|
ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() البيئة الدعوية ومعوقات الدعوة د. هند بنت مصطفى شريفي تنبع بعض المعوّقات من بيئة المعلمة الداعية والطالبة المدعوة، وتشمل العوامل المتعلقة بالمدرسة وأنظمتها الإدارية، والأسرة وأساليب التعامل فيها، والمجتمع بكل ما فيه من مؤثرات، وتعتبر البيئة من معوّقات الدعوة حينما تؤثر تأثيرا سلبيا على الطالبة والمعلمة وعلى سير الدعوة، وحين تمنع الدعوة من تحقيق أهدافها، ومن المعوّقات المتعلقة بالبيئة المحيطة ما يأتي: أولاً: ضعف البيئة التربوية في المدرسة: يعد ضعف أو سوء البيئة المدرسية أحد معوّقات الدعوة في المرحلة الثانوية، خاصة عند غياب السلطة الحازمة الحكيمة في المدرسة، حيث تزيد مشكلاتها، وتضعف العلاقات بين منسوباتها، وتتفشى المنكرات بين طالباتها، وقد يرافق ذلك ضيق المدرسة وازدحامها بالطالبات، وعدم كفاية مرافقها إلى جانب إهمال أعمال الصيانة بشكل دوري وخاصة مصلّى المدرسة، وقلة إمكانات المدرسة المادية.. وغيرها من جوانب النقص التي تؤثر تأثيرا كبيرا على مستوى التكيف النفسي والاجتماعي عند الطالبة، والذي يعيق الأنشطة ولا يسمح بتنفيذها وإتقانها، كما يؤثر على استجابة الطالبة للدعوة. وقد تكون المدرسة عاملا معوّقا أمام أهداف الدعوة (وذلك إذا كانت بيئة المدرسة غير صالحة للدارسين، مما لا شك فيه أن المنهج الدراسي، والكتاب المدرسي، وطرق التدريس، وطرق التقويم، والامتحانات، والمدرس، وأساليب المعاملة، والعلاقات السائدة في المدرسة، والخدمات المدرسية، والمبنى المدرسي، وحجم الفصل... كل ذلك له تأثيره الإيجابي أو السلبي على سلوك الطلاب المراهقين وعلى نفسيتهم، وعلى إشباع حاجاتهم وتحقيق أهدافهم)[1]. ثانياً: التصلب في الأنظمة الإدارية واللوائح: يعرف النظام الإداري المدرسي بأنه (مجموع المبادئ والقواعد والتقاليد التي تحدده المؤسسة التعليمية، وترى ضرورة المحافظة عليها والالتزام بها، والتصرف في حدودها من قبل المنتمين إليها، سواء كانوا من التلاميذ أو من الموظفين والعاملين)[2]، والنظام بهذا التعريف يحقق الأمن في المدرسة، وينظم العمل فيها، وتتحدد على ضوئه المسؤوليات والاختصاصات والسلطات، ويتوفر فيها المناخ المناسب للتحصيل العلمي وللدعوة إلى الله وإصلاح الطالبات، لأن الانسجام والتعاون والانضباط الذاتي والاحترام المتبادل بين الطالبات والمعلمات؛ يحقق قدرًا كبيرًا من الأهداف الدعوية والتربوية المأمولة من المدرسة بخاصة، والمصلحة العامة للمجتمع الإسلامي بعامة. والنظام الإداري يأخذ أحيانا اتجاهاً إيجابياً فيكون وسيلة للارتقاء بالدعوة في المدرسة، لأنه يقوم على التوجيه بالحسنى، وعلى احترام الموظفات في المدرسة من إداريات ومعلمات، ويراعي احتياجات وميول الطالبات، ويعمل على توجيهها الوجهة المرغوبة، وعلى تأكيد شخصياتهنّ واحترام أفكارهنّ وآرائهنّ واقتراحاتهنّ، ويشجعهنّ على المزيد منها، ويدفعهنّ إلى المشاركة في أعمال الخير في مدرستهنّ وإلى تحمل المسؤولية. وقد يأخذ أحياناً اتجاهاً سلبياً فيكون من معوّقات الدعوة في المرحلة الثانوية لأنه يقوم على العقوبة، وعلى كبت حماس إدارة المدرسة ومعلماتها وطالباتها ورغبتهنّ في تقديم الخير بدلا من تشجيعها على النمو والانطلاق السليم، كما يقوم على تأكيد الضبط الخارجي، وعلى ضرورة الانصياع للقواعد والتعليمات واللوائح دون مرونة، بغضّ النظر عما يسببه هذا النظام من خضوع واستكانة وضعف الثقة بالنفس[3]، أو ما يسببه من تضييق على الأنشطة الدعوية وتحديد لأوقاتها، أو ما يتطلبه من وقت وجهد للمتابعة لأخذ الإذن والموافقة على تنفيذ شيء منها كاستضافة داعيات من خارج المدرسة والقيام بالمحاضرات وغيرها. ثالثاً: تشدد أو تساهل الإدارة المدرسية وضعف تعاونها مع المعلمة الداعية: تُعد الإدارة المدرسية الحكيمة عنصر مهم مؤثر في نجاح العملية الدعوية داخل المدرسة، فهي تتعامل مع عناصر العملية الدعوية (المعلمة الداعية والطالبة المدعوة) وتربط بينهما، وتهيئ لهما الظروف المادية والمعنوية الملائمة، أما الإدارة التي لا تدرك ضرورة الدعوة وأهميتها في إصلاح الطالبات؛ فهي تسلك غالباً إحدى السبيلين: إما أن تكون إدارة متسلطة، ترى أن الجميع تحت سيطرتها، ولا يحق لأحد من أفراد المدرسة مناقشتها أو الاعتراض على رأيها، وترى أن من حقها التدخل في كل صغيرة وكبيرة من أعمال المعلمات والطالبات، وما يقدم من أنشطة وبرامج في المدرسة، الأمر الذي يجعلها عاملاً معوّقاً للدعوة، مضعفاً لانتظامها ولإقبال الطالبات عليها، بل إنها تنفر الطالبات من الإقبال على المدرسة ذاتها لما يشيع فيها من جو الخوف والرهبة، كما أنها عامل إحباط وخفض للروح المعنوية للمعلمات والطالبات. وإما أن تكون إدارة ضعيفة عاجزة عن الضبط، فتترك الحبل على الغارب، وتتسم بالفوضوية والتسيب، فهي معيقة للدعوة أيضا، لما تتسبب فيه من معاناة للمعلمة الداعية وصعوبة التخطيط، والتنفيذ للبرامج، وعدم انضباط الطالبات، وتشتت أفكارهنّ، وضعف استجاباتهنّ للدعوة، حيث تجد الطالبة نفسها حرة تفعل ما تشاء دون توجيه أو رقابة. ومن آثار الإدارة المدرسية السيئة ضعف الترابط وانعدام التعاون بين معلمات المدرسة بعضهنّ مع بعض، وبينهنّ وبين الإدارة، حيث إن الدعوة الناجحة في المدرسة تستلزم قيام فريق متكامل مترابط من المعلمات الداعيات المتعاونات مع الطالبات، بحيث يكون لكل واحدة منهنّ وظيفتها ومسؤوليتها في العملية الدعوية، وحينها تسير الدعوة بانتظام واتساق، في وحدة متضامنة متكاتفة، تساعد الطالبة على سلوك الطريق القويم، أما إذا تفرقت الجهود وتناثرت، أو دب الخلاف بين أفراد الفريق، وعملت كل واحدة بمفردها؛ كانت النتائج مبعثرة ضعيفة، وكذلك عدم تحديد المسؤوليات المطلوبة من كل معلمة، وعدم وضوح الأعمال الموكلة إليها، فالإرشاد الطلابي[4] - على سبيل المثال - لن يتمكن من تحقيق كامل أهدافه الإصلاحية والتوجيهية بسبب (عدم تحديد الصلاحيات بالشكل المطلوب من قِبل إدارة المدرسة أو المؤسسة، حيث يتم تكليف المرشد بأعمال ليست