|
ملتقى أعلام وشخصيات ملتقى يختص بعرض السير التاريخية للشخصيات الاسلامية والعربية والعالمية من مفكرين وأدباء وسياسيين بارزين |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() هل دخل أبو الوفاء بن عقيل الحنبلي البغدادي حلب؟ د. عبدالحكيم الأنيس حكى المؤرِّخُ سبط ابن الجوزي خبرًا يفيد دخول الإمام أبي الوفاء بن عقيل الحنبلي البغدادي (المتوفى سنة 513هـ) مدينة حلب، فهل كان ذلك حقًا؟ هذا ما أتناوله هنا: ♦♦♦♦ قال الذهبي: "قال أبو المظفر سبطُ ابن الجوزي[1]: حكى ابنُ عقيل عن نفسه قال: حججتُ، فالتقطتُ عقد لؤلؤ في خيط أحمر، فإذا شيخ أعمى ينشده، ويبذل لملتقطه مئة دينار، فرددته عليه، فقال: خذ الدنانير، فامتنعتُ، وخرجتُ إلى الشام، وزرتُ القدس، وقصدتُ بغداد، فأويتُ بحلب إلى مسجدٍ وأنا بردان جائع، فقدموني، فصليتُ بهم، فأطعموني، وكان أول رمضان، فقالوا: إمامنا توفي فصل بنا هذا الشهر، ففعلتُ، فقالوا: لإمامنا بنت، فزوجتُ بها، فأقمتُ معها سنة، وأولدتها [ولدًا ذكرًا]، فمرضتْ في نفاسها، فتأملتها يومًا فإذا في عنقها العقد بعينه بخيطه الأحمر، فقلتُ لها: لهذا قصة، وحكيتُ لها، فبكتْ، وقالت: أنتَ هو والله، لقد كان أبي يبكي، ويقول: اللهم ارزق بنتي مثل الذي ردَّ العقد علي، وقد استجاب اللهُ منه، ثم ماتتْ، فأخذتُ العقد والميراث، وعدتُ إلى بغداد"[2]. وحين قرأتُ هذا الخبر استغربتُهُ وكتبتُ هذه الكلمات: أشك في هذا الخبر عن ابن عقيل، فهل يكون حكاه في كتابه (الفنون) عن (أحدٍ) واشتبه الأمرُ على سبط ابن الجوزي أو على أحدٍ غيرِه، أو سقط اسمٌ في النقل؟ وكان الذهبي يتهم سبطَ ابن الجوزي بأنه كثير المجازفة...ولكنه سكتَ هنا... لا أدري وفي النفس من الحكاية شيء. ومثلُ ابن عقيل في إمامته لا يمكنُ أن يكون مجهولًا ويأوي إلى حلب وهو جائع بردان، ويتزوج ويمكث فيها سنة، ولا يعرفه علماء حلب. ثم أليس من المستغرب أن لا يرى العقد إلا بعد سنة فأين كان؟). ثم رأيت ابنَ رجب روى القصة عن القاضي محمد بن عبد الباقي، وظنَّ أنه حكاها عن غيره، ثم ذكر ما قاله سبطُ ابن الجوزي وشكك فيه، ومن المُستحسن نقل كلامه. قال رحمه الله في "ذيل طبقات الحنابلة": "أنبئت عن يوسف بن خليل الحافظ قال: أخبرنا الشيخ الصالح أبو القاسم عبد الله بن أبي الفوارس محمد بن علي بن حسن الخزاز الصوفي البغدادي ببغداد قال: سمعتُ القاضي أبا بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد البزاز الأنصاري يقول: كنتُ مجاورًا بمكة- حرسها الله تعالى- فأصابني يومًا من الأيام جوعٌ شديدٌ لم أجد شيئًا أدفع به عني الجوع، فوجدتُ كيسًا من إبريسم مشدودًا بشُرّابة من إبرِيسَم أيضًا فأَخذتُه وجئتُ به إلى بيتي، فحللته فوجدتُ فيه عقدًا من لؤلؤ لم أرَ مثله. فخرجتُ فإذا بشيخٍ ينادي عليه، ومعَه خِرقة فيها خمس مئة دينار وهو يقول: هذا لمن يَردُّ علينا الكيس الذي فيه اللؤلؤ، فقلت: أنا محتاج، وأنا جائع، فآخذ هذا الذهب فأنتفع به، وأرد عليه الكيس. فقلت له: تعالى إليّ، فأخذته وجئت به إلى بيتي، فأعطاني علامة الكيس، وعلامة الشرابة، وعلامة اللؤلؤ وعَدَدَه، والخيط الذي هو مَشدُود به، فأخرجته ودَفعته إليه. فسلم إليّ خمس مئة دينار، فما أخذتُها، وقلتُ: يجب عليّ أن أعيده إليك ولا آخذ له جزاء، فقال لي: لا بد أن تأخذ. وألح عليَّ كثيرًا، فلم أقبلْ ذلك منه، فتركني ومضى. وأما ما كان مني: فإني خرجتُ من مكة وركبتُ البحر، فانكسر المركب وغرق الناس، وهلكت أموالهم، وسلمتُ أنا على قطعة من المركب، فبقيت مُدّةً في البحر لا أدري أين أذهب، فوصلتُ إلى جزيرة فيها قوم، فقعَدتُ في بعض المساجد، فسمعوني أقرأ، فلم يبق في تلك الجزيرة أحد إلا جاء إليّ وقال: علمني القرآن. فحصل لي من أولئك القوم شيء كثير من المال. قال: ثم إني رأيتُ في ذلك المسجد أوراقًا من مصحف، فأخذتُها أقرأ فيها فقالوا لي: تحسن تكتب؟ فقلت: نعم. فقالوا: علمنا الخط، فجاءوا بأولادهم من الصبيان والشباب، فكنتُ أعلمهم، فحصل لي أيضًا من ذلك شيء كثير، فقالوا لي بعد ذلك: عندنا صبيَّة يتيمة، ولها شيء من الدُنيا نريد أن تتزوج بها، فامتنعتُ، فقالوا: لا بد، وألزموني، فأجبتهم إلى ذلك. فلما زفوها إليَّ مددتُ عيني أنظر إليها، فوجدتُ ذلك العقد بعينه معلقًا في عنقها، فما كان لي حينئذ شغل إلا النظر إليه، فقالوا: يا شيخ، كسرتَ قلب هذه اليتيمة من نظرك إلى هذا العقد، ولم تنظرْ إليها، فقصصتُ عليهم قصة العقد فصاحوا وصرخوا بالتهليل والتكبير، حتى بلغ إلى جميع أهل الجزيرة، فقلتُ: ما بكم؟ فقالوا: ذلك الشيخ الذي أخذ منك العقد أبو هذه الصبية، وكان يقول: ما وجدتُ في الدنيا مسلمًا إلا هذا الذي رد عليَّ هذا العقد، وكان يدعو ويقول: اللهم اجمعْ بيني وبينه حتى أزوجه بابنتي، والآن قد حصلتْ. فبقيتُ معها مدة ورزقتُ منها ولدين. ثم إنها ماتت فورثتُ العقد أنا وولداي، ثم مات الولدان فحصل العِقد لي، فبعته بمئة ألف دينار. وهذا المال الذي ترون معي من بقايا ذلك المال. هكذا ساق هذه الحكاية يوسف بن خليل الحافظ في "معجمه"[3]. وساقها ابنُ النجار في "تاريخه"، وقال: هي حكاية عجيبة. وأظنُّ القاضي حكاها عن غيره. وقد ذكرها أبو المظفر سبطُ بن الجوزي في "تاريخه" في ترجمة أبي الوفاء بن عقيل. وذكر عن ابن عقيل: أنه حكى عن نفسه: أنه حجَّ، فالتقط العقد ورده بالموسم، ولم يأخذ ما بذل له من الدنانير، ثم قدم الشام، وزار بيت المقدس، ثم رجع إلى دمشق، واجتاز بحلب في رجوعه إلى بغداد، وأنَ تزوجه بالبنت كان بحلب. ولكن أبا المظفر ليس بحجة فيما ينقله، ولم يذكر للحكاية إسنادًا متصلاً إلى ابن عقيل، ولا عزاها إلى كتاب معروف. ولا يُعلم قدوم ابن عقيل إلى الشام، فنِسبتُها إلى القاضي أبي بكر الأنصاري أنسب. والله أعلم"[4]. أقول: فلعل سبط ابن الجوزي كان سمعَ الحكاية، ثم كتبها من بقايا بقيتْ في ذهنهَ ولم يتثبّتْ من حفظه. والله أعلم. والخلاصة هي أنَّ ابن عقيل لم يدخل حلب. [1]في مرآة الزمان 8/ 52 - 53 [2] سير أعلام النبلاء 19/449-450. [3] طبع "المعجم" بتحقيق الدكتور عامر حسن صبري [4] ذيل طبقات الحنابلة 1/196-197
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |