أين أنتم يا حماة التوحيد؟! - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         وما أدراك ما ناشئة الليل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          كف الأذى عن المسلمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          انشراح الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          فضل آية الكرسي وتفسيرها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          المسارعة في الخيرات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          أمة الأخلاق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          الصحبة وآدابها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          البلاغة والفصاحة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          مختارات من كتاب " الكامل في التاريخ " لابن الأثير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          ماذا لو حضرت الأخلاق؟ وماذا لو غابت ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19-08-2020, 03:42 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي أين أنتم يا حماة التوحيد؟!

أين أنتم يا حماة التوحيد؟!


أحمد الجوهري عبد الجواد







إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.



اللهم صل على نبينا وحبيبنا محمد



قدْ كانَ هذا الكونُ قبلَ وُصولِهِ

شُؤْمًا لظالِمِهِ وللمظلومِ



لمَّا أَطَلَّ محمدٌ زَكَتِ الرُّبا

واخضرَّ في البُسْتانِ كلُّ هشيمِ






صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين، وسلم تسليمًا كثيرًا؛



أما بعد فيا أيها الإخوة!

لم يمتن الله علينا بمنة بعد الإسلام أعظم من بعثة المصطفى عليه الصلاة والسلام منّا وفينا فقال سبحانه: ﴿ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [آل عمران: 164].



فقد كانت البشرية قبل بعثته - صلى الله عليه وسلم - في جاهلية جهلاء وظلمة عمياء فأنار الله الحياة وأضاءها ببعثة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصارت من بعد غيها إلى رشد، ومن بعد جهلها إلى علم،فظهرت على الأمم كرامتها فصارت خير أمة أخرجت للناس، وهذا كله لم يأت من فراغ وإنما جاء بجهد جهيد وسعي وبذل شديد من النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى أرسى الله به قواعد التوحيد وأقام به الملة العوجاء، ثم قام بأبي هو وأمي وأمتي - صلى الله عليه وسلم - على حماية التوحيد وسد كل الطرق الموصلة إلى الشرك، فحافظ على بنيان التوحيد، وأقامنا على المحجة البيضاء، وليس الجهد الذي بذله النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك بالقليل، ولا الجهد الذى بذله أصحابه معه ومن بعده وكذا الائمة من بعدهم، ويحتاج كل مسلم - أيها الإخوة- أن يقف على شيء من هذا الجهد حتى يعرف نعمة الله التي أنعم بها عليه حين خلقه موحداً وأرسل إليه النبي محمداً، فتعالوا بنا - أيها الإخوة - في عجالة نتعرف إلى جانب من جوانب جهاد النبي - صلى الله عليه وسلم - من أجل هذه الكلمة كلمة "لا إله إلا الله"، وكما تعودنا فسوف ننظم سلك هذا الموضوع الخطير في عناصر محددة:

أولاً: لا يعرف الإسلام من لا يعرف الجاهلية.

ثانياً: صور شركية جاهلية في أمة خير البرية.

ثالثاً وأخيرًا: أين جهدنا لحماية جناب التوحيد.



فأعيروني القلوب والأسماع - أيها الإخوة - والله أسأل أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.



أولاً: لا يعرف الإسلام من لا يعرف الجاهلية:

أيها الإخوة - كلمة صادقة كل الصدق تلك التي قالها الفاروق عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يعبر عن مقدار وأهمية التعرف إلى حال العرب قبل رسالة النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك لندرك قدر فضل الله الذي تفضل به ونعمته علينا نحن أهل الإسلام كما قال من قال:



عرفت الشر لا

للشر ولكن لتوقيه



ومن لا يعرف الشر

من الخير يقع فيه






أو قول من قال وهو أحسن وأجود:

والضد يظهر حسنه الضد وبضدها تتبين الأشياء



هذه الكلمة التي قالها الفاروق - رضي الله عنه - هي: "يوشك أن تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية"[1] نعم.. لأنه لا يدري شيئًا عن أمور الجاهلية أو لعله يحسبها شيئاً طيباً أو ليست بهذا السوء الذى يحذر بل وربما يقع بعضنا فى أمر من أمورها وهو لا يدرى أنه من أمور الجاهلية فهذه كلها أسباب تدعونا للوقوف على شيء من معرفة الجاهلية التي جاء الإسلام فبدد ظلماتها، فما هي الجاهلية أيها الإخوة؟



الجاهلية - كما كان عليها مشركو قريش قبل الإسلام - عبادة أحجار وأشجار واتخاذ أنداد وأوثان وأصنام من دون الله تعالى يصنعونها بأيديهم ويسجدون لها ويعبدونها من دون الله رب العالمين الذي خلقهم وخلق لهم كل شيء، قال تعالى: "واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضداً".



وروى البخاري عن مَهْدِىِّ بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ الْعُطَارِدِىَّ يَقُولُ: كُنَّا نَعْبُدُ الْحَجَرَ، فَإِذَا وَجَدْنَا حَجَرًا هُوَ أَخْيَرُ مِنْهُ أَلْقَيْنَاهُ وَأَخَذْنَا الآخَرَ، فَإِذَا لَمْ نَجِدْ حَجَرًا جَمَعْنَا جُثْوَةً مِنْ تُرَابٍ، ثُمَّ جِئْنَا بِالشَّاةِ فَحَلَبْنَاهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُفْنَا بِهِ، فَإِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَجَبٍ قُلْنَا مُنَصِّلُ الأَسِنَّةِ. فَلاَ نَدَعُ رُمْحًا فِيهِ حَدِيدَةٌ وَلاَ سَهْمًا فِيهِ حَدِيدَةٌ إِلاَّ نَزَعْنَاهُ وَأَلْقَيْنَاهُ شَهْرَ رَجَبٍ.[2]



وفي الحلية لأبي نعيم عنه أيضًا قال: "كنا نعمد إلى الرمل فنجففه ونحلب عليه فنعبده وكنا نعمد إلى الحجر الأبيض فنعبده زماناً ثم نلقيه". [3]



وفي لفظ: "كنا نجمع التراب في الجاهلية فنجعل وسطه حفرة فنحلب فيها ثم نسعى حولها ونقول: لبيك لا شريك لك إلا شريكًا هو لك تملكه وما ملك". [4]



فالجاهلية سفه في العقل وحقارة في النفس وتقليل للشأن وإهانة لكرامة الإنسان الذي كرمه ربه تفشت فى الناس بعد خفوت النور الذى كان قد بقى من أثر عيسى والنبيين من قبله فخلقت مجتمعاً مهلهل العقيدة مشتتًا في وجهته وغايته لا يعرف هدفًا مثله مثل الأشياء من حوله وما أصدق قول شوقي:

أتيت والناس فوضى لا تمر بهم إلا على صنم قد هام في صنم



قال ابن إسحاق: لما رجع الأنصار الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة الثانية إلى المدينة أظهروا الإسلام بها، وفي قومهم بقايا من شيوخ لهم على دينهم من الشرك منهم عمرو بن الجموح، وكان ابنه معاذ بن عمرو ممن شهد العقبة وبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم بها، وكان عمرو بن الجموح من سادات بني سلمة وأشرافهم، وكان قد اتخذ صنما من خشب في داره يقال له مناة كما كانت الأشراف يصنعون، تتخذه إلها يعظمه ويظهره، فلما أسلم فتيان بني سلمة، ابنه معاذ، ومعاذ بن جبل كانوا يدلجون بالليل على صنم عمرو ذلك، فيحملونه فيطرحونه في بعض حفر بني سلمة وفيها عذر الناس منكسا على رأسه، فإذا أصبح عمرو قال: ويلكم من عدا على إلهنا هذه الليلة ؟ ثم يغدو يلتمسه حتى إذا وجده غسله وطيبه وطهره ثم قال: أما والله لو أعلم من فعل بك هذا لأخزينه.



فإذا أمسى ونام عمرو عدوا عليه، ففعلوا مثل ذلك، فيغدو فيجده في مثل ما كان فيه من الأذى، فيغسله ويطيبه ويطهره، ثم يعدون عليه إذا أمسى فيفعلون به مثل ذلك، فلما أكثروا عليه، استخرجه من حيث ألقوه يوما، فغسله وطهره وطيبه.



ثم جاء بسيفه فعلقه عليه، ثم قال له: إني والله ما أعلم من يصنع بك ما أرى، فإن كان فيك خير فامتنع، هذا السيف معك.



فلما أمسى ونام عمرو عدوا عليه، فأخذوا السيف من عنقه، ثم أخذوا كلبا ميتا فقرنوه به بحبل، ثم ألقوه في بئر من آبار بني سلمة، فيها عذر من عذر الناس وغدا عمرو بن الجموح فلم يجده في مكانه الذي كان به، فخرج يتبعه حتى إذا وجده في تلك البئر منكسا مقرونا بكلب ميت، فلما رآه أبصر شأنه وكلمه من أسلم من رجال قومه فأسلم برحمة الله، وحسن إسلامه، فقال حين أسلم، وعرف من الله ما عرف، وهو يذكر صنمه ذلك وما أبصر من أمره ويشكر الله الذي أنقذه مما كان فيه من العمى والضلالة ويقول:



والله لو كنت إلهًا لم تكن

أنت وكلب وسط بئر في قرن




أف لملقاك إلهًا مستدن

الآن فتشناك عن سوء الغبن




الحمد لله العلي ذي المنن

الواهب الرزاق ديان الدين




هو الذي أنقذني من قبل أن

أكون في ظلمة قبر مرتهن[5]








والجاهلية فوضى وفرقة واختلاف وتنازع، فالناس مختلفون والقبائل متناحرون، لا تكاد تجد شخصين يلتقيان على كلمة سواء ولا زوجين يسيران في اتجاه واحد، فبيوت ممزقة وأسر متفرقة، وزنى وخنا وضياع للأعراض، ضياع رجولة وذهاب غيرة وقذر بل أشد من ذلك اسمع لما روى البخارى عن عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَتْهُ أَنَّ النِّكَاحَ فِى الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَنْحَاءٍ فَنِكَاحٌ مِنْهَا نِكَاحُ النَّاسِ الْيَوْمَ، يَخْطُبُ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ وَلِيَّتَهُ أَوِ ابْنَتَهُ، فَيُصْدِقُهَا ثُمَّ يَنْكِحُهَا، وَنِكَاحٌ آخَرُ كَانَ الرَّجُلُ يَقُولُ لاِمْرَأَتِهِ إِذَا طَهُرَتْ مِنْ طَمْثِهَا أَرْسِلِى إِلَى فُلاَنٍ فَاسْتَبْضِعِى مِنْهُ. وَيَعْتَزِلُهَا زَوْجُهَا، وَلاَ يَمَسُّهَا أَبَدًا، حَتَّى يَتَبَيَّنَ حَمْلُهَا مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِى تَسْتَبْضِعُ مِنْهُ، فَإِذَا تَبَيَّنَ حَمْلُهَا أَصَابَهَا زَوْجُهَا إِذَا أَحَبَّ، وَإِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ رَغْبَةً فِى نَجَابَةِ الْوَلَدِ، فَكَانَ هَذَا النِّكَاحُ نِكَاحَ الاِسْتِبْضَاعِ، وَنِكَاحٌ آخَرُ يَجْتَمِعُ الرَّهْطُ مَا دُونَ الْعَشَرَةِ فَيَدْخُلُونَ عَلَى الْمَرْأَةِ كُلُّهُمْ يُصِيبُهَا. فَإِذَا حَمَلَتْ وَوَضَعَتْ، وَمَرَّ عَلَيْهَا لَيَالِىَ بَعْدَ أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا، أَرْسَلَتْ إِلَيْهِمْ فَلَمْ يَسْتَطِعْ رَجُلٌ مِنْهُمْ أَنْ يَمْتَنِعَ حَتَّى يَجْتَمِعُوا عِنْدَهَا تَقُولُ لَهُمْ قَدْ عَرَفْتُمُ الَّذِى كَانَ مِنْ أَمْرِكُمْ، وَقَدْ وَلَدْتُ فَهُوَ ابْنُكَ يَا فُلاَنُ. تُسَمِّى مَنْ أَحَبَّتْ بِاسْمِهِ، فَيَلْحَقُ بِهِ وَلَدُهَا، لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَمْتَنِعَ بِهِ الرَّجُلُ. وَنِكَاحُ الرَّابِعِ يَجْتَمِعُ النَّاسُ الْكَثِيرُ فَيَدْخُلُونَ عَلَى الْمَرْأَةِ لاَ تَمْتَنِعُ مِمَّنْ جَاءَهَا وَهُنَّ الْبَغَايَا كُنَّ يَنْصِبْنَ عَلَى أَبْوَابِهِنَّ رَايَاتٍ تَكُونُ عَلَمًا فَمَنْ أَرَادَهُنَّ دَخَلَ عَلَيْهِنَّ، فَإِذَا حَمَلَتْ إِحْدَاهُنَّ وَوَضَعَتْ حَمْلَهَا جُمِعُوا لَهَا وَدَعَوْا لَهُمُ الْقَافَةَ ثُمَّ أَلْحَقُوا وَلَدَهَا بِالَّذِى يَرَوْنَ فَالْتَاطَ بِهِ، وَدُعِىَ ابْنَهُ لاَ يَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ، فَلَمَّا بُعِثَ مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - بِالْحَقِّ هَدَمَ نِكَاحَ الْجَاهِلِيَّةِ كُلَّهُ، إِلاَّ نِكَاحَ النَّاسِ الْيَوْمَ.[6]



والجاهلية قبل الإسلام - أيها الإخوة - تشتت وضياع وضعف وتمزق وكبير يأكل الصغير وقوي يذهب بحق الضعيف، اقتسمت الدولتان القويتان يومئذ الفرس والروم الناس بينهما:



والأرض مملوءة جوراً مسخّرة

لكل طاغية في الخلق محتكم



مسيطر الفرس يبغي في رعيته

وقيصر الروم من كبر أصمُّ عم



يعذبان عباد الله في شُبه

ويذبحان كما ضحيت بالغنم



والخلق يفتك أقواهم بأضعفهم

كالليث بالبهم أو كالحوت بالبلم






والجاهلية قبل الإسلام - أيها الإخوة - قتل وتشريد بلا حق، وارتكاب للفواحش والموبقات بلا عقوبة،وسفك للدماء بأقل سبب بل ربما بلا سبب، أكل لمال اليتيم والفقير والمسكين بادنى الحيل بل وبغير حيلة بغياً وعدواناً، تقطيع للصلات وتمزيق للأرحام، وها هو ذا شاهد صدق شاهد من أهلها ينقل إلينا طرفاً من أوصافها وما كانت عليه يقول جعفر بن أبي طالب مخاطباً النجاشي ملك الحبشة: أيها الملك كنا قوماً أهل جاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام ونسبي الجوار ويأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم وحسن الجوار والكف عن المحارم والدماء ونهانا عن الفواحش وقول الزور وأكل مال اليتيم وقذف المحصنات، وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئاً، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام، فعدد عليه أمور الإسلام فصدقناه وآمنا به واتبعناه على ما جاءنا به من دين فعبدنا الله وحده، فلا نشرك به شيئاً، وحرمنا ما حرم علينا، وأحللنا ما أحل لنا، فعدا علينا قومنا فعذبونا وفتنونا عن ديننا ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث"[7]وظل الشهيد الطيار جعفر بن أبي طالب - رضي الله عنه - في حديثه مع النجاشي عن مساوئ الجاهلية حتى أقنعه بخبث ما كانوا عليه وطيب وجمال ما صاروا إليه حتى ترك بذرة الإيمان فى قلب النجاشى أصحمة رضى الله عنه فإذا بها تزهر بعد ذلك وتترعرع ويصير النجاشى موحدًا ويموت موحدًا.



والجاهلية قبل الإسلام - أيها الإخوة - عصبية بغيضة على أساس من القرابة أو الحلف بعيداً عن الصواب والحق:

لا يسألون أخاهم حين يندبهم على ما قال في النائبات برهاناً.



والجاهلية سفاهة وجهل وطيش، أنا ومن بعدي الطوفان، لا أبالي إن نجوت نجا الناس أو هلكوا.
يتبع



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 19-08-2020, 03:44 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أين أنتم يا حماة التوحيد؟!

كما قال شاعرهم:



أَبا هِندٍ، فَلا تَعْجَلْ عَلَينا

وَأَنْظِرْنا نُخَبّرْكَ اليَقينَا




بِأَنّا نُورِدُ الرّاياتِ بِيضاً

ونُصْدِرُهنّ حُمراً قَد رَوِينَا




وَقَدْ عَلِمَ القَبَائِلُ غيرَ فَخْرٍ

إذا قُبَبٌ بِأَبْطَحِهَا بُنِينَا




بِأَنَّا العاصِمُونَ، إذا أُطِعنا

وَأَنَّا الغارِمُونَ، إذا عُصِينَا




وَأَنَّا المُنْعِمُونَ، إذا قَدَرْنَا

وَأَنّا المُهْلِكُونَ، إذا أُتِينَا




وَأَنّا الحاكِمُونَ بما أَرَدْنا

وأَنّا النّازِلونَ بِحَيْثُ شَينَا




وَأَنّا التّارِكُونَ لِمَا سَخِطنا

وَأَنّا الآخِذُونَ لِمَا هَوِينَا




وَأَنّا الطّالِبونَ، إذا نَقَمنا

وأَنّا الضّارِبُونَ، إذا ابتُلينَا




وأَنّا النّازِلُونَ بِكُلّ ثَغْرٍ

يَخَافُ النّازِلُونَ بِهِ المَنُونَا




وَنشْرَبُ، إنْ وَرَدْنا، الماءَ صَفواً

وَيَشْرَبُ غَيْرُنا كَدَراً وطِينَا[8]








والجاهلية - أيها الإخوة - قلب قاس يئد البنت حية، اعتراضاً على قدر الله تعالى، وبلا ذنب جنته تلك الطفلة البريئة.. قال سبحانه: ﴿ وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ * وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ * لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [النحل: 57 - 60].



وقال سبحانه: ﴿ وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ﴾ [التكوير: 8، 9].



والجاهلية - أيها الإخوة - افتراء على الله جل في علاه، وكذب عليه ونسبة ما لا ينسب إليه فجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً وجعلوها بنات الله وعبدوها معه فأخطأوا خطأً كبيراً في كل مقام من هذه المقامات الثلاثة فنسبوا إليه تعالى الولد ولا ولد له ثم أعطوه أخس القسمين من الأولاد وهو البنات.



وهم لا يرضونها لأنفسهم كما قال تعالى: ﴿ أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى * تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى ﴾ [النجم: 21، 22] وقال عز من قائل: ﴿ أَلَا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ * وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ﴾ [الصافات: 151 - 154]، ثم عبدوهم من دون الله فبئس ما صنعوا.



أيها الإخوة!

روى أبوداود وابن ماجه وغيرهما، سياق خطبة الوداع فكان مما قال فيها رسول الله: "ألا إن كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أضع من دمانا، دم ابن ربيعة ابن الحارث بن عبد المطلب، كان مسترضعًا في بني سعد فقتلته هذيل، وربا الجاهلية موضوع كله، وأول ربا أضع ربانا، ربا العباس بن عبد المطلب، فإنه موضوع كله".[9]



"إن هذه الكلمات المنبعثة من مشكاة النبوة، ليؤكد المصطفى صلى الله عليه وسلم فيها حتمية المخالفة لما كان عليه أهل الجاهلية، ويبين بذلك أن مسمى الجاهلية، يعني أن يكون الأمر إسلامًا أو لا إسلام، فالجاهلية والإسلام أمران نقيضان، لا يمكن أن يجتمعا في نفس واحدة ألبته.



إن كلمة الجاهلية، لم تكن نشازًا من حديث النبي، لا وكلا، بل هي كلمة مطروقة، تكرر ذكرها في غير ما موضع من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فقد قال سبحانه ﴿ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ [المائدة: 50] وقال - عز وجل -: ﴿ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ ﴾ [آل عمران: 154] [سورة آل عمران:154]. ويقول جل شأنه: ﴿ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ﴾ [الأحزاب: 33] ويقول أيضًا: ﴿ إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ ﴾ [الفتح: 26].



ولقد بوب البخاري في صحيحه بابًا فقال: باب المعاصي من أمر الجاهلية. وذكر فيه قول النبي لأبي ذر لما عير رجلًا بأمه "إنك امرؤ فيك جاهلية"[10]، قال الحافظ ابن حجر: إن كل معصية تؤخذ، من ترك واجب أو فعل محرم فهي من أخلاق الجاهلية.[11]



وعن ابن مسعود قال: قال رجل: يا رسول الله، أنؤاخذ بما عملنا في الجاهلية قال: "من أحسن في الإسلام، لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية، ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر"[12]



وقد قال ثابت بن الضحاك: نذر رجل أن ينحر إبلًا ببوانة، فسأل النبي: "هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد ؟"قالوا:لا، قال: "فهل كان فيها عيد من أعيادهم ؟"قالوا: لا، فقال رسول الله: "أوف بنذرك …"[13] الحديث،



فيؤخذ من هذا الحديث وغيره - عباد الله - التحذير الشديد من أمور الجاهلية، أو مشابهة أهلها، في أي لون من ألوانها، كيف لا ورسول الله يقول: "ألا إن كل شيء من أمور الجاهلية تحت قدمي موضوع"[14]، ولو لم يكن من ازدرائها وشناعة قبحها، إلا حكم النبي بأنها تحت قدميه لكفى.



لقد أكد رسول الله مخالفة ما عليه أهل الجاهلية من الكتابيين والأميين، مما لا غنى للمسلم في أن ينبذها وينأ بنفسه عن الوقوع في هوتها، وأن ينسل بنفسه، عن أشدها خطرًا وآكدها ضررًا، وهو عدم إيمان القلب بما جاء به الرسول، ناهيكم عما ينضاف إلى ذلك، من استحسان ما عليه أهل الجاهلية، الذي تتم به الخسارة والبوار كما قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [العنكبوت: 52] وقال تعالى: ﴿ أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السموات وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ﴾ [آل عمران: 83]. [15]



هذه بعض صفات الجاهلية وإلا فهو غيض من فيض وقل من كثر ونقطة من بحر لجي متلاطم الأمواج فما أحرانا وأجدر بنا التعرف إلى صفات هذه الجاهلية حتى لا نقع فيها، فإن من عرف الشر تبصر به، ومن جهله وقع فيه وهذا ما حدث فعلاً من بعض الأمة العظيمة الخيرة وهذا هو عنصرنا الثاني من عناصر اللقاء:

صور شركية جاهلية في أمة خير البرية:

نعم - أيها الإخوة - وقع هذا الشرك في الأمة ويا للأسف شابهت الأمة الجاهلية في صور كثيرة وتعجبون إذا علمتم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نبه إلى هذا ونبأ أنه يقع في هذه الأمة بل يصير أمرها في آخر الزمان إلى الشرك المحض كما في الحديث الذي أخرجه أبو داود وابن ماجه بسند صحيح عن ثوبان وفيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ولا تقوم الساعة حتى يلحق حي من أمتي بالمشركين وحتى تعبد فئام من أمتي الأوثان". [16]



وفي البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس على ذي الخلصة وذو الخلصة طاغية دوس التي كانوا يعبدون في الجاهلية". [17]



بل روى مسلم من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ عَلَى أَحَدٍ يَقُولُ اللَّهُ اللَّهُ ".[18]



ومن الأدلة على هذا المعنى وهو أن بعض هذه الأمة يعبد الأوثان

قول الله تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا ﴾ [النساء: 51].



وقوله تعالى: ﴿ قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ ﴾ [المائدة: 60].



وقوله تعالى: ﴿ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا ﴾ [الكهف: 21].



مع ما أخرجه الشيخان عن أبي سعيد - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لتتبعن سنن من كان قبلكم، حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه". قالوا: يا رسول الله: اليهود والنصارى ؟ قال: "فمن ؟! ". [19]



ولمسلم عن ثوبان - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها، وأعطيت الكنزين: الأحمر والأبيض، وإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسنة بعامة، وأن لا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم، فيستبيح بيضتهم، وإن ربي قال: يا محمد، إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد، وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة بعامة، وأن لا أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم، ولو اجتمع عليهم من بأقطارها، حتى يكون بعضهم يهلك بعضا، ويسبي بعضهم بعضا ".[20]



وأخرجه البرقاني في صحيحه، وزاد: "وإنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين، وإذا وقع عليهم السيف لم يرفع إلى يوم القيامة، ولا تقوم الساعة حتى يلحق حي من أمتي بالمشركين، وحتى تعبد فئام من أمتي الأوثان، وإنه سيكون في أمتي كذابون ثلاثون، كلهم يزعم أنه نبي، وأنا خاتم النبيين، لا نبي بعدي، ولا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة، لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله -تبارك وتعالى- ".



وصور الجاهلية الشركية في الأمة كثيرة فمن هذه الصور - أيها الإخوة -:

أن كثيرًا من الناس يتعبدون بإشراك الصالحين في دعاء الله وعبادته، يريدون شفاعتهم عند الله في حين أنهم لا يملكون لأنفسهم نفعًا ولا ضرًا ؛بل إنهم لأحوج إلى عفو الله ورحمته من أولئك الذين يدعونهم؛ كما قال سبحانه: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا ﴾ [الإسراء: 57].



وهذه - عباد الله - هي أعظم مسألة خالف فيها الرسول ما كان عليه أهل الجاهلية، وعندها بدت بينه وبينهم العداوة والبغضاء أبدًا حتى يؤمنوا بالله وحده، ومن هنا افترق الناس إلى مسلم وكافر، ولأجل هذه القضية العظمى شرع الجهاد في سبيل الله ﴿ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ ﴾ [البقرة: 193]. [21]



أيها الإخوة - !

لو أننا نظرنا إلى بلاد الإسلام المختلفة لوجدناها تعج بالأضرحة التى تعبد من دون الله إن معظم مساجدنا الكبيرة في القاهرة وعواصم المحافظات فضلاً عن الغالبية العظمى من مساجد الريف، قد تحولت من بيوت لله إلى مقابر للأولياء والصالحين، تمارس فيها كل مظاهر الشرك بالله من طواف ودعاء واستغاثة وتقبيل للأعتاب!! سبحان الله.. البيوت التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه قد تحولت لغير الله، وفقدت الصلاة فيها القدسية والجلال. [22]



يقول العلامة عبدالله بن جبرين - رحمه الله -:

كنت على صعيد عرفات.. والناس في بكاء ودعوات.. قد لفوا أجسادهم بالإحرام.. ورفعوا أكفهم إلى الملك العلام.. وبينما نحن في خشوعنا وخضوعنا.. نستنزل الرحمات من السماء.. لفت نظري شيخ كبير.. قد رق عظمه.. وضعف جسده.. وانحنى ظهره.. وهو يردد: يا شيخ فلان.. أسألك أن تكشف كربتي.. اشفع لي.. وارحمني.. ويبكي وينتحب.. فانتفض جسدي.. واقشعرّ جلدي.. وصحت به: اتق الله.. كيف تدعو غير الله !! وتطلب الحاجات من غير الله !! الجيلاني عبدٌ مملوكٌ.. لا يسمعك ولا يجيبك.. ادعُ الله وحده لا شريك له..



فالتفت إليَّ ثم قال: إليك عني يا عجوز.. أنت ما تعرف قدر الشيخ فلان عند الله !!.. أنا أؤمن يقيناً أنه ما تنزل قطرة من السماء.. ولا تنبت حبة من الأرض إلا بإذن هذا الشيخ.. فلما قال ذلك.. قلت له: تعالى الله.. ماذا أبقيت لله.. فلما سمع مني ذلك.. ولاني ظهره ومضى.. [23]



ومن مظاهر الشرك المنتشرة للأسف في كثير من بلاد المسلمين نشير سريعًا إلى:

أولًا: اعتقاد أن الأولياء الموتى يقضون الحاجات ويفرجون الكربات والاستعانة والاستغاثة بهم والله - سبحانه وتعالى - يقول: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ﴾ [الإسراء: 23]، وكذلك دعاء الموتى من الأنبياء والصالحين أو غيرهم للشفاعة أو للتخليص من الشدائد والله يقول: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ ﴾ [النمل: 62] وبعضهم يتخذ ذكر اسم الشيخ أو الولي عادته وديدنه إن قام وإن قعد وإن عثر وكلما وقع في ورطة أو مصيبة وكربة فهذا يقول يا محمد وهذا يقول يا علي وهذا يقول يا حسين وهذا يقول يا بدوي وهذا يقول يا جيلاني وهذا يقول يا شاذلي وهذا يقول يا رفاعي وهذا يدعو العيدروس وهذا يدعو السيدة زينب وذاك يدعو ابن علوان والله يقول: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ ﴾ [الأعراف: 194] وبعض عباد القبور يطوفون بها ويستلمون أركانها ويتمسحون بها ويقبلون أعتابها ويعفرون وجوههم في تربتها ويسجدون لها إذا رأوها ويقفون أمامها خاشعين متذللين متضرعين سائلين مطالبهم وحاجاتهم من شفاء مريض أو حصول ولد أو تيسير حاجة وربما نادى صاحب القبر يا سيدي جئتك من بلد بعيد فلا تخيبني والله - عز وجل - يقول ﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ ﴾ [الأحقاف: 5] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من مات وهو يدعو من دون الله ندا دخل النار)[24]، وبعضهم يحلقون رؤوسهم عند القبور، وعند بعضهم كتب بعناوين مثل: "مناسك حج المشاهد" ويقصدون بالمشاهد القبور وأضرحة الأولياء، وبعضهم يعتقد أن الأولياء يتصرفون في الكون وأنهم يضرون وينفعون والله - عز وجل - يقول: ﴿ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ ﴾ [يونس: 107]، وكذلك من الشرك النذر لغير الله كما يفعل الذين ينذرون الشموع والأنوار لأصحاب القبور.



أيها الإخوة!

أخبروني بالله عليكم عن الذي يقال في الأناشيد والقصائد التي تقال مثلا بمناسبة الاحتفال بالمولد أو بذكرى تاريخية غيرها، فقد سمعناهم ينشدون:



يا إمام الرسل يا سندي

أنت باب الله ومعتمدي



و في دنياي و آخرتي

يا رسول الله خذ بيدي






وآخر يقول:

ما يبدلني عسرا يسرا إلاك يا تاج الحضره



ماذا لو سمع رسول الله مثل هذا؟ تالله لو سمع الرسول مثل هذا لتبرأ منه، إذ لا يبدل العسر باليسر إلا الله وحده، ومثلها قصائد الشعر التي تكتب في المجلات والكتب وفيها طلب المدد والعون والنصر من الرسول والأولياء والصالحين العاجزين عن تحقيقها.



ثانيًا: ومن صور الشرك الأكبر المنتشرة الذبح لغير الله والله يقول: ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ [الكوثر: 2] أي انحر لله وعلى اسم الله وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لعن الله من ذبح لغير الله)[25]، وقد يجتمع في الذبيحة محرمان وهما الذبح لغير الله والذبح على غير اسم الله وكلاهما مانع للأكل منها، ومن ذبائح الجاهلية - الشائعة في عصرنا -"ذبائح الجن" وهي أنهم كانوا إذا اشتروا دارًا أو بنوها أو حفروا بئرا ذبحوا عندها أو على عتبتها ذبيحة خوفًا من أذى الجن[26]



ثالثًا: ومن أمثلة الشرك الأكبر العظيمة الشائعة تحليل ما حرم الله أو تحريم ما أحل الله أو اعتقاد أن أحدا يملك الحق في ذلك غير الله - عز وجل -، أو التحاكم إلى المحاكم والقوانين الجاهلية عن رضا واختيار واعتقاد بجواز ذلك وقد ذكر الله - عز وجل - هذا الكفر الأكبر في قوله: ﴿ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴾ [التوبة: 31] ولما سمع عدي بن حاتم نبي الله صلى الله عليه وسلم يتلوها قال: فقلت: إنهم لم يكونوا يعبدونهم قال: (أجل ولكن يحلون لهم ما حرم الله فيستحلونه ويحرمون عليهم ما أحل الله فيحرمونه فتلك عبادتهم لهم)[27]، وقد وصف الله المشركين بأنهم ﴿ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ ﴾ [التوبة: 29]، وقال الله - عز وجل -: ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ ﴾ [يونس: 59].



إن فصل الدين عن سائر شؤون الحياة وهي ما يعرف بالعلمانية والتي تدعوا إلى إقامة حياة لا علاقة لها بالدين ولا تعترف بحلال ولا حرام ويعيش الناس في ظل هذا النظام كالبهائم، هي من مظاهر الشرك بالله فالله - عز وجل - قال: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء: 65]، وهنا يجب أن أنبه إلى أن بعض المسلمين يصلون ويؤدون الفرائض وعند معاملاتهم الاقتصادية وحياتهم الاجتماعيه لا يراعون لشرع الله حرمة ويقولون العبارة المشهورة (الدين في المسجد) وهذه حقيقة العلمانية والتي هي ومن اعتقد أن شرع الله لا يحكم في معاملات الناس كفر بالله وبشرعه وبنبيه الكريم.[28].
يتبع



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 19-08-2020, 03:45 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أين أنتم يا حماة التوحيد؟!

رابعًا: ومن أنواع الشرك المنتشرة السحر والكهانة والعرافة:

أما السحر فإنه كفر ومن السبع الكبائر الموبقات وهو يضر ولا ينفع قال الله تعالى عن تعلمه ﴿ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ ﴾ [البقرة: 102]، وقال (ولا يفلح الساحر حيث أتى)طه/69، والذي يتعاطى السحر كافر قال الله تعالى: ﴿ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ﴾ [البقرة: 102].



وحكم الساحر القتل وكسبه حرام خبيث، والجهال والظلمة وضعفاء الإيمان يذهبون إلى السحرة لعمل سحر يعتدون به على أشخاص أو ينتقمون منهم ومن الناس من يرتكب محرما بلجوئه إلى الساحر لفك السحر والواجب اللجوء إلى الله والاستشفاء بكلامه كالمعوذات وغيرها.



أما الكاهن والعراف فكلاهما كافر بالله العظيم لادعائهما معرفة الغيب ولا يعلم الغيب إلا الله وكثير من هؤلاء يستغفل السذج لأخذ أموالهم ويستعملون وسائل كثيرة من التخطيط في الرمل أو ضرب الودع أو قراءة الكف والفنجان أو كرة الكريستال والمرايا وغير ذلك وإذا صدقوا مرة كذبوا تسعا وتسعين مرة ولكن المغفلين لا يتذكرون إلا المرة التي صدق فيها هؤلاء الأفاكون فيذهبون إليهم لمعرفة المستقبل والسعادة والشقاوة في زواج أو تجارة والبحث عن المفقودات ونحو ذلك وحكم الذي يذهب إليهم إن كان مصدقا بما يقولون فهو كافر خارج عن الملة والدليل قوله صلى الله عليه وسلم: "من أتى كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد"[29] أما إن كان الذي يذهب إليهم غير مصدق بأنهم يعلمون الغيب ولكنه يذهب للتجربة ونحوها فإنه لا يكفر ولكن لا تقبل له صلاة أربعين يوما والدليل قوله صلى الله عليه وسلم: "من أتى عرافا فسأله عن شئ لم تقبل له صلاة أربعين ليلة"[30]، هذا مع وجوب الصلاة والتوبة عليه.



خامسًا: ومن صور الشرك المنتشرة الاعتقاد في تأثير النجوم والكواكب في الحوادث وحياة الناس:

عن زيد بن خالد الجهني قال: صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية - على أثر سماء كانت من الليلة - فلما انصرف أقبل على الناس فقال: "هل تدرون ماذا قال ربكم ؟ "قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: "أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي وكافر بالكوكب. وأما من قال بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي ومؤمن بالكوكب"[31] ومن ذلك اللجوء إلى أبراج الحظ في الجرائد والمجلات فإن اعتقد ما فيها من أثر النجوم والأفلاك فهو مشرك وإن قرأها للتسلية فهو عاص آثم لأنه لا يجوز التسلي بقراءة الشرك بالإضافة لما قد يلقي الشيطان في نفسه من الاعتقاد بها فتكون وسيلة للشرك.



سادسًا: ومن صور الشرك المنتشرة اعتقاد النفع في أشياء لم يجعلها الخالق - عز وجل - كذلك كما يعتقد بعضهم في التمائم والعزائم الشركية وأنواع من الخرز أو الودع أو الحلق المعدنية وغيرها بناء على إشارة الكاهن أو الساحر أو اعتقاد متوارث فيعلقونها في رقابهم أو على أولادهم لدفع العين بزعمهم أو يربطونها على أجسادهم أو يعلقونها في سياراتهم وبيوتهم أو يلبسون خواتم بأنواع من الفصوص يعتقدون فيها أمورًا معينة من رفع البلاء أو دفعه وهذا لاشك ينافي التوكل على الله ولا يزيد الإنسان إلا وهنًا وهو من التداوي بالحرام وهذه التمائم التي تعلق في كثير منها شرك جلي واستغاثة ببعض الجن والشياطين أو رسوم غامضة أو كتابات غير مفهومة وبعض المشعوذين يكتبون آيات من القرآن ويخلطونها بغيرها من الشرك وبعضهم يكتب آيات القرآن بالنجاسات أو بدم الحيض وتعليق كل ما تقدم أو ربطه حرام لقوله صلى الله عليه وسلم: (من علق تميمة فقد أشرك)[32] وفاعل ذلك إن اعتقد أن هذه الأشياء تنفع أو تضر من دون الله فهو مشرك شركا أكبر، وإن اعتقد أنها سبب للنفع أو الضرر، والله لم يجعلها سببا، فهو مشرك شركا أصغر وهذا يدخل في شرك الأسباب[33]



أيها الإخوة!

إن مظاهر الشرك المنتشرة في العالم الاسلامي هي السبب الرئيس في مصائب المسلمين وما يلاقونه من الفتن والزلازل والحروب وغيرها من أنواع العذاب الذي صبه الله على المسلمين بسبب إعراضهم عن التوحيد و ظهور الشرك في عقيدتهم وسلوكهم، والدليل على ذلك ما نراه في أكثر بلاد المسلمين من مظاهر الشرك المتنوعة التي حسبها الكثير من المسلمين أنها من الاسلام، ولذلك لم ينكروها علمًا بأن الإسلام جاء ليحطم مظاهر الشرك أو المظاهر التي تؤدي إليه.



أيها الإخوة!

هذه إلماحة سريعة لبعض مظاهر الشرك المنتشرة في بلاد المسلمين وإن تعجب فعجب أن تعتبر هذه الشركيات من دلائل تأصل الدين في قلوب العامة على حد تعبير بعض المنتسبين الى العلم وإن تسأل فاسأل عن العلماء والدعاة أين هم من هذا كله؟



واستمع لما روى البخاري ومسلم عن جرير بن عبد الله البجلي - رضي الله عنه - قال: "كان بيت في الجاهلية يقال له ذو الخلصة، والكعبة اليمانية، والكعبة الشامية، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: ألا تريحني من ذي الخلصة؟ فنفرت في خمسين ومائة فارس من أحمس، فكسرناه وقتلنا من وجدنا عنده فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فدعا لنا ولأحمس. [34]



فانظر إلى هذا التعبير النبوي، "ألا تريحني من ذي الخلصة؟!" فكان وجود الأوثان يقض مضجعه ويقلقه عليه الصلاة والسلام فلا يقر له قرار ولا يجد راحة واعجب من واقع كثير من الدعاة اليوم يرون أمام أعينهم مظاهر الشرك فلا تحرك فيهم ساكنًا ولا يحسبون لهذا الواقع المر حسابًا بل الأدهى والأمر أنهم يتذمرون ممن ينكر ويتألم لهذا الواقع الجاهلي السيئ. [35]



وهكذا - أيها الإخوة - آل الحال بأمة التوحيد إلى هذه المخازي والمهاوي العميقة التي يستحي أصحابها أن يلقوا الله تعالى بها، وأن يقابلوا يوماً رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بفعلها والحرص على قولها وامتثالها.



واعجب لقوم مسلمين يعتقدون بأن للكون أربع أقطاب يتصرفون فيه وهؤلاء الأقطاب عند الصوفية هداهم الله، هم: أحمد البدوي، وإبراهيم الدسوقي، وعبد القادر الجيلاني، وأحمد الرفاعي، ويعتقدون بأن أرواح الأولياء الصالحين تتصرف في العباد وأحوالهم بعد الموت، ويعتقدون أنهم يملكون للخلق نفعًا وضرًا.



وكأن رسول الله ما جاءهم بحرب هذه الجاهلية إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أيها الإخوة لم يدخر"وسعًا في الأمر بهدم القبور ونهى أن يبنى عليها أو يزاد عليها ونهى عن تجصيصها ونهى عن الصلاة عليها وإليها وحذر التحذير الشديد من شرها ولعن من يتخذون المساجد عليها، عن أبي الهياج الأسدي قال: قال لي علي بن أبِى طالب: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم،"ألا تدع تمثالًا إلا طمسته ولا قبراًَ مشرفًا إلا سويته"[36].



ألا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبعث عليًّا لتسوية القبور كما يبعثه لطمس التماثيل ولا تستبعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجند رجالًا هنا وهناك للقيام بهدم الأصنام والقبور.



واستمع معى الى هذه الأحاديث: عن ثمامة بن شفي قال: كنا مع فضالة بن عبيد، بأرض الروم برودس، فتوفي صاحب لنا، فأمر فضالة بن عبيد بقبره، فسوى ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بتسويتها [37]، وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبني عليه [38]، وعن أبى مرثد الغنوى - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها"[39].



وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد"[40]



وتستمر هذه العناية النبوية الواعية، لأخطار الأوثان والقبور إلى آخر لحظة من لحظات حياة الرسول الناصح الأمين صلوات الله وسلامه عليه. فعن جندب بن عبد الله البجلي - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمس وهو يقول: "إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل، فإن الله قد اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاًَ، ولو كنت متخذاً من أمتي خليلا لاتخذت أبا بكر خليلاً، ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك"[41].



وعند احتضاره وبعد اختياره للرفيق الأعلى كان شغله الشاغل خطر فتنة القبور على هذه الأمة التي جهل أكثرها قدر هذه الاهتمامات النبوية وجهلت خطر هذه الفتنة الماحقة.



فعن عائشة أم المؤمنين وابن عباس رضي الله عنهم قالا: لما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصة له على وجهه، فإذا اغتم بها كشفها عن وجهه فقال: وهو كذلك: "لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد"يحذر مثل ما صنعوا [42].



وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مرضه الذي مات فيه: "ادخلوا عليّ أصحابي، فدخلوا عليه وهو مقنع ببردة معافري [43] فكشف القناع، فقال: لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد.[44]



وعن أبي عبيدة - رضي الله عنه - قال: كان آخر ما تكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اخرجوا يهود الحجاز من جزيرة العرب، واعلموا أن شرار الناس الذين يتخذون القبور مساجد"[45]



أخي الحبيب! "سرّح طرفك في مشارق بلاد المسلمين ومغاربها تر العجب العجاب تر واقعا يتحدى هذه النصوص النبوية، وإذا قرأت عليهم هذه النصوص وبينت لهم مصادرها وتمسك الصحابة وأعيان الأمة بها واجهوك بتأويلات أسخف من تأويل من قالوا: ﴿ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا ﴾. واتهموك بعداء الأولياء."[46]



وبعد أيها الإخوة!

إن العقل والقلب ليحتاران أهذه أمة المصطفى التي زكاها الله بقوله: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ [آل عمران: 110]، والتي من لوازم خيريتها أن تلزم الصراط المستقيم لا تحيد عنه قيد أنملة وإلا سلبت هذه الخيرية؟



أهذه هي الأمة الوسط التي قال فيها الله تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾ [البقرة: 143].



والتي من لوازم وسطيتها أن لا تقصر في الدين ولا تغلو فيه وإلا سلبت هذه الوسطية؟



أإلى هذا الحد نسيت الأمة جهود الأئمة فيها ممن قام بدحض الشرك وهدم الأوثان؟



وقبلهم أنسيت الأمة قيام أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - على التوحيد والدعوة إليه وسد الثغور عنه دون الشرك؟ وقبلهم أنسيت حماية النبي - صلى الله عليه وسلم - جناب التوحيد وسده كل طريق يوصل إلى الشرك؟ أفإن نسيت ذلك كله أنسيت كتاب ربها الذي يهتف ليل نهار: ﴿ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 22]؟، فإن كانت الأمة نسيت ذلك كله فأين جهودنا لحماية التوحيد وإرجاع الأمة إلى التزام سواء السبيل، وهذا هو عنصرنا الأخير أيها الإخوة: أين جهودنا لحماية التوحيد؟



لقد جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - داعياً إلى التوحيد محذراً ومنذراً من الشرك وعاقبته فلم يدع باباً يقرب ويحض على التوحيد إلا ودل عليه وطرقه ورغب فيه، ولم يدع باباً يوصل إلى الشرك إلا وحذر من ولوجه وسده وعظم طرقه فكان كما قال فيه ربنا - سبحانه وتعالى -: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ * فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ﴾ [التوبة: 128، 129].



فهذه الآية - أيها الإخوة - تدل على حرص النبي - صلى الله عليه وسلم - على أمته، ومن حرصه أنه يسد كل طرق الشرك عنها إذ لا أضر من الشرك والكفر والنفاق الذي يخلد صاحبه في النار أبد الآبدين، وفيها أيضاً حرصه- صلى الله عليه وسلم - على صلاح شأن أمته وأي صلاح أعظم من صلاح التوحيد الذي لو أتى العبد ربه بكل حسنة لم يقبلها الله - عز وجل - منه إلا به، لابد أن يأتي بالتوحيد ليقبل منه كل حسنة بعدها [47].



وقد قام النبي - صلى الله عليه وسلم - على هذين الأمرين خير قيام، فعلمنا التوحيد ودلنا عليه، وحذرنا من الشرك وأنذرنا إياه وسد علينا طرقه ومنافذه، ومن ذلك أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تجعلوا بيوتكم قبوراً ولا تجعلوا قبري عيداً وصلوا عليّ فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم"[48] والحديث أخرجه أبو داود بسند صحيح من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - ومعنى لا تجعلوا بيوتكم قبورا، أي: لا تدفنوا موتاكم في البيوت فيكون ذلك وسيلة إلى الشرك.



وأيضاً لا تخلوها من الصلاة بحيث تعطلوها من السنن والنوافل[49]



كما في الحديث الآخر: "اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبوراً [50] والحديث ظاهر جدًّا في المعنيين المذكورين.



وقال - صلى الله عليه وسلم - ولاتجعلوا قبرى عيدًا فما معنى ذلك؟وما مقتضاه ؟وما حكم من فعله،والجواب عن هذه الأسئلة نلتقى به بعد جلسة الاستراحة أسأل الله لى ولكم الخير وأستغفر الله لى ولكم.





الخطبة الثانية


الحمد لله الذي خلق فسوى، وقدر فهدى، وأغنى وأقنى، وجعلنا من خير أمة تأمر وتنهى، والصلاة والسلام على خير الورى، وما ضل وما غوى، وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه واقتفى.



أما بعد، فيا أيها الإخوة!

روى أبوداود وأحمد وصححه الألبانى من حديث أبى هريرة أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تجعلوا بيوتكم قبوراً ولا تجعلوا قبري عيداً وصلوا عليّ فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم".

فما معنى ذلك ؟ وما مقتضاه؟




أيها الإخوة:

إن المجيء إلى قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - من الناحية الشرعية له أحكام لابد أن تتبع ونلخص ذلك في نقاط:

أولا: زيارة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم قبل الحج أو بعده سنة لما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام".[51] والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.



ثانيًا: كيفية الزيارة: إذا وصل الزائر إلى المسجد استحب له أن يقدم رجله اليمنى عند دخوله ويقول: بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم اللهم افتح لي أبواب رحمتك. كما يقول ذلك عند دخول سائر المساجد، وليس لدخول مسجده صلى الله عليه وسلم ذكر مخصوص ثم يصلي ركعتين فيدعو الله فيهما بما أحب من خيري الدنيا والآخرة وإن صلاهما في الروضة الشريفة فهو أفضل لقوله صلى الله عليه وسلم: "ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ".[52] ثم بعد الصلاة يزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبري صاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فيقف تجاه قبر النبي صلى الله عليه وسلم بأدب وخفض صوت ثم يسلم عليه، عليه الصلاة والسلام قائلا: "السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته" لما في سنن أبي داود بإسناد حسن عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام ".[53] وإن قال الزائر في سلامه: "السلام عليك يا نبي الله، السلام عليك يا خيرة الله من خلقه، السلام عليك يا سيد المرسلين وإمام المتقين، أشهد أنك قد بلغت الرسالة وأديت الأمانة ونصحت الأمة وجاهدت في الله حق جهاده ". فلا بأس بذلك لأن هذا كله من أوصافه صلى الله عليه وسلم ويصلي عليه، عليه الصلاة والسلام ويدعو له لما قد تقرر في الشريعة من شرعية الجمع بين الصلاة والسلام عليه عملا بقوله تعالى ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56] ثم يسلم على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ويدعو لهما ويرضى عنهما.



وكان ابن عمر رضي الله عنهما إذا سلم على الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبيه لا يزيد غالبا على قوله: "السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا أبتاه" ثم ينصرف.



ثالثًا: مستحبات يسن للزائر أن يحافظ عليها: يسن للزائر أن يصلي الصلوات الخمس في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن يكثر فيه من الذكر والدعاء وصلاة النافلة اغتناما لما في ذلك من الأجر الجزيل.



ويستحب أن يكثر من صلاة النافلة في الروضة الشريفة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ".



رابعًا: لا يجوز لأحد أن يتمسح بالحجرة أو يقبلها أو يطوف بها ؛ لأن ذلك لم ينقل عن السلف الصالح بل هو بدعة منكرة.



ولا يجوز لأحد أن يسأل الرسول صلى الله عليه وسلم قضاء حاجة أو تفريج كربة أو شفاء مريض أو نحو ذلك، لأن ذلك كله لا يطلب إلا من الله سبحانه. وطلبه من الأموات شرك بالله وعبادة لغيره.



ودين الإسلام مبني على أصلين:

أحدهما: ألا يعبد إلا الله وحده.

والثاني: ألا يعبد إلا بما شرعه الرسول صلى الله عليه وسلم.

وهذا معنى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله.



وهكذا لا يجوز لأحد أن يطلب من الرسول صلى الله عليه وسلم الشفاعة لأنها ملك الله سبحانه، فلا تطلب إلا منه كما قال تعالى ﴿ قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا ﴾ [الزمر: 44].



فتقول: "اللهم شفع في نبيك. اللهم شفع في ملائكتك وعبادك المؤمنين. اللهم شفع في أفراطي" ونحو ذلك.



وأما الأموات فلا يطلب منهم شيء لا الشفاعة ولا غيرها سواء كانوا أنبياء أو غير أنبياء لأن ذلك لم يشرع ولأن الميت قد انقطع عمله إلا مما استثناه الشارع.



وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ".[54]
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 19-08-2020, 03:45 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أين أنتم يا حماة التوحيد؟!



وإنما جاز طلب الشفاعة من النبي صلى الله عليه وسلم في حياته ويوم القيامة لقدرته على ذلك، فإنه يستطيع أن يتقدم فيسأل ربه للطالب، أما في الدنيا فمعلوم وليس ذلك خاصا به بل هو عام له ولغيره، فيجوز للمسلم أن يقول لأخيه. اشفع لي إلى ربي في كذا وكذا بمعنى ادع الله لي، ويجوز للمقول له ذلك أن يسأل الله ويشفع لأخيه إذا كان ذلك المطلوب مما أباح الله طلبه.



وأما يوم القيامة فليس لأحد أن يشفع إلا بعد إذن الله سبحانه، كما قال الله تعالى ﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ﴾ [البقرة: 255].



وأما حالة الموت فهي حالة خاصة لا يجوز إلحاقها بحال الإنسان قبل الموت ولا بحاله بعد البعث والنشور لانقطاع عمل الميت وارتهانه بكسبه إلا ما استثناه الشارع، وليس طلب الشفاعة من الأموات مما استثناه الشارع فلا يجوز إلحاقه بذلك، لا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته حي حياة برزخية أكمل من حياة الشهداء ولكنها ليست من جنس حياته قبل الموت ولا من جنس حياته يوم القيامة، بل حياة لا يعلم حقيقتها وكيفيتها إلا الله سبحانه، ولهذا تقدم في الحديث الشريف قوله عليه السلام: "ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام ".



دل ذلك على أنه ميت وعلى أن روحه قد فارقت جسده لكنها ترد عليها عند السلام. والنصوص الدالة على موته صلى الله عليه وسلم من القرآن والسنة معلومة، وهو أمر متفق عليه بين أهل العلم ولكن ذلك لا يمنع حياته البرزخية كما أن موت الشهداء لم يمنع حياتهم البرزخية المذكورة في قوله تعالى ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ﴾ [آل عمران: 169] نسأل الله لنا ولجميع المسلمين السلامة من كل ما يخالف شرعه.



لا يجوز رفع الصوت عند قبره صلى الله عليه وسلم وطول القيام هناك وأما ما يفعله بعض الزوار من ذلك فهو خلاف المشروع لأن الله سبحانه نهى الأمة عن رفع أصواتهم فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم وعن الجهر له بالقول كجهر بعضهم لبعض وحثهم على غض الصوت عنده في قوله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ * إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ [الحجرات 2، 3]



ولأن طول القيام عند قبره صلى الله عليه وسلم والإكثار من تكرار السلام يفضي إلى الزحام وكثرة الضجيج وارتفاع الأصوات عند قبره صلى الله عليه وسلم وذلك يخالف ما شرعه الله للمسلمين في هذه الآيات المحكمات وهو صلى الله عليه وسلم محترم حيا وميتا فلا ينبغي للمؤمن أن يفعل عند قبره ما يخالف الأدب الشرعي وهكذا ما يفعله بعض الزوار وغيرهم من تحري الدعاء عند قبره مستقبلا للقبر رافعا يديه يدعو فهذا كله خلاف ما عليه السلف الصالح من أصحاب رسول الله وأتباعهم بإحسان بل هو من البدع المحدثات، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ".[55]



وقال صلى الله عليه وسلم: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " أخرجه البخاري ومسلم وفي رواية لمسلم: " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ".[56]



ورأى علي بن الحسين (زين العابدين) رضي الله عنهما رجلا يدعو عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فنهاه عن ذلك وقال ألا أحدثك حديثا سمعته من أبي عن جدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا تتخذوا قبري عيدا ولا بيوتكم قبورا وصلوا علي فإن تسليمكم يبلغني أينما كنتم ".[57]



وهكذا ما يفعله بعض الزوار عند السلام عليه صلى الله عليه وسلم من وضع يمينه على شماله فوق صدره أو تحته كهيئة المصلي فهذه الهيئة لا تجوز عند السلام عليه صلى الله عليه وسلم ولا عند السلام على غيره من الملوك والزعماء وغيرهم لأنها هيئة ذل وخضوع وعبادة لا تصلح إلا لله كما حكى ذلك الحافظ ابن حجر - رحمه الله - في الفتح عن العلماء، والأمر في ذلك جلي واضح لمن تأمل المقام وكان هدفه اتباع هدي السلف الصالح.



وأما من غلب عليه التعصب والهوى والتقليد الأعمى وسوء الظن بالدعاة إلى هدي السلف الصالح فأمره إلى الله ونسأل الله لنا وله الهداية والتوفيق لإيثار الحق على ما سواه إنه سبحانه خير مسئول.



وكذا ما يفعله بعض الناس من استقبال القبر الشريف من بعيد وتحريك شفتيه بالسلام أو الدعاء فكل هذا من جنس ما قبله من المحدثات ولا ينبغي للمسلم أن يحدث في دينه ما لم يأذن به الله وهو بهذا العمل أقرب إلى الجفاء منه إلى الموالاة والصفاء وقد أنكر الإمام مالك - رحمه الله - هذا العمل وأشباهه وقال: "لن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها ".



ومعلوم أن الذي أصلح أول هذه الأمة هو السير على منهاج النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين وصحابته المرضيين وأتباعهم بإحسان ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا تمسكهم بذلك وسيرهم عليه.



وفق الله المسلمين لما فيه نجاتهم وسعادتهم وعزهم في الدنيا والآخرة إنه جواد كريم.



خامسًا: ليست زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم واجبة ولا شرطًا في الحج كما يظنه بعض العامة وأشباههم بل هي مستحبة في حق من زار مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم أو كان قريبًا منه، بشرط ألا يعتاد ذلك فإن من جعل ذلك عادة له مستمرة من غير سبب كساكن المدينة كلما دخل وخرج يذهب يصلي على النبي ويسلم، فقد خالف الشرع، لا، لا يصح هذا، فليس في كل مرة يذهب ويسلم فقد منع العلماء من ذلك لأن هذا من معنى العيد الذي حذر منه النبي في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تتخذوا قبري عيدًا ولا بيوتكم قبورا وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم ".



أما البعيد عن المدينة فليس له شد الرحل لقصد زيارة القبر، ولكن يسن له شد الرحل لقصد المسجد الشريف، فإذا وصله زار القبر الشريف وقبر الصاحبين، ودخلت الزيارة لقبره عليه السلام وقبر صاحبيه تبعا لزيارة مسجده صلى الله عليه وسلم وذلك لما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى ".[58]



ولو كان شد الرحال لقصد قبره عليه الصلاة والسلام أو قبر غيره مشروعا لدل الأمة عليه وأرشدهم إلى فضله، لأنه أنصح الناس وأعلمهم بالله وأشدهم له خشية. وقد بلغ البلاغ المبين، ودل أمته على كل خير وحذرهم من كل شر كيف وقد حذر من شد الرحل لغير المساجد الثلاثة وقال: " لا تتخذوا قبري عيدًا ولا بيوتكم قبورا وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم ".



والقول بشرعية شد الرحال لزيارة قبره صلى الله عليه وسلم يفضي إلى اتخاذه عيدًا، ووقوع المحذور الذي خافه النبي صلى الله عليه وسلم من الغلو والإطراء كما قد وقع الكثير من الناس في ذلك بسبب اعتقادهم شرعية شد الرحال لزيارة قبره عليه الصلاة والسلام.



وأما ما يروى في هذا الباب من الأحاديث التي يحتج بها من قال بشرعية شد الرحال إلى قبره عليه الصلاة والسلام فهي أحاديث ضعيفة الأسانيد بل موضوعة كما قد نبه على ضعفها الحفاظ كالدارقطني، والبيهقي، والحافظ ابن حجر، وغيرهم فلا يجوز أن يعارض بها الأحاديث الصحيحة الدالة على تحريم شد الرحال لغير المساجد الثلاثة.



وإليك أيها الكريم شيئا من الأحاديث الموضوعة في هذا الباب لتعرفها وتحذر الاغترار بها:

الأول: (من حج ولم يزرني فقد جفاني).

والثاني: (من زارني بعد مماتي فكأنما زارني في حياتي).

والثالث: (من زارني وزار أبي إبراهيم في عام واحد ضمنت له على الله الجنة).

والرابع: (من زار قبري وجبت له شفاعتي).



فهذه الأحاديث وأشباهها لم يثبت منها شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال الحافظ ابن حجر في التلخيص: - بعد ما ذكر أكثر هذه الروايات - طرق هذا الحديث كلها ضعيفة ، وقال الحافظ العقيلي: لا يصح في هذا الباب شيء، وجزم شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -، أن هذه الأحاديث كلها موضوعة. وحسبك به علما وحفظا واطلاعا، ولو كان شيء منها ثابتًا لكان الصحابة رضي الله عنهم أسبق الناس إلى العمل به وبيان ذلك للأمة ودعوتهم إليه لأنهم خير الناس بعد الأنبياء وأعلمهم بحدود الله وبما شرعه لعباده وأنصحهم لله ولخلقه، فلما لم ينقل عنهم شيء من ذلك دل ذلك على أنه غير مشروع ولو صح منها شيء لوجب حمل ذلك على الزيارة الشرعية التي ليس فيها شد الرحال لقصد القبر وحده ؛ جمعا بين الأحاديث والله - سبحانه وتعالى - أعلم.



وأما قصد المدينة للصلاة في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم والدعاء فيه ونحو ذلك مما يشرع في سائر المساجد فهو مشروع في حق الجميع لما تقدم من الأحاديث في ذلك. [59]



عباد الله! لقد قطع عمر - رضي الله عنه - الشجرة التي حصلت عندها بيعة الرضوان، لماذا ؟ صيانة للتوحيد والدين، ولما حاول بعض الناس جعل بعض الآثار مزارات يزورونها مثل غار حراء، وغارثور، وجبل النور، والمساجد السبعة، ونحو ذلك، كتب العلماء التوضيح والبيان، لأن ذلك ليس من دين الإسلام، قال شيخ الإسلام - رحمه الله -: (وكذلك قصد الجبال والبقاع التي حول مكة، غير المشاعر عرفة، ومزدلفة، ومنى،وقصد الجبال والبقاع التي حول مكة كجبل حراء، والجبل الذي عند منى، والذي يقال إنه كان فيه قبة الفداء، ونحو ذلك،، فإنه ليس من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، زيارة شيء من ذلك بل بدعة).



وقال الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله -: (ومعلوم أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أعلم الناس بدين الله، وأحب الناس لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكملهم نصحاً لله ولعباده، ولم يحيوا هذه الآثار، ولم يعظموها، ولم يدعوا إلى إحيائها، ولو كان إحياؤها أو زيارتها أمراً مشروعاً لفعله النبي صلى الله عليه وسلم في مكة، وبعد الهجرة، أو أمر بذلك، أو فعله أصحابه أو أرشدوا إليه، فلما لم يعرف أن أحداً منهم زار تلك الآثار أو تتبعها وأمر بتشييدها، فليعلم بأن زيارة تلك الأماكن واعتبارها أثرية و جعلها مزارات للناس بدعة من البدع، يؤدي إلى تقديس الأماكن وإلى أن ترتكب عندها أنواع الشرك والبدعة).



فليتق الله تعالى من يريدون إحياء دين الجاهلية والتمسح بمقامات وقبور ومشاهد وأضرحة، وليقوموا كما قام نبيهم - صلى الله عليه وسلم - بإحياء التوحيد وحماية جنابه والعمل على سد الطرق الموصلة إلى الشرك وإلا فليسوا من الله ورسوله في شيء مصداقًا لقول الله تعالى: ﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [يوسف: 108]



هذه مسؤلية الجميع ف"ليس القيام بأمر الله والدفاع عن الدين والغيرة هو من شأن العلماء وحدهم، ولا من شأن الدعاة وحدهم، بل ولا من شأن المتمسكين بالدين فقط، بل هو شأن عامة الناس كلهم، يجب أن يوضحوا ذلك وأن يبينوه، وأن يذبوا عن الشرع، وأن يدعوا إلى الالتزام بأحكام الدين الحنيف، والامتناع عن العمل بأي شيء فيه مخالفة لأحكام الشريعة، ومن الأمثلة الطريفة في ذلك، أن الدفاع عن الدين ليس وظيفة أهل الاستقامة فقط، ولنعتبر بما فعله أبو محجن الثقفى - رحمه الله - وقد أتي به يوم القادسية إلى سعد بن أبي وقاص، وقد شرب الخمر فأمر به إلى القيد، فلما التقى الناس أي المسلمون والمشركون، صحيح الرجل هذا يشرب الخمر لكنه يريد الجهاد في سبيل الله، ويريد الذب عن المسلمين، ويريد الطعان في هؤلاء الكافرين، فتحسر أنه مقيد، والمسلمون يجاهدون فقال:

كفى حزنا أن تطرد الخيل بالقنى وأترك مشدوداً علي وثاقيا



فقال لامرأة سعد: أطلقيني ولك والله علي إن سلمني الله أن أرجع حتى أضع رجلي في القيد، فإن قتلت استرحت مني فأشفقت المرأة لحاله، فحلته وذهب أبو محجن حتى التقى الناس وكانت بسعد جراحة لم يستطع المشاركة فكان يشرف عليهم من علو، فلم يخرج يومئذ إلى الناس، كان سعد القائد جريحاً فصعدوا به لينظر ويشرف على المعركة، واستعمل على الخيل خالد بن عرفطه، فوثب أبو محجن على فرس لسعد يقال لها: البلقاء، ثم أخذ رمحاً ثم خرج فجعل لا يحمل على ناحية من العدو إلا هزمهم، من جرأته وقوته، وجعل الناس يعني المسلمون يقولون: هذا ملك لما رأوه يصنع، وجعل سعد يقول متعجباً: (الصبر صبر البلقاء والظفر ظفر أبي محجن، عجباً!)سعد يتعجب هذه الدابة فيما يظن هذا شأن دابته البلقاء، والطعن طعن أبي محجن وأبو محجن في القيد، فكيف هذا؟ فلما هزم العدو ورجع أبو محجن حتى وضع رجليه في القيد، فأخبرت ابنته حفصة سعداً بما كان من الأمر، فقال سعد: (لا والله لا أضرب اليوم رجلاً أبلى للمسلمين ما أبلاهم)، فخلى سبيله، فقال أبو محجن: (قد كنت أشربها إذ يقام علي الحد وأطهر منها، فأما إذ، أي: أنقذتني وتركتني، فوالله لا أشربها أبداً)وهكذا يكون الذب عن الدين مسؤولية الجميع".[60]





هم الرجال بأفياء الجهاد نموا

وتحت سقف المعالي والندى ولدوا



جباههم ما انحنت إلا لخالقها

وغير من أبدع الأكوان ما عبدوا



الخاطبون من الغايات أكرمها

والسابقون وغير الله ما قصدوا






فالمسئولية في الدعوة إلى التوحيد ومحاربة الشرك مسئولية كل مسلم،يجب على كل موحد أن يعمل لنصرة التوحيد وسد طرق الشرك عن المسلمين بعدما يصحح العبد توحيده يدعو غيره إلى هذا التوحيد الصحيح، فاللهم إنا نسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات.. الدعاء.





[1] درء تعارض العقل والنقل لشيخ الإسلام (5 /259) والجواب الكافي (ص31، 152).



[2] أخرجه البخاري 4376.



[3] حلية الأولياء - (1 / 348).



[4] نفسه (1 / 348).



[5] سيرة ابن هشام (2/ 301).



[6] أخرجه البخاري 5127.



[7] أخرجه ابن إسحاق في السيرة كما في ابن هشام (1 /334، وما بعدها)، وصححه الألباني في تخريج فقه السيرة للغزالي (114).



[8] جمهرة أشعار العرب - (1 / 42). لأبي زيد القرشي.



[9] أخرجه أبو داود (3334) والترمذي (3087)، و ابن ماجه (1851)، وصححه الألباني في صحيح الجامع 2068.



[10] أخرجه البخاري 30.



[11] فتح الباري (1 / 48).



[12] أخرجه البخاري (6921) ومسلم (120)..



[13] أخرجه أحمد (3/419)، وأبو داود (3313)، وغيرهما، وهو في الصحيحة (2872).



[14] أخرجه مسلم 3009.



[15] السيرة النبوية، نواقض الإسلام ص 185، لفضيلة الشيخ سعود الشريم.



[16] حديث ثوبان هذا - مع الزيادة المذكورة - أخرجه بتمامه أبو داود (4252)، والترمذي (2202)، (2219)، (499)، وقال فيهما الترمذي:" حديث حسن صحيح" وابن ماجه - مع اختلاف يسير في ألفاظ الحديث -، (3952)، وإسناده صحيح على شرط مسلم وانظر: (السلسلة الصحيحة - (4 / 156).



[17] أخرجه البخاري 7116، ومسلم 7482.



[18] أخرجه مسلم 393.



[19] أخرجه البخاري (3456)، ومسلم (2669) بنحوه.



[20] أخرجه مسلم (2889).



[21] السيرة النبوية، نواقض الإسلام ص 185، لفضيلة الشيخ سعود الشريم.



[22] الصوفية والوجه الآخر - (ص / 96)، للدكتور جميل غازي.



[23] اركب معنا للعريفي.



[24] أخرجه البخاري (4497)، من حديث ابن مسعود.



[25] أخرجه مسلم 1978.



[26] تيسير العزيز الحميد (ص/ 158).



[27] أخرجه الترمذي 3095، والبيهقي في السنن الكبرى 10/116، وحسنه الألباني في غاية المرام (ص19).



[28] نداء القرآن إلى عباد الرحمن (ص 26)، ناصر بن يحيى بن ناصر الحنيني.



[29] أخرجه أحمد 2 /429، وهو في صحيح الجامع 5939.



[30] أخرجه مسلم 4 /1751.



[31] أخرجه البخاري (846).



[32] أخرجه أحمد 4 /156 وهو في السلسلة الصحيحة 492.



[33] محرمات استهان بها الناس يجب الحذر منها (ص). لفضيلة الشيخ محمد صالح المنجد، ومنهاج الفرقة الناجية و الطائفة المنصورة (ص 40)، لفضيلة الشيخ محمد بن جميل زينو.



[34] أخرجه البخاري (4355، 4356، 4357)، ومسلم (136، 137).



[35] منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله فيه الحكمة...والعقل، الدكتور ربيع بن هادي مدخلي بحث منشور في مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة - (31 / 125).



[36] أخرجه مسلم (93).



[37] أخرجه مسلم (92).



[38] أخرجه مسلم (94).



[39] أخرجه مسلم (97،98).



[40] أخرجه مالك في الموطأ 85 مرسلا، وأحمد (2 /246) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعا، وصححه الألباني في المشكاة (750).



[41] أخرجه مسلم (23)



[42] أخرجه البخاري (1330)، (1389) ومسلم (9 1) عن عائشة، (22) عن عائشة وابن عباس- رضي الله عنهم-



[43] برود باليمن منسوبة إلى معافر وهي قبيلة باليمن (لابن الأثير).



[44] أخرجه أحمد في مسنده (5/ 204) والطبراني في الكبير (393)، (411) والطيالسي في مسنده (634)، وحسنه الألباني في تحذير الساجد (ص 19).



[45] أخرجه أحمد (195/1) وإسناده صحيح إن شاء الله.



[46] منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله فيه الحكمة...والعقل، الدكتور ربيع بن هادي مدخلي بحث منشور في مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة - (31 / 125).



[47] عون العلى الحميد (1/366) بتصريف يسير.



[48] أخرجه أبو داود 2 / 534. وأحمد 2 / 367. والحديث سنده حسن على شرط مسلم، وهو صحيح بما له من طرق وشواهد. انظر أحكام الجنائز وبدعها للشيخ الألباني، ط4، طبع المكتب الإسلامي، 219 - 220.



[49] عون العلى الحميد (1/366).



[50] أخرجه البخاري (432)، (1187)، ومسلم (777).



[51] أخرجه البخاري 1190، ومسلم 3441.



[52] أخرجه البخاري (1196)، ومسلم 3435.



[53] أخرجه أبو داود (2041)، وصححه الألباني في الصحيحة (2266).



[54] أخرجه مسلم (1631).



[55] أخرجه ابن ماجه (43)، وأحمد (4 / 126)، وصححه الألباني "الصحيحة" 2 / 648.



[56] أخرجه البخاري (2697)، ومسلم (1718).



[57] أخرجه الحافظ محمد بن عبد الواحد المقدسي في كتابه الأحاديث المختارة.



[58] أخرجه أحمد 997، وقال الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين.



[59] استفدت هذه المسائل من الرسالة القيمة: "التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة" للعلامة عبد العزيز بن باز - رحمه الله تعالى وطيب ثراه -.



[60] الصادعون بالحق – خطبة من موقع المنبر.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 172.62 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 169.52 كيلو بايت... تم توفير 3.10 كيلو بايت...بمعدل (1.80%)]