خطبة العيد - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4515 - عددالزوار : 1307672 )           »          تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1059 - عددالزوار : 126030 )           »          طريقة عمل ساندوتش دجاج سبايسى.. ينفع للأطفال وللشغل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          وصفات طبيعية للتخلص من حب الشباب بخطوات بسيطة.. من العسل لخل التفاح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          طريقة عمل لفائف الكوسة بالجبنة فى الفرن.. وجبة خفيفة وصحية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          وصفات طبيعية لتقشير البشرة.. تخلصى من الجلد الميت بسهولة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          هل تظل بشرتك جافة حتى بعد الترطيب؟.. اعرفى السبب وطرق العلاج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          استعد لدخول الحضانة.. 6 نصائح يجب تنفيذها قبل إلحاق طفلك بروضة الأطفال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          سنة أولى جواز.. 5 نصائح للتفاهم وتجنب المشاكل والخلافات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          طريقة عمل العاشوراء بخطوات بسيطة.. زى المحلات بالظبط (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 31-05-2020, 04:13 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,668
الدولة : Egypt
افتراضي خطبة العيد

خطبة العيد




















سماحة الشيخ محمد بن صالح العثيمين





... أيها الناس، اتَّقوا الله تعالى واشكروا نعمته عليكم بهذا العيد السعيد؛ فإنه اليوم الذي توّج الله به شهر الصيام وافتتح به أشهر الحج إلى بيته الحرام، وهو أحد الأعياد الشرعية الثلاثة وثانيها عيد الأضحى وثالثها عيد الأسبوع وهو يوم الجمعة وليس في الإسلام سواها عيد، ليس في الإسلام عيد لمولد نبيّ ولا لمولد زعيم ولا لانتصار على عدو ولا لقيام دولة، ليس في الإسلام سوى هذه الأعياد الثلاثة: عيد الأضحى وعيد الفطر وعيد الأسبوع.









السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:




إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضلّ له، ومَن يُضلل فلا هادي له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومَن تبعهم بإحسان وسلّم تسليمًا.









والحمدُ لله الذي سهّل لعباده طرق العبادة ويسّر، وتابَعَ لهم مواسم العبادة لتزدان أوقاتهم بالطاعة وتُعمر، فما انتهى شهر الصيام إلا بدخول أشهر حج بيت الله المطهّر، أحمده على صفاته الكاملة وأشكره على آلائه السابغة التي لا تُحصر، وأُقرّ بوحدانيته وتقديره وتدبيره فهو المتفرّد بالخلق والتدبير وكل شيء عنده بأجل مقدّر.









أما بعد:




أيها الناس، اتَّقوا الله تعالى واشكروا نعمته عليكم بهذا العيد السعيد؛ فإنه اليوم الذي توّج الله به شهر الصيام وافتتح به أشهر الحج إلى بيته الحرام، وهو أحد الأعياد الشرعية الثلاثة وثانيها عيد الأضحى وثالثها عيد الأسبوع وهو يوم الجمعة وليس في الإسلام سواها عيد، ليس في الإسلام عيد لمولد نبيّ ولا لمولد زعيم ولا لانتصار على عدو ولا لقيام دولة، ليس في الإسلام سوى هذه الأعياد الثلاثة: عيد الأضحى وعيد الفطر وعيد الأسبوع.









الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله،والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.









أيها المسلمون، في هذا اليوم تُخرجون قبل الصلاة زكاة الفطر تقرّبًا إلى الله تعالى وأداءً للفريضة، فقد فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «زكاة الفطر وأمر أن تُخرَج قبل صلاة العيد، فمَن أدّاها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومَن أدّاها بعد الصلاة ولو في يوم العيد فهي صدقة من الصدقات»[1] لا تجزئ عن فريضة الزكاة إلا أن يكون الإنسان معذورًا.









فرضها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المسلمين «تطهيرًا لصيامهم وطعمةً لمساكينهم»[2]، فرضها «على الصغير والكبير والذكَر والأنثى والحر والعبد»[3]، فرضها صلى الله عليه وسلم «صاعًا من طعام الآدميين من تَمْر أو بُرٍّ أو رزٍّ أو غيرها»[4]، فلا تُخرج من الدراهم ولا من الثياب والأمتعة وإنما تُخرج مِمَّا فرضه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من طعام الآدميين خاصة، فمَن أخرجها من غيره فهي مردودة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَن عَمِل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» [5].









أيها المسلمون، في هذا اليوم تَخرجون إلى مصلى العيد معظّمين لربكم بأفئدتكم وألسنتكم تكبِّرون الله - عزَّ وجل - وتوحّدونه وتحمدونه على ما هداكم ويسّر لكم من نعمة الصيام والقيام وغيرهما من الطاعات، في هذا اليوم تؤدون صلاة العيد تعظيمًا لله - عزَّ وجل - وإقامة لذكْره وبرهانًا على ما في قلوبكم من محبته وشكره، تؤدّونها - أيها المسلمون - في الصحراء إظهارًا لشرائع الله واتّباعًا لسنَّة رسوله الله - صلى الله عليه وسلم - تنتظرون جوائز ربكم وتُحسنون الظن أن يتقبّل منكم.









أيها المسلمون، في هذا اليوم ودّعتم بالأمس شهر رمضان وانقسم الناس فيه إلى قسمين: قسم فرح بالتخلّص منه؛ لأنه ثقيل عليه مُتعبٌ لنفسه وبدنه فهو يريد أن يتخلّص من رمضان ويفارقه، وقسم آخر فرح بفطره، فرح بتخلّصه به من الذنوب؛ «فإن مَن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفرَ الله له ما تقدّم من ذنبه»[6]، «ومَن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفرَ الله له ما تقدّم من ذنبه»[7]، «ومَن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفرَ الله له ما تقدّم من ذنبه» [8].









الله أكبر، الله أكبر،لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.









الله أكبر على ما هدانا للإسلام وعلى ما منَّ به علينا من إتمام الصيام والقيام، والحمدُ لله على ما أنعم به علينا من دين الإسلام ذلك الدين القيّم الذي أكمله الله تعالى لنا عقيدة ومنهجًا، ثم نحمده أن هدانا له وقد أضلّ عنه كثيرًا.









أيها المسلمون، إن دين الإسلام هو الذي ارتضاه الله لنفسه وفرَضَه على عباده إلى يوم القيامة، ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسْلامُ ﴾ [آل عمران: 19]، ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [آل عمران: 85]؛ ولذلك ختمَ الله بهذا الدين الأديانَ كلّها بِما بعث به محمدًا صلى الله عليه وسلم، فلا نبي بعده ولا دين سوى ما جاء به، وفيه إصلاح الخلق والعزّ والتمكين في كل زمان ومكان، فمَن تمسَّك بهذا الإسلام عقيدة ومنهجًا، مَن تمسّك به نالَ العزّة والرفعة في الدنيا والآخرة، واسمعوا قول الله - عزَّ وجل - وهو سبحانه لا يخلف الميعاد: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً ﴾ [النور: 55]، ويقول الله تعالى: ﴿ وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ ﴾ [الحج:39، 40].









أيها المسلمون، إن ذلك لوعدٌ حقّ مثلما أنكم تنطقون، ولقد كان ذلك في سلف هذه الأمة حين تمسّكوا بهذا الدين فصاروا قادة العالَم بالعلْم والعقيدة الصحيحة والأخلاق الفاضلة والحضارة الراقية وفتحوا بدينهم وأخلاقهم مشارق الأرض ومغاربها، فلو عُدْنا نحن المسلمين اليوم إلى ما كان عليه سلفنا بالأمس لَحَصَلَ لنا من العزّ والتمكين ما حصل لهم.









أيها المسلمون، لقد فهم أعداء الإسلام ذلك، فهموه منذ ظهر الإسلام، «فها هو هرقل ملك الروم قال لأبي سفيان حين سأله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وما يدعو إليه، قال له هرقل وهو ملك الروم، قال: إن كان ما تقول صدقًا فَسَيَمْلِكُ موضع قدميّ هاتين»[9]، ولقد كان صدقًا ولقد ملكت الأمة الإسلامية، ملكت ما تحت قدمي هرقل وكسرى وسادوا العالَم، وفي هذا القرن قال أحد رؤساء الوزارة البريطانية: ما دام هذا القرآن موجودًا في أيدي المسلمين فلن تستطيع أوروبا السيطرة على الشرق ولا أن تكون هي نفسها في أمان، وقال أحد المسؤولين في وزارة الخارجية الفرنسية: إن الخطر الذي يهدّدنا تهديدًا مباشرًا وعنيفًا هو الخطر الإسلامي؛ ومن أجل خوف أعداء الإسلام من ظهور المسلمين عليهم حاوَلَ أعداء المسلمين والإسلام بكل ما أوتوا من قوّة بالمكر والخديعة، حاولوا أن يقضوا على الإسلام بالغزو العسكري المسلّح وبالغزو الفكري والخلقي فاحتلّوا كثيرًا من بلاد المسلمين في مِصْر والعراق والشام وأفسدوا عقائد كثير منهم وأخلاقهم وغزوا كثيرًا من المسلمين ولا سيما ذوي الضعف في الدين والبصيرة حتى خفَّفوا الدين في نفوسهم وأخرجوهم من الإسلام أو كادوا لولا أنْ مَنَّ الله على هذه البلاد بالتخلّص من استعمارهم.









لقد أدخل أعداء الإسلام على المسلمين أنواعًا من اللهو واللعب ليصرفوهم عن دينهم وعن الجد في أمورهم، زيَّنوا في قلوبهم الشهوات وأدخلوا في عقولهم الشبهات وثقَّلوا عليهم الصلوات والعبادات بل صوّروا لهم الصلاة والعبادة بالأمور التقليدية الفانية التي لا مكان لها في هذا العصر فانخدع كثيرٌ من الناس بهذه الدعاية الباطلة واستهانوا بشرائع دينهم وأنكروا عقائده وصاروا كالأنعام بل هم أضلّ سبيلاً، يتّبعون الشهوات ويُضيعون الصلوات كما قال الله عزَّ وجل: ﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا * إِلا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا﴾ [مريم: 59-60].









أيها المسلمون، إن هذه الدعاية الباطلة وهذا الترويج الكاذب إنه خدعَ كثيرًا من الناس ولا سيما الشباب الذين يذهبون إلى بلاد الكفر والذين يشاهدون ما يشاهدون من أنواع الفسق والفجور حتى هانَ عليهم الدِّين وهانَ عليهم ما كان أسلالفهم الصالحة.









أيها المسلمون، إن ترك الصلاة كفرٌ مخرج عن الملّة كما قال الله عزَّ وجل: ﴿ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ ﴾ [التوبة: 11]، ومفهوم الآية الكريمة: أنهم إن لم يفعلوا ذلك فليسوا إخوانًا لنا في الدِّين، والأخوّة في الدِّين لا تنتفي إلا بالكفر؛ ولذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما صَحَّ عنه: «بين الرَّجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة»[10]، وقال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «لا حظّ في الإسلام لِمَن ترك الصلاة»[11] و«حظ» نكرةٌ في سياق النفي العام، فلا حظّ من قليل ولا كثير في الإسلام لِمَن ترك الصلاة، هذا ما يدل عليه كتاب الله وسنَّة رسوله - صلى الله عليه وسلم - والآثار عن الصحابة رضي الله عنهم، وإذا كفر المسلم بعد إسلامه صار مرتدًّا يجب قتله إلا أن يتوب ويترتَّب على ردَّته أحكام دنيويَّة وأحكام أخرويَّة، أما الأحكام الدنيويَّة فإن مَن كفر فإن زوجته ينفسخ نكاحها منه ولا تَحِل له حتى يرجع إلى الإسلام ويصلي، فلا يحل له النظر إلى زوجته ولا مباشرتها ولا جِماعها ولا يَحِل لنا أن نأكل ذبَحه.









فتصورا أيها المسلمون، يذبح اليهودي أو النصراني فنأكلها لقول الله تعالى: ﴿ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ ﴾ [المائدة: 5]، ويذبح تاركُ الصلاة الذبيحة فلا نأكلها؛ لأنها ميتة فلا تَحِل.









أيها المسلمون، وإذا مات تاركُ الصلاة على تركها فإنه لا يُصلّى عليه ولا يُدعى له ولا يُدفن مع المسلمين ولا يَحِل لأحد من أقاربه أن يرث شيئًا من ماله بل يكون ماله في بيت مال المسلمين للدولة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يرث المسلمُ الكافرَ ولا الكافرُ المسلمَ» [12].









هذه أحكام الدنيا في تارك الصلاة أما أحكام الآخرة فإن تارك الصلاة كما جاء به الحديث «يُحشر مع فرعون وهامان وقارون وأُبيّ بن خلف»(ث1) رؤساء الكفر ويُخلّد في النار، وهذه الأحكام كلّها ترتفع إذا رجع الإنسان إلى الإسلام وتابَ إلى ربه وأقام الصلاة.









أيها المسلمون، كُنَّا نتكلم في كل يوم عيد بِما يناسب من المشاكل الاجتماعية وإننا قبل سنتين تكلّمنا عن حكم تارك الصلاة وتكلّمنا أيضًا عن هؤلاء الذين يَجلبون اليهود والنصارى والوثنيين إلى جزيرة العرب وبيَّنا أن هؤلاء مخالفون لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أَخْرجوا المشركين من جزيرة العرب»[13]، هكذا قال صلى الله عليه وسلم، عهِدَ به إلى أمته وهو في مرض موته، وفي السنن عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أَخْرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب»[14]، فجزيرةُ العرب - أيها المسلمون - ليست كغيرها من بلدان الإسلام؛ لأنها مهدُ الإسلام ومنها خرج الإسلام وإليها يعود الإسلام كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الإيمان ليأزِرُ إلى المدينة كما تأزِرُ الحيَّة إلى جحرها»[15]، وإني أقرع على رؤوس هؤلاء، أقرع عليهم وأقرع رؤوسهم أيضًا بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أَخْرجوا المشركين من جزيرة العرب»[16]، وإنني أقول لهم: إن الله سائلكم يوم القيامة إذا وقفتم بين يديه ولم يكن عندكم مالٌ ينجيكم ولا ولد يفديكم، إنكم مسؤولون عن هذا الحديث الذي قاله النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في مرض موته في آخر حياته يعهد به إلى أمته صلى الله عليه وسلم، فأعِدُّوا لأنفسكم جوابًا وأعدّوا لأقدامكم مرتقًى وإلا فما أدري ماذا يكون حالكم؟









أما المشكلة التي هي موضوع بحثنا هذا العام فإنها مشكلة الزواج وهي مشكلة اجتماعية عامة وسنتناولها من وجوه أربعة:




أولاً: من جهة ارتفاع المهور هذا الارتفاع الفاحش الذي هو خلاف شريعة الله؛ فإن المشروع تقليل المهور وإن أعظم النكاح بركةً أيْسَرُه مؤونة.









أيها المسلمون، أيها المؤمنون، أيها المواطنون، أَتُريدون أن يخرج شبابكم إلى بلاد أخرى يتزوّجون منها وحينئذٍ تحدث مشاكل ومشاكل؟ رويدكم أيها الناس؛ إن ارتفاع المهور خلاف السنَّة وإن فيه مشاكل ومضارّ عديدة؛ ولهذا أدعوكم وأبدأ أولاً بولاة الأمور من الأمراء والعلماء والوجهاء والأعيان أن يكونوا قدوةً في هذا الأمر حتى يحلّوا هذه المشكلة العظيمة.









أما الأمر الثاني فهو: عزوف كثير من الشباب والشابات عن الزواج خصوصًا المتعلّمين منهم وهذا جهلٌ وخلافُ ما أمَرَ به النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «يا معشر الشباب، مَن استطاع منكم الباءة فلْيتزوج؛ فإنه أغضُّ للبصر وأحصنُ للفرج»[17].









إذن: ألا يجدر بكم - أيها الشباب - من ذكور وإناث أن تقولوا سمعنا وأطعنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أَتُريدون أن تُذهبوا شبابكم بدون زواج حتى إذا بردت الشهوة فيكم وكبرت سنّكم ذهبتم تطلبون الزواج بعد فوات الأوان؟









أما الأمر الثالث فهو: الإسراف في الولائم، ذلك الإسراف الذي هو وقوع فيما نهى الله عنه؛ فإن الله يقول: ﴿وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ [الأعراف: 31].









أيها الناس، ما هذا الإسراف الذي نسمع به والذي قد نشاهده نحن في هذه الولائم، إن هذه الأطعمة وإن هذه اللحوم إنها ربما تُلقى في المزابل وربما تُلقى في البراري، مالٌ ضائع ووقوعٌ في الإسراف الذي نهى الله عنه.









فيا أيها الأغنياء، تذكَّروا حال الفقر السابقة وتذكَّروا حال الفقراء في بلاد المسلمين ولا تُذهبوا أموالكم فيما ينهى الله عنه ورسوله، اتّقوا الله تعالى في الإسراف واحذوره؛ فإن الله تعالى يقول: ﴿ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ [الأنعام: 141].









أما الأمر الرابع وما أدراك ما الأمر الرابع فهو: اتخاذ بعض الأولياء موليّاتهن بمنزلة السلعة، يزوجوهنّ حسب رغبتهم لا حسب ما تقضيه الأمانة ومصلحتهن؛ إن بعض الناس يحتكر بناته وأخواته ومَن له ولاية عليها من النساء حتى لا يزوّجها إلا إذا دُفع له مال يرضيه، وإنه لا يَحل للأب ولا لغيره أن يشترط لنفسه شيئًا من مهر المرأة؛ لأن المهر لها كما قال الله عزَّ وجل: ﴿ وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ﴾ [النساء: 4]، فأضاف الصدقات وهي المهور إلى الزوجات لا إلى أوليائهن، فلا يَحل للأب ولا للأم من حضر وبدو أن يشترط لنفسه شيئًا من مهر المرأة؛ فإن ذلك حرام عليه ولكن المرأة إذا ملكته فلها أن تُكرم به أو منه مَن شاءت من أبيها أو أخيها أو أحدًا من أقاربها.









أيها المسلمون، وإن بعض الناس يحتكر ابنته: يخطبها الكفؤ ولكنه يمنع: هذه صغيرة، هذه قد فاتت وهو كاذب في هذا ولكنه قد لا يرضى الرجل الخاطب لغرض شخصي بينه وبينه وهذا حرام عليه ولا يَحل له.









أيها المسلمون، إني أقُصُّ عليكم قصّة ولو أطلت عليكم فالأمر مهم: سمعت أن أحدًا من الناس عنده ثلاث بنات وكانت الكبيرة منهنّ تُخطب ولكنه يمنعها، فأراد الله - عزَّ وجل - فمُرضت الكبيرة وحضرها الموت فكانت في سياق الموت توصي مَن حولها وتقول: قولوا لأبي حسبي الله عليه؛ حيث منعني شبابي ومنعني شهوتي وإني واقفة بين يدي الله أنا وهو فلْيعدّ لنفسه جوابًا أو كما قالت، أفلا تخافون أن تكون هذه عاقبة بناتكم إذا منعتموهنّ؟ فاتّقوا الله عباد الله.









ولا يَحل للرّجل كذلك أن يُجبر ابنته على زواج مَن لا تريد النكاح به؛ لأن ذلك محرّم عليه سواء كان الأب أو غيره لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تُنكح البِكر حتى تستأذن»[18]، وفي رواية لمسلم: «والبِكر يستأمرها أبوها»[19].
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 114.04 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 112.32 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.51%)]