وما لنا ألا نتوكل على الله؟ - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         وما أدراك ما ناشئة الليل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          كف الأذى عن المسلمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          انشراح الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          فضل آية الكرسي وتفسيرها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          المسارعة في الخيرات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          أمة الأخلاق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          الصحبة وآدابها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          البلاغة والفصاحة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          مختارات من كتاب " الكامل في التاريخ " لابن الأثير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          ماذا لو حضرت الأخلاق؟ وماذا لو غابت ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 27-08-2020, 01:50 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي وما لنا ألا نتوكل على الله؟

وما لنا ألا نتوكل على الله؟


أحمد الجوهري عبد الجواد







إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.



اللهم صل على محمد وآله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان وسلم تسليماً كثيراً.



روحي الفداء لمن أخلاقه شهدت

بأنَّه خير مبعوثٍ من البشرِ



عمَّت فضائله كل البلاد كما

عمَّ البرية ضوء الشمس والقمرِ






أما بعد فيا أيها الإخوة.. ما من عبد يسعى إلى رضا ربه وإن سخط عليه الناس إلا رضى الله عنه وأرضى عنه الناس، إذ قلوب الخلق بين يديه هو -جل وعلا-، وما من عبد يرضي الناس بسخط الله إلا كانت العاقبة أن يسخط الله عليه وأن يسخط عليه الناس فباء خاسراً منتكسًا مقلوبا عليه قصده بأن صار على عكس مراده ولم يغن الناس عنه من دون الله شيئاً بل وعاد حامده منهم ذاما له، وقد نبه على ذلك النبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الذي أخرجه ابن حبان وجود إسناده الألباني من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من التمس رضا الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس" [1].



والسر في هذا -أيها الإخوة- أن من أرضى الله بسخط الناس كان بذلك قد اتقى الله وكان عبده الصالح والله تعالى يتولى الصالحين وهو كاف عبده "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه"، فالله يكفيه مؤنة الناس بلا ريب وهذا هو لب التوكل على الله وأساس الاعتماد عليه وقاعدة تفويض كل الأمور إليه قال الحافظ ابن رجب -رحمه الله-: "فمن تحقق أن كل مخلوق فوق التراب فهو تراب فكيف يقدم طاعة من هو تراب على طاعة رب الأرباب؟! أم كيف يرضي التراب بسخط الملك الوهاب؟ إن هذا لشيء عجاب".



وصدق الذي قال:



فليتك تحلو والحياة مريرة

وليت الذي بيني وبينك عامر



إذا صح منك الود فالكل هين

وليتك ترضى والأنام غضاب



وبيني وبين العالمين خراب و

كل الذي فوق التراب تراب






ولذلك -أيها الإخوة- عظمت منزلة التوكل على الله حتى صارت من الإيمان كمثل الرأس من الجسد، وصارت نهاية تحقيق التوحيد وساقي العبادة التي لا تقوم إلا بهما ولهذا قال ربنا وأحق القول قول ربنا -عز وجل-: ﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [المائدة: 23].



قال العلامة ابن القيم: "فجعل سبحانه التوكل على الله شرطاً في الإيمان فدل على انتفاء الإيمان عند انتفائه وكلما قوي إيمان العبد كان توكله أقوى وإذا ضعف الإيمان ضعف التوكل وإذا كان التوكل ضعيفاً كان دليلاً على ضعف الإيمان ولذا يجمع الله في مواضع من كتابه بين التوكل والإسلام وبين التوكل والهداية.[2].



قال تعالى: ﴿ وَقَالَ مُوسَى يَاقَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ * فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ [يونس: 84 - 86].



وقال جل شأنه: "فالتوكل على الله -أيها الإخوة- فريضة على كل من وحد الله: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ [الأنفال: 2].



"أي لا يرجون سواه ولا يقصدون إلا إياه ولا يلوذون إلا بجنابه ولا يطلبون حوائجهم إلا منه ولا يرغبون إلا إليه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذوه وكيلاً."[3].



فما هو التوكل؟ وما منزلته؟ وما أقسامه؟ وما هي مظاهر ضعف التوكل؟ وكيف يحقق العبد منزلة التوكل؟ وأخيراً هل يتعارض التوكل مع الأخذ بالأسباب؟.



فأعيروني القلوب والأسماع -أيها الإخوة- والله أسأل أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.



أيها الإخوة ما هو التوكل؟ التوكل هو الاعتماد على الله وتفويض الأمور إليه وإظهار العجز له والثقة بما في يديه الكريمتين والانخلاع من كل حول وطول وقوة ومدد وعون إلا منه جل جلاله فهو المولى وهو النصير، لما نام الزبير بن العوام على فراش الموت دخل عليه ابنه عبد الله بن الزبير فرأى الزبير ابنه مهموماً حزيناً فقال: يا بني مالي أرى عليك كآبة هم وغمامة حزن؟ فقال: ديونك يا أبت؟ ديون عليك كثيرة كيف نسددها؟ فقال الزبير بلغة المتوكل على الله المعتمد عليه الواثق بالله المفوض أموره كلها إليه قال: يا عبد الله إذا عجزت عن سداد شيء من ديني فاستعن عليه بمولاي فلم يفطن إليها عبد الله فقال: ومن مولاك يا أبت فقال الزبير: مولاي هو الله نعم المولى ونعم النصير، مولاي هو الله نعم المولى ونعم النصير، يقول عبد الله فما وقعت في شيء من دينه إلا قلت: يا مولى الزبير بن العوام اقض عنا دين الزبير حتى يفرج الله كربنا ويقضي عنا.



قال ابن عباس: التوكل هو الثقة بالله. وصدق التوكل أن تثق في الله وفيما عند الله فإنه أعظم وأبقى مما لديك في دنياك.



ولله در الصديق الأكبر أبي بكر رضي الله عنه الذي جاء إلى النبي يحمل كل ماله حين حث رسول الله الصحابة في غزوة تبوك على الإنفاق بسبب بعدها، وكثرة المشركين فيها، ووعد المنفقين بالأجر العظيم من الله، فأنفق كل حسب مقدرته وكان عثمان صاحب القدح المعلى في الإنفاق في هذه الغزوة) [4].



وتصدق عمر بن الخطاب بنصف ماله وظن أنه سيسبق أبا بكر بذلك ونترك الفاروق يحدثنا بنفسه عن ذلك حيث قال: أمرنا رسول الله يوماً أن نتصدق، فوافق ذلك مالا عندي، فقلت اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوماً، فجئت بنصف مالي، فقال رسول الله، ما أبقيت لأهلك؟ قلت: مثله، قال: وأتى أبو بكر بكل ماعنده، فقال له رسول الله: ما أبقيت لأهلك؟ قال أبقيت لهم الله ورسوله، قلت: لا أسابقك إلى شيء أبداً[5].



أبقيت لهم الله ورسوله، ولا زالت هذه الثقة في الله في أصحاب الصدق والسبق الذين لا يخلو منهم زمان ولا مكان فها هو العالم الأجل الإمام المفضال عبد الرحمن الإفريقي أستاذ ابن عثيمين ورفيق الشنقيطي وهذا الجيل المبارك -رحمه الله- وطيب ثراه يحكي المجذوب عنه فيقول: ودرت أخلاف الرزق على الشيخ المهاجر فدرت معونته للمحاويج أعطاه الله فأطعم عباد الله يقول: حتى ليكاد ينسى مسئوليته نحو بيته وذريته، فإذا قيل له: دع بعض هذا لآلك. قال: إني تارك لهم خيرًا من ذلك. الله رب العالمين، يقول المجذوب: وصدق الله ظن الشيخ فتولى عنه رعاية بنيه الأربعة وبناته الأربع فغمرهم بالفيض من نعمائه، وساق إليهم ضروب التوفيق من حيث لا يحتسبون.[6].



هذا هو التوكل على الله -عز وجل- "والمسلم إذ يدين لله تعالى بالتوكل عليه والاطراح الكامل بين يديه لا يفهم من التوكل ما يفهمه الجاهلون بالإسلام وخصوم عقيدة المسلمين من أن التوكل مجرد كلمة تلوكها الألسن، ولا تعيها القلوب، وتتحرك بها الشفاه، ولا تفهمها العقول، أو تترواها الأفكار، أو هو نبذ الأسباب وترك العمل، والقنوع والرضا بالهون والدون تحت شعار التوكل على الله والرضا بما تجري به الأقدار، لا أبدًا بل المسلم يفهم التوكل الذي هو جزء من إيمانه وعقيدته أنه طاعة الله بإحضار كافة الأسباب المطلوبة لأي عمل من الأعمال التي يريد مزاولتها والدخول فيها، فلا يطمع في ثمرة بدون أن يقدم أسبابها ولا يرجو نتيجة ما بدون أن يضع مقدمتها، غير أن موضوع إثمار تلك الأسباب، وإنتاج تلك المقدمات يفوضه إلى الله -سبحانه وتعالى- إذ هو القادر عليه دون سواه. فالتوكل عند المسلم إذًا هو عمل وأمل، مع هدوء قلب وطمأنينة نفس، واعتقاد جازم أن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، "وأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً". [7].



إن قعود قوم بدون عمل زاعمين أنهم متوكلون على الله معتقدين أن هذا هو التوكل الذي شرعه الإسلام إن هذه لأغلوطة كبرى في حق الإسلام، لا يحاسب الإسلام أبداً عنها إنما يحاسب من أخطأ فهمها عن الإسلام، وقد قال سيد المتوكلين على الله تعالى فيما روى الترمذي وسنده حسن من حديث أنس لما قال رجل يا رسول الله أعقلها وأتوكل أو أطلقها وأتوكل (لأنه قد ترك الناقة سائبة) فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: اعقلها وتوكل".[8].



فالتوكل عمل وعقيدة وليست كلمة خفيفة ترددها الألسنة الطويلة وتعجز عن تحقيقها الأيدي القصيرة، رأى عمر بن الخطاب في رحلة الحج أناساً لا زاد لهم ولا راحلة فقال من أنتم؟ قالوا نحن المتوكلون على الله، فقال عمر يصحح لهم الفهم: بل أنتم المتوكلون على القافلة ثم قال قولته الخالدة: "إن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة".



أيها الإخوة! ولقد "كان أبو بكر قبل أن يشتغل بأمور المسلمين تاجرًا.... فكان يغدو كل يوم إلى السوق فيبيع ويبتاع وكانت له قطعة غنم تروح عليه وربما خرج هو بنفسه فيها وربما كفيها فرعيت له وكان يحلب للحي أغنامهم ومن نوادر ذلك أنه لما بويع له بالخلافة قالت جارية من الحي (الآن لا تحلب لنا منائح دارنا) فسمعها أبو بكر فقال: (بلى لعمري لأحلبنها لكم وإني لأرجو أن لا يغيرني ما دخلت فيه من خلق كنت عليه) فكان يحلب لهم" فلما استُخلف أصبح غادياً إلى السوق وعلى رقبته أثواب يتجر بها، فلقيه عمر وأبو عبيدة فقالا: أين تريد يا خليفة رسول الله؟ قال: السوق. قالا: تصنع ماذا وقد وليت أمور المسلمين؟ قال: فمن أين أطعم عيالي؟ فقالاانطلق معنا حتى نفرض لك شيئاً. فانطلق معهما.



إن للمتوكلين على الله حالًا، يقص صاحب نزهة المجالس ومنتخب النفائس علينا قصة وكذا ذكرها النيسابوري في التفسير: عن طاووس اليماني التابعي قال: جاء أعرابي إلى باب المسجد الحرام فنزل عن ناقته وعقلها وقال: يا رب هي في ضمانك ودخل فصلى صلاة كاملة ودعا دعاء حسنا فلما خرج من حرم الكعبة لم يجد الناقة فقال بفطرته وسجيته: يا رب أديت أمانتك فأين أمانتي؟ يا رب إنه ما سرق إلا منك، فلم يمكث حتى جاء رجل نازل من جبل أبي قبيس فنظرنا فإذا هو قد قطعت يده وهو يقود الناقة فتعجبنا من ذلك قال طاووس: فسألناه ما سبب ذلك قال جاءني رجل على فرس أشهب فقطع يدي وقال لي: رد الناقة على ولي الله [9].



ولما حج هشام بن عبد الملك دخل الكعبة فإذا هو بسالم بن عبد الله، فقال له: يا سالم! سلني حاجة، فقال: إني لأستحي من الله أن أسأل في بيته غيره، فلما خرج سالم خرج هشام في أثره فقال له: الآن قد خرجت من بيت الله فسلني حاجة، فقال سالم: من حوائج الدنيا أم من حوائج الآخرة؟ قال: من حوائج الدنيا، فقال سالم: إني ما سألت الدنيا من يملكها، فكيف أسألها من لا يملكها؟.



وهذا التوكل -أيها الإخوة- إنما يظهر ويتضح بجلاء ويقوي القلب على جمعه واحتوائه إذا أنزله العبد منزلته ولم يره أمراً دون ما جعل الله له من المكانة والمنزلة فما منزلة التوكل على الله تعالى؟ ما هي رؤية الإسلام له في المكانة والفضل والتي ينبغي أن يراها له المسلم؟.



ولنتأمل لمعرفة ذلك آيات من القرآن العظيم: قال الله تعالى:﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ و قال تعالى: ﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [المائدة: 23] وقال تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾ [الأنفال: 2 - 5].



أرأيت أيها الحبيب إلى ذلك الارتباط الذي يربط به القرآن الكريم بين التوكل والإيمان وهذا معناه أن التوكل من الإيمان بل صريح الآية: "﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [المائدة: 23] يقتضي أن يكون التوكل شرطاً في الإيمان إذا وجد التوكل فتم الإيمان وإذا ذهب التوكل ذهب الإيمان، وأيضًا إشارة إلى أن الإيمان يوجد على قدر وجوده ولذا فالمسلم لا يرى التوكل على الله تعالى في جميع أعماله واجباً خلقياً فحسب بل يراه فريضة دينية ويعده عقيدة إسلامية وهذا من منطلق فهمه لهذه الأوامر الربانية ولهذا كان التوكل المطلق والتسليم التام لله -سبحانه وتعالى- جزءاً من عقيدة المؤمن بالله تعالى: فلابد للمؤمن من تمحيض التوكل وتجريد الاعتماد على الله ولذا قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ﴾ [لقمان: 22] والعروة الوثقى هي لا إله إلا الله، وما مكانة لا إله إلا الله في الإسلام؟ ألم أقل لحضراتكم إن التوكل عقيدة واجبة وفريضة لازمة.



ولهذا لا ينبغي أبداً أن يتصرف الإنسان فيها هكذا سبهللاً يصرفها إلى من يشاء ويصرفها عمن يشاء بل لابد من ضبطها بالضوابط الشرعية وقياسها بالموازين الربانية والنبوية فيعرف الإنسان على من يعتمد وفي أي شيء؟



وهذا هو جواب السؤال: ما هي أقسام التوكل؟

أيها الإخوة الاعتماد على المخلوق فيما يقدر عليه وهو ما يعرف بالاعتماد على الأسباب شيء والاعتماد على المخلوق فيما لا يقدر عليه إلا الخالق شيء آخر، والاعتماد على المخلوق فيما يقدر عليه مع حفظ القلب من الالتفات عن الله شيء ثالث.



فهذه ثلاث بينها بون شاسع وفرق كبير، فالاعتماد على المخلوق فيما يقدر عليه أي من الأحياء الحاضرين القادرين فيما يقدرون عليه من الأمور مع العلم واليقين والاعتقاد الجازم بأنه لا يأتي بالنفع والضر إلا الله وأنهم ما هم إلا سبب فهذا جائز ومن أدلته حديث الأعمى والأقرع والأبرص فقد كان الملك يقول فيما يقول: "وليس لي بلاغ إلا بالله تعالى ثم بك".



ولذا نقول: اعتمدت على الله ثم عليك في هذا الأمر، توكلت على الله ثم عليك في هذا، فوضت هذا الأمر إلى الله ثم إليك وهكذا بلا نكير، فهذا جائز لكن دون أن يلتفت القلب إلى العبد أو السبب وينسي مسبب الأسباب سبحانه وأنه هو النافع الضار في الأمر كله فهذا حرام، انتبه أيها الغالي! أما من اعتمد على المخلوق فيما يستطيعه ويقدر عليه دون التفات إلى كون النفع والضر كله بيد الله تعالى فهذا أشرك شركًا أصغر، وهو حرام نعم لأنه اعتماد وتوكل على الأسباب الظاهرة دون الاعتماد على مسبب الأسباب -سبحانه وتعالى-.



وهذا كأن "يعتمد العبد على الطبيب لحصول الشفاء فيعالج عند طبيب معين لمهارته مع الثقة بالشفاء في يديه أو كالاعتماد على كثرة الجيش وقوته لحصول النصر أو الاعتماد على الوظيفة في الحصول على الرزق، وعلى مهارة السائق في السلامة" وهكذا، آه فالأمر جد خطير ليس باليسير، فتش في قلبك أيها الحبيب فتش في قلبك ما الذي بداخله؟ هل بداخله الاعتماد على الله تعالى وحده والتوكل عليه دون سواه؟ أم هو الاعتماد على شيء آخر لا ينفعك ولا يضرك من ناحية ما ترجو ولكن يضرك من حيث عقيدتك فيفسدها عليك ويضعف إيمانك بالله، فيجب على كل أخ وأخت من الآن أن يفتش عن قلبه.



وقد قال تعالى: "وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين" فهذا أمر منه سبحانه بأسلوب الحصر أن يتوكل المؤمنون عليه وحده ولا يتوكلوا على غيره فيخالفون بذلك الإيمان الواجب عليهم. [10].



أما الاعتماد على المخلوق في شيء لا يقدر عليه إلا الله -عز وجل- فهذه الطامة الكبرى والمصيبة العظمى سواء كان ذلك الاعتماد على أحد من الأحياء أو الأموات وهو الشرك الأكبر الذي حذر منه رب الأرض والسموات وجاء بالتبري منه كل نبي وكل رسول فلا اعتماد إلا على الله، ولا ثقة إلا بالله ولا يقين إلا في الله ولا توكل إلا على الله، قال ربي وأحق القول قول ربي جل في علاه: "فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون"لا تجعلوا لله نداً تطلبون منه ما لا يقدر عليه إلا هو -سبحانه وتعالى- من الشفاء أو السلامة أو الحفظ أو الرزق أو النسل.



يحكي لنا بعضهم فيقول: كنت معهم أريد أن أرى ماذا يفعلون دعوني أكثر من مرة لأحضر معهم يقولون إنهم يرجعون يكادون يطيرون في السماء تحليقاً من الشعور بنعيم ومتعة ما سمعوا، ذهبت لأحضر معهم فما رأيت إلا شركاً بالله وكلاماً لا يليق يسمونها حضرة وما هي كذلك بل هي غيبة غيبة عن الشعور غيبة عن العقل غيبة قبل هذا وهذا عن الدين والشرع قال: والطامة الكبرى أننا خرجنا من عند شيخهم وتركناه وراءنا لما ركبنا الحافلة وسارت بنا إلى ما يقرب من منتصف الطريق كادت تنقلب بنا لولا ستر الله تعالى ولطفه بنا، ولكن العجيب أنني سمعت صراخهم أثناء ما كان السائق لا يستطيع السيطرة على السيارة كانوا يرفعون أصواتهم عالية يجأرون وينادون أتدرون من كانوا ينادون؟ أتدرون بمن كانوا يستغيثون؟ لقد كانوا ينادون الشيخ الذي تركناه وراءنا على بعد عشرات الكيلومترات، ينادونه ليحفظهم ويمسك بهم ولا يهلكهم! فأخذت أقول في دهش: سبحان ربي، وتساءلت: هل هؤلاء مسلمون حقاً؟

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 27-08-2020, 01:50 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي رد: وما لنا ألا نتوكل على الله؟



وصدق ربي إذ يقول: ﴿ وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ﴾ [المؤمنون: 117].



إن التوكل من الدعاء والدعاء عبادة فمن صرف التوكل إلى غير الله فقد صرف العبادة إلى غير الله وهذا شرك، ولذلك قال علماؤنا: "الاعتماد بالقلب على غير الله -عز وجل- في الأمور التي لا يقدر عليها إلا الله من جلب نفع أو دفع ضر، كالتوكل على الأموات والغائبين ونحوهم من الطواغيت في تحقيق المطالب من النصر والحفظ والرزق والشفاعة وغيرها هذا شرك أكبر في ألوهيته – سبحانه – لأنه صرف لإحدى العبادات لغير الله وهي من العبادات التي لا يجوز صرفها إلا لله وحده ".[11].



فهذه أقسام التوكل وبالإجمال فالتوكل على الله وحده واجب والتوكل على غيره فيما لا يقدر عليه إلا الله شرك أكبر والتوكل على غير الله من المخلوقين إن كان فيما هو في استطاعتهم فينبغي أن يتعلق القلب بالله في قضاء المصالح، وإلا كان تعلق القلب بغير الله في هذه الحالة شركاً أصغر وهو حرام كذلك.



أيها الإخوة! إن من صفات المؤمنين التوكل على ربهم ولذا مدحهم الله به وأثنى عليهم لما تلبسوا به، وينبغي أن يوطن كل منا قلبه على ذلك ليرزقه الله تمام الإيمان وكمال الإسلام فليرسخ في قلوبنا ولتعقد النياط عليه، على ماذا؟ على أنه لا يتحرك ساكن ولا يسكن متحرك ولا تسود دولة ولا تزول دولة ولا يجيء حاكم ولا يزول حاكم إلا بأمر مدبر السموات والأرض: "﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [آل عمران: 26، 27].



ولذلك فالمؤمن إن اعتقد هذه العقيدة كفاه الله ووقاه ونصره ونجاه وإن لم يكن معه من الخلق أحد بل ولو كان الخلق جميعهم ضده قال ابن مسعود: الجماعة هي الحق ولو كنت عليه وحدك وصدق الله القائل لنبيه: "يا أيها النبي حسبك الله "نعم كفى به ملاذًا ومعتمدًا وصدق الله القائل: "ومن يتوكل على الله فهو حسبه" القائل: ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ * وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ * وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السموات وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ ﴾ [الزمر: 36 - 38].



فمم يخاف العالمون؟ إذا كان الله معك فماذا خسرت؟ وإذا كانت الدنيا كلها معك وليس الله معك فقد خسرت، ولذا كان المتوكلون على الله هم المنصورون لما لجأوا إلى إعلان التوكل على الله فمن كان في ضيق وكرب فمحض وجرد التوكل والاعتماد على الله أتاه الفرج سريعًا من الله، ولنطف سوياً بهذه المثل نستنشق عبيرها ونشم طيبها وأريجها.



فهذا إبراهيم عليه السلام يلقى في النار التي لو قدر الله لها أن تأكله لما تحمل منها ذرة ولما قضى فيها ثانية بل ينتهي الأمر وينقضي في لمح البصر، فماذا قال إبراهيم حتى ينجو؟ تعلق قلبه بالله وحده وأعلن ذلك قائلاً: حسبي الله ونعم الوكيل فقال الله لجنديه النار"كوني برداً وسلاماً على إبراهيم"فخرج منها عليه السلام لم يمس بسوء.



روى البخاري وغيره عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال: ﴿ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾ قَالَهَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ حِينَ أُلْقِىَ فِى النَّارِ، وَقَالَهَا مُحَمَّدٌ -صلى الله عليه وسلم- حِينَ قَالُوا: (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)[12] فهذا الخليل يلجأ إلى الله في الشدة بتجريد التوكل والتجرد من الحول والقوة إلى الاعتماد على رب البرية فيفرج الله شدته ويبدد الله ظلمته ويفك الله كربته.



وهذا الكليم موسى عليه السلام يخرج من مصر ببني إسرائيل هارباً من بطش فرعون الذي لو أدركهم لن يفلت منهم اليوم الكبار ويذبح الصغار كما كان يفعل، بل يقضي على الصغار والكبار في آن وقدر الله أن يذهب موسى ليلاً بقومه فيتجهون إلى البحر وينتهون إلى شاطئه وما إن وصلوا حتى سمعوا صوت صهيل الخيول وصليل السيوف فعرفوا أن فرعون وجنوده قد لحقوا بهم وتخيلوا مع هذا هدير شلالات الدم التي تقام بعد قليل من صلب وقتل وقطع ونسي القوم العظيم الجليل الذي أمرهم ابتداء بالخروج والتفتوا إلى موسى قائلين: "﴿ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ﴾ [الشعراء: 61] هذا الجيش قد أتى وهذا البحر قدامنا منعنا من مواصلة السير فإلى أين المفر؟ إنا لمدركون لا محالة لا مفر لا محيد لا مهرب. فقطع موسى الكليم عليه السلام هذه الوساوس قائلاً في ثقة واعتماد وتوكل على الله: ﴿ قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾ [الشعراء: 62، 63] نعم "معي" هذه الكلمة كافية أن تطمئن النفوس الهالعة والقلوب المفزّعة فارتدت النفوس إلى القلوب لتطمئن القلوب بدورها الأطراف والجوارح قائلة بلسان الحال طالما "معي" فقد أعد المهرب والمفر، قد أعد موسى عدته حتى لهذا الموقف فلتهدأوا ولتطمئنوا لا تقلقوا، ولهذا السبب -أيها الإخوة- قدم موسى عليه السلام لفظة المعية على لفظة الربوبية فقال: "إن معي ربي" ولم يقل إن ربي معي، ذلك لأنه يخاطب أنفسًا فى شك وريب وتردد لاتتمتع بثقه ولم يرسخ فى قلوبها إيمان أو يقين، وأنجى الله موسى ومن معه كما قال -عز وجل- ﴿ فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ * وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآَخَرِينَ * وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ * ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآَخَرِينَ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴾ [الشعراء: 63 - 68].



أيها الإخوة! إذا كان هذا موقف الخليل وهذا موقف الكليم فإن موقف الحبيب كان أعظم وأجل وأعلى.. نعم فها هو الحبيب النبي صلى الله عليه وسلم في الهجرة المباركة تلك الرحلة التي تجلت فيها حقائق الإيمان والتوكل معاً مقترنين يخرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الهجرة بعدما أخذ بالأسباب جميعها كما سأبين بعد قليل وكان آخرها الاختباء في الغار ولكن يقدر الله أن يصل المشركون إلى باب الغار وأخذوا يطوفون ويدورون حوله، وهنا دب القلق على النبي في قلب الصديق رفيق النبي في الغار الصديق أبوبكر المبكر المبارك فقد خاف على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى مستقبل الإسلام والدعوة كلها في شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم حامل لوائها ورافع رايتها وعبر عن خوفه ذاك قائلاً: يا رسول الله لو أن أحدهم نظر تحت قدمه لأبصرنا فقال الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم بأبي هو وأمي وأمتي ونفسي يعلم الصديق أن"آخر الأسباب للمؤمن اطراحه بين يدي الله وتفويضه أمره كله إليه في ثقة واطمئنان وقد استنفد الرسول صلى الله عليه وسلم جميع الوسائل في طلب النجاة حتى حشر نفسه التي طلب النجاة لها في غار مظلم تسكنه العقارب والحيات ولذا قال في ثقة المؤمن ويقين المتوكل لصاحبه لما ساوره الخوف: "لا تحزن إن الله معنا، ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما". [13].



أخي! هل تدبرت هذه اللفظة النبوية في التعبير عن معية رب البرية "اثنين الله ثالثهما" اثنين الله ثالثهما، إذاً فلتخرج مكة كلها بخيلها ورجلها، برجالها ونسائها وأطفالها، بشيوخها وشبابها، بل لتخرج الدنيا بأسرها لتبحث عن محمد وصاحبه فوالله لو قلبوا رمال الصحراء حبة حبة لن يصلوا أبداً إلى اثنين الله ثالثهما.



وأمثله التوكل لا تقف عند حد الرسل والأنبياء وإن كانوا القدوة العظمى في ذلك روى البخاري عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ -رضى الله عنه- عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-" أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلاً مِنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ سَأَلَ بَعْضَ بَنِى إِسْرَائِيلَ أَنْ يُسْلِفَهُ أَلْفَ دِينَارٍ، فَقَالَ ائْتِنِي بِالشُّهَدَاءِ أُشْهِدُهُمْ. فَقَالَ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا، قَالَ فَأْتِنِي بِالْكَفِيلِ. قَالَ كَفَى بِاللَّهِ كَفِيلاً. قَالَ صَدَقْتَ. فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، فَخَرَجَ فِي الْبَحْرِ، فَقَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ الْتَمَسَ مَرْكَبًا يَرْكَبُهَا، يَقْدَمُ عَلَيْهِ لِلأَجَلِ الَّذِى أَجَّلَهُ، فَلَمْ يَجِدْ مَرْكَبًا، فَأَخَذَ خَشَبَةً، فَنَقَرَهَا فَأَدْخَلَ فِيهَا أَلْفَ دِينَارٍ، وَصَحِيفَةً مِنْهُ إِلَى صَاحِبِهِ، ثُمَّ زَجَّجَ مَوْضِعَهَا، ثُمَّ أَتَى بِهَا إِلَى الْبَحْرِ، فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّى كُنْتُ تَسَلَّفْتُ فُلاَنًا أَلْفَ دِينَارٍ، فَسَأَلَنِي كَفِيلاً، فَقُلْتُ كَفَى بِاللَّهِ كَفِيلاً، فَرَضِىَ بِكَ، وَسَأَلَنِي شَهِيدًا، فَقُلْتُ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا، فَرَضِىَ بِكَ، وَأَنِّى جَهَدْتُ أَنْ أَجِدَ مَرْكَبًا، أَبْعَثُ إِلَيْهِ الَّذِى لَهُ فَلَمْ أَقْدِرْ، وَإِنِّى أَسْتَوْدِعُكَهَا. فَرَمَى بِهَا في الْبَحْرِ حَتَّى وَلَجَتْ فِيهِ، ثُمَّ انْصَرَفَ، وَهْوَ فِي ذَلِكَ يَلْتَمِسُ مَرْكَبًا، يَخْرُجُ إِلَى بَلَدِهِ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ الَّذِى كَانَ أَسْلَفَهُ، يَنْظُرُ لَعَلَّ مَرْكَبًا قَدْ جَاءَ بِمَالِهِ، فَإِذَا بِالْخَشَبَةِ الَّتِي فِيهَا الْمَالُ، فَأَخَذَهَا لأَهْلِهِ حَطَبًا، فَلَمَّا نَشَرَهَا وَجَدَ الْمَالَ وَالصَّحِيفَةَ، ثُمَّ قَدِمَ الَّذِى كَانَ أَسْلَفَهُ، فَأَتَى بِالأَلْفِ دِينَارٍ، فَقَالَ وَاللَّهِ مَا زِلْتُ جَاهِدًا فِى طَلَبِ مَرْكَبٍ لآتِيَكَ بِمَالِكَ، فَمَا وَجَدْتُ مَرْكَبًا قَبْلَ الَّذِى أَتَيْتُ فِيهِ. قَالَ هَلْ كُنْتَ بَعَثْتَ إِلَىَّ بِشَىْءٍ قَالَ أُخْبِرُكَ أَنِّى لَمْ أَجِدْ مَرْكَبًا قَبْلَ الَّذِى جِئْتُ فِيهِ. قَالَ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَدَّى عَنْكَ الَّذِى بَعَثْتَ فِى الْخَشَبَةِ فَانْصَرِفْ بِالأَلْفِ الدِّينَارِ رَاشِدًا » [14].



أكتفي بهذه الأمثلة الأربعة الرائعة لأنتقل إلى العنصر الأهم في اللقاء كله ألا وهو كيف يحقق العبد منزلة التوكل، وإلا فوالله لو ظللنا نتحدث عن المتوكلين ونطوف في بستانهم ما كفتنا جمعات وجمعات.



أقول: إننا أمة التوكل شرعيًا ومنهجيًا، لكننا نقصر في هذه الفريضة كثيرًا جدًّا عمليًّا وتطبيقيًّا حتى ضعف لدينا عطاؤها و مظاهر ضعف التوكل على الله والتعلق بغيره، والاعتماد على سواه، بلي بها كثير من المسلمين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم، وسنتحدث عن هذه المظاهر بعد جلسة الاستراحة هذا وأستغفر الله لي ولكم.



الخطبة الثانية

الحمد لله الذي خلق فسوى، وقدر فهدى، وأغنى وأقنى، وجعلنا من خير أمة تأمر وتنهى، والصلاة والسلام على خير الورى، وما ضل وما غوى، وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه واقتفى.



أما بعد، فيا أيها الإخوة! قلت: إن ضعف التوكل والتعلق بغيره، والاعتماد على سواه، قد بلي به كثير من الناس، ومن مظاهر ذلك:

أن كثيراً من الناس إذا نزلت بهم الأمراض أو أصابتهم الأسقام تعلقت قلوبهم بالأسباب الحسيّة وغفلوا عن قوله -عز وجل-: ﴿ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ﴾ فتجد فريقاً ممن أصيبوا بالأمراض علقوا قلوبهم بالأطباء أو الأدوية ورجوا منهم الشفاء وزوال الداء، ومنهم فريق جاب الفيافي والقفار وقطع الصحاري والبحار، وشرَّق وغرَّب في الأمصار، يلاحق السحرة والمشعوذين يرجو منهم رفع البلاء، وكشف الضراء، فخربوا قلوبهم لإصلاح أبدانهم، ففسدت قلوبهم، ووهنت أبدانهم ﴿ وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْأِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً ﴾ فاتقوا الله عباد الله فإن من أتى عرافاً أو ساحراً أو كاهناً فسأله فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد -صلى الله عليه وسلم- فكيف يا عبد الله تطلب الشفاء من السحرة والكفرة الذين لا حول لهم ولا قوة وتغفل عن الله الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء كيف تيأس من روحه ورحمته وقد وسعت رحمته كل شيء أما سمعت نبي الله أيوب عليه السلام ﴿ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾.



ألم تر كيف أجابه الكريم المنان "﴿ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ ﴾" فاتقوا الله عباد الله وإياكم إياكم إياكم أن تأتوا هؤلاء الكهنة والمشعوذين تحت أي ظرف، فلأن تموت يا عبد الله مريضاً موحداً مؤمناً خير لك من أن تموت صحيحاً معافىً مشركاً، فـ﴿ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ﴾.



ومن مظاهر ضعف التوكل أن الناس إذا نزلت بهم المصائب وأصابتهم النوائب فزعوا إلى غير مفزع، وفروا إلى غير مهرب، فتجد الواحد من هؤلاء إذا نالته نائلة توجه إلى مخلوق مثله يطلب شفاعته وغوثه وتحقيق طلبه، ولو أن هؤلاء صدقوا الله لكان خيراً لهم، طرقوا كل باب وسلكوا كل سبيل إلا أنهم غفلوا عن الله الذي إذا أراد شيئاً قال له كن فيكون فإنه سبحانه قد قال: ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾. أي كافي من يثق به في نوائبه ومهماته يكفيه ما أهمه وأقلقه فاتقوا الله عباد الله وأنزلوا حاجاتكم بالذي ينادي كل ليلة فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له".



جاء رجل إلى الربيع بن عبد الرحمن يسأله أن يكلم الأمير في حاجة له فبكى الربيع -رحمه الله- ثم قال: أي أخي اقصد إلى الله -عز وجل- في أمرك تجده سريعاً قريباً فإني ما طلبت المعونة من أحد في أمرٍ أريده إلا الله فأجده كريماً قريباً لمن قصده وتوكل عليه.



ومن مظاهر ضعف التوكل عند بعض الناس: التشاؤم والتطير ببعض الأسماء أو الأشخاص أو الأرقام أو الألوان أو الأيام أو الشهور وغير ذلك من الشرك المحرم قال - صلى الله عليه وسلم-: (من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك). [15].



فاتقوا الله عباد الله واعلموا أنه لا يأتي بالحسنات إلا الله -جل وعلا- ولا يدفع السيئات إلا الله سبحانه، فعلقوا قلوبكم بالله يا عباد الله واعتقدوا قوله -جل وعلا-: ﴿ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [يونس: 107] [16].



هذه بعض مظاهر ضعف التوكل على وجه السرعة.



وأخيرًا أيها الإخوة كيف يحقق العبد منزلة التوكل والجواب على ما ذكره العلامة السعدي -رحمه الله- [17] أن سبيل ذلك أن يعلم العبد أن الأمر كله لله، وأنه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وأنه هو النافع الضار المعطي المانع، وأنه لا حول ولا قوة إلا بالله، فبعد هذا العلم يعتمد بقلبه على ربه في جلب مصالح دينه ودنياه، وفي دفع المضار، ويثق غاية الوثوق بربه في حصول مطلوبه، وهو مع هذا باذل جهده في فعل الأسباب النافعة.



فمتى استدام العبد هذا العلم وهذا الاعتماد والثقة فهو المتوكل على الله حقيقة، وليبشر بكفاية الله له ووعده للمتوكلين.



وأخيراً أيها الإخوة هل يتعارض التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب؟ والجواب بحول الملك الوهاب: إن الذي أمرنا بالأخذ بالأسباب هو الله تعالى والذي أخذ بالأسباب هو رسول الله صلى الله عليه وسلم والله هو الذي أمرنا بالتوكل ورسول الله هو سيد المتوكلين على ربه، فهل ترى بين هذا من تعارض؟ واسمع إلى هذه الدرر الغوالي الغاليات يقول الشوكاني -رحمه الله-: "والحق أن من وثق بالله وأيقن أن قضاءه عليه ماض لم يقدح في توكله تعاطيه الأسباب اتباعًا لسنته وسنة رسوله، فقد ظاهر صلى الله عليه وسلم بين درعين، ولبس على رأسه المغفر، وأقعد الرماة على فم الشعب وخندق حول المدينة، وأذن في الهجرة إلى الحبشة وإلى المدينة وهاجر هو، وتعاطى أسباب الأكل والشرب، وادخر لأهله قوتهم، ولم ينتظر أن ينزل عليه من السماء وهو كان أحق الخلق أن يحصل له ذلك.



وقال للذي سأله أيعقل ناقته أو يتوكل؟: "اعقلها وتوكل" فأشار إلى أن الاحتراز لا يدفع التوكل.[18].



فعلى أهل التوكل الحق أن يلزموا عتبة التوكل ومتى صح التوكل على الله صحت كفايته لعبده فلا يحتاج إلى أحد ومن كان الله كافيه وواقيه فلا مطمع لأحد فيه.



نعم فالتوكل لا يتم إلا مقترناً بالأسباب المشروعة فالأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل بشرط أن يعتقد العبد أنها بإذن الله وتقديره.



ولذا قيل: الأخذ بالأسباب المشروعة من تمام التوكل وعدم الأخذ بالأسباب يقدح في التوكل بل يقدح فى العقل.



حبيبي! "إذا استغنى الناس بالدنيا فاستغن أنت بالله، وإذا فرحوا بالدنيا فأفرح أنت بالله، وإذا أنسوا بأحبابهم فاجعل أنسك بالله، وإذا تعرفوا إلى ملوكهم وكبرائهم وتقربوا إليهم لينالوا بهم العزة والرفعة فتعرف أنت إلى الله، وتودد إليه تنل بذلك غاية العز والرفعة"، كما يقول ابن القيم طيب الله ثراه.



أسأل الله أن يجعل اعتمادنا عليه ويقيننا فيه واستسلامنا له وثقتنا به وتفويضنا إليه.



اللهم إنا نبرأ من الثقة إلا بك ومن التفويض إلا إليك ومن التوكل إلا عليك ومن الإنابة إلا لك ومن الرجاء والأمل إلا من يديك الكريمتين واسلموا لمن يحبكم... الدعاء.





[1] أخرجه ابن حبان 1 / 247، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب 2250.




[2] طريق الهجرتين وباب السعادتين (ص 264).




[3] من مظاهر ضعف التوكل - خطبة على موقع المنبر.




[4] مروج الذهب للمسعودي (2/309).




[5] نهاية الأرب للنويري (6/168).




[6] علماء ومفكرون عرفتهم (1/ 76)، للأستاذ الشيخ محمد المجذوب، دار الشواف.




[7] منهاج المسلم 171، 172، المكتبة القيمة.




[8] أخرجه الترمذي (2517)، والبيهقي في"شعب الإيمان"(2/80)، وحسنه الألباني في"صحيح الجامع"(1068).




[9] نزهة المجالس ومنتخب النفائس - (ص / 224)، تفسير النيسابوري - (1 / 44).




[10] قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى-: والتوكل ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

الأول : توكل عبادة وخضوع ، وهو الاعتماد المطلق على من توكل عليه ، بحيث يعتقد أن بيده جلب النفع ودفع الضر ، فيعتمد عليه اعتماداً كاملاً ، مع شعوره بافتقاره إليه ، فهذا يجب إخلاصه لله تعالى ، ومن صرفه لغير الله ، فهو مشركاً أكبر ، كالذين يعتمدون على الصالحين من الأموات والغائبين ، وهذا لا يكون إلا ممن يعتقد أن لهؤلاء تصرفاً خفياً في الكون ، فيعتمد عليهم في جلب المنافع ودفع المضار .

الثاني : الاعتماد على شخص في رزقه ومعاشه وغير ذلك ، وهذا من الشرك الأصغر ، وقال بعضهم : من الشرك الخفي ، مثل اعتماد كثير من الناس على وظيفته في حصول رزقه ، ولهذا تجد الإنسان يشعر من نفسه أنه معتمد على هذا اعتماد افتقار ، فتجد في نفسه من المحاباة لمن يكون هذا الرزق عنده ما هو ظاهر ، فهو لم يعتقد أنه مجرد سبب ، بل جعله فوق السبب .

الثالث : أن يعتمد على شخص فيما فوض إليه التصرف فيه ، كما لو وكلت شخصاً في بيع شيء أو شرائه ، وهذا لا شيء فيه ، لأنه أعتمد عليه وهو يشعر أن المنزلة العليا فوقه ، لأنه جعله نائباً عنه ، وقد وكل النبي - صلى الله عليه وسلم - على ابن أبي طالب أن يذبح ما بقي من هديه، ووكل أبا هريرة على الصدقة، ووكل عروة بن الجعد أن يشتري له شاة ، وهذا بخلاف القسم الثاني ، لأنه يشعر بالحاجة إلى ذلك ، ويرى اعتماده علي المتوكَّل عليه اعتماد افتقار، القول المفيد (2/ 29).





[11] عون العلي الحميد (2 / 105).




[12] أخرجه البخاري (4563، 4564).




[13] أخرجه البخاري 3615، ومسلم 7706.




[14] أخرجه البخاري 2291.




[15] أخرجه أحمد 7045، وغيره، وصححه الألباني انظر حديث: 6264 في صحيح الجامع.




[16] من مظاهر ضعف التوكل – خطبة من موقع المنبر.




[17] القول السديد (ص / 122).




[18] نيل الأوطار للشوكاني أبواب الطب باب إباحة التداوي وتركه تحت الحديث (3762).



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 104.12 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 101.94 كيلو بايت... تم توفير 2.18 كيلو بايت...بمعدل (2.09%)]