المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كيف تقرأ القرآن وتنتفع به


ابوالوليد المسلم
12-06-2020, 12:02 AM
كيف تقرأ القرآن وتنتفع به


الشيخ محمد جميل زينو


أولًا: كيف تقرأ القرآن؟
قال الله تعالى: ﴿ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ﴾ [المزمل: 4]؛ اقرأه على تمهُّل، فإنه يكون عونًا على فهم القرآن وتدبره. سُئلت، أم سلمة عن قراءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: كان - صلى الله عليه وسلم - يُقطِّع قراءته آية آية: ﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ [صحيح رواه الترمذي].

ويستحب الترتيل وتحسين الصوت وعدم السرعة في القراءة: قال - صلى الله عليه وسلم -: «حَسّنوا القرآن بأصواتكم، فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حُسنًا». [صحيح رواه أبو داود وغيره]

وقال ابن مسعود: لا تنثروه نثر الرمل، ولا تهذوه هذَّ الشعر، قفوا عند عجائبه، وحركوا به القلوب، ولا يكن همُّ أحدكم آخر السورة. [رواه البخاري]


لا يجوز أن تقول بعد النهاية من قراءة القرآن (صدق الله العظيم)، لأن قراءة القرآن عبادة لا تجوز الزيادة فيها إلا إذا ورد نص من الشارع، ولم يرد فيها شيء؛ سمع الرسول - صلى الله عليه وسلم - القرآن من ابن مسعود، فلما وصل إلى قول الله تعالى: ﴿ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا ﴾ [النساء: 41]، فقال له الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «حَسْبُك». [رواه البخاري]، ولم يقل ابن مسعود (صدق الله العظيم) ولم يأمره بها.

إن هذه البدعة أماتت سنة، وهي الدعاء لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «من قرأ القرآن فليسأل الله به». [حسن رواه الترمذي]

فعلى القارئ أن يدعو الله بما شاء بعد القراءة، ويتوسل إلى الله بما قرأه، فهو من العمل الصالح المسبب لقبول الدعاء.

ثانيًا: كيف تنتفع بالقرآن الكريم؟
قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ﴾ [ق: 37]، إذا أردت الانتفاع بالقرآن، فاجمع قلبك عند تلاوته، وألق سمعك، واحضر حضور من يخاطبه به، فإنه خطاب منه سبحانه لك على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم -؛ وذلك أن تمام التأثير لما كان موقوفًا على مؤثر مُقتضٍ، ومحل قابل، وشرط لحصول الأثر، وانتفاء المانع الذي يمنع منه: تضمنت الآية بيان ذلك كله بأوجز لفظٍ وأبينه، وأدله على المراد.

فقوله: ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى ﴾ إشارة إلى ما تقدم من أول سورة ق إلى ههنا، وهذا هو المؤثر.

وقوله: ﴿ لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ ﴾ فهذا هو المحل القابل، والمراد به: القلب الحي الذي يعقل عن الله، كما قال تعالى: ﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ * لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا ﴾ [يس: 69، 70]؛ أي: حيَّ القلبِ.

وقوله: ﴿ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ ﴾ أي وجَّه سمعه وأصغى حاسة سمعه إلى ما يقال له وهذا هو شرط التأثير بالكلام.
وقوله: ﴿ وَهُوَ شَهِيدٌ ﴾ أي شاهد القلب حاضر، غير غائب.

قال ابن قتيبة: استمع لكتاب الله، وأنت شاهد القلب والفهم، ليس بغافل ولا ساهٍ. وهو إشارة إلى المانع من حصول التأثير: وهو سهو القلب وغيبته عن تعقل ما يقال له، والنظر فيه وتأمله.

فإذا حصل المؤثر، وهو القرآن، والمحل القابل، وهو القلب الحي، ووجد الشرط، وهو الِإصغاء، وانتفى المانع، وهو اشتغال القلب وذهوله عن معنى الخطاب، وانصرافه إلى شيء آخر: حصل الأثر، وهو الانتفاع بالقرآن والتذكر. [انظر: "الفوائد" لابن القيم (ص 3 – 5)].
المصدر: «رسائل التوجيهات الإسلامية» (2/ 58 - 59)