المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : همزة الوصل (من كتاب اللالئ الذهبية في شرح المقدمة الجزرية)


ابوالوليد المسلم
29-06-2020, 03:55 AM
همزة الوصل (من كتاب اللالئ الذهبية في شرح المقدمة الجزرية)
محمد رفيق مؤمن الشوبكي




همزة الوصل: هي همزة زائِدَة في أول الكلمة، تَثبت عند الابتداء بها، وتَسْقط عند وصل الكلمة بما قبلها، وتَدْخل همزة الوصل على الأفعال والأسماء والحروف.

وسبب تسميتها بهمزة الوصل على الرغم من أنها تسقط في حالة الوصل: هو أنَّها تسقط فيتَّصل ما قبلها بما بعدها، وقيل: لوصول المتكلِّم بها إلى النُّطق بالساكن؛ وذلك لأنَّه لما كان لا يُوقف على متحرِّك ولا يُبتدأ بساكن، كان لا بدَّ من الإتيان بشيء حتى نتمكَّن من النطق بالساكن؛ وهذا الشيء هو "همزة الوصل".

والفرق بينها وبين همزة القَطْع: هو أنَّ همزة القطع حرفٌ أصلي من حروف الكلمة، وينطق بها عند الابتداء بالكلمة وعند وصلها بما بعدها.

وقد بيَّن النَّاظِم في هذا الباب أحكامَ الابتداء بهمزة الوصل، وذلك على النحو التالي:
101) وَابْدَأْ بِهَمْزِ الْوَصْلِ مِنْ فِعْلٍ بِضَمّ ♦♦♦ إنْ كَانَ ثَالِثٌ مِنَ الفِعْلِ يُضَمّ
أي: يُبدأ بهمزة الوصل بالضمِّ إذا كان ثالث الفعل مضمومًا ضمًّا أصليًّا، مثل: (اُجتُثت)، (اُدعُ)، (اُخرُج)، (اُشكُر).

تنبيه: إذا كان ثالث الفعل مضمومًا ضمًّا عارضًا، يُبدأ بهمزة الوصل بالكسر وليس الضم، وجاء ذلك في القرآن الكريم في خمسة أفعال، وهي: (اِمشُوا، اِيتُوا، اِبنُوا، اِقضُوا، اِمضُوا)، وما يبيِّن أنَّ الضمَّ في هذه الكلمات عارض، أنَّك إذا أَمرت المخاطب بها قلتَ له: (امشِ، ايتِ، ابنِ، اقضِ، امضِ).

102) وَاكْسِرْهُ حَالَ الْكَسْرِ وَالْفَتْحِ وَفِي https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
الَاسْمَاءِ غَيْرَ[1] اللاَّمِ كَسْرُهَا وَفِي https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

103) ابْنٍ مَعَ ابْنَتِ امْرِئٍ وَاثْنَيْنِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif
وَامْرَأةٍ وَاسْمٍ مَعَ اثْنَتَيْنِ https://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif


(وَاكْسِرْهُ حَالَ الْكَسْرِ وَالْفَتْحِ)؛ أي: يُبدأ بهمزة الوصل بالكسر إِن كان ثالث الفعل مكسورًا أو مفتوحًا، مثل: (اِغفِر)، (اِضرِب)، (اِنطَلقوا)، (اِنتَهوا).

(وَفِي الَاسْمَاءِ غَيْرَ اللاَّمِ كَسْرُهَا)؛ أي: يُبدأ بالأسماء المبدوءة بهمزة الوصل بالكسر مثل: (ابتغاء، اختلاف، استكبارًا، استعجالهم)، وتسمَّى هذه الأسماء بالأسماء القياسية؛ أي: المقيسة على قاعدة معروفة، فكلُّ مصدر خماسيٍّ أو سداسي همزتُه همزة وصل.

ويستثنى من ذلك: همزة الوصل في لام التَّعريف؛ فيُبدأ بها بالفتح مطلقًا، مثل: (النهار، الجنة، الهدى)، وهنا دخلَت همزة الوصل على حرف، وهو لام التعريف.

(وَفِي ابْنٍ مَعَ ابْنَتِ امْرِئٍ وَاثْنَيْنِ وَامْرَأةٍ وَاسْمٍ مَعَ اثْنَتَيْنِ): ذكر النَّاظم هنا أسماء يبدأ بهمزة الوصل فيها بالكسر، وهي: (ابن، ابنت، امرئ، امرأة، اثنين، اثنتين، اسم)، وهذه الأسماء تسمَّى بالأسماء السماعيَّة؛ وهي الأسماء التي وردَت عن العرب دون الرجوع إلى قاعدةٍ معيَّنة، ولم يَرِد غير هذه الأسماء السماعيَّة السبعة في القرآن الكريم.

الخلاصة:
1- همزة الوصل في الأفعال: يُبدأ بها بالضم إن كان ثالث الفعل مضمومًا ضمًّا أصليًّا، ويُبدأ بها بالكسر إن كان ثالث الفعل مكسورًا أو مفتوحًا أو مضمومًا ضمًّا عارضًا.
2- همزة الوصل في الأسماء: يُبدأ بها بالكسر مطلقًا، سواء الأسماء القياسية أم السماعية.
3- همزة الوصل في الحروف: يُبدأ بها بالفتح مطلقًا، ولم تأتِ إلاَّ في (أل) التعريف.

فوائد:
1- تُحذف همزة الوصل لفظًا وخطًّا من (أل) التعريف إذا دخلَت عليها لام الجرِّ، مثل: (لله، للمتقين، للذين)، أمَّا إذا دخلَت عليها باقي حروف الجرِّ فتُحذف لفظًا وتثبت خطًّا، مثل: (بالغيب، وبالآخرة، في الدنيا).

2- إذا دخلَت همزة الاستفهام على الأفعال المبدوءة بهمزة وصلٍ مكسورة، تُحذف همزة الوصل لفظًا وخطًّا؛ لأنَّ الغرَض منها - وهو التوصُّل إلى النطق بالحرف الساكن - قد تحقَّق بهمزة الاستفهام، فلم يكن هناك داعٍ لوجود همزة الوَصْل، وورد ذلك في القرآن الكريم في سبع كلمات: (أتَّخذتم، أطَّلع، أفترى، أصطفى، أتَّخذناهم، أَسْتكبَرْتَ)، ولا يترتَّب على حذف همزة الوصل التباس الاستفهام بالخبر؛ لأنَّ همزة الاستفهام تكون همزة قطع، وتكون مفتوحة دائمًا، وتَثْبت وصلاً وابتداء، وأمَّا همزة الوصل فتثبت ابتداءً وتسقط وصلاً، ولا تكون في الأفعال السابقة وما ماثلَها إلاَّ مكسورة.

3- إذا دخلَت همزة الاستفهام على الأسماء المعرَّفة ب (أل)، فتبقى همزة الوصل ولا تُحذف لئلاَّ يلتبس الاستفهام بالخبر فيتغيَّر المعنى، ولم يقع ذلك في القرآن الكريم إلاَّ في ثلاث كلمات: (ءآلذَّكرين، ءآلله، ءآلَٰٔنَ)، وهذه الثلاث الكلمات تُقرأ بوجهين:
أ‌- الإبدال؛ أي: تُبدل همزة الوصل حرف مدٍّ، وتمدُّ لزومًا بمقدار ستِّ حركات، لمجيء السكون اللازم بعدها، كلمة (ءآلَٰٔنَ): مد لازم كلِمي مخفَّف؛ لخفَّة النطق به؛ لخلوِّه من التشديد، وكلمتَا (ءآلذكرين، ءآلله): مد لازم كلمي مثقَّل؛ لثقل النطق به؛ لأنَّ الحرف الذي بعد حرف المد حرف مشدَّد، ويسمَّى المد في هذه الثلاث الكلمات (مد فرق)؛ لأنَّه يُفرِّق بين همزة الاستفهام وهمزة الخبر، وهذا الوجه هو المقدَّم في الأداء عند القراء.

ب‌- التسهيل؛ أي: يُنطق بهمزة الوصل بين الهمزة والألف، ولا تمدُّ مطلقًا، وينبغي هنا أن يَحذر القارئ من النُّطق بها هاءً خالصة أو ألفًا خالصة أو همزةً محقَّقة.

4- إذا تقدَّمَت همزةُ الوصل على همزة القطع الساكنة مثل: (الذي اؤتمن، السموات ائتوني، يقول ائذن لي)؛ فإنَّه عند البَدْء بالكلمة تبدل همزة القَطْع السَّاكنة حرف مدٍّ مجانسًا لحركة همزة الوصل، فتصبح: (اُوتمن، اِيتوني، اِيذن).

5- إذا بدأ القارئ بكلمة (الاسم) في قوله تعالى: ﴿ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ﴾ [الحجرات: 11]، ويكون ذلك في مقام الاختبار أو التعليم فقط؛ لكونها ليسَت موضع ابتداء، فيجوز فيها وجهان:
أ‌- الابتداء بهمزة الوصل الأولى مفتوحةً حسب القاعدة، وكسر اللام تخلُّصًا من التقاء الساكنين، وحذف همزة الوصل الثانية فهي تَسقط عند الوصل بما قبلها، هكذا: (اَلِسْم)، وهذا الوجه هو المقدَّم في الأداء عند القُرَّاء.

ب‌- الابتداء بلامٍ مكسورة مِن غير همزة وَصْل قبلها ولا بعدها، هكذا: (لِسْم)؛ وذلك أنَّ همزة الوصل إنَّما تُجتَلَب لتمكِّن من النطق بالساكن بعدها، ولمَّا تحركت اللام بالكسر، فلا حاجة إذًا لهمزة الوصل عند الابتداء.


[1] وفي نسخ أخرى: "غَيرِ" بكسر الراء.