|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() دعوة المظلوم: تبشير وتحذير عبدالله بن عبده نعمان العواضي دعوة المظلوم: تبشير وتحذير [1] إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]،﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]. أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي رسوله محمد بن عبد الله، صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. أيها الناس، حينما يُقتل الأبرياء، ويُقهر الضعفاء، ويتجبر الأقوياء، فلا حُزْنَ؛ فهناك مدعوٌ، وهناك دعوة، وعندما تُسلب الحقوق، فيأخذ القويُّ حقَ الضعيف، والغنيُّ حق الفقير، وصاحب الجاه حقَ من تحته فلا أسى؛ فهناك مدعو، وهناك دعوة، ويوم تكثر دموعُ المظلومين، ويشتد أنين المكروبين؛ لفشو ظلم الظالمين، وجور الجائرين، فلا كمدَ؛ فهناك مدعو، وهناك دعوة، ولما يبلغ الضرُّ منتهاه، والضيق مَداه، فلا حَزَن؛ فهناك مدعو، وهناك دعوة. عباد الله، نَعمْ، حينما تتكاثف هذه الليالي المدلهمّة، والأوجاع الخاصة والعامة فإنها تفتح بابَ أملٍ فسيح يخفف الحزن أو يذهبه، وترفع رأسَ الإنسان إلى السماء، وتعلّق قلبه بخالق الحياة والأحياء، ليرجوَه ويدعوه. فهناك هناك يجد مدعواً يدعوه، وربّاً قادراً يرجوه. يجد مدعواً رحيمًا هو الله سبحانه وتعالى، الذي هو أرحم بالعبد من نفسه، وأرحم به من أبيه وأمه، وأرحم به من كل راحم؛ فيرحم حالَه، ويجيب سؤاله، ويعطيه نواله، رحمة به ورأفة، قال تعالى:﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾[النساء:29]، ويجد المظلوم مدعواً عليمًا محيطًا علمُه بكل شيء، فيعلم ما مسّه، ويعلم مَن ظلمه، قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ ﴾ [آل عمران: 5]، ويجد المظلوم مدعواً خبيراً بصيراً يرى بطش من ظلمه، وجورَ من جار عليه، قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [البقرة: 110]، ويجد المظلوم مدعواً سميعًا قريبًا مجيبًا، قال تعالى: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ﴾ [البقرة: 186]. قال الشاعر: لا تظلمنَّ إذا ما كنتَ مقتدراً ![]() فالظلم مصدره يُفضي إليه الندمِ ![]() تنام عيناك والمظلوم منتبهٌ ![]() يدعو عليك وعينُ الله لم تنمِ ![]() ويجد المظلوم مدعواً قويًا قادراً، عزيزاً قاهراً، سيأخذ له حقه، وينتقم له ممن ظلمه، قال تعالى: ﴿ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا ﴾ [الأحزاب:27]، وقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ ﴾ [إبراهيم:47]، ويجد المظلوم مدعواً حكمًا عدلاً، سينصف له، ويستوفي له حقه ممن تعدى عليه، قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ﴾[النساء:40]. إذن كيف يحزن مظلوم له رب رحيم، سميع عليم، قدير قريب، قوي مجيب، حكم عدل، خبير بصير؟! فيا ويل من يظلم إنسانًا لا يجد له ناصراً إلا الله تعالى، ويا ويل من يظلم إنسانًا لا يجد له معينًا إلا الله، ويا ويل من يظلم إنسانًا لا قوةَ له إلا بالله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اتقوا دعوة المظلوم؛ فإنها تُحمل على الغمام يقول الله جل جلاله: وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين)[2]. قال الشاعر: ألا قولوا لمن قد تقوّى ![]() على ضعفي ولم يخشَ رقيبهْ ![]() خبَأتُ له سهامًا في الليالي ![]() وأرجو أن تكون له مُصيبهْ ![]() أيها المسلمون، وفي خضم تلك المظالم هناك دعوة، ولكنها ليست ككل دعوة، إنها دعوة المظلوم التي تُرفع إلى الحي القيوم. إنها أقوى الأسلحة في ردع الظلم، وإهلاك الظالمين، إنها سلاح فتّاك يلاحق الظالمين إلى كل مكان كانوا فيه-مهما امتد بهن الزمن-، ولا يمكنهم ردُّه أو دفعه بأي سلاح، إن دعوة المظلوم لهبٌ حارق، ونار مضطرمة، ترمي الظالمين بشررٍ كالقصر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( اتقوا دعوة المظلوم؛ فإنها تصعد إلى السماء كأنها شرارة)[3]. قال ابن القيم رحمه الله في بدائع الفوائد: "لا تحتقر دعاء المظلوم؛ فشرر قلبه محمول بعجيج صوته إلى سقف بيتك، ويحك! نبال أدعيته مصيبة، وإن تأخر الوقت، قوسه قلبُه المقروح، ووتره سواد الليل، وأستاذه صاحب:" لأنصرنك ولو بعد حين"، وقد رأيتَ، ولكن لستَ تعتبر، احذر عداوة من ينام وطرفه باكٍ يقلب وجهه في السماء، يرمي سهامًا ما لها غرض سوى الأحشاء منك". دعوة المظلوم سفينة فضائية سريعة أسرع من الضوء، بل لا تقاس بسرعة أسرع شيء في حياتنا، هذه السفينة تنطلق حاملة أنين المكلومين، ودموع المقهورين، وتوجع المتوجعين، وآهات المتأوهين، ورجاء الآملين بمن لا يظلم عنده أحد، وبمن حرم الظلم على نفسه، وجعله بين عباده محرمًا، الذي قال عن نفسه: ﴿ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾[الكهف:49]. قيل لعلي رضي الله عنه: " كم بين العرش والتراب؟ فقال: دعوة مظلوم مستجابة". إنها دعوة لا تقف أمامها الأبواب، ولا تصدّها الشُرَط ولا الحُجّاب، وكلما قوي الظلم قويت ضراعة المظلوم فالتهبت دعوته فكانت أسرع نفاذاً، وأقرب قبولاً؛ لأنها اتجهت إلى باب الله، ولم تتجه إلى أبواب رؤساء الدنيا وملوكها: وأفنيةُ الملوك محجّباتٌ *** وباب الله ليس له فناء أيها الأحبة الفضلاء، إن دعوة المظلوم دعوة مستجابة مسموعة لا تُرد؛ لأنها صدرت من لسان الاضطرار، ولسان التفويض الكامل من العبد الفقير الضعيف العاجز إلى المعبود الغني القوي القادر، قال تعالى: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ﴾ [النمل: 62]. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( وإياك ودعوة المظلوم فإنها تستجاب) [4]، وقال عليه الصلاة والسلام: (ثلاث لا ترد دعوتهم:الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم) [5]. ذكر ابن كثير في البداية والنهاية أن يحيى بن خالد البرمكي- أحد وزراء بني عباس - قال له أحد بنيه - وهما في السجن والقيود -: يا أبت، بعد الأمر والنهي والنعمة صرنا إلى هذا الحال؟! فقال: يا بنى، دعوة مظلوم سرتْ بليلٍ ونحن عنها غافلون، ولم يغفل الله عنها! ثم أنشأ يقول: ربَّ قومٍ قد غدوا في نعمةٍ ![]() زمنًا والدهر ريّانُ غدِقْ ![]() سكت الدهر زمانًا عنهمُ ![]() ثم أبكاهم دمًا حين نطقْ! ![]() معشر المسلمين، إن دعوة المظلوم مستجابة ولو كانت من فاجر أو من كافر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه-حينما بعثه إلى أهل اليمن- وكان أهل اليمن آنذاك أهل كتاب-: ( اتق دعوة المظلوم؛ فإنه ليس بينها وبين الله حجاب) [6]. وقال عليه الصلاة والسلام: (اتقوا دعوة المظلوم -وإن كان كافرا -؛ فإنه ليس دونها حجاب) [7]. وقال: دعوة المظلوم مستجابة، وإن كان فاجراً ففجوره على نفسه) [8]. يا أيها المظلومُ سَلِّ شجاكا ![]() بُشراك هلّتْ من سَما مَولاكا ![]() وتنزّلتْ -والظلمُ يبسطُ عسفَهُ- ![]() تروي غليلَك في عتوِّ صَداكا ![]() الله أرحمُ مَنْ تلوذُ ببابِه ![]() والله أقربُ من يَليْ شكواكا ![]() يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |