تفسير الزركشي لآيات من سورة الحج - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 14853 - عددالزوار : 1086089 )           »          بيع العربون (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          أحكام من أدرك وقت الصلاة فلم يصل ثم زال تكليفه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          بيع حبل الحبلة والمضامين والملاقيح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          لماذا أحب رسول الله؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          علة حديث: ((من غسل واغتسل يوم الجمعة وبكر وابتكر، كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          الحديث العاشر: صلة الرحم تزيد في العمر والرزق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          تخريج حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يبال في الجحر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          رفع الارتياب في بيان أحكام إجازة القراءة والسماع عن بعد ومن وراء حجاب لأحمد آل إبراهي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          «عون الرحمن في تفسير القرآن» ------متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 483 - عددالزوار : 174589 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 09-03-2020, 02:30 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 163,449
الدولة : Egypt
افتراضي تفسير الزركشي لآيات من سورة الحج

تفسير الزركشي لآيات من سورة الحج














د. جمال بن فرحان الريمي









قوله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ﴾ [الحج: 1] نزلت ليلاً في غزوة بني المصطلق، وهم حي من خزاعة والناس يسيرون[1].






قوله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ، فإن المراد: جنس الناس لا كل فرد، وإلا فمعلوم أن غير المكلف لم يدخل تحت هذا الخطاب، وهذا يغلب في خطاب أهل مكة، ورجح الأصوليون دخول النبي صلى الله عليه وسلم في الخطاب بـ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ، وفي القرآن سورتان أولهما ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إحداهما: في النصف الأول وهي السورة الرابعة منه، وهي سورة النساء، والثانية: في النصف الثاني منه وهي سورة الحج، والأولى: تشتمل على شرح المبدأ، والثانية تشتمل على شرح المعاد، فتأمل هذا الترتيب ما أوقعه في البلاغة[2].






قوله تعالى: ﴿ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ﴾ أمرهم بالتقوى، ثم علل وجوبها مجيبًا لسؤال مقدر بذكر الساعة واصفًا لها بأهولِ وصفٍ ليقرر عليه الوجوب[3].






﴿ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ﴾ [الحج: 2] قوله تعالى: ﴿ وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى أي: وترى الناس سكارى بالإضافة إلى أهوال القيامة مجازًا، وما هم بسكارى بالإضافة إلى الخمر حقيقةً[4].






أي: ما هم بسكارى مشروب ولكن سكارى فزع[5].






﴿ وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ [الحج: 7].






من أنواع إلجام الخصم بالحجة: نوع منطقي وهو: استنتاج النتيجة من مقدمتين وذلك من أول سورة الحج إلى قوله: ﴿ وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ ﴾، فنطق على خمس نتائج من عشر مقدمات فالمقدمات من أول السورة إلى قول الله تعالى: ﴿ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ[6]، والنتائج من قوله: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ [7]، إلى قوله: ﴿ وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ [8].






وتفصيل ترتيب المقدمات والنتائج أن يقول: أخبر الله أن زلزلة الساعة شيء عظيم، وخبره هو الحق، ومن أخبر عن الغيب بالحق فهو حق بأنه هو الحق، وأنه يأتي بالساعة على تلك الصفات، ولا يُعلم صدق الخبر إلا بإحياء الموتى، ليدركوا ذلك، ومن يأتي بالساعة يحيى الموتى؛ فهو يحيي الموتى، وأخبر أنه يجعل الناس من هول الساعة سُكارى لشدة العذاب، ولا يقدر على عموم الناس لشدة العذاب إلا من هو على كل شيء قدير؛ فإنه على كل شيء قدير، وأخبر أن الساعة يجازي فيها من يجادل في الله بغير علم، ولا بد من مجازاته، ولا يجازي حتى تكون الساعة آتية، ولا تأتي الساعة حتى يبعث من في القبور، فهو يبعث من في القبور، والله ينزل الماء على الأرض الهامدة فتنبت من كل زوج بهيج، والقادر على إحياء الأرض بعد موتها يبعث من القبور[9].






﴿ ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ ﴾ [الحج: 9]


قوله تعالى: ﴿ ثَانِيَ عِطْفِهِ ﴾ أي: متكبرا[10].


﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ﴾ [الحج: 11] قوله تعالى:﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ ، أي: على وجهٍ واحدٍ؛ وهو أن يعبده في السراء دون الضراء[11]، وفسره أبو عبيد[12]: أي لا يدوم، وقال ثعلب: أي على شكٍ، وكلاهما قريب؛ لأن المراد: أنه غير ثابت على دينه ولا تستقيم البصيرة فيه[13].






﴿ يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ قوله تعالى:﴿ يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ فمعناه: الضرر بعبادته أقرب من النفع بها[14].






وقوله: ﴿ لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ أي: من ضره أقرب من نفعه[15].


واختلف في اللام في قوله: ﴿ لَمَنْ ضَرُّهُ فقيل: هي مؤخرة، والمعنى: يدعو لمن ضره أقرب من نفعه، وجاز تقديمها وإيلاؤها المفعول؛ لأنها لام التوكيد واليمين؛ فحقها أن تقع صدر الكلام.






واعترض بأن اللام في صلة "من" فتقدمها على الموصول ممتنع، وأجاب الزمخشري بأنها حرف لا يفيد غير التوكيد، وليست بعاملة، كـ"من" المؤكدة، في نحو: ما جاءني من أحد، دخولها وخروجها سواء؛ ولهذا جاء تقديمها.






ويجوز ألا تكون -هنا- موصولة؛ بل نكرة؛ ولهذا قال الكسائي: اللام في غير موضعها، و"مَنْ" في موضع نصب بـ "يدعو" والتقدير: "يدعو من ضره أقرب من نفعه"، أي يدعو إلهًا ضره أقرب من نفعه[16].






قال المبرِّد: يدعو في موضع الحال، والمعنى في ذلك هو الضلال البعيد في حال دعائه إياه، وقوله: ﴿ ضَرُّهُ مستأنف مرفوع بالابتداء، وقوله:﴿ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِفي صلته، ﴿ وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ خبره.






وهذا يستقيم لو كان في موضع ﴿ يَدْعُو ﴾، "يُدعى"، لكن مجيئه بصيغة فعل الفاعل، وليس فيه ضميره يُبعده[17].






﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ﴾ [الحج: 18].






قوله تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ، فإن السجود في الكل يجمعه معنى واحد وهو الانقياد[18].






﴿ وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ ﴾ [الحج: 24]


قوله تعالى:﴿ وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ، فسَّرَه في سورة فاطر بقوله: ﴿ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ ﴾ فاطر: 34. [19].






﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [الحج: 25].






من أساليب القرآن وفنونه البليغة؛ نقل الكلام من الماضي إلى المستقبل، نحو:﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، والحكمة في هذه: أن الكفر لما كان من شأنه إذا حصل أن يستمر حكمه، عُبِّر عنه بالماضي، ليفيد ذلك مع كونه نافيًا أنه قد مضى عليه زمان؛ ولا كذلك الصد عن سبيل الله، فإن حكمه إنما ثبت حال حصوله مع أن في الفعل المستقبل إشعارًا بالتكثير، فيشعر قوله:﴿ وَيَصُدُّونَ أنه في كل وقتٍ بصدد ذلك، ولو قال "وصدوا" لأشعر بانقطاع صدهم[20].






﴿ وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ﴾ [الحج: 26]


وقوله: ﴿ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا ضمن "لا تشرك" معنى "لا تعدِل" والعدل: التسوية أي لا تسوي به شيئا[21].


﴿ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ﴾ [الحج: 27].


قوله تعالى: ﴿ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ، فإن الغالب أن الذين يأتون رجالاً: من مكان قريب، والذين يأتون على الضامر: من البعيد، ويحتمل أن يكون من التقديم بالشرف لأن الأجر في المشي مضاعف[22].






﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ ﴾ [الحج: 30].






قوله تعالى: ﴿ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِأي الأوثان من الرجس[23].






من معاني ﴿ مِنْ ﴾: بيان الجنس، وقيل: هي أن تذكر شيئًا تحته أجناس، والمراد أحدها، فإذا أردت واحدًا منها بيَّنته كقوله تعالى: ﴿ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِفلما اقتصر عليه -أي الرجس- لم يعلم المراد، فلما صرَّح بذكر "الأوثان" عُلِم أنها المراد من الجنس، وقرنت بـ"مِنْ" للبيان، فلذلك قيل: إنها للجنس، وأما اجتناب غيرها فمستفاد من دليلٍ آخر، والتقدير: واجتنبوا الرجس الذي هو الأوثان؛ أي: اجتنبوا الرجس الوثني، فهي راجعة إلى معنى الصفة[24].






﴿ حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ ﴾ [الحج: 31].






قال رحمه الله: الخَطْف والتَّخَطُّف لا يفرق الأديب بينهما، والله تعالى فرَّق بينهما؛ فتقول: "خَطِفَ" بالكسر، لما تكرر ويكون من شأن الخاطف الخطف، و"خَطَفَ" بالفتح، حيث يقع الخطف من غير من يكون من شأنه الخطف بكلفة، وهو أبعد من "خَطَف" بالفتح، فإنه يكون لمن اتفق له على تكلف، ولم يكن متوقعًا منه.






ويدل عليه أن "فَعِل" بالكسر لا يتكرر، كعلم وسمع، و"فَعل" لا يشترط فيه ذلك، كقتل وضرب، قال تعالى ﴿ إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ[25] فإن شغل الشيطان ذلك، وقال﴿ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُلأن من شانه ذلك[26].






﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [الحج: 32]


قوله تعالى: ﴿ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ، أي: من أفعال ذوي تقوى القلوب[27].






﴿ لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الحج: 37].


من معاني "على": التعليل نحو: ﴿ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ أي لهدايته إياكم[28].






﴿ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [الحج: 40].






قال ابن فارس: كل صلاة في القرآن فهي: عبادة ورحمة إلا قوله تعالى:﴿ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ [29] فإنه يريد بيوت عبادتهم [30].






من أقسام الحذف: أن يستدل بالفعل لشيئين وهو في الحقيقة لأحدهما، فيضمر للآخر فعل يناسبه كقوله تعالى: ﴿ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ، والصلوات لا تُهدَّم، فالتقدير: ولتركت صلوات[31].






من معاني "إِلاَّ": الاستثناء وينقسم إلى: متصل وهو ما كان المستثنى من جنس المستثنى منه نحو: جاء القوم إلا زيدًا، والى: منقطع وهو ما كان من غير جنسه، كقوله: ﴿ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُفقولهم: ﴿ رَبُّنَا اللَّهُليس بحق يوجب إخراجهم[32].






﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ﴾ [الحج: 46].






قوله تعالى: ﴿ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ، فإنه سبحانه لما دعاهم إلى التفكير والتعقل وسماع أخبار من مضى من الأمم، وكيف أهلكهم بتكذيبهم رسله ومخالفتهم لهم، قال: ﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ﴾.






قال ابن قتيبة[33]: وهل شيء أبلغ في العظمة والعزة من هذه الآية؟ لأن الله تعالى أراد: أفلم يسيروا في الأرض فينظروا إلى آثار قوم أهلكهم الله بالكفر والعتو فيروا بيوتًا خاويةً قد سقطت على عروشها، وبئرًا يشرب أهلها فيها قد عُطِّلت، وقصرًا بناه ملكه بالشِّيد خلا من السكن، وتداعى بالخراب، فيتعظوا بذلك، ويخافوا من عقوبة الله، مثل الذي نزل بهم! ثم ذكر تعالى أن أبصارهم الظاهرة لم تعم عن النظر والرؤية وإن عميت قلوبهم التي في صدورهم.






وقيل: لما كانت العين قد يعنى بها القلب في نحو قوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي[34] جاز أن يعنى بالقلب العين، فقيد القلوب بذكر محلها رفعًا لتوهم إرادة غيرها.






وقيل: ذكر محل العمى الحقيقي الذي هو أولى باسم العمى من عمى البصر، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:«لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ»[35] أي: هذا أولى بأن يكون شديدًا منه، فعمى القلب هو الحقيقي لا عمى البصر، فأعمى القلب أولى أن يكون أعمى من أعمى العين، فنبه بقوله: ﴿ الَّتِي فِي الصُّدُورِ على أن العمى الباطن في العضو الذي عليه الصدر، لا العمى الظاهر في العين التي محلُّها الوجه[36].






﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [الحج: 52].


من أسباب التقديم والتأخير: الشرف، ومنه: شرف الرسالة، كقوله تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ فإن الرسول أفضل من النبي خلافًا لابن عبد السلام[37]، والنسخ يأتي بمعنى "الإزالة" ومنه قوله تعالى: ﴿ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ﴾[الحج: 52] [38].






﴿ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الحج: 54]


قوله تعالى: ﴿ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا ، حذفت "الياء" لأنه يهديهم بما نصب لهم في الدنيا من الدلائل والعبر إلى الصراط المستقيم برفع درجاتهم في هدايتهم إلى حيث لا غاية، قال الله تعالى: ﴿ ولدينا مزيد[39].
يتبع



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 185.30 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 183.58 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (0.93%)]