رسالة إلى الذين اتخذوا دينهم هزوا ولعبا - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         ماذا لو حضرت الأخلاق؟ وماذا لو غابت ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          مسؤولية الأبوين والمعلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          التنزه وإماطة الأذى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          مشكلة المياه في الوطن العربي.. احتمالات الصراع والتسوية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          النجاة من الفتن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          شرح النووي لحديث: قاتلهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          شرح النووي لحديث: اللهم هؤلاء أهلي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          كشف القناع عن بلاد الأحلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          عليكم أنفسكم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          النهايات اللائقة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-09-2020, 02:08 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,086
الدولة : Egypt
افتراضي رسالة إلى الذين اتخذوا دينهم هزوا ولعبا

رسالة إلى الذين اتخذوا دينهم هزوا ولعبا
أحمد الجوهري عبد الجواد







إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.







اللهم صل على حبيبك ومصطفاك وخيرتك من خلقك ومجتباك الذي:







عرضت لهُ الدنيا فأعرض زاهدًا

يبغي من الأخرى المكان الأرفعا



ما جر أثواب الحرير ولا مشى

بالتاج من فوق الجبين مرصعا



وهو الذي لو شاء نالت كفُّه

كلَّ الذي فوق البسيطة أجمعا



مَن ألبسَ الدنيا السعادةَ حلَّةً

فضفاضة؛ لبس القميص مرقعا










أما بعد، فيا أيها الإخوة!



من هزل بشيء فيه ذكر الله - عز وجل - أو القرآن أو الرسول فقد كفر، لأن الاستهزاء بالله تعالى وبرسوله وبالقرآن لا يجتمع مع الإيمان في قلب مسلم موحد فإذا سكن القلب أحدهما خرج الآخر، وذلك لأن المستهزئ بذلك مستخف بعظمة الله ومستهتر بربوبيته ومستهين بجناب الرسالة وذلك كله مناف للتوحيد، والاستهزاء إنما يكون استهزاء حين يكون بما تعارف عليه الناس أنه كذلك من السب والتنقص والعيب والطعن والتحقير والاستخفاف والازدراء إلى آخر هذه التعبيرات، فما عده العرف استهزاء كان هذا حكمه سواء كان بالفعل أو بالقول أو بالإيماء أو الإشارة.







فهذا كله كفر في دين الله - عز وجل - ورضاً بالجاهلية بعد الإسلام وهذا الحكم - أيها الإخوة - هو حكم الله تعالى فيمن فعل ذلك اقرأ إن شئت قوله تعالى: ﴿ يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ * وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ ﴾ [التوبة: 64 - 67].







ذكر ابن كثير - رحمه الله - عن محمد بن كعب القُرَظي وغيره قالوا: قال رجل من المنافقين عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – وصحبه الكرام: ما أرى قُرّاءنا هؤلاء إلا أرغبنا بطونا، وأكذبنا ألسنة، وأجبننا عند اللقاء. فرُفع ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء ذلك القائل إلى رسول الله وقد ارتحل وركب ناقته، فقال المنافق يريد أن يستقبل بالاعتذار: يا رسول الله، إنما كنا نخوض ونلعب. فقال: ﴿ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ﴾.... الآيات السابقة، وإن رجليه لتنسفان الحجارة وما يلتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو متعلق بنسعة رسول الله صلى الله عليه وسلم.[1]







وعن عبد الله بن عمر قال: قال رجل في غزوة تبوك في مجلس: ما رأيت مثل قُرائنا هؤلاء، أرغبَ بطونًا، ولا أكذبَ ألسنًا، ولا أجبن عند اللقاء. فقال رجل في المسجد: كذبتَ، ولكنك منافق. لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل القرآن. قال عبد الله بن عمر: وأنا رأيته متعلقًا بحَقَب ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم تَنكُبُه الحجارة وهو يقول: يا رسول الله، إنما كنا نخوض ونلعب. ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ﴿ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ﴾ [التوبة: 65، 66].







وقال ابن إسحاق: وقد كان جماعة من المنافقين منهم وَديعة بن ثابت، أخو بني أمية بن زيد، من بني عمرو بن عوف، ورجل من أشجع حليف لبني سلمة يقال له: مُخَشّن بن حُميّر يشيرون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو منطلق إلى تبوك، فقال بعضهم لبعض: أتحسبون جِلادَ بني الأصفر كقتال العرب بعضهم بعضًا؟ والله لكأنا بكم غدًا مُقَرّنين في الحبال، إرجافا وترهيبا للمؤمنين، فقال مُخَشّن بن حُمَيّر: والله لوددتُ أني أقاضى على أن يضرب كل رجل منا مائة جلدة، وإما نَنْفَلتُ أن ينزل فينا قرآن لمقالتكم هذه. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم -فيما بلغني - لعمار بن ياسر: "أدرك القوم، فإنهم قد احترقوا، فسلهم عما قالوا، فإن أنكروا فقل: بلى، قلتم كذا وكذا". فانطلق إليهم عمار، فقال ذلك لهم، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتذرون إليه، فقال وديعة بن ثابت، ورسول الله صلى الله عليه وسلم واقف على راحلته، فجعل يقول وهو آخذ بحَقَبها: يا رسول الله، إنما كنا نخوض ونلعب، [فأنزل الله، - عز وجل -: ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ﴾] فقال مُخَشّن بن حُمّير: يا رسول الله، قعد بي اسمي واسم أبي. فكان الذي عفى عنه في هذه الآية مُخَشّن بن حُمّير، فتسمى عبد الرحمن، وسأل الله أن يقتل شهيدًا لا يعلم بمكانه، قال: فقتل يوم اليمامة، فلم يوجد له أثر.







وقال قتادة: ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ﴾ قال: فبينما النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، وركب من المنافقين يسيرون بين يديه، فقالوا: يظن هذا أن يفتح قصور الروم وحصونها. هيهات هيهات. فأطلع الله نبيه صلى الله عليه وسلم على ما قالوا، فقال: "عَليَّ بهؤلاء النفر". فدعاهم، فقال: "قلتم كذا وكذا". فحلفوا ما كنا إلا نخوض ونلعب. [2]







فلما استهزأوا كفروا وانسلخوا من الإيمان أو قل انسلخ منهم الإيمان، قال الحافظ ابن كثير: وقوله: ﴿ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ﴾ أي: بهذا المقال الذي استهزأتم به ثم قال: وقوله: ﴿ بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ ﴾ أي: مجرمين بهذه المقالة الفاجرة الخاطئة.[3]







أرأيتم - أيها الإخوة - من استهزأ بالله أو بدينه أو بالرسول كفر قال شيخ الإسلام ابن تيمية عن هذه الآية: فقد أخبر أنهم كفروا بعد إيمانهم مع قولهم: إنا تكلمنا بالكفر من غير اعتقاد له، بل كنا نخوض معًا ونلعب وبين سبحانه أن الاستهزاء بآيات الله كفر".







ويحكي صاحب المغرب في أخبار المغرب أنه في أيام قاضي المغرب أبو العباس. عبد الله بن طالب، تفقه بسحنون، وكان من كبار أصحابه. ولقي المصريين محمد بن عبد الحكم، ويونس بن عبد الأعلى، وهو الشهير ابن طالب، قتل ابراهيم الفزاري، قال: وكان ابراهيم، شاعراً. متفنناً في كثير من العلوم، مع استهزاء وطيش. وكان يحضر مجلس ابن طالب لمناظرة الفقه. فقيل إنه كان يزري به، ويتضحك بأمره، ونمت عنه أمور منكرة. فانتهى ذلك الى ابن طالب. فطلبه ابن طالب وحبسه. وشهد عليه أكثر من مائتين بالاستهزاء بالله. وبكتاب الله. وبأنبيائه. وبنبيّنا صلى الله عليه وسلم. قيل منهم ثلاثون عدلاً. فجلس له ابن طالب، وأحضر له العلماء، يحيى بن عمرو وغيره. وأمر بقتله فطعن بسكين في حنجرته. وصلب منكساً. ثم أنزل بعد ذلك، وأحرق بالنار. فحكى بعضهم: أنه لما رفعت خشبته، وزالت عنها الأيدي، استدارت، وتحولت عن القبة.







فكانت آية للجميع. فكبّر الناس. وجاء كلب فولغ في دمه. فقال يحيى بن عمر: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأسند حديثاً عنه صلى الله عليه وسلم: أنه قال: لا يلغ الكلب في دم المسلم.







أيها الإخوة!



مجرد الاستهزاء بآيات الله وأحاديث وسنة رسول الله كفر، انتبه أيها الحبيب اللبيب من قصد السخرية أو لم يقصدها جاداً كان أو مازحاً، بعض الناس يقول: أنا أمزح، أضحك هذا كفر سماه الله كذلك مع أنهم قالوا إنما كنا نخوض ونلعب فقال الله تعالى: ﴿ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ﴾ [التوبة: 65، 66].







قال الإمام أبو بكر ابن العربي - رحمه الله تعالى -: "لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ مَا قَالُوهُ مِنْ ذَلِكَ جِدًّا أَوْ هَزْلًا، وَهُوَ كَيْفَمَا كَانَ كُفْرٌ؛ فَإِنَّ الْهَزْلَ بِالْكُفْرِ كُفْرٌ، لَا خُلْفَ فِيهِ بَيْنَ الْأُمَّةِ، فَإِنَّ التَّحْقِيقَ أَخُو الْحَقِّ وَالْعِلْمِ، وَالْهَزْلَ أَخُو الْبَاطِلِ وَالْجَهْلِ".[4]







انتبهوا أحبتي! فبعض الناس يسخر من اللحية أو من رفع الثوب إلى ما فوق الكعبين وهذه سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم الثابته عنه أو يسخر بآيات من القرآن أو أحاديث عن النبي عليه الصلاة والسلام أو يعمل شيئاً من الدين مازحاً وساخراً بهذا العمل إلى غير ذلك مما هو من الشريعة وهذا الشخص يعلم أنها من الشريعة لها أدلة عن الله وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذا كفر بعد الإيمان نعوذ بالله من الخذلان.







ومن الاستهزاء بالدين - أيها الإخوة -: "سب الدين أو الخالق أو النبي بصيغ اللعن أو الشتم أو التنقص.







ومن الاستهزاء بالدين: إلقاء النكات التي يُذْكَرُ فيها الله أو آياته أو رسوله أو أحاديثه ولو كانت ضعيفة لكن من يذكرها يعتقد أنها صحيحة أو الغيبيات من جنة ونار وقبر وملائكة، ولا نحتاج أن نمثل لهذه النكات فكلنا يعرفها بل وبعضنا يرددها.







ومن الاستهزاء بالدين: السخرية والاستهزاء من المتمسكين بشرع الله بسبب تمسكهم، فمثلا "التهكم بالملتحي بسبب لحيته ومن المحجبة لحجابها ومن المقصر لثوبه لذلك".







ومن الاستهزاء بالدين: وصف آيات الله أو شرعه بالنقص أو أن هناك غيره أكمل منه، مثل: "وصف حد من حدود الله بالقسوة، أو التخلف أو الرجعية أو أن شرع الله لا ينفع اليوم".







ومن الاستهزاء بالدين: ذكر آية من القرآن أو حديث النبي صلى الله عليه وسلم أو أي شيء من الدين في معرض السخرية أو لإضحاك الآخرين.







ومن الاستهزاء بالدين: الأغاني والأفلام والمسرحيات والقصص والكاريكاتير التي يُذْكَرُ فيها الاستهزاء بآيات القرآن أو أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم أو المتمسكين بالدين مثل" قدر أحمق الخطا وغيرها مما جرى مجراها – ومن ذلك أيضا الروايات التي فيها سب لله وللقرآن وللنبي تصريحا أو تعريضا وإيماء"[5].







قالوا العروبة، قلت دين محمدٍ

إنّا به لا بالعروبة نهتدي



هي قالب الإسلام إمّا أفرغت

منه فقد صارت مطيّة ملحد



يا من يريد الجاهلية منهجًا

يدعو إليه ويا لسوء المورد



أيقال إنّك نابه متقدّم

كذبوا عليك... لقد نصحتك فاقعد



بل أنت في رجعية مذمومة

وتقهقر نحو المتاه الأبعد














ومن الاستهزاء بالدين: الاستهزاء بالعلماء والدعاة والخطباء سواء كان قاصداً علمهم أو شخصهم فهو محرم بل لو قصد علمهم لكان كافراً والله نهى عن السخرية من الشخص العادي وجعلها محرمة وعدها من كبائر الذنوب فقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [الحجرات: 11].







وقال المصطفى صلى الله عليه وسلم : "بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ"[6] فإذا كانت هذه هي حرمة السخرية من المسلم عامة فما بالنا بالسخرية بحملة الشرع والمبلغين لدين الله من العلماء والخطباء والدعاة ومن التزم بالشرع في مخبره ومظهره؟ فمن سخر بالعالم وبالصفات التي اكتسبها من شريعة رب العالمين - عز وجل - دخل في حكم المستهزئ بدين الله ولله در من قال: إياك ولحوم العلماء واعراضهم فإن لحوم العلماء مسمومة وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة فمن أعمل لسانه في العلماء بالثلبِ ابتلاه الله قبل موته بموت القلب فالله الله في لحوم العلماء وأعراضهم.







ومن الاستهزاء بالدين - أيها الإخوة -: ما نراه ونسمعه من استخفاف بالشرع وعدم تعظيمه الذي وصل ببعض الناس إلى أن يجترئوا على أن يتلفظوا بهذه الكلمة الصعبة الثقيلة ثقل الجبال ألا وهي سب الدين بسباب فظيعة، سباب للدين واستهزاء بالشرع المبين واستهزاء وسخرية من حملة الدين كل هذا نراه ونسمعه ونعيشه وكأن هؤلاء المستهزئين ليسوا مسلمين حتى يفعلوا هذا كله وفي فتوى من فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء أجاب العلماء بأن مثل سب الدين والاستهزاء بشيء من القرآن والسنة والاستهزاء بالمتمسك بهما نظرا لما تمسك به كإعفاء اللحية وتحجب المسلمة؛ هذا كفر إذا صدر من مكلف، وينبغي أن يبين له أن هذا كفر فإن أصر بعد العلم فهو كافر، قال الله تعالى سورة التوبة ﴿ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ﴾ [التوبة: 65، 66].







فإذا تبين لنا ذلك "فالواجب على المسلمين- جميعًا -أن يحذروا من مزالق الكلام لأن كثيرين يتكلمون بكلام لا يلقون له بالا، ربما استهزءوا، أو ربما تكلموا بكلام فيه شيء من الهزل، وفيه شيء من الضحك، وكان في أثناء هذا الكلام ذكر الله، أو فيه قراءة القرآن، أو فيه ذكر بعض العلم، وهذا مما لا يجوز وقد يدخل أحدهم في قول النبي صلى الله عليه وسلم : "إنَّ الرجل ليتكلم بالكلمة لا يُلقي لها بالاً يهوي بها في النار سبعين خريفًا"[7] نسأل الله السلامة والعافية.[8]







"فالله الله - أيها الإخوة - في اللسان فإنه أعظم الجوارح خطرًا وقد يتساهل به أكثر الناس فإن هذا مردوده خطر وقد عظمت الفتنة، والمعصوم من عصمه الله، والناجي من سلمه الله.







فعلى كل طالبٍ للنجاة الحذر من النفاق الأكبر، فإن الله أثبت لهؤلاء إيمانًا قبل أن يقولوا ما قالوه. فليخش كل امرئ على نفسه من النفاق فمن خشى سلم ومن خاف نجا إن شاء الله وهذه عادة أهل العلم بالله قال ابن أبي مليكه: أدركت ثلاثين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه. نسأل الله السلامة والعفو والعافية في الدنيا والآخرة.







فليحفظ كل كيِّس لسانه عن الوقيعة بالمسلمين عموما ولو كانوا من العوام، لأن هذا لا يجوز؛ لأن المسلم له حُرمة فكيف بحرمة أهل العلم والإسلام؟! فالطعن في هؤلاء – وهم حراس الشرع والعقيدة – يُحْدِث الخَلْخَلَة في المجتمع الإسلامي، ويقلل من قيمة العلماء، ويُحْدِث التشكيك فيهم ومن ثم يزهد الناس فيهم".[9]







فما هي يا ترى الأسباب التي تؤدي بالمسلم إلى هذه الهوة العميقة من ضياع الإيمان واضمحلاله حتى يسب الله ورسوله ويستهزئ بالمؤمنين والعلماء وحملة الدين:



إن العبد لا يُقْدِمُ على هذا الفعل إلا وقد سبق منه ما يقتضى عقوبته من الله، فكما أن العبد يأتي بالأسباب التي يوفقه الله - عز وجل - إلى الهداية بها، فإنه يأتي بالأسباب التي تُوجِبُ إضلال الله له، قال الله - عز وجل -: ﴿ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ ﴾ [التوبة: 67]، وقال: ﴿ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ﴾ [الصف: 5]، وقال ﴿ فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ ﴾ [المائدة: 13].







ومما انتشر من الأسباب المؤدية الى هذه الظاهرة الخطيرة ظاهرة سب الدين والاستهزاء بأحكامه، من الدوافع المُوجِبَة للوقوع في مثل هذه الأقوال المُخْرِجَة من الدين:

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 04-09-2020, 02:08 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,086
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رسالة إلى الذين اتخذوا دينهم هزوا ولعبا


1– إعراض المسلم عن دين الله فلا يتعلمه ولا يَسْأَلُ عنه من أمر ونهى وحلال وحرام.







2- الاعتقاد بأن دين الله لم يَعُدْ صالحا لمواكبة تطورات العصر ورميه بالجمود والتخلف.







3- التحاكم إلى القوانين الوضعية في شئون الحياة وترك التحاكم إلى شرع الله.







4- عدم اعتقاد كفر اليهود والنصارى وكل من كَفَّرَهُ الله ورسوله أو شك في كفرهم كمن يقول "لا فرق بين الاسلام وغيره من الديانات"، أو صَحَّحَ المذاهب الكافرة كالعلمانية والاشتراكية بأن يقول: "إن فصل الدين عن الدولة هو السبيل لتقدم الأمة".







5- موالاة الكافرين موالاة كاملة ومودتهم وإعانتهم في حربهم على المسلمين.







6- إنكار معلوم من الدين بالضرورة أو استحلال ما حرم الله ورسوله كالربا والزنا بعد العلم بحرمتها وإقامة الحجة.







7- ترك الصلوات الخمس كلية.







8- الوقوع في الكبائر والإصرار عليها وعدم التوبة منها خاصة "الزنا والربا والخمر والمخدرات".







والآن - أيها الإخوة - وأنا أتحدث إلى حضراتكم تحضرني الخشية والهيبة أني أتحدث إليكم أنتم بهذا الكلام وأنتم المتوضئون المصلون الراكعون الساجدون، لكن لابد من بيان حكم الله - عز وجل -، وإذا كنتم - أيها الإخوة - بهذه الأوصاف الطيبة أبعد ما يكون عن الاستهزاء بالدين والسخرية منه وسبه وشتمه فلا شك أنكم تعرفون هؤلاء وتلقونهم فتأمرونهم بالمعروف وتنهونهم عن المنكر وتجتنبون مجلسهم وهذه واجباتكم فقد قال الله تعالى ﴿ وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا ﴾ [النساء: 140].







قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى -: أي: وقد بيَّن الله لكم فيما أنزل عليكم حكمه الشرعي عند حضور مجالس الكفر والمعاصي ﴿ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا ﴾ أي: يستهان بها. وذلك أن الواجب على كل مكلف في آيات الله الإيمان بها وتعظيمها وإجلالها وتفخيمها، وهذا المقصود بإنزالها، وهو الذي خَلَق الله الخَلْق لأجله، فضد الإيمان الكفر بها، وضد تعظيمها الاستهزاء بها واحتقارها، ويدخل في ذلك مجادلة الكفار والمنافقين لإبطال آيات الله ونصر كفرهم، وكذلك المبتدعون على اختلاف أنواعهم، فإن احتجاجهم على باطلهم يتضمن الاستهانة بآيات الله لأنها لا تدل إلا على حق، ولا تستلزم إلا صدقا، بل وكذلك يدخل فيه حضور مجالس المعاصي والفسوق التي يستهان فيها بأوامر الله ونواهيه، وتقتحم حدوده التي حدها لعباده ومنتهى هذا النهي عن القعود معهم ﴿ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ﴾ أي: غير الكفر بآيات الله والاستهزاء بها.







﴿ إِنَّكُمْ إِذًا ﴾ أي: إن قعدتم معهم في الحال المذكورة ﴿ مِثْلُهُمْ ﴾ لأنكم رضيتم بكفرهم واستهزائهم، والراضي بالمعصية كالفاعل لها، والحاصل أن من حضر مجلسا يعصى الله به، فإنه يتعين عليه الإنكار عليهم مع القدرة، أو القيام مع عدمها.







﴿ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا ﴾ كما اجتمعوا على الكفر والموالاة ولا ينفع الكافرين مجرد كونهم في الظاهر مع المؤمنين كما قال تعالى: ﴿ يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ ﴾ إلى آخر الآيات. [10].







- أيها الإخوة - إن غشيان هذه المجالس والسكوت على ما يجري فيها هو أولى مراحل الهزيمة وليس كما يزعم بعض من لا يعلم شيئاً عن الله ورسوله أن مجالسة هؤلاء المستهزئين هي من باب التسامح أو من باب سعة الصدر، لا بل هى علامة غفلة وهي أولى مراتب النفاق أن يجلس المؤمن مجلساً يسمع فيه آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها، فيسكت ويتغاضى.. يسمي ذلك تسامحاً، أو يسميه دهاء، أو يسميه سعة صدر وأفق وإيماناً بحرية الرأي!!! وهي هي الهزيمة الداخلية تدب في أوصاله؛ وهو يموه على نفسه في أول الطريق، حياء منه أن تأخذه نفسه متلبساً بالضعف والهوان!







إن الحمية لله، ولدين الله، ولآيات الله. هي آية الإيمان. وما تفتر هذه الحمية إلا وينهار بعدها كل سد؛ وينزاح بعدها كل حاجز، وينجرف الحطام الواهي عند دفعة التيار. وإن الحمية لتكبت في أول الأمر عمداً. ثم تهمد. ثم تخمد. ثم تموت!







فمن سمع الاستهزاء بدينه في مجلس، فإما أن يدفع، وإما أن يقاطع المجلس وأهله. فأما التغاضي والسكوت فهو أول مراحل الهزيمة. وهو المعبر بين الإيمان والكفر على قنطرة النفاق! [11]







إن موقف المسلم - أيها الإخوة - من هؤلاء المجالسين يجب أن يكون موقف المقاطعة والقطيعة في آن واحد فهو لا يجالسهم ولا يستمع إليهم ويقاطعهم فلا يصادقهم بل يعاديهم كما قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ ﴾... الآية. يقول الإمام ابن جرير - رحمه الله تعالى - في هذه الآية يقول سبحانه: لا تتخذوهم، أيها المؤمنون، أنصارًا أو إخوانًا أو حُلفاء، فإنهم لا يألونكم خَبَالا وإن أظهروا لكم مودّة وصداقة[12]







ويقول صاحب التحرير والتنوير - رحمه الله -: هذا تحذير من موالاة أهل الكتاب ليظهر تميّز المسلمين. وهذه الآية تحذير من موالاة اليهود والمشركين الّذين بالمدينة، ولا مدخل للنصارى فيها، إذ لم يكن في المدينة نصارى فيهزؤوا بالدّين. وقد عدل عن لفظ اليهود إلى الموصول والصلة وهي ﴿ الّذين اتّخذوا دينَكم هزؤاً ﴾ الخ لما في الصلة من الإيمان إلى تعليل موجب النّهي.







والدّين هو ما عليه المرء من عقائد وأعمال ناشئة عن العقيدة، فهو عنوان عقل المتديّن وروائدُ آماله وباعث أعماله، فالذي يتخذ دين أمرئ هزُؤاً فقد اتّخذ ذلك المتديِّن هزؤاً ورمَقه بعين الاحتقار، إذ عَدّ أعظَمَ شيء عنده سخرية، فما دون ذلك أوْلى. والّذي يَرمُق بهذا الاعتبار ليس جديراً بالموالاة، لأنّ شرط الموالاة التماثل في التّفكير، ولأنّ الاستهزاء والاستخفاف احتقار، والمودّة تستدعي تعظيم الودود. [13]







أيها الإخوة إن للاستهزاء والسخرية من دين الله وترك المتطاولين عليه هكذا يجترئون عليه آثاره الوخيمة على الأمة في العقائد والعبادات والأخلاق.







وأخبروني بالله عليكم ألم يزل الله دولة كسرى ملك الفرس بسبب استهزائه برسول الله صلى الله عليه وسلم قال شيخ الإسلام في بيان ذلك: وقد كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى كسرى وقيصر وكلاهما لم يسلم لكن قيصر أكرم كتاب النبي صلى الله عليه و سلم وأكرم رسوله فثبت ملكه فيقال: إن الملك باق في ذريته إلى اليوم وكسرى مزق كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم واستهزأ برسول الله صلى الله عليه وسلم فقتله الله بعد قليل ومزق ملكه كل ممزق ولم يبق للأكاسرة ملك وهذا والله أعلم تحقيق لقوله تعالى: ﴿ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ﴾ [الكوثر: 3] فكل من شنأه وأبغضه وعاداه فإن الله يقطع دابره و يمحق عينه وأثره وقد قيل: إنها نزلت في العاص بن وائل أو في عقبة بن أبي معيط أو في كعب بن الأشرف وقد رأينا صنيع الله بهم ومن الكلام السائر [لحوم العلماء مسمومة] فكيف بلحوم الأنبياء عليهم السلام؟ [14]







وينقل شيخ الإسلام في نفس المصدر كتابه الصارم المسلول على شاتم الرسول عن أهل العلم والخبرة ممن كانوا في الحروب والثغور في قتال أعداء الله يقول: "حدثنا أعداد من المسلمين العدول أهل الفقه والخبرة عما جربوه مرات متعددة في حصر الحصون والمدائن التي بالسواحل الشامية لما حصر المسلمون فيها بني الأصفر في زماننا قالوا: كنا نحن نحصر الحصن أو المدينة الشهر أو أكثر من الشهر وهو ممتنع علينا حتى نكاد نيأس إذ تعرض أهله لسب رسول الله صلى الله عليه و سلم والوقيعة في عرضه فعجلنا فتحه وتيسر ولم يكد يتأخر إلا يومًا أو يومين أو نحو ذلك ثم يفتح المكان عنوة ويكون فيهم ملحمة عظيمة قالوا: حتى إن كنا لنتباشر بتعجيل الفتح إذا سمعناهم يقعون فيه صلى الله عليه وسلم مع امتلاء القلوب غيظًا بما قالوه فيه، وهكذا حدثني بعض أصحابنا الثقات أن المسلمين من أهل الغرب حالهم (هكذا) مع النصارى"[15] فهل بعد هذا تنتقل هذه العادة الكافرة إلى كثير من المسلمين يسبون دين الله ودين النبي وهم الذين يبكون في الوقت نفسه لأن النبي يسبه الكافرون من النرويجيين والدانماركيين وغيرهم إنها لمفارقة عجيبة والحق أقول: إن الكافرين ما أساءوا إلى النبي إلا لما اجترأنا نحن عليه، هان علينا فرأوا ذلك منا فراحوا يستخفون به ويستهزئون.







وللحديث صلة هذا وأستغفر الله لي ولكم.







الخطبة الثانية



الحمد لله الذي خلق فسوى، وقدر فهدى، وأغنى وأقنى، وجعلنا من خير أمة تأمر وتنهى، والصلاة والسلام على خير الورى، وما ضل وما غوى، وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه واقتفى.







أما بعد، فيا أيها الإخوة!



إياكم والسخرية بالدين وشعائره والعاملين به والداعين إليه ومن كان كذلك فلا تجالسوه، ونذكر من فرّط وداهن وسارع في اتخاذ هؤلاء الساخرين المستهزئين بدين الله أولياء وأنصاراً وأصدقاء يوادونهم من دون المؤمنين، إلى هؤلاء همسة رقيقة شفيقة أسوقها إلى قلوبهم قبل الآذان من محب رفيق ووالد رحيم هو العلامة السعدي - رحمه الله - بأن هذا التفريط في مجالسة المستهزئين دليل على أن الإسلام عند من جالس هؤلاء رخيص وأنه لا يبالي بمن قدح فيه أو قدح بالكفر والضلال، وأنه ليس عنده من المروءة والإنسانية شيء.







فكيف تدعي لنفسك دينًا قيمًا، وأنه الدين الحق وما سواه باطل، وترضى بموالاة من اتخذه هزوًا ولعبًا، وسخر به وبأهله، من أهل الجهل والحمق؟! وهذا فيه من التهييج على عداوتهم ما هو معلوم لكل من له أدنى مفهوم. [16]







وصدق الله تعالى إذ يقول: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [المائدة: 57].







والآن - أيها الإخوة -! وقد فهمت العقول ووعت القلوب ما أصلنا وعادت الخواطر خواطر السامعين لكلامي الآن إلى سالف ما كان منها من الذنوب وربما أن بعض هذه الذنوب يكون مما حكينا من الاستهزاء بالدين وأهله، وكذا بعض من يسمع هذا الكلام من حضراتكم إذا بلغتموه بذلك، ربما يكون وقع في بعضها، والكل سيتساءل حتمًا هل من توبة هل من توبة قبل الموت من سب الله رب العالمين والاستهزاء بدينه وشرعه؟



والجواب: اعلم - هداني الله وإياك - أن الله يقبل التوبة عن عبده وإن كان مشركا أو مرتدا عن الإسلام بل كما أخبر النبي أن الله يفرح بتوبة العبد، فمن رحمته تعالى أن فتح باب التوبة لكل العصاة ويقبلهم إذا عادوا إليه وأنابوا جاء في بعض الإسرائيليات صحيحة المعنى أن شابًّا من بني إسرائيل أطاع الله تعالى عشرين سنة ثم انتكس فعصى مثلها ويوما من الأيام رأى صورته في المرآة فرأى الشيب غزا شعره وأمارات العجز قد بدت في وجهه فصاح بلسان وجده: إلهي وخالقي أطعتك عشرين سنة، ثم عصيتك عشرين مثلها أفإن تبت اليوم تقبلني؟ فسمع هاتفًا يقول: أطعتنا فقربناك، وعصيتنا فأمهلناك، ولو عدت إلينا ثانية قبلناك وما رددناك.







فالله تعالى يقبل على من أقبل عليه ويتوب على من تاب إليه وذلك بشروط التوبة المعروفة ونوجزها فيما يلي:



أولًا: الإخلاص لله بالتوبة بحيث يكون الحامل عليها تقوى الله، والخوف من عقابه، ورجاء ثوابه لا رياء ولا خوفا من مخلوق ولا لينال أمرًا من أمور الدنيا.







ثانيًا: الندم بحيث يجد في نفسه حسرة وحزنًا على ما مضى.







ثالثًا: الإقلاع عن الذنب وعدم الإصرار عليه فإن كان الذنب بترك واجب فعله وإن كان بإتيان محرم أقلع عنه، وفي مسألتنا هنا هي الإقلاع عن سب الله ورسوله ودينه والاستهزاء بشيء من ذلك، وإعلان البراءة التامة منه في الأماكن التي ردد وسمع وأعلن فيها بالاستهزاء والكلام السيء في حق دين رب الأرض والسماء.







رابعًا: العزم على عدم العودة إلى سب الله ورسوله ودينه في المستقبل.







خامسًا: أن تكون التوبة قبل الموت. [17]







فمن تاب إلى الله - وحقق هذه الشروط - تاب الله عليه واقرأ معي الآيات: ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ ﴾ [التوبة: 65، 66] وقال عِكْرِمة في تفسير هذه الآية: كان رجل ممن إن شاء الله عفا عنه يقول: اللهم، إني أسمع آية أنا أعنَى بها، تقشعر منها الجلود، وتجب منها القلوب، اللهم، فاجعل وفاتي قتلا في سبيلك، لا يقول أحد: أنا غسّلت، أنا كفنت، أنا دفنت، قال قتادة: فأصيب يوم اليمامة، فما أحد من المسلمين إلا وقد وجد غيره. [18]







فهو - رحمه الله تعالى - كان قبل هذه الحادثة من المنافقين الفجار فآل أمره بعدها إلى أن صار من المتقين الأبرار وهو الصحابي مخشن بن حمير الذي تسمى بعد هذا بعبد الرحمن ومات شهيدًا وغدًا يلقى الله حميدًا.







نسأل الله أن يجعلنا من أهل تقاته وخشيته وأن يقوي إيماننا به إنه خير مسؤول اللهم عظم دينك وكتابك ورسولك وسنة رسولك في قلوب عبادك اللهم اجعل وفاتنا شهادة في سبيلك واجعل موتتنا في بلد رسولك وتوفنا على الإيمان وأنت راضٍ عنا بمنك وكرمك يا أكرم من سئل...... الدعاء.









[1] أخرجه ابن جرير في "التفسير" (16911)، ومواضع، و"النسعة"(بكسر فسكون): سير مضفور يجعل زمامًا للبعير، وقد تنسج عريضة تجعل على صدر البعير. ويقال للبطان والحقب: "النسعان". انظر: تفسير الطبري - (14 / 335)، بتحقيق الأستاذين أحمد ومحمود شاكر رحمهما الله تعالى رحمة واسعة.




[2] انظر: تفسير الطبري - (14 / 335)، تفسير ابن كثير - (4 / 172).




[3] تفسير ابن كثير - (4 / 172).




[4] أحكام القرآن لابن العربي - (4 / 353)




[5] تحذير المسلمين من السب والاستهزاء بالدين (ص / 39) أبو عبد الرحمن المصريُّ.




[6] أخرجه مسلم (6706).




[7] أخرجه الترمذي (2314)، وابن ماجه (3970)، وصححه الألباني في صحيحيهما.




[8] التمهيد لشرح كتاب التوحيد (2 / 187).




[9] عون العلي الحميد (1/ 287).




[10] تفسير السعدي (ص 192، وما بعدها).




[11] الظلال (2/ 780، وما بعدها).




[12] تفسير الطبري - (10 / 429).





[13] التحرير والتنوير - (4 / 229).




[14] الصارم المسلول - (ص / 171) بتصرف.




[15] نفسه (ص / 123) بتصرف.




[16] تفسير السعدي (ص 222).




[17] تحذير المسلمين من السب والاستهزاء بالدين - (ص/ 46) أبو عبدالرحمن المصريُّ.




[18] تفسير الطبري - (14 / 334)، تفسير ابن كثير - (4 / 172).
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 109.04 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 106.86 كيلو بايت... تم توفير 2.18 كيلو بايت...بمعدل (2.00%)]