خطبة عن الصبر على أقدار الله - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1174 - عددالزوار : 130917 )           »          3 مراحل لانفصام الشخصية وأهم أعراضها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          متلازمة الشاشات الإلكترونية: كل ما تود معرفته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          ما هي أسباب التعرق الزائد؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          أضرار الوجبات السريعة على الأطفال: عواقب يُمكنك تجنبها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          الوقاية من القمل بالقرنفل: أهم الخطوات والنصائح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          علاج جفاف المهبل: حلول طبيّة وطبيعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          الوقاية من القمل في المدارس: دليل شامل للأهل والمعلم! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          الوقاية من التهاب الكبد: 9 خطوات بسيطة لصحة أفضل! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          الوقاية من الجلطات: دليلك الشامل لصحة أفضل! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 30-09-2020, 03:14 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,857
الدولة : Egypt
افتراضي خطبة عن الصبر على أقدار الله

خطبة عن الصبر على أقدار الله
أ. عبدالعزيز بن أحمد الغامدي




الخطبة الأولى


عباد الله، لقد قدر الله مقادير الخلائق وآجالهم، وخلق الموت والحياة ليبلوهم أيهم أحسن عملاً. والإيمان بقضاء الله وقدره ركن من أركان الإيمان، والدنيا طافحة بالأكدار، مطبوعة على المشاق والأهوال، والعوارضِ والمحنِ هي كالحر والبرد لا بد للعبد منهما، ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 155]، والنفس لا تزكو إلا بالتمحيص، والبلايا تُظهر أهل الإيمان من غيرهم: ﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ﴾ [العنكبوت: 2].



ولا بد من حصول الألم لكل نفس، سواء آمنت أم كفرت، فالحياة مبنية على المشاق وركوب الأخطار. والمرء يتقلب في زمانه في تحول ما بين النعم والمحن.



آدم عليه السلام سجدت له الملائكة، ثم بعد بُرهة يُخرج من الجنة. وما الابتلاء إلا خلاف الأماني، فتن في السراء، ومحن في الضراء، ﴿ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [الأعراف: 168]، والمؤمن يُبتلى ليهذَّب لا ليعذَّب، والمكروه قد يأتي بالمحبوب، والمرغوب قد يأتي بالمكروه، فلا تأمن أن توافيَك المضرةُ من جانب المسرة، ولا تيأس أن تأتيك المسرةُ من جانب المضرة، قال عز وجل: ﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 216].



فوطّن نفسك على المصائب قبل وقوعها، ليهن عليك وقعها، ولا تجزع بالمصائب، فللبلايا أمدٌ محدودٌ عند الله، ولا تتسخط بالمقال، فرب كلمة جرى بها اللسانُ هلك بها الإنسان، والمؤمن الحازم يثبت للعظائم، ولا يتغير فؤاده، وخفِّفِ المصاب على نفسك بوعد الأجر وتسهيل الأمر، لتذهب المحن بلا شكوى، وما زال العقلاء يظهرون التجلد عند المصاب لئلا يتحملوا مع النوائب شماتة الأعداء، والمصيبة إن بدت لعدوّ سُرَّ واستبشر بها، وكتمان المصائب والأوجاع من شيم النبلاء، فصابِرِ البلاء، فما أسرع زواله، وغاية الأمر صبرُ أيامٍ قلائل، وما هلك الهالكون إلا من نفاد الجَلَد، والصابرون مجزيون بخير الثواب، ﴿ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 96]، أجورهم مضاعفة، ﴿ أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا ﴾ [القصص: 54]، والنصر والفرج معلقان بالصبر، والله مع الصابرين.



أيها المبتلى، ما منعك ربك إلا لتعطى، ولا ابتلاك إلا لتعافى، ولا امتحنك إلا لتُصَفَّى، يبتلي بالنعم، ويُنعِم بالبلاء. بالابتلاء يُرفع شأن الأخيار، ويعظم أجر الأبرار، يقول سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قلت: يا رسول الله، أي الناس أشد بلاء؟ قال: ((الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلابةٌ زِيد في بلائه، وإن كان في دينه رقة خُفِّف عنه، وما يزال البلاء بالمؤمن حتى يمشي على الأرض وليس عليه خطيئة)) رواه البخاري.



إن طريق الابتلاء معبر شاق، تَعِبَ فيه آدم، ورُمي في النار الخليل، وأضجِع للذبح ابن الخليل، وألقي في بطن الحوت يونس، وقاسى الضر أيوب، وبيع بثمن بخس يوسفَ؛ وألقي في الجب إفكاً وفي السجن ظلماً، وعالج أنواعَ الأذى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وأنت على سنة الابتلاء سائر، والدنيا لم تصفُ لأحد، يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم : ((من يرد الله به خيراً يصب منه)) رواه البخاري.



إخوة الإيمان، إن المصيبة حقاً إنما هي المصيبة في الدين، وما سواها من المصائب فهي عافية، إذ فيها رفع الدرجات، وحط السيئات، وكلُّ نعمة لا تُقرّب من الله فهي بلية، والمصاب من حُرِم الثواب، فلا تأس على ما فاتك من الدنيا، فنوازلها أحداث، وأحاديثها غموم، وطوارقها هموم، الناس معذبون فيها على قدر اهتمامهم بها، الفَرِحُ بها هو نفسه الذي يحزن عليها، آلامها متولدة من لذاتها، وأحزانها من أفراحها، يقول أبو الدرداء رضي الله عنه: (من هِوان الدنيا على الله أنه لا يُعصى إلا فيها، ولا يُنال ما عنده إلا بتركها).



فتشاغل يا عبدالله بما هو أنفع لك من حصول ما فاتك، برفع خلل، أو اعتذارٍ عن زلل، أو وقوف على الباب إلى رب الأرباب، وتلمّح سرعةَ زوالِ بليتك تَهُن، فلولا كَرْبُ الشدة ما رُجيت سعة الراحة، وأجمعِ اليأس مما في أيدي الناس تكن أغناهم، ولا تقنط فتُخذل، وتذكر كثرة نعم الله عليك، وادفع الحزن بالرضَا بمحتوم القضَا، فطول الليل وإن تناهى فالصبح له انفلاج، وآخر الهم أول الفرج، والدهر لا يبقى على حال، بل كل أمر بعده أمر، وما من شدة إلا ستهون، ولا تيأس وإن تضايقت الكروب، فلن يغلب عسر يسرين، وعليك بالضراعة إلى الله يزهو نحوك الفرج، وما تجرّع كأسَ الصبر معتصمٌ بالله إلا أتاه المخرج، يعقوب عليه السلام لما فقد ولداً وطال عليه الأمد، لم ييأس من الفرج، ولما أُخد ولده الآخر لم ينقطع أمله من الواحد الأحد، بل قال: ﴿ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا ﴾ [يوسف: 83]. بارك الله لي ولكم في القرآن.....



الخطبة الثانية

أيها الإخوة، يقول داود بن سليمان رحمه الله: "يستدل على تقوى المؤمن بثلاث: حسن التوكل فيما لم ينل، وحسن الرضا فيما قد نال، وحسن الصبر فيما قد فات". ويقول شريح رحمه الله: "ما أصيب عبد بمصيبة إلا كان له فيها ثلاثُ نِعَم: أنها لم تكن في دينه، وأنها لم تكن أعظم مما كانت، وأن الله رزقه الصبرَ عليها إذْ صبر".



عباد الله، ربنا وحده له الحمد، وإليه المشتكى، فلا تَرْجُ إلا اللهَ في رفع مصيبتك ودفع بليتك، فناد الكريم أن يفرج كربك، ويسهل أمرك، وتوكل على القدير، والجأ إليه بقلب خاشع ذليلٍ يفتح لك الباب، وإذا قوي الرجاء؛ وجُمِع القلب في الدعاء لم يُرَدَّ النداء، ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ﴾ [النمل: 62]. وأكثر من دعوةِ ذي النون: ﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 87]، ودعاء أيوب ﴿ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 83]، فألقِ كَنَفَك بين يدي الله، وعلّق رجاءك به، وسلِّم الأمر للرحيم، واسأله الفرج، واقطع العلائق عن الخلائق، وتحرّ أوقات الإجابة، كالسجود وآخر الليل، وإياك أن تستطيل زمنَ البلاء، وتضجر من كثرة الدعاء، فإنك مبتلى بالبلاء، متعبَّد بالصبر والدعاء، ولا تيأس من روح اللهِ وإن طال البلاء، فالفرج قريب، وسَلْ فاتحَ الأبواب فهو الكريم، ﴿ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ ﴾ [يونس: 107]، وهو سبحانه الفعالُ لما يريد.



يا من استبطأت الرزق أكثر من التوبة والاستغفار، فإن الزلل يوجب العقوبة، وإذا لم تر للإجابة أثراً فتفقد أمرك، فربما لم تصدق توبتك فصححها، ثم أقبل على الدعاء، فلا أعظم جوداً ولا أسمح يداً من الجواد، وتفقد ذوي المسكنة، فالصدقة ترفع وتدفع البلاء.




وإذا كُشفت عنك المحنة فأكثر من الحمد والثناء، واعلم أن الاغترار بالسلامة من أعظم المحن، فإن العقوبة قد تتأخر، والعاقل من تلمَّح العواقب، فأيقن دوماً بقدَر الله وخلقِهِ وتدبيره، واصبر على بلائه وحكمه، واستسلم لأمره، واحمده على كل حال. ﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [التوبة: 51].



اللهم ارزقنا صدق التوكل عليك.

اللهم اجعلنا عند البلاء من الصابرين، وعند النعماء من الشاكرين..


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 71.62 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 69.90 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.40%)]