|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() مسائل في الظهار الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك قوله: "أو أنت عليَّ حرام، فهو مظاهر، ولو نوى طلاقًا أو يمينًا..." إلى قوله: "وإن قالته لزوجها فليس بظهار، وعليها كفارته..." إلى آخره[1]. قال في "المقنع": "وإن قال: أنت عليَّ حرام، فهو مظاهر إلا أن ينوي طلاقًا أو يمينًا، فهل يكون ظهارًا أو ما نواه؟ على روايتين[2]. وإن قالت المرأة لزوجها: أنت علي كظهر أبي، لم تكن مظاهرة، وعليها كفارة ظهار. وعليها التمكين قبل التكفير. وعنه[3]: كفارة يمين، وهو قياس المذهب[4]. وعنه[5]: لا شيء عليها. وإن قال لأجنبية: أنتِ علي كظهر أمي، لم يطأها إن تزوجها حتى يُكفِّر. وإن قال: أنت علي حرام، يريد: في كل حال، فكذلك، وإن أراد في تلك الحال فلا شيء عليه؛ لأنه صادق"[6]. قال في "الحاشية": قوله: "وإن قال: أنت عليَّ حرام..." إلى آخره، إن لم ينو به طلاقًا ولا يمينًا فهو ظهار -في قول الأكثر- لأن اللفظ ظاهر فيه، فوجب كونه ظهارًا كسائر الألفاظ، ولو زاد: إن شاء الله، فليس بظهار، نصَّ عليه... إلى أن قال: وعن أحمد[7] ما يدلُّ على أن التحريم يمين. وروي ذلك عن ابن عباس، وأكثر الفقهاء على أن التحريم إذا لم ينو به الظهار فليس بظهار. وهو قول مالك[8] وأبي حنيفة[9] والشافعي[10]؛ لقوله تعالى: ﴿ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ ﴾ [التحريم: 2]. قوله: "وإن قالت المرأة لزوجها: أنت عليَّ كظهر أبي، لم تكن مظاهرة" هذا قول أكثر العلماء[11] للآية، وهو من المفردات. وعنه[12]: ظهار، واختاره أبو بكر، وابن أبي موسى، وقاله الزهري والأوزاعي، وإن استمتعت به أو عزمت فكمظاهر. قوله: "وعليها كفارة ظهار" هذا المذهب[13]؛ لأن عائشة بنت طلحة قالت: إن تزوجت مصعب بن الزبير فهو علي كظهر أبي، فاستفتت أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: فأمروها أن تعتق رقبة وتتزوجه. رواه سعيد والأثرم والدارقطني[14]، ولأن الظِّهار يمين مكفرة، فاستوى فيها المرأة والرجل، قاله أحمد[15]، وقال في رواية حرب عن ابن مسعود: الظِّهار من الرجل والمرأة سواء[16]. وهو من مفردات المذهب. قوله: "وعليها التمكين قبل التكفير"؛ لأن ذلك حق عليها، فلا يسقط بيمينها كاليمين بالله تعالى. قوله: "وعنه كفَّارة يمين" وهو قياس المذهب[17]؛ لأنه تحريم لحلال كتحريم الأمة. وما روي عن عائشة يتعين حمله على ذلك؛ لكون الموجود ليس بظهار، وعنه[18]: لا شيء عليها، وهو قول أكثر العلماء؛ لأنه قول منكرٌ وزورٌ، وليس بظهار. قوله: "وعنه: لا شيء عليها"، وكذا الحكم لو علَّقته المرأة بتزويجها. قوله: "وإن قال لأجنبية..." إلى آخره. يعني: أنه يصح الظِّهار من الأجنبية على المذهب[19]، رواه أحمد عن عُمر رضي الله عنه؛ لأنها يمين مكفرة، فصح عقدها قبل النكاح كاليمين بالله تعالى، والآية خرجت مخرج الغالب. وعنه[20]: لا يصح، ذكرها الشيخ تقي الدين، قال في "الانتصار": هذا قياس المذهب. وقاله الأكثر كالطلاق والإيلاء، وجوابه: إن الطلاق حلُّ قيد النكاح، ولا يمكن حلُّه قبل عقده، وإنما اختص حكم الإيلاء بنسائه؛ لأنه يقصد الإضرار بهنَّ"[21]. وقال في "الإفصاح": "واختلفوا فيما إذا قال لزوجته أمة كانت أو حرة: أنت علي حرامٌ؟ فقال أبو حنيفة[22]: إن نوى الطلاق كان طلاقًا، وإن نوى ثلاثًا فهو ثلاث، وإن نوى واحدة أو اثنتين فهي واحدة بائنة، وإن نوى التحريم، ولم ينو الطلاق، أو لم يكن له نية فهو يمين، وهو مُولٍ إن تركها أربعة أشهر وقعت تطليقة بائنة. وإن قال للحاكم: أردت الكذب، قضى الحاكم عليه، وإن نوى الظِّهار كان مظاهرًا، وإن نوى اليمين كان يمينًا، ويرجع إلى نيته كما أراد بها، واحدة أو أكثر؟ سواء كانت مدخولًا بها، أو غير مدخول بها. وقال مالك[23]: هو طلاق، ثلاث في حق المدخول بها، وواحدة في حق غير المدخول بها. وقال الشافعي[24]: إن نوى الطلاق أو الظِّهار كان ما نواه، وإن نوى اليمين لم تكن يمينًا، وكان عليه كفارة يمين. وإن لم ينو شيئًا فعلى قولين: أحدهما: لا شيء عليه. والثاني: عليه كفارة يمين. وعن أحمد روايات: أظهرها[25]: أنه صريح في الظِّهار -نواه أو لم ينوه- وفيه كفّارة الظهار. والرواية الأخرى[26]: أنها يمين وعليه كفارتها. والرواية الأخرى[27]: هي طلاق. واختلفوا فيما إذا قالت المرأة لزوجها: أنت عليَّ كظهر أبي: فقال أبو حنيفة[28] ومالك[29] والشافعي[30]، وأحمد[31] في إحدى روايتيه: لا كفَّارة عليها. وقال أحمد في الرواية الأخرى، وهي أظهرهما[32]: يجب عليها الكفارة إذا وطئها، وهي التي اختارها الخرقي"[33]. وقال ابن رشد: "واتفقوا على لزوم الظِّهار من الزوجة التي في العصمة[34]. واختلفوا في الظهار من الأمة، ومن التي في غير العصمة، وكذلك اختلفوا في ظهار المرأة من الرجل. فأما الظهار من الأمة: فقال مالك[35] والثوري وجماعة: الظِّهار منها لازم كالظِّهار من الزوجة الحرة، وكذلك المدبِّرة وأم الولد. وقال الشافعي[36] وأبو حنيفة[37] وأحمد[38] وأبو ثور: لا ظِهار من أمة، وقال الأوزاعي: إن كان يطأ أمته فهو منها مظاهر، وإن لم يطأها[39] فهي يمين، وفيها كفَّارة يمين. وقال عطاء: هو مظاهر لكن عليه نصف كفارة. فدليل من أوقع ظهار الأمة عموم قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ﴾ [المجادلة: 3] والإماء من النساء. وحجة من لم يجعله ظهارًا أنهم قد أجمعوا أن النساء في قوله تعالى: ﴿ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ﴾ [البقرة: 226] هن ذوات الأزواج، فكذلك اسم النساء في آية الظِّهار. فسبب الخلاف: معارضة قياس الشبه للعموم، أعني: تشبيه الظِّهار بالإيلاء، وعموم لفظ النساء، أعني: أن عموم اللفظ يقتضي دخول الإماء في الظِّهار، وتشبيهه بالإيلاء يقتضي خروجهن من الظِّهار. وأما هل من شرط الظِّهار كون المظاهر منها في العصمة أم لا؟ فمذهب مالك[40]: أن ذلك ليس من شرطه، وأن من عَيَّن امرأة ما بعينها، وظاهر منها بشرط التزويج كان مظاهرًا منها، وكذلك إن لم يُعين وقال: كل امرأة أتزوجها فهي مني كظهر أمي،وذلك بخلاف الطلاق. وبقول مالك في الظِّهار قال أبو حنيفة[41] والثوري والأوزاعي. وقال قائلون: لا يلزم الظِّهار إلا فيما يملك الرجل، وممن قال بهذا القول: الشافعي[42] وأبو ثور وداود[43]. وفرَّق قومٌ فقالوا: إن أطلق لم يلزمه ظهار، وهو أن يقول: كل امرأة أتزوجها فهي مني كظهر أمي، فإن قيد لزمه، وهو أن يقول: إن تزوجت فلانة أو سمى قرية أو قبيلة، وقائل هذا القول هو: ابن أبي ليلى والحسن بن حي. ودليل الفريق الأول: قوله تعالى: ﴿ أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ﴾ [المائدة: 1] ولأنه عقدٌ على شرط الملك فأشبه إذا ملك، والمؤمنون عند شروطهم، وهو قول عمر. وأما حجة الشافعي: فحديث عمرو بن شُعيب، عن أبيه، عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا طلاق إلا فيما يملك، ولا عتق إلا فيما يملك، ولا بيع إلا فيما يملك، ولا وفاء بنذر إلا فيما يملك" خرجه أبو داود والترمذي[44]، والظِّهار شبيه بالطلاق، وهو قول ابن عباس. وأما الذين فرَّقوا بين التعميم والتعيين فإنهم رأوا أن التعميم في الظهار من باب الحرج، وقد قال الله تعالى: ﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ﴾ [الحج: 78]. واختلفوا أيضًا من هذا الباب في: هل تظاهر المرأة من الرجل؟ فعن العلماء في ذلك ثلاثة أقوال: أشهرها: أنه لا يكون منها ظِهار، هو قول مالك[45] والشافعي[46]. والثاني: أن عليها كفارة يمين. والثالث: أن عليها كفارة الظِّهار. ومعتمد الجمهور: تشبيه الظِّهار بالطلاق، ومن ألزم المرأة الظِّهار فتشبيهًا للظِّهار باليمين، ومن فرق فلأنه رأى أن أقل اللازم لها في ذلك هو كفارة يمين، وهو ضعيف، وسبب الخلاف: تعارض الأشباه في هذا المعنى[47]". وقال البخاري: "باب الظِّهار، وقول الله تعالى: ﴿ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا ﴾... إلى قوله: ﴿ فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ﴾ [المجادلة: 1 – 4]. وقال لي إسماعيل: حدثني مالك أنه سأل ابن شهاب، عن ظهار العبد، فقال: نحو ظهار الحر، قال مالك: وصيام العبد شهران، وقال الحسن بن الحر: ظهار الحر والعبد من الحرة والأمة سواء. وقال عكرمة: إن ظاهر من أمته فليس بشيء، إنما الظِّهار من النساء. وفي العربية (لما قالوا)، أي: فيما قالوا، وفي نقض ما قالوا، وهذا أولى؛ لأن الله لم يدل على المنكر وقول الزور"[48]. قال الحافظ: "قوله: "باب الظهار" بكسر المعجمة: هو قول الرجل لامرأته: أنت علي كظهر أمي. وإنما خص الظهر بذلك دون سائر الأعضاء؛ لأنه محل الركوب غالبًا، ولذلك سمي المركوب ظهرًا، فشبهت الزوجة بذلك؛ لأنها مركوب الرجل. فلو اضاف لغير الظهر -كالبطن مثلًا- كان ظهارًا على الأظهر عند الشافعية[49]. واختلف فيما إذا لم يعين الأم، كأن قال: كظهر أختي مثلًا، فعن الشافعي في القديم[50]: لا يكون ظهارًا، بل يختص بالأم كما ورد في القرآن، وكذا في حديث خولة التي ظاهر منها أوس[51]. وقال في الجديد[52]: يكون ظِهارًا، وهو قول الجمهور[53]، لكن اختلفوا في من لم تحرم على التأبيد. فقال الشافعي[54]: لا يكون ظِهارًا. وعن مالك[55]: هو ظِهار. وعن أحمد روايتان[56]: كالمذهبين. فلو قال: كظهر أبي، مثلًا، فليس بظِهار عند الجمهور[57]. وعن أحمد[58] رواية أنه ظِهار، وطرده في كل من يحرم عليه وطؤه حتى في البهيمة، ويقع الظِّهار بكل لفظ يدل على تحريم الزوجة، لكن بشرط اقترانه بالنية. وتجب الكفارة على قائله، كما قال الله تعالى، لكن بشرط العود عند الجمهور[59] وعند الثوري، وروي عن مجاهد: تجب الكفارة بمجرد الظِّهار، واستدل بقوله تعالى: ﴿ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا ﴾ [المجادلة: 2] على أن الظِّهار حرام. وقد ذكر المصنف في الباب آثارًا اقتصر على الآية وعليها، وكأنه أشار بذكر الآية إلى الحديث المرفوع الوارد في سبب ذلك. وقد ذكر بعض طرقه تعليقًا في أوائل كتاب التوحيد من حديث عائشة[60]، وفيه تسمية المظاهر وتسمية المجادلة، وهي التي ظاهر منها. كما أخرجه الطبراني وابن مردويه من حديث ابن عباس قال: كان الظهار في الجاهلية يحرم النساء، فكان أول من ظاهر في الإسلام أوس بن الصامت، وكانت امرأته خولة بنت ثعلبة... الحديث[61]. وقال الشافعي[62]: سمعت من أرضى من أهل العلم بالقرآن يقول: كان أهل الجاهلية يُطلقون بثلاث: الظِّهار، والإيلاء، والطلاق، فأقر الله الطلاق طلاقًا، وحكم في الإيلاء والظَّهار بما بيَّن في القرآن وأخرج أصحاب السنن من حديث سلمة بن صخر أنه ظاهر من امرأته[63]. وقد تقدمت الإشارة إلى حديثه في كتاب الصيام في قصة المجامع في رمضان، وأن الأصح أن قصته كانت نهارًا، ولأبي داود والترمذي من حديث ابن عباس: أن رجلًا ظاهر من امرأته، فوقع عليها قبل أن يُكفِّر، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "فاعتزلها حتى تُكفِّر عنك"، وفي "رواية أبي داود"[64]: "فلا تقربها حتى تفعل ما أمرك الله"، وأسانيد هذه الأحاديث حسان[65]. وحكم كفَّارة الظِّهار منصوص بالقرآن، واختلف السلف في أحكامه في مواضع، ألمَّ البخاري ببعضها في الآثار التي أوردها في الباب، واستدل بآية الظِّهار، وبآية اللعان على القول بالعموم، ولو ورد في سبب خاص. إلى أن قال: وأخرج سعيد بن منصور بسند صحيح عن إبراهيم النَّخعي قال: الظِّهار من الأمة كالظِّهار من الحُرَّة[66]. وأخرج ابن الأعرابي في "معجمه[67]" من طريق همام، سُئل قتادة عن رجل ظاهر من سُريته، فقال: قال الحسن وابن المُسيب وعطاء وسليمان بن يسار: مثل ظهار الحرة، وهو قول الفقهاء السبعة، وبه قال مالك[68] وربيعة والثوري والليث، واحتجوا بأنه فرج حلال فيحرم بالتحريم. وأخرج سعيد بن منصور بسند صحيح عن الحسن: "إن وطئها فهو ظِهار، وإن لم يكن وطئها فلا ظِهار عليه"[69]، وهو قول الأوزاعي. قوله: "وقال عكرمة: إن ظاهر من أمته فليس بشيء، إنما الظِّهار على النساء" وصله إسماعيل القاضي بسند لا بأس به. وجاء أيضًا عن مجاهد مثله، أخرجه سعيد بن منصور من رواية داود بن أبي هند: سألت مجاهدًا عن الظهار من الأمة، فكأنه لم يره شيئًا، فقلت: أليس الله يقول: ﴿ مِنْ نِسَائِهِمْ ﴾ أفليست من النساء؟ فقال: قال الله تعالى: ﴿ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ ﴾ [البقرة: 282] أو ليس العبيد من الرجال؟ أفتجوز شهادة العبيد[70]؟ وقد جاء عن عكرمة خلافه. قال عبد الرزاق: أنبأنا ابن جريج، أخبرني الحكم بن أبان، عن عكرمة -مولى ابن عباس- قال: يكفر عن ظِهار الأمة مثل كفارة الحرة[71]، وبقول عكرمة الأول قال الكوفيون[72] والشافعي[73] والجمهور[74]. يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |