الجوار في الإسلام - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1009 - عددالزوار : 122878 )           »          سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 121 - عددالزوار : 77571 )           »          الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 62 - عددالزوار : 48993 )           »          الدِّين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 191 - عددالزوار : 61484 )           »          شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 76 - عددالزوار : 42875 )           »          الدورات القرآنية... موسم صناعة النور في زمن الظلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          تجديد الحياة مع تجدد الأعوام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          الظلم مآله الهلاك.. فهل من معتبر؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          المرأة بين حضارتين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          رجل يداين ويسامح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 24-08-2020, 03:51 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,564
الدولة : Egypt
افتراضي الجوار في الإسلام

الجوار في الإسلام


السيد طه أحمد




الحمد لله رب العالمين.. اهتم بالعلاقات الإنسانية وقرنها بعبادته تعالى فقال تعالى ﴿ وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا ﴾ [سورة النساء الآية: 36]. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.. له الملك والحمد يحي ويميت وهو على كل شيء قدير.. ربط بين المؤمنين جميعا برباط الإيمان والمحبة فقال تعالى ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾ الحجرات. وأشهد أن سيدنا محمد رسول الله صلي الله عليه وسلم.. بين لنا أساس التفاضل في العلاقات فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (خَيْرُ الْأَصْحَابِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِصَاحِبِهِ وَخَيْرُ الْجِيرَانِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِجَارِهِ) [رواه الترمذي].

فاللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلي يوم الدين.

أما بعد.. فيا أيها المؤمنون..
إن ما يميز شريعة الإسلام عن سواها من الشرائع والأديان هو شمولها لكافة مناحي الحياة وعمومها لكافة الخلق إنسهم وجنهم، ذلك أن الشريعة الإسلامية جاءت لتصحح مسار الحياة الإنسانية وترسم لها الطريق القويم والمنهج الواضح السليم في التعامل وفق تعاليم واضحة مفهومة سهلة التطبيق.

لهذا نهض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وسلفنا الصالح بتلك الرسالة مطبقين تعاليمها عمليا فيما بينهم وبين خالقهم وفازوا بسعادة العاجل والآجل، بل إن في التزام أولئك النفر بتطبيق معايير الإسلام وتعاليمه عليهم وعلى غيرهم ما يدعو إلى الاعتبار والانبهار، ومن تلك القواعد التي أرستها الشريعة الإسلامية في التعامل ما بين الناس حقوق الجار.

لذلك كان لزاما علينا لكي نحق السعادة لأنفسنا ولأمتنا كما سعد أسلافنا أن نتحدث عن الجار في الإسلام والحديث عن الجار يتضمن هذه العناصر الرئيسية التالية:
أولاً: تعريف الجار.
ثانيًا: حدّ الجوار.
ثالثًا: مراتب الجيران.
رابعًا: منزلة الجار في الإسلام.
خامسًا: حقوق الجار في الإسلام.
سادسًا: أثر الاهتمام بحقوق الجار على المجتمع المسلم.
سابعًا: نماذج مضيئة من حياة السلف في معاملة الجيران.
ثامنا: الخاتمة.

العنصر الأول: تعريف الجار:
الجار: هومن جاورك جوارًا شرعيًا، سواء كان مسلمًا أو كافرًا، برًا أو فاجرًا، صديقًا أو عدوًا، محسنًا أو مسيئًا، نافعًا أو ضارًا، قريبًا أو أجنبيًا، بلديًا أو غريبًا. في المنزل والمسكن أوالحقل.

العنصر الثاني: حد الجوار: اختلف العلماء في حدّ الجوار على أقوال:
القول الأول: أنه أربعون دارًا من كلّ ناحية، وهو قول عائشة رضي الله عنها والحسن والزهري والأوزاعي.
قال الإمام الشوكاني: روى القرطبي أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فجعل يشكو جاره، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن ينادي على باب المسجد " ألا إن أربعين دارا جارا ".
ألا إنّ أربعين دارًا جارًا، أربعون جارًا من أربع جِهات، وهناك عشرة نحو الأعلى، أو أقلّ من ذلك، هؤلاء كلّهم جيرانك.

القول الثاني: كلّ من سمع النداء فهو جار، وهو قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

القول الثالث: من سمع إقامة الصلاة فهو جار ذلك المسجد.

القول الرابع: من صلى معك صلاة الصبح في المسجد فهو جار.

القول الخامس: من ساكن رجلاً في مَحَلّة أو مدينة فهو جار، على حدّ قول الله تعالى: ﴿ لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ ٱلْمُنَ ٰفِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ وَٱلْمُرْجِفُونَ فِى ٱلْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لاَ يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلاَّ قَلِيلاً ﴾ [الأحزاب: 60].
وقال الألوسي: "مبنى الجوار وحده يرجع فيه إلى العرف".

العنصر الثالث: مراتب الجيران: الجيران ثلاثة: جار له حق وهو المشرك، له حقّ الجوار. وجار له حقان وهو المسلم، له حقّ الجوار وحق الإسلام. وجارله ثلاثة حقوق مسلم له رحم، له حق الجوار والإسلام والرحم وأخرج البزار في مسنده عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الجيران ثلاثة: جار له حق واحد وهو أدنى الجيران، وجار له حقان، جار له ثلاثة حقوق.. ".

العنصر الرابع: منزلة الجار في الإسلام:
1- قرن الله تعالى حقّ الجار بعبادته وحده والإحسان إلى الوالدين والأقارب واليتامى والمساكين.
قال تعالى ﴿ وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا ﴾ [سورة النساء الآية: 36] الجار ذي القربى، والجار الجنب.

2- تكرّرت الوصية من جبريل عليه السلام بالجار حتى ظنّ النبي صلى الله عليه وسلم أنه سيورّثه. صلى الله عليه وسلم: (ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه))".

3- جعل النبي صلى الله عليه وسلم إكرام الجار والإحسان إليه وعدم إيذائه من علامات الإيمان.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُؤْذِ جَارَهُ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ) [متفق عليه].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "اتق المحارم تكن أعبد الناس، وارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس، وأحسن إلى جارك تكن مؤمنا، وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلما، ولا تكثرالضحك، فإن كثرة الضحك تميت القلب ".

4- نفي النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان عمّن لا يأمن جاره بوائقه، وعمن لا يحبّ لجاره ما يحبّ لنفسه. فقال صلي الله عليه وسلم (وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ قِيلَ وَمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الَّذِي لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَايِقَهُ) (البخاري) وعن أنس رضي الله عنه، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: (ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه، وهو يعلم به) [رواه البزار].

وهذا الحديث ينفي عن المسلم الإيمان إذا لم يساعد جاره فكيف إذا أوقع فيه الأذى، وإذا قلتَ لا أعلم أقول لك: من لم يتفقَّد شؤون من حوله فليس مؤمناً.

5- ترتيب الخيريّة عند الله على الخيريّة للجار وسبب في رفع منزلته عند الله عز وجل:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (خَيْرُ الْأَصْحَابِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِصَاحِبِهِ وَخَيْرُ الْجِيرَانِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِجَارِهِ) [رواه الترمذي]. صححه الألباني. صاحبان، صديقان، شريكان، جاران، خيرُ الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه إذا فقْتَهُ بالإحسان فأنت أفضلُ منه، إذا فقْتَهُ في الانضباط فأنت أفضلُ منه، إذا فقْتَهُ في العفو فأنت خير منه، (خَيْرُ الْجِيرَانِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِجَارِهِ).

6- جعل النبي صلى الله عليه وسلم حسن الجوار سببًا لعمران الديار وزيادة الأعمار.
قال النبي صلى الله عليه وسلم : "إنه من أعطي حظَّه من الرِّفق، فقد أعطي حظَّه من خير الدنيا والآخرة، وصلة الرحم، وحُسن الخلق وحُسن الجوار يَعمُران الديار، ويزيدان في الأعمار"؛ صحَّحه الألباني.

7- سوء الجوار من القاصمات للظهر:
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عمرو قال (ألا أخبركم بالثلاث الفواقر؟ قيل: وما هن؟ قال: إمام جائر، إن أحسنت لم يشكر، وإن أسأت لم يغفر، وجار سوء، إن رأى حسنة غطاها، وإن رأى سيئة أفشاها وامرأة السوء إن شهدتها غاظتك، وإن غبت عنها خانتك) [رواه ابن أبي شيبة] الفاقرة هي عظم الظهر. الفواقر جمع فاقرة، أو فِقْرة عَظْمة الظّهر، أيْ ثلاثة يحطِّمْن عظيمات الظّهر أيْ يقصِمن الظّهر.

8- يسأل الجارعن جاره يوم القيامة:
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: لقد أتى علينا زمان وما أحد أحقّ بديناره ودرهمه من أخيه المسلم، ثم الآن الدنيا والدرهم أحبّ إلى أحدنا من أخيه المسلم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (كم من جارمتعلّق بجاره يوم القيامة يقول: ياربّ، هذا أغلق بابه دوني، فمنع معروفه).

9- إساءة الجوار من عادات الجاهلية التي بعث الله نبيه لتغييرها:
يتضح هذا من جواب جعفر بن أبي طالب للنجاشي حين سأله عن هذا الدين الجديد، فقال له جعفر: "أَيُّهَا الْمَلِكُ، كُنَّا قَوْمًا أَهْلَ جَاهِلِيَّة، نَعْبُدُ الأَصْنَامَ وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ وَنَقْطَعُ الأَرْحَامَ وَنُسِيءُ الْجِوَارَ، يَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ، فَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْنَا رَسُولا مِنَّا، نَعْرِفُ نَسَبَهُ وَصِدْقَهُ وَأَمَانَتَهُ وَعَفَافَهُ، فَدَعَانَا إِلَى اللَّهِ؛ لِنُوَحِّدَهُ وَنَعْبُدَهُ وَنَخْلَعَ مَا كُنَّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ دُونِهِ مِنَ الْحِجَارَةِ وَالأَوْثَانِ، وَأَمَرَنَا بِصِدْقِ الْحَدِيثِ وَأَدَاءِ الأَمَانَةِ وَصِلَةِ الرَّحِمِ وَحُسْنِ الْجِوَارِ وَالْكَفِّ عَنِ الْمَحَارِمِ وَالدِّمَاءِ، وَنَهَانَا عَنِ الْفَوَاحِشِ وَقَوْلِ الزُّورِ وَأَكْلِ مَالَ الْيَتِيمِ وَقَذْفِ الْمُحْصَنَةِ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ لا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَأَمَرَنَا بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَام -فَعَدَّدَ عَلَيْهِ أُمُورَ الإِسْلام- فَصَدَّقْنَاهُ وَآمَنَّا بِهِ وَاتَّبَعْنَاهُ عَلَى مَا جَاءَ بِهِ، فَعَبَدْنَا اللَّهَ وَحْدَهُ فَلَمْ نُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا، وَحَرَّمْنَا مَا حَرَّمَ عَلَيْنَا، وَأَحْلَلْنَا مَا أَحَلَّ لَنَا" (رواه أحمد).

10 - الإحسان إلى الجار والقيام بحقه سبب لمغفرة الذنوب:
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ عز وجل قَالَ: «مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ يَشْهَدُ لَهُ ثَلاثَةُ أَبْيَاتٍ مِنْ جِيرَانِهِ الأَدْنَيْنَ بِخَيْرٍ إِلاّ قَالَ اللَّهُ عز وجل: قَدْ قَبِلْتُ شَهَادَةَ عِبَادِي عَلَى مَا عَلِمُوا وَغَفَرْتُ لَهُ مَا أَعْلَمُ» (رواه أحمد وحسنه الألباني).

11- أن الجار الصالح من أسباب سعادة العبد، وعكسه من أسباب شقائه:
فعن سلمان قال رسول الله: «أربع من السعادة: المرأة الصالحة، والمسكن الواسع، والجار الصالح، والمركب الهنيء، وأربع من الشقاء: الجار السوء، والمرأة السوء، والمركب السوء، والمسكن الضيق» (أخرجه الألباني في الصحيحة).

12- يقبل الله عز وجل شهادة جيرانه في حقه بالخير، ويغفر له ما لا يعلمون:
روى أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من مسلم يموت فيشهد له أربعة أبيات من جيرانه الأدنين، إلاَّ قال: قد قبِلت فيه عِلمكم فيه، وغفَرت له ما لا تعلمون"؛ قال الألباني: حسن لغيره..

ويعرف الإنسان نفسه بأنه أحسن إلى الجار أو أساء إليه بتطبيق الميزان النبوي في ذلك، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف لي أن أعلم إذا أحسنتُ وإذا أسأت؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا سمعت جيرانك يقولون أن قد أحسنتَ فقد أحسنتَ، وإذا سمعتهم يقولون: قد أسأتَ فقد أسأت).

ولقد وضع سيدنا عمر ابن الخطاب قانونا في معرفة الرجال حينما جاءه رجل يشهد لرجل آخر... فقال له عمر: أتعرف هذا الرجل؟ فأجاب: نعم! قال: هل أنت جاره الذي يعرف مدخله ومخرجه؟ فأجاب الرجل: لا. قال عمر: هل صاحبته في السفر الذي تعرف به مكارم الأخلاق؟ فأجاب الرجل: لا. قال عمر: هل عاملته بالدينار والدرهم الذي يعرف به ورع الرجل؟ فأجاب الرجل: لا. فصاح به عمر، لعلك رأيته قائماً قاعداً يصلي في المسجد يرفع رأسه تارة ويخفضه أخرى، فرد الرجل نعم!!. فقال له عمر: اذهب فإنك لا تعرفه، والتفت إلى الرجل وقال له: ائتني بمن يعرفك.

13- تعظيم الخطيئة في حق الجار:
فهذا الْمِقْدَادَ بْنَ الْأَسْوَدِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: (مَا تَقُولُونَ فِي الزِّنَا؟ ) قَالُوا: حَرَّمَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ؛ فَهُوَ حَرَامٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: (لَأَنْ يَزْنِيَ الرَّجُلُ بِعَشْرَةِ نِسْوَةٍ أَيْسَرُ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يَزْنِيَ بِامْرَأَةِ جَارِهِ!) فَقَالَ: (مَا تَقُولُونَ فِي السَّرِقَةِ؟) قَالُوا: حَرَّمَهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ؛ فَهِيَ حَرَامٌ. قَالَ: ( لَأَنْ يَسْرِقَ الرَّجُلُ مِنْ عَشْرَةِ أَبْيَاتٍ أَيْسَرُ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يَسْرِقَ مِنْ جَارِهِ ). رواه أحمد وصححه الألباني.

14- الإحسان إلي الجار من شروط المُروءة.

15 - عدم مصاحبة المسيئ للجار في الغزو مع النبي صلي الله عليه وسلم:
أخرج الطبراني من حديث ابن عمر قال: خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في غزاة فقال: (لايصحبنا اليوم من آذى جاره) [رواه الطبراني].

العنصر الخامس: حقوق الجار في الإسلام:
لقد تعبدنا الله تعالى بالإحسان إلي الجار وأي تقصير في هذا الحق يؤدي إلي غضب الله تعالى وحتي نتمكن من أداء هذه العبادة فيجب أن نتعرف علي حقوق الجار في الإسلام وهي كما يلي:
الحق الأول: كف الأذى عنه:
لقد عظم الله عز وجل أذي الجار وحرمه حرمة شديدة فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه).

وعن أبي شريح رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن)، قيل: ومن يا رسول الله؟ قال: (الذي لا يأمن جاره بوائقه).

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من آذى جاره فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن حارب جاره فقد حاربني، ومن حاربني فقد حارب الله) [رواه أبو نعيم ].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رجل: يا رسول الله، إنّ فلانةً يُذكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها غيرَ أنها تؤذي جيرانها بلسانها، قال: (لا خير فيها، هي من أهل النار)، قال: يا رسول الله، فإن فلانة يُذكر من قلّة صيامها وصدقتها وصلاتها وإنها تصدَّق بالأثوار من الأقِط ولا تؤذي جيرانها بلسانها، قال: (هي في الجنة).

وأنت حينما تؤذي الجار أنت تُسْقِطُ عباداتك كلّها، وتؤكّد للناس أنّ الدِّين كلامٌ فارغ، وأنّ الدّين رابطةٌ واهيَة، الدِّينُ معاملة، الدِّين تَضْحيَة، الدِّين أمانة.

ونحن في هذه الأيام أصبحت جُلُّ شكوى المجالس تقصير الجار في حق جاره، أصبحت تدخل إلى الحي فتسأل عن الرجل من أهله فلا يعرفه جيرانه، أصبحت تسمع أن سكاناً في عمارة واحدة لم يدخل بعضهم دار جاره ولو لدقائق، وربما سألت عن فلان تجده مقاطع جيرانه وبينهم خصومة لفترات طويلة وربما يكون السبب بسيط جدا، بسبب الأولا يلعبون مع بعضهم، أو بسبب النساء وغيرتهن من بعضهن، حتي أصبح الجار الآن لم أن يعد يطلب إكرام جاره له وإنما بقول كفوا أذى جاري عني!لذلك حرم الله تعالى أذي الجار واعتبره كبيره من الكبائر وهذه بعض الصور في أذي الجار:
ومن صور إيذاء الجار:
1- مضايقته: وهي تأخذ صورًا شتى:
فمن ذلك إيقاف السيارات أمام بابه حتى يضيق عليه دخول منزله أو الخروج منه.
ومن ذلك مضايقته بالأشجار الطويلة التي تطلّ على منزله، وتؤذيه بتساقط الأوراق عليه.
ومن ذلك ترك المياه تتسرّب أمام منزله مما يشقّ معها دخوله إلى منزله وخروجه منه.
ومن ذلك إيذاؤه بالروائح المنتنة المنبعِثة من مياه المجاري.
ومن ذلك مضايقته بمخلّفات البناء وأدواته حيث تمكث طويلاً أمام بيوت الجيران بلا داع.
ومن ذلك مضايقة الجيران بحفر الآبار وتركها مكشوفة دون وضع حماية لها، فتكون عرضة لسقوط أحد أبنائهم فيها.
ومن ذلك وضع القمائم أمام أبوابهم.

2- احتقاره والسخرية منه لفقره أو جهله أو وضاعته:
ومن ذلك السخرية بحديثه إذا تحدّث، والسخرية بملبسه أو منزله أو أولاده أو نحو ذلك.

3- كشف أسراره لقربه منه ومعرفته بحاله. أو إشاعة أخباره وأسراره بين الناس، أو الكذب عليه وتنفير الناس منه.

4- تتبّع عثراته والفرح بزلاّته.

5- التعدّي على حقوقه:
ومن ذلك إرسال البهائم في مزرعته، وتركها تعيث فيها فسادًا.
ومنه التعدّي على حدوده ومراسيمه بإزالة أو تغيير.
ومنه تغيير مجاري السّيول، وصرفها عن وِجهتها، وحرمان الجار من منافعها.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 130.74 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 129.01 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.32%)]