمَةٍ مُبَارَكَةٍ، قَضَى اللهُ - تَعَالى - أَن يَكُونَ العَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَفضَلَ مِنهُ في غَيرِهَا، عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " مَا مِن أَيَّامٍ العَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - مِن هَذِهِ الأَيَّامِ - يَعني أَيَّامَ العَشرِ - قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ وَلا الجِهَادُ في سَبِيلِ اللهِ؟! قَالَ: " وَلا الجِهَادُ في سَبِيلِ اللهِ إِلاَّ رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفسِهِ وَمَالِهِ ثم لم يَرجِعْ مِن ذَلِكَ بِشَيءٍ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ



وَإِنَّمَا كَانَ لِلعَمَلِ في أَيَّامِ العَشرِ كُلُّ هَذَا الفَضلِ لِمَا تَشتَمِلُ عَلَيهِ مِن عِبَادَاتٍ عَظِيمَةٍ وَشَعَائِرَ كَرِيمَةٍ، لا تَجتَمِعُ في غَيرِهَا مِن أَيَّامِ العَامِ، فَفِيهَا الحَجُّ إِلى بَيتِ اللهِ الحَرَامِ، وَفِيهَا التَّكبِيرُ وَذِكرُ المَلِكِ العَلاَّمِ، وَفِيهَا يَومُ عَرَفَةَ الَّذِي يُكَفِّرُ صِيَامُهُ سَنَتَينِ، وَيَومُ النَّحرِ الَّذِي هُوَ أَعظَمُ الأَيَّامِ عِندَ اللهِ، وَفِيهَا يَبدَأُ ذَبحُ الأَضَاحي، فَشَمِّرُوا عَن سَوَاعِدِ الجِدِّ وَالاجتِهَادِ، وَاحذَرُوا التَّبَاطُؤَ وَالتَّسوِيفَ، وَإِيَّاكُم وَالتَّكَاسُلَ وَالتَّأجِيلِ، وَحَذَارِ حَذَارِ مِن غَلَبَةِ الأَمَلِ وَاستِبعَادِ الأَجَلِ، فَهَا نَحنُ نَرَى المَوتَ مَاضِيًا لا يَتَوَقَّفُ، يَتَخَطَّفُ الصَّغِيرَ وَالكَبِيرَ، وَيَأخُذُ الصَّحِيحَ وَالمَرِيضَ، فَالبِدَارَ البِدَارَ وَالهِمَّةَ الهِمَّةَ، إِنَّهُ قَد لا يُفتَحُ لأَحَدِنَا في جَمِيعِ أَبوَابِ الخَيرِ أَو لا يَتَمَكَّنُ مِنَ الأَعمَالِ الصَّالِحَةِ المَسنُونَةِ كُلِّهَا، لَكِنَّ ذَلِكَ لا يُسَوِّغُ لَهُ الالتِفَاتَ عَنِ الخَيرِ بِالكُلِّيَّةِ وَالتَّكَاسُلَ عَن طَرقِ أَبوَابِهِ مُطلَقًا، أَو عَدَمَ التَّفكِيرِ في بَذلِهِ مِن نَفسِهِ وَالمُشَارَكَةِ فِيهِ، بَلِ الوَاجِبُ عَلَى العَبدِ أَن يَبحَثَ عَن مَظَانِّ الخَيرِ وَيَحرِصَ عَلَى التَّزَوُّدِ لِمَا أَمَامَهُ، وَخَاصَّةً الفَرَائِضَ فَإِنَّهَا رَأسُ المَالِ، وَأَعظَمُهَا بَعدَ تَوحِيدِ اللهِ الصَّلاةُ، فَالزَمُوا المَسَاجِدَ وَأَقِيمُوا الجَمَاعَةَ، وَافعَلُوا الخَيرَ وَلازِمُوا الطَّاعَةَ، وَالتَّوبَةَ التَّوبَةَ مِن جَمِيعِ الخَطَايَا وَالذُّنُوبِ، وَالحَذَرَ الحَذَرَ مِنَ المَعَاصِيَ فَإِنَّهَا سَبَبُ كُلِّ حِرمَانٍ، أَخلِصُوا الدُّعَاءَ وَاصدُقُوا الرَّغبَةَ، فَإِنَّ رَبَّكُم قَرِيبٌ مُجِيبٌ ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186].




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 59.37 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 57.70 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.82%)]