من أعماله، كأخذ التأخر الصباحي والغياب، ونقل التعاميم، والعمل على الحاسب الآلي في إدخال الدرجات.. مما يثقل كاهله ويقلل من إنتاجه ودوره في عملية الإرشاد)[5]. رابعاً: التناقض والتعارض بين سلوك المجتمع والقيم الدينية: قد تتفاعل الطالبة مع وعظ معلمتها ونصحها ويلين قلبها، ثم تقارن بعد ذلك بين ما تدعوها إليه من الفضائل وبين ما تشاهده من سلوك معلماتها الأخريات وزميلاتها أو قريباتها، فتجد أن هناك فارقا كبيرا، وتجد نفسها بين شدّ وجذب، وتحت وطأة صراع كبير بين متناقضات في القيم والأفكار والسلوك؛ مما يشكل لديها مع مرور الوقت شخصية مهزوزة مترددة، وتضعف استجابتها للخير. إن الطالبة التي تتعلم أمور دينها في المدرسة عن طريق مناهج العلوم الدينية، وعن طريق الأنشطة الدعوية، ثم لا تجد صدى لذلك في الواقع الذي تعيش فيه، وتدرس شرائع الإسلام وقيمه، ثم لا تراه يُطبق في حياة المجتمع، نتيجة لتمسك أفراد مجتمعها بالعادات والأعراف الخاطئة المناقضة للإسلام، أو لانصرافهم إلى شهواتهم الدنيوية، يحدث لديها تعارض وتناقض كبير بين ما تتعلمه وبين ما تراه وتعيشه، وهذا يمثل معوّقا خطيرا أمام الدعوة، إذ إن الطالبة قد تحس بعدم حاجتها إلى ما تتعلمه من أمور الدين، وقد تقع في القلق والصراع، الذي قد ينعكس على المعلمة بمشاعر الإحباط وخيبة الأمل واليأس، وقد تفتر عن الدعوة. وأساس هذا التناقض والتعارض أن لكل مجتمع مبادئه ومثله العليا، كما أن له مصالحه وطموحاته وتقاليده ومشكلاته، وبين هذه العناصر تشابك وتضاغط مستمر؛ فالقيم والمثل تضغط على المصالح حتى تظل في إطارها، والمصالح تضغط على المبادئ كي تتسع لها من خلال توسيع مدلولاتها والتخفيف من صرامة أحكامها، وحين يكون صوت المبادئ هو الأعلى؛ فإن نسق الحياة كلها يتحسن، وحين يعلو صوت المصالح فإن الغايات حينها تصبح مسوّغة لكل الوسائل التي تحققها، وينحطّ بذلك توازن الحياة[6]. والمعلمة الداعية تسعى جاهدة للارتقاء بطالباتها نحو أفق المبادئ والقيم الإسلامية، وتحاول منع الطالبات من الاستسلام لأحكام وتأثير البيئة التي تعيش فيها، مع الأخذ في الحسبان أنها حين تلقي رسالتها الدعوية للطالبة، فإنها قد لا تتلقاها بالقبول الفوري، بل تمررها على أحوال بيئتها ومجتمعها الذي تعيش فيه، ومن ثم فقد تستجيب وقد تعرض. ومما يوقع الطالبة في أسر التقاليد والعادات، ضعف فهمها للدين، ومحدودية رؤيتها، وعدم فقهها لمقاصده، والغفلة عن تكامله وشموليته، مما يؤدي إلى (لون من التكيف مع الواقع دون القدرة على تكييفه وفق القيم، بسبب الإلف له والقبول به نتيجة التوارث الاجتماعي، ومن ثم الدفاع عنه واعتماده كمقياس للمعايرة... يصبح تقليداً يصعب تغييره، ومن ثم يُعتمد هذا التقليد، أو هذه التقاليد لتصبح قيما ومعايير؛ تحل محل المنهج والقيم والتعاليم، وبدل أن تُقوّم التقاليد بالقيم والتعاليم وتكون التقاليد هي مادة البحث، تصبح هي معايير البحث والتحليل)[7]. يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |