المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ


روضة فرعون
27-02-2007, 08:52 PM
{وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ } [يوسف:42].
طلب سيدنا يوسف عليه السلام من الساقي ـ الذي علم أنه سيعود إلى سيده ـ أن يذكر له حاله، وأنه مظلوم في القضية التي من أجلها حُبس، أو أن يذكره بعلمه ومكانته، أو بما رأى منه من معالي الأخلاق والشيم الدالة على بعده عما اتُّهم به، أو أن يذكره بكل ما ذكر. والمقصود بـ(ربك): سيدك.
قال أبو حيان: " وهذا من يوسف على سبيل الاستعانة والتعاون في تفريج كربه، وجعله بإذن الله وتقديره سبباً للخلاص كما جاء عن عيسى عليه السلام: {من أنصاري إلى الله}، وكما كان الرسول يطلب من يحرسه. والذي أختاره أن يوسف إنما قال لساقي الملك: اذكرني عند ربك ليتوصل إلى هدايته وإيمانه بالله، كما توصل إلى إيضاح الحق للساقي ورفيقه".
ثم قال تعالى: { فَأَنْسَاهُ ٱلشَّيْطَـٰنُ ذِكْرَ رَبّهِ } وفيه قولان: الأول: أنه راجع إلى يوسف، والمعنى أن الشيطان أنسى يوسف أن يذكر ربه ويلجأ إليه، وجنح إلى الاعتصام بمخلوق، وعلى هذا القول يكون تمسكه بغير الله مستدركاً عليه، حيث إنه عرض حاجته على سوى الله، { فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ } أي يوسف عليه الصلاة والسلام عقوبة على هذا النسيان، كما قال بعض المفسرين، "واعلم أن الاستعانة بالناس في دفع الظلم جائزة في الشريعة، إلا أن حسنات الأبرار سيئات المقربين، فهذا وإن كان جائزاً لعامة الخلق، إلا أن الأولى بالصديقين أن يقطعوا نظرهم عن الأسباب بالكلية، وأن لا يشتغلوا إلا بمسبب الأسباب". [تفسير الرازي]
يقول صاحب الظلال: " وقد شاء ربه أن يعلمه كيف يقطع الأسباب كلها، ويستمسك بسببه وحده، فلم يجعل قضاء حاجته على يد عبد ولا سبب يرتبط بعبد. وكان هذا من اصطفائه وإكرامه.
إن عباد الله المخلصين ينبغي أن يخلصوا له سبحانه، وأن يدعوا له وحده قيادهم، ويدعوا له سبحانه تنقيل خطاهم. وحين يعجزون بضعفهم البشري في أول الأمر عن اختيار هذا السلوك، يتفضل الله سبحانه فيقهرهم عليه حتى يعرفوه ويتذوقوه ويلتزموه بعد ذلك طاعة ورضى وحباً وشوقاً.. فيتم عليهم فضله بهذا كله..".واضح على هذا القول أن المقصود بـ(ربه) الله عز وجل.
القول الثاني: قوله: { فَأَنْسَاهُ ٱلشَّيْطَـٰنُ ذِكْرَ رَبّهِ } راجع إلى الساقي، والمعنى: فأنسى الشيطان الساقي ذكر يوسف لربه، أي للملك، حتى طال الأمر { فَلَبِثَ فِي السّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ } بهذا السبب، وإنساء الشيطان له بما يوسوس إليه من اشتغاله حتى يذهل عما قال له يوسف، لما أراد الله بيوسف من إجزال أجره بطول مقامه في السجن.
و(ربه) على هذا القول بمعنى الملك والسيد.
والقول الثاني هو ما ارتضاه أبو حيان، وذكر القول الأول بصيغة التمريض، وعقب عليه بقوله: "ورتبوا على ذلك أخباراً لا تليق نسبتها إلى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام".
أقول: قد يخطر على البال تساؤلات عند محاولة الترجيح:
السؤال الذي يرد على القول الأول الذي جعل النسيان راجعاً إلى يوسف عليه السلام..
هل يجوز للشيطان أن ينسي نبياً من الأنبياء؟ فهل للشيطان على النبي سلطان؟ وهل هذا معصية من نبي الله ينزه عنها، أم أنه فعل خلاف الأولى؟
أما على القول الثاني، الذي جعل النسيان راجعاً إلى الساقي، فما الحكمة من قدر الله بإنساء الساقي ذكر يوسف عند الملك؟
من أراد أن يرجّح أحد القولين لا بد أن يجيب على السؤال الوارد عليه..
ما رأيكم؟ بارك الله فيكم.
.
.
.

جمال الشرباتي
27-02-2007, 09:47 PM
السلام عليكم
نحن مع قول أبي حيّان والذي معناه أنّ الشيطان أنسى السّاقي ذكر يوسف عند الملك---ولا مدخل للشيطان على الأنبياء ليقال أنسى الشيطان يوسف ذكر الله ربّه--
أمّا ما الحكمة--فلا حكمة تستطلع من تصرفات الشيطان---فقد يكون الشيطان أنسى السّاقي ذكر موسى عند سيّده نكاية ونكالا به به

الجندي المجهول
27-02-2007, 10:03 PM
جزاك الله خيرا الجزاء اختي الكريمة روضة على المشاركة القيمة
انا ارجح القول الاول والله تعالى اعلم
واتحمس للمتابعه والمعرفة بهذه الفوائد العلمية
بارك الله فيكي

ابو البراء
27-02-2007, 10:25 PM
السلام عليكم ورحمة الله
بارك الله فيكي اختي الكريمة روضة للطرح الطيب
ونرحب بحضورك معنا في ملتقى الشفاء وان شاء الله نستفيد من طرح ومشاركاتك القيمة معنا
وفقكم الله واهلا بكم

حفيدة عمر
27-02-2007, 10:33 PM
ارجح القول الثاني وجزاك الله كل خير اختي العزيزة روضة فرعون

القول الثاني: قوله: { فَأَنْسَاهُ ٱلشَّيْطَـٰنُ ذِكْرَ رَبّهِ } راجع إلى الساقي، والمعنى: فأنسى الشيطان الساقي ذكر يوسف لربه، أي للملك، حتى طال الأمر { فَلَبِثَ فِي السّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ } بهذا السبب، وإنساء الشيطان له بما يوسوس إليه من اشتغاله حتى يذهل عما قال له يوسف، لما أراد الله بيوسف من إجزال أجره بطول مقامه في السجن.

والله تعالى اعلم

روضة فرعون
27-02-2007, 11:24 PM
السلام عليكم
نحن مع قول أبي حيّان والذي معناه أنّ الشيطان أنسى السّاقي ذكر يوسف عند الملك---ولا مدخل للشيطان على الأنبياء ليقال أنسى الشيطان يوسف ذكر الله ربّه--
[
وعليكم السلام أستاذ جمال..
سؤالي للأخ جمال:
ماذا تقول في نسيان آدم ـ عليه السلام ـ بسبب وسوسة الشيطان: (فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى فَأَكَلَا) ... هل هذا من سلطان الشيطان المنفي عن الأنبياء؟
إذا أثبتنا النسيان ليوسف ـ عليه السلام ـ فهل هذا النسيان يعني الانصراف عن ذكر الله تعالى؟
أمّا ما الحكمة--فلا حكمة تستطلع من تصرفات الشيطان---فقد يكون الشيطان أنسى السّاقي ذكر يوسف عند سيّده نكاية ونكالا به
ليس المقصود من سؤالي عن الحكمة، معرفة الحكمة من تصرفات الشيطان، ولكن المقصود: لو كان الإنساء هو إنساء الشيطان للساقي ذكرَ يوسف ـ عليه السلام ـ ، فقد نتج عن هذا بقاء يوسف ـ عليه السلام ـ وهو قدر لله تعالى، فما الحكمة من هذا القدر الناتج عن نسيان الساقي؟
يعني ما وجه الربط بين البقاء في السجن، ونسيان الساقي؟
وهذا السؤال الثاني ما زال متوجهاً على مشاركة الأخت الفاضلة حفيدة عمر.

وأشكركم جميعاً على التفاعل.. الأخ جمال .. الأخ الجندي المجهول ..الأخت حفيدة عمر، والأخ أبو البراء، وأشكر لك ترحيبك..
بانتظار إجابتكم، ومشاركات بقية الإخوة.. وبارك الله فيكم
.

صقر الاسلام
28-02-2007, 11:39 AM
جزاك الله خيرا اختي الكريمة لروعه الطرح والشاركة القيمة