|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() أمانة التجارة في الإسلام السيد طه أحمد الحمد لله رب العالمين. خلق السماوات والأرض بالحق والعدل ووضع الميزان في الأرض ليقوم الناس بالقسط بينهم، وأمر بعدم الطغيان في الميزان فقال تعالى: ﴿ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ * وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ * وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ * أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ * وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ ﴾ [الرحمن: 5 - 9]. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.. أمر بالتجارة الحلال فقال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾ [النساء: 29]. وأشهد أن سيدنا محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم. حث علي الكسب الطيب فقال صلى الله عليه وسلم. فعن رفاعة بن رافع رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئلَ: أي الكسب أطيب؟ فقال: "عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور". روى البزار والحاكم وصححه. فاللهم صل علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين. أما بعد. فيا أيها المؤمنون. فإن التجارة من الكسب الطيب الذي حث عليه الإسلام وأمر به، فقد روى البزار والحاكم وصححه عن رفاعة بن رافع رضي الله عه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئلَ: أي الكسب أطيب؟ فقال:عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور". قال العلماء: والبيع المبرور ما ليس فيه غش ولا خداع، ولا ما يخالف الشرع وقال تعالى ﴿ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ﴾ [البقرة:275]. وقال تعالى ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾ [النساء: 29]. فالتجارة من الكسب الحلال الذي أمرنا به ديننا الحنيف واعتبرها من الأمانات التي أوصي الإسلام بحفظها لذلك كان حديثنا عن أمانة التجارة في الإسلام. وذلك من خلال هذه العناصر الرئيسية التالية: 1 - لماذا الحديث عن التجارة؟. 2 - فضل التجارة في الإسلام. 3 - الضوابط الشّرعية للتجارة. 4 - أثر الالتزام بالضوابط الشرعية. العنصر الأول: لماذا الحديث عن التجارة؟ الحديث عن التجارة لثلاثة أسباب:- السبب الأول: لجهل كثير من الناس ببركتها، فأحببت أن أبين بركتها. السبب الثاني: اتجاه كثير من الشباب نحو التوظيف الحكومي، فإن لم يوجد فالمؤسسي، حتى صار عند بعضهم هماً لا ينفك عنه حتى يتوظف! مع أن الوظائف كما قال البعض تضعف التوكل على الله، وليس ذلك تزهيداً في الوظائف، ولكن أن لا تكون هدفاً وغاية، وكأن الدولة هي الرازقة والمعطية والمانعة، والله تعالى هو الرزاق ذو القوة المتين، كما قال تعالى: ﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ [هود: 6]. فلا بأس أن يبحث الإنسان عن الوظيفة ويفكّر في وسيلة للتكسب، كما قال أحد الحكماء: "اشتغل حمالاً ويكون هدفك أن تكون تاجراً". السبب الثالث: تزايد عدد العاطلين: فالذي يقول: "لا يوجد عمل" هذا غير منطقي؛ فالأعمال موجودة، ولكنّ تحتاج إلى حركة وتفكير وتدبير، ولكن إذا قال: "لا أجد عملاً أنا أريده" فهذا معقول، وليس بالإمكان أن يجد الإنسان كل ما يريده، كما قال الشاعر: ما كل ما يتمنى المرء يدركه ♦♦♦ تأتي الرياح بما لا تشتهي السفنُ فلابد للإنسان أن يفكّر إلى ما يعود له بالكسب الحلال، وكما قيل: "الحاجة أم الاختراع". العنصر الثاني: فضل التجارة في الإسلام: تظهر أهمية التجارة في الإسلام أن القرآن الكريم يسمى أرباحها فضل الله، وقد قرن الله تعالى ذكر الضاربين في الأرض للتجارة بالمجاهدين في سبيل الله؛ قال تعالى ﴿ وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ [المزمل: 20]. وقال تعالى: ﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ [البقرة: 198]. وقال تعالى: ﴿ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ﴾ [الجمعة: 10] وجاء عن عمر رضي الله عنه أنه قال: ما من مكان أحب إلى أن يأتيني فيه أجلي بعد الجهاد في سبيل الله إلا أن أكون في تجارة أبيع وأشتري، وقد أخذ هذا المعنى من قول الله تعالى: ﴿ وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ﴾ [المزمل: 20]. وتظهر أهمية التجارة من خلال ذكرها في كتاب الله تعالى وفي سنة رسوله. فقد ذكرت كلمة التجارة، وبمختلف اشتقاقاتها تسع مرات في سبع سور، مرة يراد بها التجارة المعنوية ومرة يراد بها تجارة البيع والشراء. قال تعالى: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ ﴾ [البقرة: 16] وقال تعالى: ﴿ وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 282]. وقال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾ [النساء: 29]. وقال تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ [التوبة: 24]. وقال تعالى: ﴿ وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾ [الجمعة: 11]. و قد امتنَّ الله تعالى على قريش أن كانت لهم تجارة في الشتاء والصيف: يرتحلون من أجلها إلى الشام واليمن، فقال الله تعالى: ﴿ لِإِيلافِ قُرَيْشٍ * إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ * فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ﴾ [قريش: 1-4]، وقال سبحانه: ﴿ أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [القصص:57]. وقال تعالى: ﴿ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ﴾ [النور: 37]. وقال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ ﴾ [فاطر: 29]. وقال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الصف: 10، 11] وقال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 111]. فقد لوحظ أن كلمة التجارة في القرآن الكريم قد استعملت في بابي الدنيا والآخرة في البيع والشراء المادي،وفي البيع والشراء المعنوي (الطاعة والثواب) ففي كل من سورة البقرة وفاطر والصف، قد استعملت في باب الطاعة والثواب، وفي السور الأخرى، قد استعملت في باب البيع والشراء الحياتي المادي. فيكون استعمال لفظة التجارة واردة في باب ربح المادة والثواب، إلا أن الغالب عليها عند الإطلاق (البيع والشراء الحياتي المادي). وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن بركة التجارة علي صاحبها فقال صلى الله عليه وسلم (أعظم الناس هما المؤمن الذي يهم بأمر دنياه وأمر آخرته). وروى الإمام أحمد في مسنده من حديث رافع بن خديج قال: قيل يا رسول الله، أي الكسب أطيب؟ قال: "عَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ وَكُلُّ بَيْعٍ مَبْرُورٍ". وقال صلى الله عليه وسلم (التاجر الصدوق يحشر يوم القيامة مع الصديقين والشهداء). وكانت التجارة عمل النبي صلى الله عليه وسلم، فحين بلغ مبلغ الرجال حيث كان صلى الله عليه وسلم يتاجر في مال السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها. في هذه النصوص وغيرها دلالة على مدى الاهتمام بالدنيا والتجارة فيها، والاهتمام بأمر الآخرة، وأن التجارة إذا كانت بحق والتزم صاحبها الصدق والحق هي سبب من أسباب التكريم والرفعة في الآخرة، حيث حشره مع صفوة الخلق يوم الحساب. "وقد سئل بعض الصالحين: عن التاجر الصدوق، أهو أحب إليه أو المتفرغ للعبادة؟ قال التاجر الصدوق أحب إلي، لأنه في جهاد يأتيه الشيطان من طريق المكيال والميزان ومن قبل الأخذ والعطاء فيجاهده". ونسب إلى ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: "إني لأكره أن أرى الرجل فارغاً لا في أمر دنياه ولا في أمر آخرته". العنصر الثالث: الضوابط الشّرعية للتجارة:- 1- حسن التوكلعلي الله تعالى:- فإن الذي يتاجر في الغالب متوكل على الله تعالى، فهو لا يضمن ربحاً معيناً أو خسارة، بخلاف الذي يعمل بأجر يومي أو شهري، والله سبحانه وتعالى يقول ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق: 3] الطلاق. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم [لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاً -جياعاً- وتروح بطاناً( أي: شباعاً)] رواه أحمد والترمذي والحاكم وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة. فالله تعالى تكفّل بحفظه ورزقه للمتوكل، والواقع المعاش خير شاهد، فإن أصحاب رؤوس الأموال وهم التجار الكبار ما بلغوا ذلك إلا مروراً بالتجارة الصغيرة (البيع والشراء) حتى صاروا تجّاراً كباراً. فهذا الصحابي الجليل سيدنا عبد الرحمن ابن عوف رضي الله عنه، أخرج البخاري في صحيحه عَنْ أَنَسٍ رضى الله عنه، أَنَّهُ قَالَ قَدِمَ عَلَيْنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَآخَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، وَكَانَ كَثِيرَ الْمَالِ فَقَالَ سَعْدٌ: قَدْ عَلِمَتِ الأَنْصَارُ أَنِّي مِنْ أَكْثَرِهَا مَالاً سَأَقْسِمُ مَالِي بَيْنِي وَبَيْنَكَ شَطْرَيْنِ وَلِي امْرَأَتَانِ فَانْظُرْ أَعْجَبَهُمَا إِلَيْكَ فَأُطَلِّقُهَا حَتَّى إِذَا حَلَّتْ تَزَوَّجْتَهَا؛ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ، فَلَمْ يَرْجِعْ يَوْمَئِذٍ حَتَّى أَفْضَلَ شَيْئًا مِنْ سَمْنٍ وَأَقِطٍ فَلَمْ يَلْبَثْ إِلاَّ يَسِيرًا، حَتَّى جَاءَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَعَلَيْهِ وَضَرٌ مِنْ صُفْرَةٍ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَهْيَمْ قَالَ: تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ: مَا سُقْتَ فِيهَا؛ قَالَ: وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، أَوْ نَوَاةً مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ: أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ. استطاع سيدنا عبد الرحمن بن عوف أن يكون ثروة واسعة، بعد أن كان صداقه ربع دينار، وتصدق بأربعين ألف دينار وترك تركة تعادل مائتا ألف وثلاثة ملايين دينار، وهو الذي دخل المدينة معدما فقيرا، ولكنه كان سببا في الإنعاش الاقتصادي في المدينة،فكل هذا من أثر توكله علي الله تعالى. 2- العلم بأصول التجارة والعلم بالضوابط الشرعية للتجارة:- إن ما يحتاجه المرء في الحال ويلزمه هو: تعلم أحكامه الشرعية احترازاً من الوقوع في المخالفات وشأن طالب التجارة كطالب الحج لزوماً يفترض عليه تعلم ما يُؤدى به الحج. ولا بد لطالب التجارة أو أي حرفة حياتية من قدر من الضوابط ليتميز عنده المباح من المحظور وموضع الأشكال من المسألة التجارية. فالمكتسب عن طريق التجارة يحتاج إلى معرفة أحكام كسب التجارة وبتعلمه يحصل على ضمان رأسماله الدنيوي والأخروي: 1 - يقف على مفسدات المعاملات التجارية. 2 - يقف على ما شذ من المفسدات فيدرك سبب إشكالها. 3 - تجنب الوقوع في المعاصي والشبهات. وليس من الصحة الانتظار حتى يقع فيها لأن يسأل عنها فكان لزامًا أن يفهم الأصول والضوابط الشرعية لتجارته وفي هذا فقد ذكر أنّ أمير المؤمنين "عمر بن الخطاب" رضي الله عنه كان يطوف في السوق ويقول" [لا يبع في سوقنا إلا من يفقه، وإلا أكل الربا، شاء أم أبى]". بأن يتعرف على المحاذير الواضحة فيبتعد عنها وعن المحاذير المشبوهة فيتوقاها. فيكون بذلك التاجر الصادق الذي له الإحسان في الدنيا والإحسان في الآخرة. 3 - عدم الإفراط في التجارة وكسب الأرباح والاشتغال بذلك عن ذكر الله وعن الواجبات نحو الدين والأمة:- أن لا تشغله تجارته عن واجباته نحو ربه عز وجل،كأن تشغله عن ذكر الله، وعن الصلاة، وعن الزكاة، وعن الحج، وعن بر الوالدين، وعن صلة الأرحام، وعن الإحسان إلى الناس، فهذه صفة التاجر الصدوق الذي قال صلى الله عليه وسلم فيه (التاجر الصدوق مع النبيين والصديقين والشهداء) (رواه الترمذي، وقال: حديث حسن). أن مَثَل هؤلاء مَثَل من وصفهم الله تعالى بقوله: ﴿ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [النور: 37، 38]. فالصحابة الكرامة كانوا أتجر الناس مثل سيدنا أبو بكر الصديق، وعثمان ابن عفان وسعد ابن أبي وقاص، وطلحة ابن عبيد الله، والزبير ابن العوام رضي الله عنهم جميعا، ومع ذلك لم تشغلهم تجارتهم عن واجبهم تجاه ربهم جل وعلا.ويحذرنا الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى من الانشغال بالدنيا عن الواجب نحو الله تعالى فقال:- "من شغلته أمواله عن الصلاة حشر مع صاحب المال. مع قارون، و من شغله ملكه عن الصلاة حشر مع فرعون، و من شغلته وزارته عن الصلاة حشر مع هامان، و من شغلته تجارته عن الصلاة حشر مع أمية ابن خلف في الدرك الأسفل من النار. يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |