كان أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         طرق علاج غازات البطن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          أبرز الأطعمة الغنية باليود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          مضاد حيوي طبيعي للأسنان الملتهبة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          أسباب غازات المهبل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          انتفاخ البطن بعد الأكل: الأسباب، الأعراض وكيفية تفاديه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          أنواع الحليب الخالي من اللاكتوز (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          علاج ألم الأسنان بطرق متنوعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          فوائد الكركم للمعدة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          الفرق بين انتفاخ البطن والقولون (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          طرق علاج نقص المعادن في الجسم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 22-02-2020, 03:57 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 163,560
الدولة : Egypt
افتراضي كان أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة

كان أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة
الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح






عن عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةَ فِي النَّوْمِ. فَكَانَ لاَ يَرَى رُؤْيَا إِلاَّ جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ. ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلاَءُ، فَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ يَتَحَنَّثُ فِيهِ، (وَهُوَ التَّعَبُّدُ) اللَّيَالِيَ أُولاَتِ الْعَدَدِ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهِ، وَيَتَزَوَّدُ لِذلِكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا حَتَّى فَجِئَهُ الْحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ، فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فَقَالَ: اقْرَأْ. قَالَ: "مَا أَنَا بِقَارِئٍ" قَالَ، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: اقْرَأْ. قَالَ قُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ، قَالَ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: اقْرَأْ. فَقُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ. ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ [العلق: 1 - 5] فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم تَرْجُفُ بَوَادِرُهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ فَقَالَ: "زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي" فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ. ثُمَّ قَالَ لِخَدِيجَةَ: "أَيْ خَدِيجَةُ! مَا لِي" وَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ. قَالَ: "لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي" قَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ: كَلاَّ. أَبْشِرْ. فَوَاللّهِ لاَ يُخْزِيكَ الله أَبَدا. وَاللّهِ إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ. فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى. وَهُوَ ابْنُ عَمِّ خَدِيجَةَ، أَخِي أَبِيهَا. وَكَانَ امْرَأً تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعَرَبِيَّ وَيَكْتُبُ مِنَ الإِنْجِيلِ بِالْعَرَبِيَّةِ مَا شَاءَ الله أَنْ يَكْتُبَ. وَكَانَ شَيْخا كَبِيرا قَدْ عَمِيَ. فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ: أَيْ عَمِّ اسْمَعْ مِنِ ابْنِ أَخِيكَ. قَالَ وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ: يَا ابْنَ أَخِي مَاذَا تَرَى؟ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم خَبَرَ مَا رَآهُ. فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: هذَا النَّامُوسُ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى مُوسَى. يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعا. يَا لَيْتَنِي أَكُونُ حَيّا حِينَ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ. قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَوَ مُخْرِجِيَّ هُمْ؟" قَالَ وَرَقَةُ: نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمَا جِئْتَ بِهِ إِلاَّ عُودِيَ، وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرا مُؤَزَّرا". وفي رواية للبخاري: "ثم لم يَنشَبْ ورقةُ أنْ تُوفيَ وَفَتَر الوحْي فتْرةً حتى حَزِن رسولُ اللّه صلى الله عليه وسلم".

وعن جَابِرِ بْنَ عَبْدِ اللّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُحَدِّثُ عَنْ فَتْرَةِ الْوَحْيِ قَالَ فِي حَدِيثِهِ: "فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي سَمِعْتُ صَوتا مِنَ السَّمَاءِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ جَالِسا عَلَى كُرْسِيَ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ" قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: فَجُئِثْتُ مِنْهُ فَرَقا فَرَجَعْتُ، فَقُلْتُ: زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي. فَدَثَّرُونِي. فَأَنْزَلَ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ﴾ [المدثر: 1 - 5] وَهِيَ الأَوْثَانُ قَالَ: ثُمَّ تَتَابَعَ الْوَحْيُ.

ترجمة راويي الحديثين:
راوي الحديث الأول: هي أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما وعن أبيها، تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم في مكة بعد موت خديجة رضي الله عنها، وفي الصحيحين عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهي ابنة ست سنين، وأدخلت عليه وهي بنت تسع، ومكث عندها تسعاً، وكانت أحب نسائه إليه، ففي الصحيحين قال صلى الله عليه وسلم فيها:" فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على باقي الطعام" وعند البخاري قال فيها لأم سلمة:" والله ما نزل عليّ الوحي وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها" وتوفي النبي صلى الله عليه وسلم في يومها وفي بيتها وهي مسندته إلى صدرها، ولم تلد للنبي صلى الله عليه وسلم شيئاً على الصحيح، وسألت النبي أن تكنى فقال صلى الله عليه وسلم:" اكتني بابن أختك" فاكتنت بأم عبد الله، وأخرج ابن حبان في صحيحه ما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كناها بذلك، ولم ينكح بكراً غيرها، وأخبره جبريل عليه السلام أنها زوجته في الدنيا والآخرة، كانت على جانب كبير من العقل والفهم والعلم، ونشرت للأمة علماً كثيراً بروايتها لكثير من الأحاديث، روى عنها جمع من الصحابة -رضي الله عنهم- منهم عمر بن الخطاب وابنه عبد الله، وأبو هريرة، وأبو موسى، وزيد بن خالد -رضي الله عنهم- وغيرهم، وكبار التابعين كسعيد بن المسيب، وعمرو بن ميمون، وعلقمة بن قيس، والأسود بن زيد وكثيرون رحمهم الله، وكانت وفاتها في المدينة في رمضان سنة ثمان وخمسين، وأمرت أن تدفن بالبقيع فدفنت وصلى عليها أبو هريرة رضي الله عنه وكانت وفاتها ليلة الثلاثاء لسبع عشر خلت من رمضان رضي الله عنها وأرضاها. [انظر أسد الغابة (7 / 188) والإصابة (8 / 231) وفتح الباري (7 / 107)].
الحديث الثاني: راوي الحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما تقدمت ترجمته في الحديث الخامس من كتاب الإيمان.

تخريج الحديثين:
حديث عائشة رضي الله عنها أخرجه مسلم حديث (160)، وأخرجه البخاري أيضاً مطولاً في عدة مواضع أولها في " كتاب بدء الوحي " " باب كتاب كيف كان بدء الوحي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم " حديث (3).
وحديث جابر رضي الله عنه أخرجه مسلم حديث (161)، وأخرجه البخاري في عدة مواضع، أولها في " كتاب كيف بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم " حديث (4)، وأخرجه الترمذي في " كتاب التفسير " " باب ومن سورة المدثر" حديث (3325).

شرح ألفاظ الحديثين:
( كَانَ أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْوَحْيِ ): الوحي هو الإعلام بالشرع قال القرطبي رحمه الله:" إعلام الله تعالى لأنبيائه بما شاء من أحكامه أو أخباره " [المفهم (1 / 374)]؛ وقد يطلق ويراد به الموحى به وهو كلام الله تعالى، وقد يطلق ويراد به حامل الوحي وهو جبريل عليه السلام و(مِنَ) في قوله -(الْوَحْي) تبعيضية أي من أقسام الوحي الرؤيا الصادقة، ويحتمل أن تكون بيانية.
(الرُّؤْيَا الصَّادِقَةَ فِي النَّوْمِ ): الرؤية بالهاء: ما يراه الشخص بحاسة البصر وهي النظر بالعين، تطلق أيضاً على الوهم والتخيل نحو أُرى أن زيداً منطلق، وعلى التفكير نحو "إني أرى ما لا ترون"، وعلى العقل نحو " ما كذب الفؤاد ما رأى"
والرؤيا بالقصر: ما يراه الشخص في منامة والجمع رؤى [انظر بصائر ذوي التمييز (1 / 835-836)].
جاء في رواية البخاري (الرُّؤْيِا الصَالحة) قال النووي رحمه الله:" وهما بمعنى واحد " [شرح مسلم (2 / 374)].
قال ابن حجر: "وهما بمعنى واحد بالنسبة إلى أمور الآخرة في حق الأنبياء، وأما بالنسبة إلى أمور الدنيا فالصالحة في الأصل أخص، فرؤيا النبي صلى الله عليه وسلم كلها صادقة، وقد تكون صالحة وهي الأكثر، وغير صالحة بالنسبة للدنيا كما في الرؤيا يوم أحد" [الفتح (12 / 355)].
وقال في موضع آخر:" قوله (فِي النَّوْمِ) الزيادة بالإيضاح أو ليخرج رؤيا العين في اليقظة؛ لجواز إطلاقها مجازاً " [الفتح (1/ 24].
( مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ ): قال النووي رحمه الله:" قال أهل اللغة: فلق الصبح وفرق الصبح، بفتح الفاء و اللام والراء، هو ضياؤه، وإنما يقال هذا في الشيء الواضح البيّن" [شرح مسلم (2/ 374)].
( ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلاَءُ ): قال النووي رحمه الله:" أما الخلاء فممدود وهو الخلوة وهي شأن الصالحين وعباد الله العارفين" [المرجع السابق].
قوله (ثم) إشارة إلى أن تحبيب الخلوة جاء متأخر عن الرؤيا الصادقة، وقيل جيئ ب (ثم) لترتيب الأخبار وإلا فحبه صلى الله عليه وسلم للخلوة قبل الرؤيا الصالحة.
(فَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ ): قال النووي رحمه الله:" وأما الغار فهو الكهف والنقب في الجبل... وحراء جبل بينه وبين مكة نحو ثلاثة أميال عن يسار الذاهب من مكة إلى منى" [شرح مسلم (2/ 374/ 375)] وأما اليوم فوصله البنيان بمكة.
( يَتَحَنَّثُ فِيهِ، (وَهُوَ التَّعَبُّدُ) اللَّيَالِيَ أُولاَتِ الْعَدَدِ ): التحنث التعبد كما فُسرت في الحديث وهو تفسير الزهري رحمه الله، (أُولاَتِ) صفة لليالي، وأولات العدد أي الليالي الكثيرة.
( حَتَّى فَجِئَهُ الْحَقُّ ): قال النووي رحمه الله:" أي جاءه الوحي بغتة، فإنه صلى الله عليه وسلم لم يكن متوقعاً للوحي، ويقال فجئه بكسر الجيم وبعدها همزة مفتوحة، ويقال فجأه بفتح الجيم والهمزة لغتان مشهورتان حكاهما الجوهري وغيره" [شرح مسلم (2/ 375)].
( مَا أَنَا بِقَارِئٍ ): (مَا) نافية والمعنى لا أحسن القراءة، ومنهم من جعل( مَا) استفهامية فيكون المعنى: ماذا أقرأ؟ ويضعفه دخول الباء على الخبر، فالصواب الأول وأنها نافية.
(فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ ): (غَطَّنِي) بفتح الغين وتشديد الطاء أي ضمني وعصرني، وأصل الغط حبس النفس،( الْجَهْدَ) بفتح الجيم وضمها لغتان الغاية والمشقة، بالفتح بلغ الغاية في الغط، وبالضم بلغ مني الجهد مبلغه.
(اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ): أي اقرأ لا بقوتك وقدرتك وإنما بحول الله وقوته فكما خلقك سيعلمك.
(فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم ): أي رجع بالآيات الخمس أو بالقصة كاملة.
( تَرْجُفُ بَوَادِرُهُ ): البوادر جمع بادرة وهي اللحمة بين المنكب والعنق، جرت العادة أنها تضطرب عند الفزع.
( زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي ): أي غطوني بالثياب ولفوني بها.
( الرَّوْعُ ): بفتح الراء الفزع.
( أَيْ خَدِيجَةُ! مَا لِي ): استفهام والمعنى: ما الذي حصل لي؟
( لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي ): قال ابن حجر رحمه الله:" والخشية المذكورة اختلف العلماء في المراد بها على اثني عشر قولاً" [الفتح (1/ 24)] ذكرها ابن حجر ثم ذكر أقواها أنه خشي على نفسه من الموت أو المرض أو دوام المرض وما عداها فمعترض عليه.
( وَتَحْمِلُ الْكَلَّ ): بفتح الكاف وأصله الثقل ومنه قوله تعالى ﴿ كَلٌّ عَلَىٰ مَوْلَاهُ ﴾ (النحل:76) ويدخل في حمل الكل عن الغير الإنفاق على الضعيف واليتيم والمحتاج والعيال ونحو ذلك مما هو من مكارم الأخلاق.
( وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ ): أي تعطي الناس ما لا يجدونه عند غيرك من المال والنفع والفوائد في حمل المشقة عن الغير.
( وَتَقْرِي الضَّيْفَ ): أي تكرمه.
( وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ ): النوائب جمع نائبة وهي الحادثة أو النازلة.
(وكَانَ امْرَأً تَنَصَّرَ ): أي صار نصرانياً قبل رسالة محمد صلى الله عليه وسلم.
( وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعَرَبِيَّ وَيَكْتُبُ مِنَ الإِنْجِيلِ بِالْعَرَبِيَّةِ ): وفي رواية عند البخاري" وكان يكتب الكتاب العبراني ويكتب من الإنجيل بالعبرانية)
قال النووي رحمه الله:" وكلاهما صحيح وحاصلهما أنه تمكن من معرفة دين النصارى بحيث إنه صار يتصرف في الإنجيل، فيكتب أي موضع شاء منه، بالعبرانية إن شاء وبالعربية إن شاء" [شرح مسلم (2/ 378)].
( فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ: أَيْ عَمِّ ): وتقدم أنه ابن عمها حقيقة لا عمها، وأجاب النووي بأن هذا من باب التوقير. [المرجع السابق].
وردّ ابن حجر رحمه الله ذلك وحمله أنه وهم من الراوي فقال:" قولها رضي الله عنها (يا ابن عم) هذا النداء حقيقة ووقع في مسلم (يا عم) وهو وهم، لأنه وإن كان صحيحاً لجواز إرادة التوقير لكن القصة لم تتعدد ومخرجها متحد فلا يحمل على أنها قالت ذلك مرتين فتعين الحمل على الحقيقة" [الفتح (1/ 25)].
( اسْمَعْ مِنِ ابْنِ أَخِيكَ ): لأن والد النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عبد المطلب، وورقة يلتقيان في النسب ب (ابن كلاب) فكان من هذه الحيثية في درجة أخوته، أو قالته على سبيل التوقير لسنه. [الفتح (1/ 25)].
( هٰذَا النَّامُوسُ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى مُوسَى ): الناموس صاحب السر كما جزم به البخاري في أحاديث الأنبياء، وعليه الجمهور كما نقل ابن حجر وقال:" والمراد بالناموس هنا جبريل -عليه السلام -، وقوله (عَلَى مُوسَى) ولم يقل (على عيسى) مع كونه نصرانياً؛ لأن كتاب موسى -عليه السلام - مشتمل على أكثر الأحكام بخلاف عيسى، وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم، أو لأن موسى بُعث بالنقمة على فرعون ومن معه بخلاف عيسى، كذلك وقعت النقمة على يد النبي صلى الله عليه وسلم بفرعون هذه الأمة وهو أبو جهل بن هشام ومن معه ببدر" [انظر المرجع السابق].
والأظهر والله أعلم التعليل الأول فهو أعم وأقرب للصواب، لاسيما والكلام عن الوحي وهو متعلق بالكتاب الذي يحتاج في تبليغه إلى الوحي.
( يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعا ): الضمير في (فيها) يعود إلى أيام النبوة ومدتها، و( جَذَعا) بفتح الجيم والذال أي شاباً قوياً حتى أبالغ في نصرتك، وتمنى أن يكون شاباً لأنه أمكن في النصرة وأنشط لها.
( أَوَ مُخْرِجِيَّ هُمْ؟ ): بفتح الواو وتشديد الياء ويجوز تخفيف الياء على وجه، والصحيح المشهور تشديدها واستفهام النبي صلى الله عليه وسلم الإنكاري على إخراجه لعدم وجود سبب ذلك مع ما كان عليه من مكارم الأخلاق التي وصفته بها خديجة رضي الله عنها.
(وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ ): أي يوم بعثك ودعوتك.
( أَنْصُرْكَ نَصْرا مُؤَزَّرا ): أي بالغاً قوياً.
( ثم لم يَنشَبْ ورقةُ أنْ تُوفيَ ): أي لم يلبث أن توفي وذلك قبل نبوة محمد صلى الله عليه وسلم.
(فَتَر الوحْي ): يقصد به احتباسه وعدم تتابعه وتواليه في النزول.
(فَاسْتَبْطَنْتُ بَطْنَ الْوَادِي ): أي سرت في باطن الوادي.
( فَإِذَا هُوَ عَلَى الْعَرْشِ فِي الْهَوَاءِ ): المراد بالعرش الكرسي كما في الرواية الأخرى (جَالِسا عَلَى كُرْسِيَ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ).
( فَأَخَذَتْنِي رَجْفَةٌ شَدِيدَةٌ ): رجفة بالراء، وقيل بالواو وجفة وكلاهما بمعنى واحد وهو الاضطراب، قال تعالى: ﴿ قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ ﴾ (النازعات:8)، وقال جل شأنه: ﴿ يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ ﴾ (النازعات:6) [شرح النووي لمسلم (2 / 383)].
( فَجُئِثْتُ مِنْهُ فَرَقا ): جئثت بضم الجيم وكسر الهمز وإسكان الثاء، أي رعبت وفزعت، وجاء في رواية البخاري (فزعت )، والفَرَق الفزع، فيكون ذكر المفعول المطلق (المصدر) للتأكيد وتقوية المعنى أي ففزعت فزعاً أو رعبت رعباً.
(زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي. فَدَثَّرُونِي ): تقدم معنى (زَمِّلُونِي) أي غطوني بالثياب ولفوني بها، والدثار بكسر الراء هو ما فوق القميص الذي يلي البدن أي غطوني بثياب فوق ثيابي ومعناها متقارب، قال النووي رحمه الله: " ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ﴾ (المدثر:1) قال العلماء المدثر والمزمل والمتلفف والمشتمل بمعنى واحد" [شرح مسلم (2/ 383].

من فوائد الحديثين:
في حديث عائشة رضي الله عنها جملة من الفوائد منها:
الفائدة الأولى: الحديث فيه بيان لقسم من أقسام مجيء الوحي للنبي صلى الله عليه وسلم وهو الرؤيا الصادقة، وللوحي عدة مراتب، ذكرها ابن القيم رحمه الله حيث قال: " وكمل الله له من مراتب الوحي مراتبَ عديدة:
إحداها: الرُّؤيا الصادقة، وكانت مبدأَ وحيه صلى الله عليه وسلم، وكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح.
الثانية: ما كان يُلقيه الملَكُ في رُوْعه وقلبه من غير أن يراه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ رُوحَ القُدُسِ نَفَثَ في رُوعي أَنّه لَنْ تَمُوتَ نَفْسٌ حَتَّى تَسْتكْمِلَ رِزْقَهَا، فَاتَّقُوا اللهَ وَأَجْمِلُوا في الطَّلَبِ، وَلاَ يَحْمِلَنّكُمُ اسْتِبْطَاءُ الرِّزْقِ عَلَى أَن تَطْلُبُوهُ بِمَعْصِيَةِ اللهِ، فَإِنَّ مَا عِنْدَ اللهِ لاَ يُنَالُ إِلاَّ بِطَاعَتِهِ".
الثالثة: أَنّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يتمثَّلُ له المَلَكُ رجلاً، فيُخاطبه حتى يَعِيَ عنه ما يقول له، وفي هذه المرتبة كان يراه الصحابة أحياناً.
الرَّابعة: أَنّه كان يأتيه في مثل صَلْصَلَةِ الجرس، وكان أَشدَّه عليه فَيَتَلَبَّسُ به الملكُ حتى إن جبينه ليتفصد عرقاً في اليوم الشديد البرد وحتى إن راحلته لتَبْرُكُ به إلى الأرض إذا كان راكبها ولقد جاءه الوحيُ مرةً كذلك، وفخذه على فخذ زيد بن ثابت، فثقلت عليه حتى كادت ترضُّها.
الخامسة: أنه يَرَى المَلَكَ في صورته التي خلق عليها، فيوحي إليه ما شاء الله أن يُوحِيَه، وهذا وقع له مرتين.
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 125.68 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 123.96 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.37%)]