|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
من مكارم الأخلاق في الرسالة المحمدية
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
رد: من مكارم الأخلاق في الرسالة المحمدية
وفى رواية عشر سنين عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: "خَدَمْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَشْرَ سِنِينَ فَمَا قَالَ لِي أُفٍّ قَطُّ، وَمَا قَالَ لِشَيْءٍ صَنَعْتُهُ لِمَ صَنَعْتَهُ؟ وَلَا لِشَيْءٍ تَرَكْتُهُ لِمَ تَرَكْتَهُ؟" (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ). فإذا وضعت في الحسبان هذه المدة في الخدمة، وأن الخادم غلام صغير ومظنة الخطأ منه أكثر من الكبير، أدركت ما كان عليه - صلى الله عليه وسلم - من مكارم الأخلاق وحسن المعاشرة. وروى البخاري عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: "إن كانت الأمة من إماء أهل المدينة لتأخذ بيد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتنطلق به حيث شاءت". وبلغت عناية النبي - صلى الله عليه وسلم - بالأخلاق الحسنة مع خدمه وعبيده أن وصي بها - وهو على فراش الموت - خشيةَ أن تُهدَر حقوقهم، قائلاً: «الصلاةَ وما ملكت أيمانكم». وَقَدْ طَبَّقَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ فِي حَيَاتِهِ الْعَمَلِيَّةِ مع من يجهل بعض أحكام الدين. ومن ذلك تعامله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ برفق مع الاعرابي الذى يبول في المسجد روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (أن أعرابياً قام في طائفة المسجد النبوي - يعني: في جانب من جوانب المسجد النبوي - يتبول في حضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه! فقام الصحابة وقالوا: مه مه! ماذا تصنع أيها الأعرابي الجلف؟! لم تجد مكاناً لتتبول فيه إلا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحب الخلق يقول: لا تزرموه) ووالله لو سكت لكان فعلاً كريماً، ولكان هذا الفعل خلقاً كريماً، لكنه يقول: (لا تزرموه) يعني: دعوه يكمل بوله! والآن ماذا لو تبول طفل من أطفالنا في المسجد؟! ماذا لو دخل سفيه إلى مسجدنا في جميع كبير كهذا الجمع وتبول، أو وقف أمام الشيخ وتبول؟! ماذا لو دخل سفيه الآن فسبني وأنا أتكلم؟! ولكن صاحب الخلق يقول: (لا تزرموه) يعني: لا تقطعوا عليه بوله، وأكمل الأعرابي تبوله تماماً بطمأنينة كاملة وكأنه في خلاء بيت: (ثم نادى عليه رسول الله وقال له: إن المساجد لا تصلح لشيء من هذا، وإنما جُعلت للصلاة ولذكر الله ولقراءة القرآن، يا فلان! ائتني بدلو من الماء، فأفاضوا عليه دلواً من الماء فطهر المكان) وهكذا أنهى الإشكال كله، فانفعل الأعرابي بهذا الحلم وهذا الخلق والرفق، فدخل في الصلاة - والحديث في صحيح البخاري في كتاب الأدب - فدخل الصلاة وقال بصوت مرتفع: (اللهم ارحمني ومحمداً، ولا ترحم معنا أحداً، فقال له صاحب الخلق بخلق: لقد حجرت واسعاً!). يعني: لماذا تضيق ما وسع الله عز وجل وهو القائل سبحانه: ﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ﴾ [الأعراف: 156]؟! ومن ذلك تعامله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ برفق مع معاوية ابن الحكم الذى تكلم و هو في الصلاة جاهلا قيرفق عليه الصلاة و السلام به وروى مسلم في صحيحه من حديث معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه قال: (دخلت الصلاة خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فعطس رجل من القوم فقلت: يرحمك الله. يقول معاوية: فرماني القوم بأبصارهم، - يعني: نظروا إليه - فقلت: وا ثكل أمياه! ما شأنكم تنظرون إلي؟! يقول: فضربوا بأيديهم على أفخاذهم يصمتونني فسكت، فلما قضى النبي صلاته بأبي هو وأمي والله لم أر معلماً قبله ولا بعده أحسن منه، والله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني إنما قال لي: إن الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتهليل وقراءة القرآن). وَقَدْ طَبَّقَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ فِي حَيَاتِهِ الْعَمَلِيَّةِ مع أعداءه حتى دخل معظمهم في الإسلام. ومن ذلك إسلام ثمامة بن أثال وبيان جميل خلقه صلى الله عليه وسلم معه روى البخاري ومسلم رضوان الله ورحمته عليهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: (بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خيلاً قبل نجد، فجاءت برجل يقال له: ثمامة بن أثال سيد أهل اليمامة، فربط الصحابة ثمامة بن أثال في سارية - أي: في عمود من أعمدة المسجد النبوي - فدخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد فوجد ثمامة مربوطاً في سارية من سواري المسجد فعرفه - لأن ثمامة كان سيداً في قومه - فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له: ماذا عندك يا ثمامة؟ قال: عندي خير يا محمد! إن تقتل تقل ذا دم! - يعني: إن قتلتني قتلت رجلاً له مكانته في قبيلته، ولن تفرط قبيلتي في دمي وفي الأخذ بثأري - إن تقتل تقتل ذا دم وإن تُنْعِم تنعم على شاكر - يعني: فإن أطلقتني سأعترف لك بهذا الجميل وسأشكره لك ما حييت - وإن كنت تريد مالاً فسل تعط من المال ما شئت، فتركه صاحب الخلق الكريم صلى الله عليه وسلم، وفي اليوم الثاني دخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد فأقبل على ثمامة فقال له: ماذا عندك يا ثمامة قال: عندي ما قلت لك يا محمد! إن تقتل تقتل ذا دم، وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال فسل تعط من المال ما شئت، فتركه صاحب الخلق الكريم صلى الله عليه وسلم، وفي اليوم الثالث دخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد فأقبل على ثمامة فقال: ماذا عندك يا ثمامة قال: عندي ما قلت لك يا محمد! إن تقتل تقتل ذا دم وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال فسل تعط من المال ما شئت، فقال المصطفى: أطلقوا ثمامة.. أطلقوا ثمامة لا نريد فدية ولا مالاً، بل ولا نلزمه بالإسلام، ولا نكرهه على الإيمان أطلقوا ثمامة فانطلق ثمامة. بعد أن فكوا قيده وانطلق إلى أقرب نخل إلى جوار المسجد النبوي فاغتسل، ثم عاد مرة أخرى إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله). أخي الحبيب! تدبر معي قول ثمامة: يا رسول الله! والله ما كان على وجه الأرض وجه أبغض إلي من وجهك، فأصبح وجهك الآن أحب الوجوه كلها إلي، والله ما كان على الأرض دين أبغض إلي من دينك، فأصبح دينُك أحبَّ الدين كله إلي، والله ما كان على الأرض بلدٌ أبغض إلي من بلدك فأصبح بلدك أحبَّ البلاد كلها إلي! ثم قال: يا رسول! الله لقد أخذتني خيلك وأنا أريد العمرة، وقد كانوا يعتمرون ويحجون إلى البيت وهم على الكفر والشرك. كان أحدهم يلبي فيقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، فإذا سمع النبي صلى الله عليه وسلم هذا الكلمات يقول: قط قط. يعني: قد اكتفيتم قفوا عند هذا القدر ولا تزيدوا، ثم يزيدون قائلين لبيك اللهم لبيك، لا شريك لك لبيك، إلا شريكاً هو لك تملكه وما ملك! ولو تدبر أحدهم في الإضافة بتعقل لوجد أن هذا الإله المعبود من دون الله لا يملك لنفسه شيئاً. ولو تدبر أحدهم بتعقل لعلم أن هذه الآلهة لا تضر ولا تنفع، ورحم الله من رأى يوماً على صنمه بولاً فنظر حواليه فوجد ثعلباً يلعب بالقرب من معبوده، فعلم أن الذي فعل هذه الفعلة الشنعاء هو هذا الثعلب، فنظر إلى إلهه والنجاسة تنساح عليه، وتفكر وتدبر في الأمر وقال بعقل راجح راشد: رب يبول الثُعلبان أو الثَعلبان - واللغتان صحيحتان كما قال ابن منظور في لسان العرب - ربٌ يبول الثُعلبان برأسه لقد ذل من بالت عليه الثعالب فلو كان رباً كان يمنع نفسه فلا خير في رب نأته المطالب برئت من الأصنام في الأرض كلها وآمنت بالله الذي هو غالب يقول ثمامة: (لقد أخذتني خيلك يا رسول الله! وأنا أريد العمرة فماذا ترى أن أصنع؟ فبشره رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره أن يعتمر).قال الحافظ ابن حجر: فبشره رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي: بالجنة أو بخيري الدنيا والآخرة، أو بمحو سيئاته. يا له من فضل (وأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعتمر، فأقبل ثمامة إلى مكة ملبياً، فكان ثمامة هو أول من جهر بالتلبية في مكة، فأخذته قريش وقالوا: من هذا الذي اجترأ علينا - أي: جهر بالتلبية بين أظهرنا - من هذا الذي يردد الكلمات التي يعلمها محمد - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه؟! فأخذوه وضربوه ضرباً شديداً حتى قال قائلهم: دعوه إنه فلان فأنتم تحتاجون الميرة من اليمامة فجلس ثمامة وهو يقول: والله لا تصل إليكم بعد اليوم حبة حنطة إلا أن يأذن فيها رسول الله) هذا لفظ مسلم والحديث في الصحيحين. وفي رواية ابن إسحاق بسند صحيح: (لما جهر ثمامة بالتلبية وأقبل عليه المشركون فضربوه، وقال أبو سفيان: ألا تعرفون الرجل؟ إنه ثمامة سيد أهل اليمامة، دعوه فأنتم تحتاجون إلى الحنطة - أي: القمح - والميرة من اليمامة، فلما جلس ثمامة قال: والله لا تصل إليكم بعد اليوم حبة حنطة إلا أن يأذن فيها رسول الله). أقول: من أول لحظة دخل فيها ثمامة الإسلام جعل ووضع كل طاقاته ووجاهته ومكانته وقدراته وإمكانياته في خدمة الدين، عرف الإسلام فوضع كل ما يملك من قدرات وطاقات في خدمة دينه الذي اعتنقه، وأنار الله قلبه به، وبالفعل أدى العمرة. ومن ذلك حلمه صلى الله عليه وسلم مع زَيْدِ بْنِ سَعْنَةَ روى البيهقي في دلائل النبوة والطبراني عن عبد الله بن سلام بسند رجاله ثقات قَالَ: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمَّا أَرَادَ هُدَى زَيْدِ بْنِ سَعْنَةَ - وهو الحبر الكبير من أحبار يهود - قَالَ زَيْدُ بْنُ سَعْنَةَ مَا مِنْ عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ شَيْءٌ إِلَّا وَقَدْ عَرَفْتُهَا فِي وَجْهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ نَظَرْتُ إِلَيْهِ إِلَّا اثْنَتَيْنِ لَمْ أُخْبَرْهُمَا مِنْهُ: يَسْبِقُ حِلْمُهُ جَهْلَهُ، وَلَا يَزِيدُهُ شِدَّةُ الْجَهْلِ عَلَيْهِ إِلَّا حِلْمًا، فَكُنْتُ أَتَلَطَّفُ لَهُ لِأَنْ أُخَالِطَهُ فَأَعْرِفَ حِلْمَهُ مِنْ جَهْلِهِ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا مِنَ الْحُجُرَاتِ وَمَعَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَأَتَاهُ رَجُلٌ عَلَى رَاحِلَتِهِ كَالْبَدَوِيِّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ بُصْرَى قَرْيَةُ بَنِي فُلَانٍ قَدْ أَسْلَمُوا وَدَخَلُوا فِي الْإِسْلَامِ وَكُنْتُ حَدَّثْتُهُمْ إِنْ أَسْلَمُوا أَتَاهُمُ الرِّزْقُ رَغَدًا وَقَدْ أَصَابَتْهُمْ سَنَةٌ وَشِدَّةٌ وَمَحُوطٌ مِنَ الْغَيْثِ فَأَنَا أَخْشَى يَا رَسُولَ اللهِ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ الْإِسْلَامِ طَمَعًا كَمَا دَخَلُوا فِيهِ طَمَعًا، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُرْسِلَ إِلَيْهِمْ بِشَيْءٍ تُعِينَهُمْ بِهِ فَعَلْتَ، فَنَظَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَلِيًّ وسأله ((هل عندنا شىءٌ من المال؟)).فقال على بن أبى طالب: لا والله يا رسول الله لقد نفذ المال كله. قَالَ زَيْدُ بْنُ سَعْنَةَ: فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَقُلْتُ: يَا مُحَمَّدُ، هَلْ لَكَ أَنْ تُبِيعَنِي تَمْرًا مَعْلُومًا مِنْ حَائِطِ بَنِي فُلَانٍ إِلَى أَجَلِ كَذَا وَكَذَا؟ فَقَالَ: «لَا يَا يَهُودِيُّ، وَلَكِنِّي أُبِيعُكَ تَمْرًا مَعْلُومًا إِلَى أَجَلِ كَذَا وَكَذَا وَلَا أُسَمِّي حَائِطَ بَنِي فُلَانٍ»، قُلْتُ: نَعَمْ، فَبَايَعَنِي فَأَعْطَيْتُهُ ثَمَانِينَ مِثْقَالًا مِنْ ذَهَبٍ فِي تَمْرٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلِ كَذَا وَكَذَا، يقول زيد بن سعنه: فأخذها النبي كلها وأعطاها لهذا الأعرابي وَقَالَ: « اذهب إلى قومك فأغثهم بهذا المال ».فانطلق الأعرابي بالمال كله،قَالَ زَيْدُ بْنُ سَعْنَةَ: فَلَمَّا كَانَ قِبَلَ مَحِلِّ الْأَجَلِ بِيَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ وَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى جِنَازَةٍ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَلَمَّا صَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ دَنَا مِنْ جِدَارٍ لِيَجْلِسَ إِلَيْهِ فَأَتَيْتُهُ فَأَخَذْتُ بِمَجَامِعِ قَمِيصِهِ وَرِدَائِهِ وَنَظَرْتُ إِلَيْهِ بِوَجْهٍ غَلِيظٍ وهز الحبر اليهودي رسول الله صلى الله عليه وسلمهزاً عنيفاً وهو يقول له: أَدِّ ما عليك من حق ومن دَيْنٍ يا محمد! فَوَاللهِ مَا عَلِمْتُكُمْ يا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إلا مُطلاً في أداء الحقوق وسداد الديون، وَلَقَدْ كَانَ لِي بِمُمَاطَلَتِكُمْ عِلْمٌ قَالَ: فَنَظَرْتُ إِلَى عُمَرَ، وَإِذَا عَيْنَاهُ تَدُورَانِ فِي وَجْهٍ كَالْفَلَكِ الْمُسْتَدِيرِ، ثُمَّ رَمَانِي بِبَصَرِهِ فَقَالَ: يَا عَدُوَّ اللهِ، أَتَقُولُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَسْمَعُ، وتفعل برسول الله صلى الله عليه وسلمما أرى؟!! فَوَ الَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ لَوْلَا أنى أخشى فَوْتَهُ وغضبه لَضَرَبْتُ رَأْسَكَ بِسَيْفِي هذا يقول زيد بن سعنه: وأنا أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلموَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْظُرُ إِلَى عُمَرَ فِي سُكُونٍ وَتُؤَدَةٍ وَتَبَسُّمٍ، ثُمَّ قَالَ: «يَا عُمَرُ، لقد كنت أَنَا وَهُوَ أَحْوَجَ إِلَى غَيْرِ هَذَا؛ يا عمر لقد كان من الواجب عليك أَنْ تَأْمُرَنِي بِحُسْنِ الْأَدَاءِ وَتَأْمُرَهُ بِحُسْنِ الطلب، فبهت الحبر أمام هذه الأخلاق السامية، وأمام هذه الروح الوضيئة العالية من الحبيب المصطفى بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم.أتدرون ماذا قال الحبيب صاحب الأخلاق العظيمة؟التفت الحبيب إلى عمر رضى الله عنه وقال(اذْهَبْ بِهِ يَا عُمَرُ، فَأَعْطِهِ حَقَّهُ وَزِدْهُ عِشْرِينَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ جزاء ما روعته!! ». قَالَ زَيْدٌ: فَذَهَبَ بِي عُمَرُ فَأَعْطَانِي حَقِّي وَزَادَنِي عِشْرِينَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ الزِّيَادَةُ يَا عُمَرُ؟ فَقَالَ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أُزِيدَكَها جزاء ما روعتك!!. فالتفت الحبر اليهودي إلى عمر وقال: ألا أَتَعْرِفُنِي يَا عُمَرُ؟ قَالَ: لَا، فَمَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: أَنَا زَيْدُ بْنُ سَعْنَةَ، قَالَ عمر: حبر اليهود؟! قال: نعم.فالتفت إليه عمر و قَالَ: فَمَا دَعَاكَ إِلَى أَنْ فَعَلْتَ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا فَعَلْتَ وَقُلْتَ لَهُ مَا قُلْتَ؟ فقال زيد: والله يا ابن الخطاب ما من شيء من عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ إِلَّا وَقَدْ عَرَفْتُهُ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ نَظَرْتُ إِلَيْهِ ولكنني لم أختبر فيه خصلتين من خصال النبوة.فقال عمر: وما هما؟قال حبر اليهود: الأولى: يَسْبِقُ حِلْمُهُ جَهْلَهُ، والثانية: لَا تُزِيدُهُ شِدَّةُ الْجَهْلِ عَلَيْهِ إِلَّا حِلْمًا أمـا وقد عرفتها اليوم في رسول الله فَأُشْهِدُكَ يَا عُمَرُ أَنِّي: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم. قَدْ رَضِيتُ بِاللهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيًّا، وَأُشْهِدُكَ أَنَّ شَطْرَ مَالِي - فَإِنِّي أَكْثَرُهُمْ مَالًا - صَدَقَةٌ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لِي: عُمَرُ أَوْ عَلَى بَعْضِهِمْ، فَرَجَعَ عُمَرُ وَزَيْدٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ زَيْدٌ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَآمَنَ بِهِ وَصَدَّقَهُ وَتَابَعَهُ وَشَهِدَ مَعَهُ مَشَاهِدَ كَثِيرَةً. تُوُفِّيَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ مُقْبِلًا غَيْرَ مُدْبِرٍ رَحِمَ اللهُ زَيْدًا. يتبع
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
رد: من مكارم الأخلاق في الرسالة المحمدية
ومن ذلك ما ذكره أبو الشيخ في كتاب الأمثال " [أن أعرابياً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأعطاه عليه الصلاة والسلام - وكان جزل العطية يعطي الوادي من الإبل أو من الغنم، ويعطي البدرة من الذهب أو من الفضة، ويعطي عطاء من لا يخشى الفقر صلى الله عليه وسلم - فأعطى هذا الأعرابي، ثم قال له: هل رضيت؟ هل أحسنا إليك؟ قال: لا، ما أحسنت، ولا أجملت. وكان في حضرة أصحابه صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم - ومن المعلوم - مكانته عندهم عليه الصلاة والسلام وشدة تقديرهم له فغضبوا، وهموا بالأعرابي فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بأن يدعوه، ثم انفرد به فأعطاه، فقال: هل رضيت؟ قال: لا، ثم أعطاه الثانية، فقال: هل رضيت؟ قال: لا! ثم أعطاه الثالثة، قال: رضيت؟ قال: نعم! فجزاك الله من أهلٍ، ومن عشيرة خيراً، فقال: إن في نفوس أصحابي شيئاً فلو أخبرتهم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه فقال لهم: إن هذا الأعرابي أعطيناه فزعم أنه رضي، أفكذلك؟ قال: نعم، فجزاك الله من أهلٍ، ومن عشيرة خيراً، فقال عليه الصلاة والسلام مؤدباً معلماً لأصحابه: إنما مثلي ومثل هذا الأعرابي كمثل رجل شردت عليه ناقته فجعل الناس يتبعونها، فقال: أيها الناس خلوا بيني وبين ناقتي - لأنه كلما تبعها الناس أسرعت وأمعنت في الهرب، والرجل أخبر بناقته - فقال: أيها الناس خلوا بيني وبين ناقتي، فجعل يجمع لها من قمام الأرض حتى ردها إليه هوناً هوناً، حتى لانت واستقامت، وإنكم لو قتلتم هذا الرجل حين قال ما قال لدخل النار]".فهذه نماذج موجزة قصيرة في طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم في معاملة الناس، وفي حسن خلقه معهم. وبإمكان أي فرد منا أن يرجع إلى الكتب المصنفة في شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم، ككتاب شمائل النبي صلى الله عليه وسلم للإمام الترمذي، وكتاب الشمائل المحمدية لـابن كثير، وكتاب أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم لـأبي الشيخ، والجزء الأول من كتاب زاد المعاد، وغيره من كتب السيرة النبوية ليجد أمثلة كثيرةً جداً بهذا الباب، وليس هذا بغريب، فقد وصفه الله تبارك وتعالى بقوله ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]. أيها الأحبة! إنه الخلق، فوالله ثم والله لو ظللت أتحدث طوال الليل عن خلق النبي صلى الله عليه وسلم - على رغم جهلي وقلة بضاعتي - ما مللتم. أيها الإخوة! ما أحوج الأمة الآن أن تحول خلق النبي صلى الله عليه وسلم في حياتها إلى منهج حياة.. إلى واقع يتألق سمواً وعظمة وروعة وجلالاً، ما أحوج الأمة التي تجيد الكلام والخطابات والاحتفالات والقصائد والأشعار إلى أن تحول خلق النبي المختار إلى واقع عملي ومنهج حياة. أيها الأحبة! لو ظللنا الدهر كله نتغنى بخلق النبي صلى الله عليه وسلم ونحن لم نمتثل أمره ولم نجتنب نهيه ولم نقف عند حده، ولم نذب وندافع عن سنته ولم نحمل هم دعوته، فوالله لن نغير من الواقع شيئاً، فما أحوج الأمة في هذا الشهر الذي تحتفل فيه برسول الله صلى الله عليه وسلم أن تحول خلقه إلى واقع عملي ومنهج حياة. ثالثاً: الآداب والأخلاق عنوان صلاح الأمم. أيها المسلمون: الآداب والأخلاق عنوان صلاح الأمم والمجتمعات، ومعيار فلاح الشعوب والأفراد، ولها الصلة العظمى بعقيدة الأمة ومبادئها، بل إنها التجسيد العملي لقيم الأمة ومُثُلِها، وعنوان تمسكها بالعقيدة، ودليل التزامها بالمنهج السليم، والصراط المستقيم، ومن شمولية هذا الدين وعظمته: أنه دين الأخلاق الفاضلة، والسجايا الحميدة، والصفات النبيلة، جاءت تعاليمه وقيمه بالأمر بالمحافظة على الأخلاق الحسنة في كل أحوال المسلمين صغيرها وكبيرها، دقيقها وجليلها، أفرادًا ومجتمعات وأسرًا وجماعات، فبالخُلق الحسن: يحصل الوئام والتآلف في المجتمع يقول الله - تعالى -: ﴿ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ القَلْبِ لاَنفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾ [آل عمران: 159]. وبالخلق الحسن: تعمر الديار وتبارك الأعمار؛ ففي الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «حُسْنُ الخلق وحُسْنُ الجوار يعمران الديار ويزيدان في الأعمار». وحسن الخلق هو الذي لفت إليه النبي صلى الله عليه وسلم إذا تقدم إليك من يخطب ابنتك فقال: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه) وفي رواية: (خلقهُ ودينه) فهذا هو الشيء الذي ينظر منه إلى الخاطب. وبالخُلق الحسن: يتمكن المرء من إصلاح ذات البين، فحَسن الخلق مَرْضي عند جميع الأطراف؛ يستطيع بتوفيق الله أن يجمع بين القلوب المتنافرة والآراء المتباينة، كما رضيت قريش النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - حَكَماً بينها حين اختلفوا في وضع الحجر الأسود في موضعه، وكادت الحرب أن تقع بينهم، فحقن الله بنبيه دماءهم وجمع فرقتهم وشتاتهم. بالخلق الحسن: تحفظ الأمة وجودها، وتدافع عن حرمتها وكرامتها، وتتبوأ مكانتها اللائقة بها بين الأمم. إنما الأمم الأخلاق ما بقيت ♦♦♦ فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا وما هُدَّ عرش، وما أزيل من سلطان، وما فرق من مجتمع، وما تجرئ على أمر ذي بال؛ إلا بضياع تلكم الأخلاق الإسلامية من نفوس أهلها، وانغماسهم في الشر والفساد وقديماً قيل: وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت ♦♦♦ فإن هموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا وقال قبل ذلكم خير قائل وأصدق قائل عز شأنه: ﴿ وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً ﴾ [الإسراء:16]. إِنَّنَا بِحَاجَةٍ شَدِيدَةٍ إِلَى أَنْ نُصْلِحَ تَعَامُلَنَا مَعَ الآخَرِينَ، وَنَزِنَ ذَلِكَ بِأَنْفُسِنَا، فَمَا تُحِبُّ أَنْ يُعَامِلَكَ النَّاسُ بِهِ عَامِلْهُمْ بِهِ، فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: "فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ، وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ، فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ" (رَوَاهُ مُسْلِمٌ). رابعا: أسباب ووسائل اكتساب الأخلاق الحسنة. اعلموا أن مكارم الأخلاق تنال بأمور ولا شك ولا ريب أن المؤمن التقى يريد أن يكون حسن الأخلاق ولا يري أبدا أن يكون بذيئا فكيف تتأتى الأخلاق الكريمة؟؟وكيف نحصل عليها؟؟ أول ذلك أن نسأل الله ذلك لأن الله هو الذى خلق الخلق أطوارا، خلقهم أطوارا هذا كريم الأخلاق وهذا سيء الأخلاق خلق الله الخلق أقساما وأصنافا وكما أنه قد قسم الأرزاق فقد قسم الأخلاق، وكمآ أننا نسأل الله الرزق فنسأله أيضا حسن الخلق، فأول وأهم الأسباب التي ينال بها حسن الخلق سؤال الله - عز وجل - والتوجه إليه والتضرع إليه - سبحانه - بالدعاء الصادق في أن يحسن الله خلق المرء؛ فهو - سبحانه - وحده مالك القلوب والنفوس، ولهذا كان من دعائه - صلى الله عليه وسلم - " اللَّهُمَّ كَمَا حَسَّنْتَ خلقِي فَأَحْسِنْ خلُقِي".وكان من دعاء رسولكم محمد صلى الله عليه وسلم أيضا"اللَّهُمَّ اهْدِنِي لأَحْسَنِ الأَعْمَالِ وَأَحْسَنِ الأَخْلاقِ، فَإِنَّهُ لا يَهْدِي لأَحْسَنِهَا إِلا أَنْتَ، وَقِنِي سَيِّءَ الأَعْمَالِ وَسَيِّءَ الأَخْلاقِ، فَإِنَّهُ لا يَقِي سَيِّئَهَا إِلا أَنْتَ". فاجعل لنفسك وردا من هذا الدعاء يوميا اسال الله ان يهديك لأحسن الاخلاق واحسن الاقوال واحسن الاعمال فانه لا يهدى لأحسنها إلا هو وأن يصرف عنك سيئها لا يصرف عنك سيئها إلا هو. وكان من دعاء رسولكم عليه الصلاة والسلام " اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها " وكذلك كان صلى الله عليه وسلم يستعيذ من سوء الخلق فكان يقول: " اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الشِّقَاقِ وَالنِّفَاقِ وَسُوءِ الْأَخْلَاقِ (أبو داود والنسائي) وايضا كان من تعوذاته" اللهم إني أعوذ بك (أي ألجأ اليك وأستجير بك من منكرات الأخلاق والأهواء والأدواء) فعليكم أن تسألوا الله أن يحسن أخلاقكم. قال خطيب الأنبياء العبد الصالح النبي الكريم شعيب عليه السلام " إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ" فهذا أولا عليك تسأل الله أن يوفقك لصالح الأخلاق فقد تنشأ مشكله تنكد عليك حياتك بسبب كلمه، بسبب سوء خلق.وقد يدر اليك رزق عظيم بسبب كلمة طيبه ويدفع عنك شر عظيم بسبب كلمة طيبه تعلمون أن ربكم قال في شأن زكريا عليه السلام (وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ) قال العلماء في ذلك قولين الأول: أن لسانها كان به حده فأصلح الله لسانها. الثاني: كانت عاقرا فهيأها الله للإنجاب وكلا المعنيين صحيح فالذي يصلح الأخلاق لنا هو الله والذى يصرف عنا سيئها هو الله. ومن الأسباب الجالبة لحسن الخلق: مجاهدة النفس وحملها على التخلق بالأخلاق الحسنة؛ فيحمل الإنسان نفسه على الحلم والصبر والبشاشة على الدوام والاستمرار؛ حتى تعتاد نفسه ذلك، فتكون تلك الأخلاق الحسنة سجية دائمة؛ إذ كثيرا ما تكون الأخلاق تكلفا وتجملا في البداية، ثم تصير طبعا وسجية للنفس في النهاية. ومن الأسباب الجالبة لحسن الخلق: مصاحبة الصالحين والأخيار من حملة الأخلاق الفاضلة والخلال الحسنة؛ فالسبب الرئيس في اكتساب الصفات الحميدة والسلوك الحسن، وقديما قيل: "الطبع يسرق من الطبع الشر والخير معًا".إن على المصاحب أن يسأل أصحابه وإخوانه عن نفسه، ويسألهم بيان عيوبه وعليهم النصح في ذلك وتنبيهه على أخطائه بأسلوب حسن.فهذا عمر - رضي الله عنه - يقول: "رحم الله امرأً أهدى إليَّ عيوبي"، وكان يسأل سلمان عن عيوبه، فإذا قدم عليه قال: "ما الذي بلغك عني مما تكرهه؟" ومن الأسباب المعينة على التخلق بالأخلاق الفاضلة: أن يستفيد الإنسان مما يقوله أعداؤه ومبغضوه؛ فإن العدو حريص على إبداء النقائص وإظهار المعايب. وعينُ الرِّضا عن كلَّ عيبٍ كليلةٌ ♦♦♦ وَلَكِنَّ عَينَ السُّخْطِ تُبْدي المَسَاوِيَا وشأن المسلم ألا يغتر بنفسه، بل يقبل الحق وينتفع به وإن خرج من أفواه أعدائه ومبغضيه. ومما يعين على اكتساب الأخلاق الفاضلة: مخالطة الناس؛ ذلك أن المرء بالمخالطة يرى أصنافا من الناس وأنواعًا من الأخلاق؛ فيها الحسن وفيها السيئ، فما كان منها حسنا حاول أن يتأدب ويتخلق به، وما كان منها سيئا تنفر منه الطبائع والنفوس السليمة ابتعد عنه وحذره. قيل لنبي الله عيسى - عليه السلام - وقد سئل: من أدبك؟ فقال عليه السلام: "رأيت جهل الجاهل شينًا فاجتنبته". و من الأسباب المعينة على التحلي بالأخلاق الحسنة: مطالعة أخبار الصالحين، وقراءة سير النبلاء الفاضلين من أهل الإسلام من العلماء والعُبّاد والزهاد والقادة والمصلحين، ومحاولة التأسي بهم والاقتداء بحسن فعالهم وجميل خصالهم. و بالنظر في الوحيين الكريمين كتاب الله وسنة رسول الله تستفيد أخلاقا كريمة فاذا وجدت قوم نوح يقولون لنوح عليه السلام ﴿ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [الأعراف: 60] فيرد بقوله ﴿ قَالَ يَاقَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ ﴾ [الأعراف: 61]. شخص شتمك قال يا سفيه هل وصلت لمرتبة ان تقول له عفوا انا لست بسفيه انظروا الى هذا الادب ﴿ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ ﴾ [الأعراف: 66].." فيرد بقوله ﴿ يَاقَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأعراف: 67] أخلاق كريمه ترثها من كتاب الله ومن اخلاق الانبياء التواضع لا تتعلم الكبر فاذا مررت بكلام يوسف الصديق وسأله اخوته " أَئِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِين"َ. أدب.. أدب.. لم يقل انا العزيز يوسف اوانا الدكتور يوسف او الوزير يوسف، بل تواضع انا يوسف وينتقل الى جبر الخاطر المنكسر وهذا أخي المظلوم كظلمى لا تقبلوا على لمنصبي وتعرضوا عن أخي ثم ان المنة والفضل لله ﴿ قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا ﴾ [يوسف: 90] ثم يبين عموم اكرام الله للمتقين ﴿ إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [يوسف: 90]أدب تستفيده أدب التواضع من الانبياء ﴿ إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ ﴾ [النمل: 30] بأدب وتواضع ﴿ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ [النمل: 30] ليس من الفخامة ولا من الجلالة ولا من السيادة...ابدا بكل ادب﴿ إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ [النمل: 30]. ﴿ أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ﴾ [النمل: 31]. المراجع: • القرآن الكريم • حسن الخلق للشيخ: محمد أكجيم • حسن الخلق - للشيخ: محمد حسان • حسن الخلق - للشيخ: سلمان العودة • مكارم الأخلاق الشيخ مصطفى العدوي • أهمية حسن الخلق للشيخ محمد العريفي • مقدمة في الأخلاق - للشيخ: محمد المنجد • بأخلاقنا نسمو للشيخ: خالد بن سعد الخشلان • في فضل حسن الخلق الشيخ عبد الله الطريف • مكارم الأخلاق الشيخ علي بن محمد بارويس • حسن الخلق للشيخ: علي عبد الرحمن الحذيفي • الأخلاق الفاضلة (1) للشيخ: سليمان بن حمد العودة • حسن الخلق - الفريق العلمي - ملتقى الخطباء • الخلق الحسن وأثره في الدعوة إلى الله للشيخ: عبدالله بن حسن القعود • الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها للشيخ: محمد بن مبارك الشرافي كان خلقه القرآن محمد صلى الله عليه وسلم الدكتور/ مسفر بن سعيد بن محمد الزهراني • خطبة بعنوان: مكارم الأخلاق وأثرها في صلاح الفرد والمجتمع د / خالد بدير بدوي
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |