|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() في التذكير بما كان عليه نبينا وصحابته وما نالهم الشيخ عبدالعزيز بن محمد العقيل الحمدُ لله نحمَده، ونستعينُه ونستهدِيه، ونستغفرُه ونتوبُ إليه، ونعوذُ بالله من شُرور أنفسِنا وسيِّئات أعمالنا، مَن يهدِه الله فلا مضلَّ له، ومَن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحابته, وسلَّم تسليمًا كثيرًا. أمَّا بعدُ: فيا عبادَ الله: اتَّقوا الله - تعالى - واعلَمُوا أنَّ انفِتاح الدنيا وكثرة عيشها ليس علامة على الرضا عن أهلها وأعمالها، ولو كان ذلك هو المقياس لكان الأحق به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصحابته الذين جاهدوا في الله حقِّ جهاده، وكانوا يطوون من الجوع، ولو أرادوا الدنيا لتزخرَفتْ لهم، ولكنهم أرادوا الآخرة الباقية، فزهدوا في الدنيا، وجعلوها ممرًّا ومزرعة، وقنعوا فيها بالعيش القليل، وصبروا على ما نالهم من قلَّته، واستساغُوا ذلك. في حديثٍ عن أبي هريرة - رضِي الله عنه - قال: بينا أبو بكر وعمر جالسان إذ جاءهم النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((ما أجلسكما هاهنا؟)) قالا: والذي بعثك بالحق ما أخرجنا من بيوتنا إلا الجوع، قال: ((والذي بعثني بالحق ما أخرجني غيره))، فانطلقوا حتى أتَوْا بيتَ رجلٍ من الأنصار، فاستقبلتهم المرأة فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أين فلان؟)) فقالت: ذهب يستعذب لنا ماء، فجاء صاحبهم يحمل قربته، فقال: مرحبًا، ما زار العباد شيء أفضل من نبي زارني اليوم، فعلق قربته بقرب نخلة وانطلق فجاءهم بعِذقٍ فقال: النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ألا كنت اجتنيت)) فقال: أحببت أنْ تكون الذين تختارون على أعينكم، ثم أخذ الشفرة، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إياك والحلوب))، فذبح لهم يومئذٍ فأكلوا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لتسألنَّ عن هذا يوم القيامة، أخرجكم من بيوتكم الجوع، فلم ترجعوا حتى أصبتُم هذا، فهذا من النعيم))[1]. وفي حديثٍ قال: ((لما نزلت ﴿ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ ﴾ [التكاثر: 1]، فقرأ حتى بلغ: ﴿ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ﴾ [التكاثر: 8]، قالوا: يا رسول الله، عن أيِّ نعيمٍ نُسأَل؟ وإنما هما الأسودان: الماء والتمر، وسيوفنا على رِقابنا والعدو حاضر، فعن أيِّ نعيم نُسأَل؟ قال: ((أمَا أنَّ ذلك سيكون))[2]. فيا عبادَ الله: انظروا إلى ما حصل لسيِّد الخلق وصَحابته الذين اختارَهم الله لصُحبته، وما كانوا عليه من حالٍ، وما قاموا به من إعزازٍ لدِينه، وما أنفقوه من أموالٍ في سبيل الله، ذلك ومع هذا يقول لهم نبينا - صلواتُ الله وسلامُه عليه - في أكْلِه التمرَ، وشربه الماء: ((لتسألنَّ عن هذا يوم القيامة))، فما بال الكثير منَّا يا عباد الله يتنعَّم بالمآكل والمشارب، وينفق الأموال الطائلة فيها ولا يشكر الله - سبحانه وتعالى - على هذه النعمة العظيمة التي سيُسأَل عنها يوم القيامة، بل الكثير كفرها واستعانَ بها على معاصٍ، الله فكم من مأكولاتٍ ومشروباتٍ أُنفِقت فيها الأموال الطائلة، وعملت عليها المنكرات، ثم صار مصيرها إلى الأماكن القذرة، وأواني الأوساخ والقمامة، أفلا نَخشَى العقوبات ونتوقَّع المصائب؟ إنها مصائب أصابت بلادنا التي أنعَمَ الله عليها بالخيرات، ورغد العيش، وصحَّة الأبدان، وأمن الأوطان، مصائب الغفلة وكُفر النعمة. ولا شكَّ أنَّ هذه النِّعَمَ التي نعيشُها ليست دليلًا على الرضا عن أعمالنا، وليست مِقياسًا على صَلاح أحوالنا، وإنما يُخشَى أنْ تكون ابتلاء وامتحانًا، لعدم شكرها، ولصرفها في غير طرقها، فصفوة الخلق - صلواتُ الله وسلامُه عليه - يُخبِر أصحابه أنهم سيسألون عن أكلة التمر وشربة الماء، وهم يقاتلون الأعداء. وحُثالة الخلق يتقالون ما بأيديهم، ويستَعِينون بالكثير منه على المعاصي، ومع هذا يأمَنُون العُقوبات، وكأنَّ ما هم فيه من نعمةٍ شيء خُلِق لهم وخُلِقوا له، إنها الغفلة يا عبادَ الله والران الذي أصابَ القلوب، والعُقوبات التي لا يحسُّ بها كثيرٌ من الناس. إنَّه الغبن الذي قال فيه نبينا - صلوات الله وسلامه عليه -: ((نعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس: الصحة والفراغ))[3]؛ ومعنى هذا: أنهم مُقصِّرون في شُكر هاتين النعمتين لا يقومون بواجبهما. ومَن لا يقومُ بحقِّ ما وجب عليه فهو مغبون، فاتَّقوا الله يا عبادَ الله واحذَرُوا من الانشغال عمَّا خُلِقتم له، بما ضمن لكم، ومن العاجل الفاني على الآجل الباقي، واحذَرُوا من التكاثُر الملهي، فإنَّكم مسؤولون ومحاسبون؛ يقول - سبحانه وتعالى -: ﴿ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ * كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ * لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ * ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ * ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ﴾ [التكاثر: 1 - 8]. بارَك الله لي ولكم في القُرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذِّكر الحكِيم، وتابَ عليَّ وعليكم إنَّه هو التوَّاب الرحيمُ. أقولُ هذا وأستغفر الله العظيمَ الجليلَ لي ولكم ولسائِر المسلمين من كلِّ ذنبٍ، فاستغفروه إنَّه هو الغفورُ الرحيمُ. واعلموا - رحمكم الله - أنَّ من علامات الرضا عن العبد فيما أنعم الله به عليه، أنْ يشكُر الله فيما أنعم الله به عليه؛ يقول - جلَّ وعلا -: ﴿ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ﴾ [إبراهيم: 7]. وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((إنَّ الله ليرضى عن العبد يأكُل الأكلةَ فيحمده عليه، ويشرب الشربةَ فيحمده عليها))[4]؛ رواه مسلم. فالشكر حِفظٌ للنعمة الموجودة ومَجلَبة للنِّعَم المفقودة، وهذا من فضل الله ونِعَمِه على عباده؛ حيث مَنَّ عليهم بها، ورضي منهم بالعمل القليل، بالرضا عنهم، وحِفظها وزيادتها إذا شكروا الله على ذلك، وصرَفُوها في طُرُِقِها، واستعانوا بها على طاعة مُسدِيها، فاتَّقوا الله يا عباد الله. [1] رواه مسلم بنحوه: [140 - (2038)]. [2] رواه أحمد: (1 /164) بنحوه. [3] رواه البخاري: (6412) - الفتح: 11 /233. [4] مسلم: [89 - (2734)].
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |