الإفادة في بيان دعائم الأمن والاستقرار - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         وما أدراك ما ناشئة الليل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          كف الأذى عن المسلمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          انشراح الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          فضل آية الكرسي وتفسيرها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          المسارعة في الخيرات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          أمة الأخلاق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          الصحبة وآدابها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          البلاغة والفصاحة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          مختارات من كتاب " الكامل في التاريخ " لابن الأثير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          ماذا لو حضرت الأخلاق؟ وماذا لو غابت ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28-08-2020, 03:21 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي الإفادة في بيان دعائم الأمن والاستقرار

الإفادة في بيان دعائم الأمن والاستقرار


السيد مراد سلامة





"أثرهما في مواجهة الدعوات الهدامة"


عناصر الخطبة:
العنصر الأول: الأمن والاستقرار مطلب شرعي ومقصد وطني
العنصر الثاني: دعائم الأمن والاستقرار
1- التوحيد
2- طاعة الله تعالى وطاعة رسوله
3- طاعة ولي الأمر
4- الإصلاح بين الخصوم من الأحزاب والجماعات

الأدلة والبيان:
أيها الإخوة الأعزاء إن من أجل نعم الله تعالى - على الإنسان نعمة الأمن والاستقرار فبدنوهما لا يهدأ الإنسان ولا تطمئن له نفس ولا يهنأ بالحياة حتى لو أوتي الدنيا بحذافيرها فسعادة الدنيا ونعيمها في تحقيق الأمن والاستقرار لذا جاء في الحديث عن النبي – صلى الله عليه وسلم- عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِحْصَنٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَصْبَحَ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ طَعَامُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا» أخرجه البخاري في الأدب المفر

لذا كان لزما واجل مسمى أن نقف مع الإفادة في يبان دعائم الأمن والاستقرار أثرهما في مواجهة الدعوات الهدامة"

الأمن والاستقرار مطلب الشرعي ومقصد وطني:
الأمن والأمان أعظم نعمة من نعم الله، ومنّة من الله عظمى، إذا اختفت نعمة الأمن، أو فقدت فسدت الحياة، وشقيت الأمم، وساءت الأحوال، وتغيرت النعم بأضدادها، فصار الخوف بدل الأمن، والجوع بدل رغد العيش، والفوضى بدل اجتماع الكلمة، والظلم والعدوان بدل العدل والرحمة.

وقد وردت كلمة الأمن في مواضع كثيرة من القرآن لأهميتها فهي تشمل أمن الإنسان الفرد، وأمن المجتمع.
يقول الله تعالى: ﴿ أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ [فصلت الآية 45]. ﴿ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ﴾ [آل عمران الآية 97].
﴿ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ ﴾ [يوسف الآية 99]. ﴿ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ ﴾ [سبأ الآية 18]. (﴿ وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ ﴾ [الحجر الآية 82]
﴿ وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا ﴾ [البقرة الآية 125]. ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا ﴾ (إبراهيم الآية 35). ﴿ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ﴾ [النور الآية 55].
﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾ [النحل الآية 112].

ولقد دعا الرسول - صلى الله عليه وسلم-إلى كل عمل يبعث الأمن الاجتماعي والاطمئنان في نفوس المسلمين، ونهى عن كل فعل يبث الخوف والرعب في جماعة المسلمين، حتى ولو كان أقل الخوف وأهونه، باعتبار الأمن نعمة من أجلِّ النعم على الإنسان. فكان من دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم- ربه: عن ابن عمر رضي الله عنه فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه حين يمسي وحين يصبح لم يدعه حتى فارق الدنيا وحتى مات : ( اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي وأعوذ بك أن أغتال من تحتي ) أخرجه ابن أبى شيبة.

فالخوف والروع، نقيض الأمن المجتمعي الذي يطلبه المسلم في دنياه وآخرته.
وقد كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يجدد الدعاء بتجديد الأمن كل شهر مع رؤية كل هلال، ومن ذلك ما رواه الإمام أحمد في مسنده عن طلحة بن عبيد الله: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى الهلال قال اللهم أهله علينا باليمن والإيمان والسلامة والإسلام ربي وربك الله
ونلاحظ في رواية الحديث أن الدعاء بالأمن قبل الإيمان.

العنصر الثاني :دعائم الأمن والاستقرار
1-التوحيد:
و اعلموا عبدا الله أن من اعظم دائم الأمن والاستقرار بل هو أساسها كل امن واستقرار توحيد الله تعالى وإفراده بالعبادة ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾[الأنعام: 82].

إذ الأمن من الخزي في الدنيا، ومن عذاب الله تعالى في الآخرة، يكون لفريق الإيمان، وهم الذين يؤمنون بالله تعالى ولا يخلطون إيمانهم بأي ظلم، ولا يعبدون مع الله غيره، ولا يقدمون أي شيء إلا بأمره، و" لبس " هنا معناها خلط.

بسبب هذين الوصفين كان لهم الأمن من أن يصيبهم في الدنيا سوء، وإن كان يصيبهم نصب وتعب في الحياة الدنيا، من عذاب الدنيا بالاستئصال ونحوه وما عذبت به الأمم الجاحدة وينالون الأمن المطلق في الحياة الآخرة والنعيم المقيم فيها، ورضوان الله تعالى، وأي أمن أعلى من هذا؟ ووصفهم الله تعالى بوصف فيه راحة النفس واطمئنان البال وهو نعمة الهداية فإنها وحدها نعمة لَا يحس بها إلا المهتدون.

2- طاعة الله تعالى وطاعة رسوله-صلى الله عليه وسلم -:
فطاعة الله تعالى والاستسلام لأمره هو السبب الثاني في الأمن والاستقرار يقول العزيز الغفار﴿ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ﴾ [الحج: 41]
ماذا لو طبقنا شرع الله في حياتنا؟
ماذا لو جعلنا القران الكريم هو دستورنا؟
هل سترى سارقا؟
أم هل ترى زانيا؟
أم هل ترى قاطعا للطريق؟
أم هل ترى ظالما؟
الجواب: كلا لان الرقابة لن تكون رقابة بشرية وإنما ستكون الرقابة رقابة ربانية عندها يتحقق الأمن والأمان ويشعر المجتمع بالاستقرار كما اخبر بذلك النبي المختار – صلى الله عليه وسلم - عن عدي بن حاتم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يا عدي بن حاتم كيف أنت اذا خرجت الظعينة من قصور اليمن حتى تأتي الحيرة لا تخاف إلا الله والذئب على غنمها ) قلت ولي طي ومقاتبها ورجالها قال : (إذاً يكفيها الله وما سواها) أخرجه البخاري ومسلم.

عندها يجلس القاضي فلا يجد مظلوما ولا ظالما
قصة: روى أن[ أبا بكر] – رضي الله عنه وأرضاه - عيَّن [عمر بن الخطاب] – رضي الله عنه وأرضاه - قاضيًا على "المدينة"، فمكث [عمر] سنة كاملة لم يختصم إليه اثنان، لم يعقد جلسة قضاء واحدة.
قصة: وعندها طلب من [أبي بكر] – رضي الله عنه وأرضاه - إعفاءه من القضاء!
فقال أبو بكر: أمن مشقة القضاء تطلب الإعفاء يا عمر؟
قال عمر: لا يا خليفة رسول الله – صلى الله عليه وسلم -
ولكن لا حاجة بي عند قوم مؤمنين،
عرف كل منهم ما له من حق، فلم يطلب أكثر منه،
وما عليه من واجب فلم يقصر في أدائه،
أحب كل منهم لأخيه ما يحب لنفسه،
إذا غاب أحدهم تفقدوه، وإذا مرض عادوه،
وإذا افتقر أعانوه، وإذا احتاج ساعدوه،
وإذا أصيب عزوه وواسوه،
دينهم النصيحة، وخلقهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،
ففيمَ يختصمون؟ ففيمَ يختصمون؟

مقارنة بحال المسلمين اليوم:
تقرير «الإحصاء القضائي» يكشف: ١٥ مليون مصري أمام المحاكم خلال عام واحد ١٥ مليوناً و٨٩٦ ألفاً و٥٩٤ قضية تداولتها المحاكم المصرية خلال العام ٢٠٠٤، بزيادة قدرها مليون و٣٢٦ ألف قضية عن تلك التي نظرتها قبل أقل من عشر سنوات مضت.
الأرقام التي وثقها آخر تقرير للإحصاء القضائي بوزارة العدل، تكشف بوضوح عن التزايد المرعب في معدلات الجريمة في مصر، التي طالما وصفت بأنها أرض طيبة وأهلها مسالمون!

وفي تقرير 2013 أظهرت نتائج النشرة السنوية للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، لعام 2013، أن عدد القضايا المنظورة أمام المحاكم، عام 2011، وصلت إلى13662533 قضية، وتم الفصل في 8998271 قضية بنسبة 65.9%.

وتشير الإحصائيات، التي جُمعت حتى عام 2011 إلى أن القضايا الجنائية جاءت في المرتبة الأولى بـ6911389 قضية، وتم الفصل في 6069200 قضية بنسبة 87.8%، بينما احتلت قضايا التحكيم المركز الأخير بـ62 قضية وتم الفصل في جميعها.

وذكر جهاز «الإحصاء» أن نسبة فصل المحاكم المصرية في القضايا المنظورة أمامها وصلت إلى 70.5%، وجاءت في المرتبة الأخيرة قضايا الأحوال الشخصية بنسبة 37.9%، فيما تصدرت القضايا الجنائية المشهد بـ87.8%.
1500 قضية في “محاكم الأسرة” يوميا … محاكم “التفتيش الزوجية” !
لماذا؟
لأننا لم نعبد الله حق عبادته وعبادته ليست مقصورة على الأركان الخمسة بل هي شاملة لجميع مناحي الحياة في البيت في الطريق في العمل في المدرسة في الأسواق ستنعدم جميع المخالفات وستختفي جميع التعديات.

عباد الله قال سبحانه وتعالى: ﴿ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ﴾ [قريش: 3، 4]، وقال تعالى: ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ ﴾ [العنكبوت: 67] ويقول جل وعلا: ﴿ وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [الأنفال: 26]. قال قتادة بن دعامة السدوسي رحمه الله في هذه الآية: "كان هذا الحي من العرب أذل الناس ذلا وأشقاهم عيشًا وأجوعهم بطونا وأعراه جلودًا وأبينه ضلالا، من عاش منهم عاش شقيا ومن مات منهم ردي في النار، يؤكلون ولا يأْكلون، والله ما نعلم قبيلًا من حاضر أهل الأرض يومئذٍ كانوا أشرّ منزلًا منهم حتى جاء الله بالإسلام، فمكَّن به في البلاد ووسَّع به في الرزق وجعلهم به ملوكًا على رقاب الناس".
إذا الإيمان ضاع فلا أمان
ولا دنيا لمن لم يحي دينا

ومن رضي الحياة بغير دين
فقد جعل الفناء لها قرينا


3-طاعة ولي الأمر:
والسمع والطاعة لمن ولاه الله الأمر في المعروف من أسباب استجلاب الأمن وتوطيده، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾ [النساء: 59].

قال الحافظ بن رجب رحمه الله: "وأما السمع والطاعة لولاة أمور المسلمين ففيها سعادة الدنيا، وبها تنظيم مصالح العباد في معاشهم، وبها يستعينون على إظهار دينهم وطاعة ربهم".

بالسمع والطاعة واجتماع الكلمة يعم الأمن والاستقرار، ويتوحد الصف في ربوع الدولة الإسلامية، وتظهر الأمة المسلمة بمظهر الهيبة والقوة والرهبة أمام الأعداء. قال ابن المبارك رحمه الله:
الله يدفع بالسلطان معضلة عن ديننا رحمة منه ورضوانا.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية
الحمدُ لله على إحسانه، والشّكر له على توفيقه وامتنانِه، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحدَه لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أنَّ نبيَّنا محمّدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلَّم تسليمًا مزيدًا.

أما بعد: فاتقوا الله حق التقوى.
4-الإصلاح بين الخصوم من الأحزاب والجماعات
أمة العقيدة إن من الأسس التي يقوم عليها الأمن وتواجه بها الدعوات الهدامة الإصلاح بين الأحزاب والجماعات وبين الأسر والعائلات ولأهمية الصلح والإصلاح ذكره الله تعالى في كتابه أكثر من 180 مرة في القرآن الكريم وفي ذلك دلالة على أهميته لاستقامة الحياة بالتعاون والتآلف والمودة والوفاء.

الإصلاح بين المسلمين واجب شرعي وضرورة اجتماعية ومطلب حضاري، ولذلك حث الله تعالى في محكم تنزيله، ووجه اليه الرسول – صلى الله عليه وسلم – ودعا أتباعه إلى التصالح وبلورة ثقافة المصالحة بين المسلمين، فهذه الثقافة من شأنها ان تدعم البناء الاجتماعي وتحفظ تماسكه وتقيه مخاطر التصدع والانهيار، يقول الله ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الحجرات: 10] ويقول ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنفال: 1] ويقول تعالى ﴿ لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 114].

وفي نصائح وتوجيهات رسول الله – صلى الله عليه وسلم – جاءت أحاديث كثيرة في فضائل الصلح بين الناس.

أن السعي بالصلح بين الناس من افضل العبادات وأحسن القربات التي يتقرب بها الإنسان المسلم إلى الله عز وجل، لذلك خص الله المصلحين بجميل الثناء ووعدهم كريم الجزاء، وأي جزاء وأغلى من جنة الرضوان.

وبيَّن صلى الله عليه وسلم أن أفضل الصدقات الإصلاح بين الناس:
وخرج الإمام أحمد وأبو داود والترمذي من حديث أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال ألا أخبركم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة قالوا بلى يا رسول الله قال إصلاح ذات البين فإن فساد ذات البين هي الحالقة » (صحيح الترغيب). فبين صلى الله عليه وسلم أن درجة المصلح بين الناس أفضلُ من درجة الصائمين والمصلين والمتصدقين.

وعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصدقة إصلاح ذات البين» أخرجه الطبراني (صحيح الترغيب).

عن أنس أن النبي صلي الله عليه وسلم قال لأبي أيوب : ألا أدلك علي تجارة قال : بلى ، قال : تسعي في صلح بين الناس إذا تفاسدوا وتقارب بينهم إذا تباعدوا. » مسند البزار (صحيح الترغيب).

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما عُمِلَ شيءٌ أفضل من الصلاة، وصلاح ذات البين، وخُلُق جائز بين المسلمين» البخاري في التاريخ ، والبيهقي في شعب الإيمان (صحيح الترغيب).

والإمام الأوزاعي -رحمه الله-يقول: "ما خطوةٌ أحب إلى الله عز وجل من خطوة في إصلاح ذات البين".

وما من شك في أن المصالحة والتناصر والتآزر ستؤتي أكلها وتحقق ثمارها في حماية المجتمع المسلم من دواعي الفشل في تحقيق ما يصبو اليه ويسعى لتحقيقه من امن وتقدم وازدهار فيما يلي جولة حول الموضوع:
يتناول الإصلاح بين الناس، الإصلاح بين طائفتين أو قبيلتين أو دولتين أو أسرتين، وأهم أسس الإصلاح ما يلي:
أ-التقوى: فالمؤمن التقي النقي يسارع لفعل الخير يتوب اذا أخطأ ويؤوب الى الله طالبا الصفح والمغفرة ولا يتمادى في العناد لعلمه ان العزة كل العزة في طاعة الله والتزام أوامره واجتناب زواجره ونواهيه مصداقا لقوله تعالى: ﴿ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [البقرة: 197].

ب_ الإخوة الإنسانية: هذا الشعور إنما ينبع من قوة الإيمان وسلامة القلب والعقل، وعراقة الأصل وصفاء الروح مع العلم الغزير بأصول العقيدة وقواعد الشريعة ومكارم الاخلاق والله عز وجل يحيي هذا الشعور بكلماته المعجزة، ويبعث فيه الروح كلما خبأ اثره أو خفت نوره حيث يقول تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الحجرات: 10].

كذلك فالمؤمن مطالب بالسعي الدؤوب للمساهمة في حل المشكلات وتذليل الصعوبات والاهتمام بأمر المسلمين والمبادرة في اعمال الخير والاصلاح، وتضييق هوة الخلاف بين المتنازعين وتوفير المناخ الملائم للتصافي النفسي والتآلف الاجتماعي.

ج- قيم العفو والتسامح: إن قيم الإسلام الأخلاقية من كظم الغيظ والعفو والتسامح والصفح الجميل، كلها قيم ضرورية لتحقيق الإصلاح بين الناس وإقامته على أصول قوية، لأن ذلك من شأنه أن يخفف من حدة الخصومة ويهيئ النفوس للتراضي والتصافي وجلب العواطف الإنسانية من كوامنها، واستدعاء نوازع الخير في نفوس المؤمنين وقد حضنا ديننا الحنيف على ذلك حيث قال تعالى: ﴿ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴾ [الشورى: 40].

آثار المصالحة بين الناس:
آثار الصلح بين النـــــاس كثيرة وفوائدها عـــــديدة نذكــــر منها الآتي:
1- إزالة دواعي الحقد الاجتماعي بين الناس وإشاعة العفو والصفح بينهم وتنمية روج الإخاء والتعاون من اجل تحقيق الصالح العام، وبذلك تتفرغ النفوس بالمصالح بدل جدها وانهماكها في الكيد للخصوم وهكذا تحل الألفة مكان الفرقة ويستأصل داء النزاع قبل استفحاله كما قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى) – رواه مسلم.
2- ترسيخ ثقافة الصلح بين الناس ليعم على المجتمع الخير والأمن والاستقرار والازدهار.
3- ثقافة الصلح والتصالح والعفو والتسامح تخلق أجيالاً ينبذون التفرق والتمزق والخلاف فيعيش الجميع في تعاون وتراحم سعداء أوفياء.
4- باختصار: المصالحة والإصلاح سبيل النهوض وطريق التقدم والأمن والازدهار.

لقد وعد الله تعالى عباده الصالحين المصلحين بتقليدهم وسام الاستخلاف الحضاري، فالوراثة الحضارية إنما تتحقق بالصلاح وإرادة الإصلاح، ذلك ان البقاء للأصلح، وليس البقاء للأقوى.

قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ﴾ [الأنبياء: 105].

فالصالحون المصلحون الذين يقربون بين النفوس المتشاكسة والقلوب المتنافرة ويسعون في سبل الخير وإصلاح ذات البين، هؤلاء هم انصار الحق وحراس الفضيلة وبناة المجتمع السليم من الأمراض الاجتماعية الخالي من عوامل الفرقة والتشتت، هذا الصنيع يستحقون من خلاله وسام الاستخلاف الحضاري، لأن العاقبة الحسنة تكون للصالحين المتقين، ولا ننسى أيضا المتصالحين الذين حطموا في أنفسهم أصنام الأثرة والأنانية وانصاعوا طائعين لدعوة الله ورسوله لهم بإيثار الصلح ونبذ الخلاف كل خير وعطاء.

أسال الله جل وعلا أن يرزقنا وإياكم العلم النافع وأن يفقهنا وإياكم في الدين وأن يحفظنا وإياكم من الفتن ما ظهر منها وما بطن إنه على كل شيء قدير.

اللهم استرنا ولا تفضحنا وأكرمنا ولا تهنا وكن لنا ولا تكن علينا اللهم لا تدع لأحد منا في هذا المقام الكريم ذنبا إلا غفرته ولا مريضا إلا شفيته ولا دينا إلا قضيته، ولا هما إلى فرجته، ولاميتا إلا رحمته، ولا عاصيا إلا هديته، ولا طائعا إلا سددته، ولا حاجة هي لك رضا ولنا فيها صلاح إلا قضيتها يا رب العالمين.

اللهم اجعل جمعنا هذا جمعا مرحوما، وتفرقنا من بعده تفرقا معصوما ولا تجعل فينا ولا منا ولا معنا شقيا أو محروما.
اللهم اهدنا واهد بنا واجعلنا سببا لمن اهتدى.
اللهم إن أردت بالناس فتنة فاقبضنا إليك غير خزايا ولا مفتونين ولا مغيرين ولا مبدلين برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم احمل المسمين الحفاة واكسوا المسلمين العراة وأطعم المسلمين الجياع.
اللهم لا تحرم مصر من الأمن والأمان.
اللهم لا تحرم مصر من التوحيد والموحدين برحمتك يا أرحم الراحمين.
أحبتي في الله..
هذا وما كان من توفيق فمن الله وما كان من خطأ أو سهو أو زلل أو نسيان فمني ومن الشيطان والله ورسوله منه براء وأعوذ بالله أن أكون جسرا تعبرون عليه إلى الجنة ويلقى به في جهنم ثم أعوذ بالله أن أذكركم به وأنساه.
وصل اللهم وسلم وزد وبارك على محمد صلى الله عليه وسلم.

وأقم الصلاة...........



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 75.38 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 73.67 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.28%)]