|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() تحذير الصفوة من أدران الغفلة السيد مراد سلامة عناصر الخطبة: العنصر الأول: عقوبات الغافلين العنصر الثاني: علامات الغفلة العنصر الثالث: أسباب الغفلة العنصر الرابع: علاج الغفلة الأدلة و البيان الحمد لله الذي جعل الليل والنهار خِلْفَة، ورفع عنَّا الكلفة، وأمرنا بالمودة والألفة، وحذَّرنا من الغفلة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أمرنا بالاتباع، ونهانا عن الابتداع، وحذَّرنا من الضياع، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله الذي أرضى ربه وجاهد نفسه وحفظ وقته، صلى الله وسلم عليه كلما دامت الأُلفة، وحوربت الغفلة. وبعد: الغفلة سلطان إبليس على القلوب.. وفرحته التي يجدها من الخلق.. أخي المسلم: لقد عمَّت نار الغفلة.. حتى أصبح أكثرهم يعيش عيش البهائم! وقليل أولئك الذين عرفوا الغاية التي خُلقوا من أجلها.. فسعوا إلى تحقيقها؛ فسلموا من شرور الغفلة.. أخي المسلم: لقد استفحل داء الغفلة.. وكُثر أصحابه في كل مجمع وفي كل مكان! الغفلة هي: الانغماس في الدنيا والشهوات ونسيان الآخرة فيجتهد الغافل في تعمير الدنيا الفانية وتخريب الآخرة الباقية يقول الله تعالى: ﴿ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ * مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلاَّ اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ * لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ ﴾... (الأنبياء: 1 - 3). فالغافل يريد أن يعيش عاملا علي إشباع شهواته، حريصا ألا يتعب جسمه إلا في شهوته.. حريصا علي ألا يفقد شيئاً من ماله إلا في ملذاته، حريصا علي ألا يفقد لحظة من عمره إلا وهو مستريح هادئ حتى ولو علي حساب دينه، فهو يريد أن يعيش متمتعا بحياته علي أقصي درجة.. هذا نوم القلب... لأن القلب اليقظ يعلم أنه لم يخلق في هذه الدنيا لينغمس فيها وينسى آخرته.. وأن هذه الدنيا قنطرة إلى الآخرة، وأن لذاتها مكدرة.. نعمها منغصة، فليست هناك لذة خالصة بدون تنغيص.. أما اللذات بدون تنغيص ففي الآخرة، ولذلك لما سئل الإمام أحمد متى الراحة؟ قال عند وضع أول قدم في الجنة. العنصر الأول عقوبات الغافلين: أخي المسلم إن للغفلة آثارا مدمرة على سعادة الإنسان في الدنيا و الآخرة و إليك طرفا منها حتى تحذرها و تحذر منها كل مسلم و مسلمة. 1 - أنها سبب الهلاك: اعلم زادك الله علما:أنه ما هلك القرون الخوالي إلا بغفلتهم عن الله تعالى و عن مصيرهم الأخروي اسمع إلى كلام الرب العلي جل جلاله قال الله تعالى مبينا هلاك الغافلين ﴿ فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ * فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ ﴾ [الأعراف: 135، 136]. لماذا أهلكتهم يا رب العالمين؟ الجواب: لأنهم من الغافلين. عدم الانتفاع بالآيات و عدم الاتعاظ بالهالكين: من أصيب بالغفلة الكاملة خُتِمَ على قلبه، وسمعه، وبصره، وكان أضل من الحيوان، والأنعام، قال الله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾ [الأعراف: 179]. فهم لا ينتفعون بشيء من هذه الجوارح التي جعلها الله سبباً للهداية، فقلوبهم لا يصل إليها فقه ولا علم، وأعينهم لا ينتفعون بها فلا يبصرون آيات الله، وآذانهم لا يسمعون بها ما ينفعهم، كما قال الله تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴾ [الأحقاف، 26]. وقال تعالى: ﴿ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴾ [البقرة، 18]. وقال تعالى: ﴿ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة، 171]. ولم يكونوا صمّاً، ولا بكماً، ولا عمياً إلا عن الهدى، كما قال تعالى: ﴿ وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ ﴾ [الأنفال، 23]. وقال تعالى: ﴿ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ﴾ [الفرقان: 44] وقال تعالى: ﴿ لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ﴾ [الحج: 46]. فالغافل عبد الله لا ينفع فيه وعد و لا وعيد و لا تخويف ولا ترهيب لان الله تعالى ختم على قلبه و سمعه و جعل على بصره غشاوة. 3 - الغفلة بواب الدخول إلى التكذيب بالآيات و بالوعد و الوعيد. و اعلم بارك الله فيك -: أن الدافع إلى تكذيب الرسل و عدم الإيمان بالمعجزات إنما هو الغفلة قال تعالى: ﴿ سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ ﴾ [الأعراف، 146]، فالسبب التكذيب والغفلة، فالغفلة قرينة التكذيب بآيات الله تعالى. قال العلامة السعدي رحمه الله: ((فردهم لآيات الله وغفلتهم عما يُراد بها، واحتقارهم لها، هو الذي أوجب لهم من سلوك طريق الغي، وترك طريق الرشاد ما أوجب)) (تيسير الكريم الرحمن (ص 303). 4 -: الغفلة صفة من صفات أهل النار. الرضا الدنيا و الركون إلى زخرفها صفة من صفات الأشرار الذين أعد الله تعالى لهم النار قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ * أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [يونس، : 7، 8]. فهذه حال الأشقياء الذين كفروا بلقاء الله يوم القيامة، ولا يرجون في لقائه شيئاً، ورضوا بهذه الحياة الدنيا واطمأنت إليها نفوسهم، وهم غافلون عن آيات الله الكونية، فلا يتفكرون فيها، وعن آياته الشرعية فلا يأتمرون بها.. سادساً: الحذر من الغفلة؛ لأن أكثر الناس وقعوا في الغفلة، قال الله تعالى: ﴿ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آَيَاتِنَا لَغَافِلُونَ ﴾ ([يونس: 92]. 5 -: الغفلة تغلق على العبد أبواب الخير، وتفتح له أبواب الشر. فكل شيء مفتاح و مفتاح الشر و المعاصي الغفلة عن الله و عن قدرته و سلطانه - جل جلاله - قال الله تعالى: ﴿ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ * لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ (سورة النحل، الآيات: 106 - 109.). 6 - أهل الغفلة لهم الحسرة يوم الحسرة. و آخر المطاف حسرات و زفرات يوم لا ينفع الندم قال الله تعالى: ﴿ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ * إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ ﴾ (سورة مريم، الآيتان: 39، 40.)، وفي الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال ![]() العنصر الثاني: علامات الغفلة اعلم علمني الله و إياك أن للغفلة علامات و إشارات من خلالها يتعرف المرء على حقيقة نفسه. أولاً: التكاسل عن الطاعات: وهذه العلامة من أهم العلامات، قال الله تعالى في شأن المنافقين: ﴿ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾... (النساء: 142). ثانياً: استصغار المحرمات والتهاون بها: قال عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه: "إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقطع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذُباب مرّ على أنفه فقال به هكذا" فقال أبو شهاب: بيده فوق أنفه" رواه البخاري. عن سهل بن سعد: أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: ( إياكم ومحقرات الذنوب فإنما مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطن واد فجاء ذا بعود وجاء ذا بعود حتى حملوا ما أنضجوا به خبزهم لان محقرات الذنوب متى يأخذ بها صاحبها تهلكه ) أخرجه أحمد (5/331، رقم 22860)، ثالثاً: إلف المعصية ومحبتها والجهر بها: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "كل أمتي معافىً إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعملَ الرَّجلُ بالليل عملاً ثم يُصبحُ وقد ستره الله فيقول: يا فلان، عملتُ البارحةَ كذا وكذا، وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه" متفق عليه. ((كلّ أمتي معافَى)) مِن العافية وأنّ الله سبحانه وتعالى يغفر الذنبَ ويقبل التوبَة، ((كلّ أمّتي معافى إلا المجاهرين))، هؤلاء لا يعافَون، المجاهرون بالمعاصي لا يعافَون، الأمّة يعفو العفوُّ عن ذنوبها، لكن الفاسقَ المعلن لا يعافيه الله عز وجلّ، وقال بعض العلماء: إنّ المقصودَ بالحديث كلُّ أمّتي يترَكون في الغيبة إلاّ المجاهرين، والعفو بمعنى الترك، والمجاهر هو الذي أظهر معصيتَه، وكشف ما ستر الله عليه، فيحدِّث به، قال الإمام النووي رحمه الله: "من جاهر بفسقِه أو بدعته جاز ذكرُه بما جاهر به". هذه المجاهرة التي هي التحدُّث بالمعاصي، يجلس الرجلُ في المجلس كما أخبر النبي ويقول: عمِلتُ البارحة كذا وكذا، يتحدّث بما فعل، ويكشف ما سُتِر، وقد قال النبي: ((اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله عنها، فمن ألمّ بشيء منها فليستتر بستر الله)) رواه الحاكم، وهو حديث صحيح. رابعاً: تضييع الوقت من غير فائدة: فإن الوقت نعمة، ولا يضيعه إلا غافل، لأنه لا يعرف أن الوقت هو أغلى ما يملك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ" رواه البخاري. قال الحسن: "مِن علامة إعراض الله عن العبد أن يجعل شغله فيما لا يعنيه، خذلانًا من الله - عز وجل - ". تمر الساعات والأيام ولا يحُسب لها حساب؛ للجهل بقيمة الوقت وأهميته، هناك من يدعوك: تعالَ نفوّت الوقت! يفرح عندما تغيب الشمس، وهو يدرك تمامًا أن يومًا فات من عمره لا يعود! ﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ﴾ [المؤمنون: 115]. وما أحسن قول القائل: تزوَّد من التُّقَى فإنَّك لا تدري ![]() إذا جنَّ ليلٌ هل تعيش إلى الفجر ![]() فكم من صحيحٍ مات من غير علةٍ ![]() وكم من عليلٍ عاش حيناً من الدهر ![]() أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم الكريم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب؛ فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما. أما بعد: يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |