المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إرشادات لقارئ القرآن


ابوالوليد المسلم
10-06-2020, 04:02 AM
إرشادات لقارئ القرآن


الداعية عبد العزيز بن صالح الكنهل

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، أما بعد:
فإن المتأمل في أحوال بعض المسلمين اليوم ليتألم من هجرهم القرآن، وقضاء الأوقات بلا حساب مع القنوات ووسائل التواصل؛ ولذا وجب التذكير بأهمية العناية بالتلاوة مع التدبُّر.

1- فمحبة القرآن، والحرص على تلاوته وتدبُّره والعمل به، من علامات قوة الإيمان والمحبة لله سبحانه، لماذا؟
لأن المحب الصادق لله سبحانه لا بد أن يحب كلامه عز وجل، وأن يتلذَّذ بتلاوته، ويتقرَّب لله بها.

2- وهي أيضًا من أعظم أسباب زيادة الإيمان؛ لأنه سبحانه قال: ﴿ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ ﴾ [الفتح: 4]، والإيمان يزيد وينقص؛ يزيد بالطاعات، ومنها تلاوة القرآن، وينقص بالمعاصي.

3- هجر القرآن؛ هجر تلاوته وتدبُّره، وهجر العمل به من أسباب ضعف الإيمان ونقصه.

4- وعلى قدر قوة المحبة لله سبحانه تكون قوة المحبة للقرآن تلاوةً وتدبُّرًا وعملًا؛ فانظر في نفسك وقِسْ إيمانك.


5- الغرض من إنزال القرآن ليس مجرد تلاوته هذًّا كهذِّ الشعر؛ وإنما تلاوته بتدبُّر، والعمل به؛ قال سبحانه: ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [ص: 29].

6- في كل حين يتأكَّد الإكثار من الأعمال الصالحة أكثر من غيرها؛ لأنها من أسباب الثبات وزوال الفتن، ومن تلك الأعمال: التلاوة، والصلاة، والدعاء، والاستغفار، والصَّدَقة.

7- الخشوع والبكاء أثناء التلاوة مستحبٌّ، وله أجرٌ عظيم؛ قال سبحانه مثنيًا على الخاشعين: ﴿ وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا ﴾ [الإسراء: 109].

8- وذكر النبي صلى الله عليه وسلم من السبعة الذين يُظلُّهم الله في ظِلِّه يوم القيامة: ((ورجل ذكر الله خاليًا، ففاضت عيناه))؛ متفق عليه؛ أي: ذكر عظمته سبحانه، أو تذكَّر ذنوبَه، أو قرأ القرآن وغير ذلك، فبكى من خشية الله تعالى إلى أن سالت الدموع على خدَّيه.

9- ولاحظ أنه صلى الله عليه وسلم قيَّده بـ (خاليًا)؛ أي: ليس عنده أحد، لماذا؟
لأنه لا شك في إخلاصه لله سبحانه، فاحرص على الإخلاص، فلن يقبل عمل بدونه ودون المتابعة له صلى الله عليه وسلم.

10- أمور تُعينك على ملازمة التلاوة والتدبُّر:
♦ قوة التوحيد والمحبة لله سبحانه.
♦ العلم بفضل التلاوة وأجرها العظيم، وأن لك بكل حرف حسنةً، والحسنة بعشر أمثالها.
♦ العلم بأنها من أسباب زيادة الإيمان.
♦ الدعاء بإلحاح بسؤاله سبحانه أن يقذف في قلبك محبَّة القرآن، والإكثار من تلاوته وتدبُّره، والعمل به، وهذا السبب مهمٌّ جدًّا.
♦ تذكُّر الموت، وأن القرآن يشفع لصاحبه في الآخرة.
♦ المجاهدة على التلاوة، ومحاسبة النفس عند الفتور عنها، والتقصير فيها.

11- وتذكَّر أن الحرص على التلاوة مع التدبُّر والخشوع هو سُنَّة النبي محمد صلى الله عليه وسلم كما في الحديث المتفق عليه عندما قال صلى الله عليه وسلم لعبدالله بن مسعود رضي الله عنه: ((اقرأ عليَّ))، فلما بلغ قوله سبحانه: ﴿ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا ﴾ [النساء: 41]، قال: ((حسبك))، قال عبدالله: فالتفت، فإذا عيناه الشريفتان تذرفان الدموع.


12- وأنت متى بكيت من خشية الله سبحانه؟
وما أسباب قسوة قلبك وقحط عينك؟

فتِّش ستجد الجواب في قوله سبحانه: ﴿ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [المطففين: 14]؛ أي: الذنوب، فحاسب نفسك وأكثِرْ من المحاسبة والتوبة، والاستغفار، وتذكَّر الموت والتلاوة، والصَّدَقة، وقيام الليل، والدُّعاء؛ فكلُّها تُرقِّق القلب وتُدمِع العين.

حفظكم الله ورزقكم محبة القرآن والعمل به، وأعاذكم من الفِتَن، ما ظهر منها وما بطن، ومن قسوة القلوب، ومن أسبابها، وصلِّ اللهمَّ على نبينا محمد بن عبدالله، وعلى آله وصَحْبه ومَنْ والاه.